أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حميد تقوائي - خلفية وضرورات سياسية















المزيد.....


خلفية وضرورات سياسية


حميد تقوائي

الحوار المتمدن-العدد: 2313 - 2008 / 6 / 15 - 10:48
المحور: مقابلات و حوارات
    


مقابلة باتي دي بونيتاس مع حميد تقوائي في تلفزيون المعسكر الثالث
باتي دي بونيتاس: لقد كتبت مانيفستو وبدأت حركة المعسكر الثالث. اخبرنا لم كتبت المانيفستو؟


حميد تقوائي: ان المانيفستو للمعسكر الثالث ضد عسكرتارية الولايات المتحدة والارهاب الاسلامي قد كتب عندما كانت الازمة بين امريكا والجمهورية الاسلامية في ايران في اوجها. كان الجميع يتحدث عن احتمالات غزو ايران وبنفس الطريقة التي تم فيها غزو العراق. لقد كانت بداية الازمة النووية، والتي مازالت مستمرة، وكل الكلام اللاحق حول " الحل العسكري" و"الحصار الاقتصادي كحل بديل"، وغيره، وكذلك دور الجمهورية الاسلامية التي كانت تلعبه في العراق، لبنان، وفلسطين. كانت تلك هي العوامل الحاسمة والتي اسهمت في كتابة مانيفستو المعسكر الثالث. المعسكر الثالث بحد ذاته قد ولد من فكرة مفادها انه في تلك الازمات لم يكن لاي من القطبين، اي، لا ادارة بوش، او الحكومات الغربية في العموم، ولا النظام الايراني، يمثل مصالح جماهير العالم. الجماهير، سواء في ايران او العالم بشكل واسع لهم مصالحهم، واهدافهم، ان شئت، وعليه، لديهم سياساتهم المستجيبة لتلك المصالح. لذا، يتوجب تمثيلهم وتعبئتهم كــ"قوة ثالثة" في هذه الازمة بين المعسكرين الرجعيين. تلك كانت كل الفكرة الكامة خلف بناء المعسكر الثالث بالاضافة الى كتابة المانيفستو لها.



باتي دي بونيتاس: اعتقد انك كتبته في العام 2006؟ ولكن ما اردت معرفته هو انه كان لدينا دائما خصومة بين الدول القوية، كما في الحرب الباردة. ولا اعتقد بانه حتى في فترة الحرب الباردة فانه لا روسيا ولا امريكا قد مثلتا فعلا اي انسان بقدر تمثيلهما لحكومتيهما وسياسييهما وبعض الناس ممن لهم مصالح هناك. لم جاءتك فكرة ان لا احد يمثل الناس في العام 2006؟



حميد تقوائي: ان ذلك مختلف جدا عن الوضعية التي كانت لدينا ايام الحرب الباردة. خلال الحرب الباردة كان احد الاقطاب هو الاتحاد السوفييتي والذي كان حصيلة ثورة اكتوبر. وفي تلك الفترة كان الناس ينشدون الحرية، والمساواة، لذا تشكل معسكر على تلك الافكار. (وفيما بعد، بطبيعة الحال، فان الوضع تغير في المعسكر الشرقي ،اي ، المعسكر السوفييتي). ما كان لدينا، على هذا الاساس، كان ازمة بين رأسمالية الدولة، السائدة في الاتحاد السوفييتي، وحلفاءه، وراسمالية نمط الحكومة الغربية، اي، رأسمالية السوق الحرة. ان ذلك كان اساس ذلك الصراع.

بالطبع، ان احد الاقطاب، المعسكر السوفييتي، كان دائما يتحدث باسم الماركسية، الاشتراكية، والشيوعية. ولكن اليوم الوضعية مختلفة كليا. ما نطلق عليه الاسلام السياسي، او الحركة الاسلامية قد تم خلقها، في كل انحاء العالم، اصلا ومباشرة من قبل الولايات المتحدة. ان دور الولايات المتحدة في خلق الطالبان في افغانستان، على سبيل المثال، يعد اليوم من البديهيات. او الطريقة التي ساعدت فيها الحكومات الغربية بشكل عام الخميني والاسلاميين في الاستيلاء على السلطة كقوة للثورة المضادة في ايران في العام 1979. كلا هذان القطبان، المعسكر الاول والثاني، اذا اردت، العسكريتاريا الغربية والحركة الاسلامية، كلاهما يمتلكان نفس الاصل. في فترة سابقة اطلقوا عليه اسم " الحزام الاخضر" ليتم خلقه حول ما يسمى روسيا الشيوعية (او الاتحاد السوفييتي). وعندما بدأت الثورة في ايران، فان الاتحاد السوفييتي كان مازال يشكل تهديدا للغرب. لذا فكروا في خلق حكومات "خضراء"، اي اسلامية (لان الاخضر لون مقدس في الاسلام) في الدول المجاورة لروسيا. لقد فكر الغرب بانها ستكون "حائط" قوي، وتاكتيك دفاعي حكيم ضد الكتلة الشرقية، او المعسكر السوفييتي، ذلك هو السبب الذي سبب وجود الطالبان ضد الروس في افغانستان. وكان هذا هو السبب الاساسي لماذا تم مساعدة الخميني في العام 1978-79 من قبل الغرب ليسطر على السلطة في ايران كقوة ثورة مضادة وباسم الثورة. لذا فان هذين المعسكرين كانا يساعد كل منهما الثاني ضد ماكان يسمى الاتحاد السوفييتي. ولكن حالما انتهت الحرب الباردة وانهارت الكتلة السوفييتية، فان المعسكرين المتعاونين في السابق قد بدءا في الصراع مع بعضهما البعض. والان فان القوى الاسلامية قد ربحت معاركها الخاصة، كما كانت، لذا بدأوا بالاهتمام بالمشاكل بطرقهم الخاصة. فالطالبان بنوا نظاما وحشيا للغاية في افغانستان والذي طابعه في الاساس كان الارهاب ضد الناس هناك. نفس الشئ كان يصح، ومايزال، على النظام في ايران. فحالما استولى على السلطة فقد تبين انه معادي لحقوق النساء في ايران، ومعادي لكل الحريات، ومعادي للحداثة، ومعادي للعمال وغير ذلك. وباختصار، كان معاديا لكل شئ كان الناس الثوريون قد شرعوا لتحقيقه. وبالطبع ففي البداية فان الخميني قد اتى للسلطة لانه قد رفع راية ثورية مزيفة ضد الشاه على انه "خادم الاجانب". وحالما اطيح بالشاه ادرك، وتحت قوة الثورة التي لم تظهر اي اشارة لخفوت زخمها، كان عليه ان يتظاهر بانه معارض لامريكا حتى يعرف نظامه لحد ما مع ثورة الجماهير. لقد ذهب الشاه لذا كان عليهم الان ان يظهروا بانهم ضد الولايات المتحدة، وضد "الشيطان الاكبر"، كما كان يسميها. ومن هنا جاء احتجاز الرهائن في السفارة الامريكية والشعار الفارغ المحتوى " تسقط امريكا" والذي ما يزال مرفوعا بعد 30 عاما. وبطبيعة الحال، من الممكن ان يكونوا معادين للولايات المتحدة بشكل اصيل ومن منطلق شديد الرجعية، اي من منطلق اسلامي. وفي تلك الحالة فان معاداة الولايات المتحدة تعني فقط معاداة الحداثة، او معاداة القرن الواحد والعشرين، ومعاداة الحقوق المدنية، ومعاداة المجتمع المدني.

وهذا ماكانت الجمهورية الاسلامية تعنيه وتمارسه بشكل دقيق ، ومازالت. كل تلك الحقوق والمنجزات التي ادعوها، قد تمت كنتيجة للتاثير الغربي. على سبيل المثال، اذا ما امتنعت النساء في ايران على لبس الحجاب، فقد كان ذلك بسبب التاثير الغربي وكان الغرب بالنسبة لهم شرا ويمثل الشيطان. نحن ضد ذلك. او انهم ادعوا بان "المجتمع المدني هو فكرة غربية وباننا مجتمع مسلم يؤمن بالقرآن. لذا فان التعذيب مقبول، لانه حسب القرآن، بامكانك ان تعذبي، او تقتلي، اوبشكل اساسي عمل ما تشائين لاي انسان معادي لله ويصادف ان يكون اسيرك الان. او انهم ضد المثليين الجنسيين لان الاسلام يقول عليكم التخلص من المثليين الجنسيين. لك كل الحق بقتلهم، اعدامهم، ومن ظمنها وضعهم في اكياس ورميهم من مناطق مرتفعة. ان هذا هو فعلا ما يقومون به في ايران. او انهم يقومون بقطع الاصابع و/ او اقدام اللصوص. واعمال وحشية اخرى. اذا الان، وعمليا من صبيحة انتصار الثورة، فاننا نشهد حركة مغرقة في الرجعية في ايران؛ كما في الطالبان في افغانستان بالطبع.

نحن نطلق على تلك الحركة "الاسلام السياسي"؛ انها ضد الحداثة وكل القيم الانسانية المتمثلة في الثقافة الغربية، قيم قد حصل عليها البشر خلال العصور. خذي العلمانية وحرية التعبير، على سبيل المثال. جماهير العالم، وخاصة الحركة العمالية في دول عديدة، قد ناضلت على الاقل لمدة مئتين او ثلاثمائة سنة، منذ الثورة الفرنسية العظمى وصعودا من اجل مجتمع مدني يفصل فيه الكنيسة عن الدولة، وكذلك حرية التعبير في صلبه. تم النضال من اجل حرية التعبير وتم نيله، وخاصة كوسيلة لنقد الدين وفعلا من اجل التعبئة ضد الدين. تلك كانت انجازات البشر في العالم الني يرفضها الاسلام كليا على اساس انها "قيم غربية"!. انهم يقولون، "نحن ضد الغرب لذا "لنا ثقافتنا الخاصة"، كما هي. واليوم ليس فقط " لنا ثقافتنا الخاصة، وللغربيين ثقافتهم" كما يطلق الجهاديون اليوم حربهم المقدسة ضد الغربيين الوثنيين بشكل شامل.! ومن جانب اخر لدينا منهج في التفكير في الغرب يسمى "النسبية الثقافية Cultural Relativism والذي هو ما يستلقي كامنا في الحقيقة تحت سطح مفهوم الثقافات المتعددة Multiculturalism والذي هو ركنه النظري الاساس. لم يكن فقط القرآن، كانت ايضا الليبرالية الجديدة محتواة في النسبية الثقافية والتي رحبت بالشئ نفسه: لنا ثقافتنا نحن، ولهم ثقافتهم هم. لقد جادل المفكرون الليبراليون الجدد، " المجتمع المدني هو لنا نحن الغربيين. ان اؤلئك مسلمين. لديهم قيم مختلفة، لديهم ثقافات مختلفة؛ ولديهم انماط حياة مختلفة. دعهم لمصيرهم!. لا تنتقدهم !. من نحن لنحكم“!. حتى في الغرب، لنقل في المانيا، فان افراد العائلة التركية من الرجال يقتلون انثى من نفس العائلة لانها اتخذت لنفسها صديقاً. حتى في لحظات لا انسانية بشكل مهول وخالصة كهذه، فان المدافعين عن التعددية الثقافية والابطال المتحيزين للنسبية الثقافية سيحذرون "اقرانهم الغربيين" ضد القيم الانسانية العالمية بالقول، "كونوا على حذر! انهم ليسوا منا. انهم من ”بلد اسلامي" يسمى تركيا، لذا قد يكون شئ مقبول لديهم ان يقتلوا زوجاتهم، اخواتهم او بناتهم دفاعا عما يعتبرونه شرفهم". لذا ترين بان الاسلاموية والتعددية الثقافية هما اساسا وجهان لعملة واحدة؛ كلاهما ينكر كونية الحقوق الانسانية والقيم الانسانية، رغم انهما من موقعين متباينين.

ولالخص ما قلت: الان، بعد الحرب الباردة، لدينا قوة جديدة في العالم. انها تسمى نفسها الحركة الاسلامية، والتي هي بطبيعتها اسلام سياسي، اي اسلام منظم يسعى من اجل الاستيلاء على سلطة الدولة. انها ضد الغرب؛ ولكن ضد ماذا في الغرب؟ ان هذه الحركة هي ضد التقدم، الحداثة، العلمانية، الحرية، المجتمع المدني، والقيم المدنية. وباختصار، ضد كل ما قد حققه الجنس البشري خلال العصور والذي يوجد الان متراكما في، وممثلا من قبل، الثقافة الغربية. لقد رجعوا الى العصور الوسطى لتحدي الحداثة تحت راية الاسلام. ومن جانب اخر لدينا ناس في الغرب يقولون بان ذلك مقبول وان تلك حضارة جديدة !!. وهذه هي الطريقة التي اتينا بها على مفاهيم مزيفة مثل "صراع الحضارات"، او " الحوار بين الحضارات"، ونفايات اخرى من هذا القبيل. ان المعسكر الثالث يقول " لا!". لانه عندما تفكرين في الامر وبمعنى ما فان الامر يخلص الى معسكرين فقط. واحد هو الحضارة والحرية ويمثل اخر مرحلة من كل انجازات الناس في العالم والذي صادف وجودها الان في الغرب. ولكن ونحن نقول ذلك، فانه لا يعني ان تلك قد نشأت فقط في الغرب. انها منتج مئات السنين من نضال البشر في كل انحاء العالم من اجل حياة افضل واكثر حرية. كل تلك الاجيال من الجنس البشري الذين ناضلوا من اجل الحرية، من اجل الحداثة ، والمساواة، من اجل مجتمع مدني، من اجل فصل الدين عن الدولة والى اخره، ناضلوا من اجل شئ كانت حصيلته هي التي نطلق عليها "الحضارة الغربية". ولكن في الحقيقة، انها الحضارة الانسانية، اي، الحضارة كمنجز جمعي للبشرية. ان هذا هو احد المعسكرين، معسكر الجماهير، والذي مثله المانيفستو. ومن ثم هناك القوتين الاخرتين والتي لها صراعاتها الخاصة بها، ولكن كليها مناهض للانسانية بشكل عام. كلاهما في الواقع ضد المجتمع المدني. الاسلاميون يقولون، "نحن نسعى من اجل مجتمع اسلامي لذا نحن ضد المجتمع المدني الغربي". وفي الغرب لدينا من يقول: " ليس ثمة شئ اسمه الحضارة العالمية، اي، ليس ثمة قيم انسانية عالمية كانجاز جمعي لكل البشرية". لذا هم ضد الحضارة بهذه الكيفية، وفي الحقيقة بأسم ما - بعد الحداثة. ما - بعد الحداثة هي اذن، رجعية تماما كالاسلاموية. ان لهم، حسب رأيي، نفس الطبيعة الرجعية فيما يخص الحضارة الانسانية، اي، فيما يخص القيم الانسانية العالمية، بغلافين اثنين مختلفين. المعسكر الثالث يعني، ببساطة، معسكر الناس، معسكر العالم المتمدن.



باتي دي بونيتاس:اي ان اي انسان بامكانه المشاركة؟



حميد تقوائي: نعم، انه معسكر الناس المعتقدين بعالمية قيمنا ببساطة كبشر. لا يهم ان تكوني ايرانية، مسلمة، غير مسلمة، اي شئ اخر. لانه في حالة، وفقط في حالة، كوننا بشر، فان بامكاننا ان نتوحد، اي، يكون لدينا نفس المصالح في كل انحاء العالم بغض النظر عن الجنس والاثنية والمعتقد والعرق. ان تلك العوامل لا تؤثر لاننا كلنا ناس، كلنا بشر، وعليه، نحن نحب الحرية، نحن نحب بعضنا، ونريد ان يكون لدينا مجتمع متعاطف، حديث، متقدم تقنيا، ومتمدن. بهذا المعنى، فانك عندما تفكرين في الامر مليا، فانك لست فقط ضد الحركة الاسلامية لانك انسانة متمدنة ولكنك بنفس الطريقة، انت ضد بوش وما - بعد الحداثة ايضا؛ انت ضد المتحدثين المزيفين باسم " الحضارة الغربية" والذين يريدوننا ان ندرك " الحضارة الاسلامية" ايضا. من وجهة نظرهم، مهما يقول الاسلام "فهو جيد للمسلمين". لا تنتقده؛ ولا تتحدث حتى عنه ! " انهم يقتلون بناتهم واخواتهم وزوجاتهم ربما لان دينهم او ثقافتهم، في العموم، تغض النظر عن القتل باسم ما يعتبرونه
"الشرف". ان دينهم يقول ان النساء لسن مساويات للرجال. فلتكن هذه هي الطريقة بالنسبة لهم". مرة اخرى، وفقط لنلخص الموضوع، نحن نواجه بحركة من شقين: ما - بعد الحداثة والاسلاموية. انهما ، من حيث الطبيعة، نفس الحركة الرجعية طالما تعلق الامر بالبشرية وبالقيم الكونية للناس المتمدنين حول العالم. لقد نسيت لوهلة ان الولايات المتحدة تريد مهاجمة ايران. انها الوضعية السياسية في اللحظة الراهنة. ان حركتنا، حركة المعسكر الثالث، في الطرف الاخر، لها جذور اعمق.

انها تذهب خلف مواجهة سياسية مشخصة، والتي قد تكون مجرد مرحلة انتقالية. ان حركتنا هي حركة جماهير العالم والذي ليسوا ممثلين لا من قبل ادارة بوش (او حكومات الغرب على العموم، او ، بمعنى اشمل بحركة ما - بعد الحداثة والليبرالية الجديدة ولا بالقوى الاسلامية. انهم الناس الذي يريدون ان يكون لهم مجتمع متمدن وحديث قائم على الحرية والمساواة. ان حركتنا هي حركة هؤلاء البشر، والذين هم اولا وقبل كل شئ يعتقدون بان الناس وفي كل انحاء العالم لديهم مصالح مشتركة، ولديهم نفس الاهداف والمثل السياسية نفسها.

ان الحرية هي نفسها لكل انسان. السعادة هي نفسها لكل انسان. المساواة هي نفسها لكل انسان. لا يؤثر لون بشرتك او الخلفية الدينية او جنسيتك. انها ببساطة لا تؤثر. وبهذا المعنى، فان المعسكر الثالث هو معسكر الجماهير في العالم والذين يمثلون انجازات الثورة الفرنسية وثورة اكتوبر، ويمثلون سبارتكوس ويمثلون اي حركة في العالم تدور حول النضال من اجل الحرية والمساواة. ان الحرية والمساواة يتم منعها الان مبدأيا من الناحية النظرية وايضا من الناحية العملية. ان ذلك، بمعنى ما، ظاهرة جديدة، والمعسكر الثالث هو تحديدا من اجل تعبئة الناس للنضال ضد تلك الظاهرة.



باتي دي بونيتاس: تمنع من قبل من؟



حميد تقوائي: من قبل الطرفين. من قبل الحكومات الغربية والبرجوازية الغربية والتي تتظمن بالطبع منظريها كما الحال مع المفكرين ما - بعد الحداثيين والمخططين الستراتيجيين. عندما تمعنين النظر، فان ما - بعد الحداثة لا تتناول شئ اكثر من نكران القيم الانسانية الشاملة. هذا هو جوهر ما - بعد الحداثة. او خذي النسبية الثقافية والتي هي اشتقاق مباشر من ما - بعد الحداثة. لو سأل شخص قبل 50 سنة مفكرا ً ولنقل مثلا، السؤال التالي: " كيف تعتقد امكانية تحرير سكان افريقيا؟ "، سيجيب او تجيب: " انهم بحاجة الى ضمان اجتماعي، وبحاجة الى مدارس، ومستشفيات، وبحاجة الى حياة حديثة، وهم بحاجة الى مجتمع مدني." ولكن اذا ما سألتي اليوم فسيسألك اولا، "ماهو دينهم؟"، " الى اي مجموعة اثنية ينتمون ؟ "، واسئلة اخرى شبيهة. نفس الليبراليين لا يستطيعون ان يعطوك جواباً مباشرا اليوم، لانه بالنسبة لهم، كل شئ اليوم يتعلق بالبشر"يعتمد"، وبعبارة اخرى، "نسبي"، وليس "عالمي". اذا كنت مسلمة، بامكانك، من وجهة نظرهم، ان تكوني سعيدة بحجابك. وكمسلمة- والذي يعرف بالنسبة لليبراليي اليوم كل انسانة مجرد ان تكون مولودة فيما نسميه اليوم المجتمع المبتلى بالاسلام – بامكانك ان تقبلي لنفسك، برحابة صدر، جلد و رجم الناس او دفعهم من على الهاوية كمعيار مناسب للعقاب سواء لنفسك او لاؤلئك الذين يعيشون في ثقافتك كما هي. ربما كمسلمة قد تتمتعين بالجوع، لانك تعتبرينه نعمة، او قد تعودت عليه ثقافيا ، او اي شئ اخر !. "من نحن، الناس الغربيون، للحكم عليك ؟" هذا هو عينة التفكير المتغطرس والرجعي الذي نواجهه في الغرب نفسه في هذا اليوم والعصر! لا احد يرفع الصوت ضد الممارسات اللانسانية للعصر الراهن وضد الناطقين باسم التقليد الليبرالي الغربي والذين يجدون المبررات لهم في النظرية والممارسة. حتى الذين يدعون بالمعارضة الغربية التقدمية ! انظري الى حركة تحرير المرأة اليوم. انها لا ترفع اي اعتراض ضد الحجاب في ايران. لم ار اية ناشطة نسوية فمنستية اليوم تتحدث عن كون النساء في ايران محرومات من كل الحقوق.



باتي دي بونيتاس: تقصد الناشطات النسويات في اوربا مثلا؟



حميد تقوائي: نعم. ناشطات حقوق المرأة في اوربا او في الغرب بشكل اكثر دقة. او ناشطي الحقوق المدنية في المانيا، او لنقل في بريطانيا او الولايات المتحدة او كندا. انهم لا ينتقدون الظروف الجهنمية التي خلقتها الجمهورية الاسلامية في ايران للنساء. حسب القانون، واعني ما اقول بالقانون، رسميا، النساء يعتبرون انصاف رجال في ايران. ولكن الحركة الفمنستية لن ترفع اي اعتراض بعد الان. لماذا؟ لان قادتها، مفكريها، الناطقين باسمها وناشطيها هم اليوم ما - بعد حداثيون.! لذا ليس فقط لا يرفعون اي اعتراض ولكن بالنسبة لهم، الامر معكوس، في الحقيقة. اليوم انهم يدعون انه حق للنساء الايرانيات ان يعشن باي قيم ومعايير يعتقدن بها. ان الاعتراف بحق الناس في الاعتقاد باي شئ يريدونه هو شئ؛ واحترام كل معتقد يصادف ان يؤمن به اي انسان هو امر مختلف. لك الحق ويجب عليك الحكم على، و نقد الدين. ان ذلك هو الاساس في حرية التعبير. لقد بدأ الناس بالمطالبة بحرية التعبير قبل 300 سنة لان الكنيسة لم تدع اي انسان ينتقد الانجيل او المسيح وغير ذلك. لذا فان حرية التعبير دون حق نقد الدين هي مجرد عبارة جوفاء. والان انظري الى لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة والتي اصدرت قرارا قبل فترة يقول لا يجب على اي انسان "اهانة" الدين، وخاصة الاسلام !



باتي دي بونيتاس: اذن نحن نتراجع؟



حميد تقوائي: بالطبع نحن نتراجع. نتراجع الى العصور الوسطى. احترام المسلمين كمعتقدين بالاسلام، شئ، واحترام الاسلام نفسه، او احترام محتواه المعادي للانسان (كالمحتوى المعادي للانسان في كل دين) هو شئ مختلف كليا.

لاني احترم الناس، ولاني احترم الجنس البشري، احترم حقهم في الاعتقاد باي شئ يشاءون ولكن بنفس الوقت فان لدي الحق لنقد كل ما اعتبره ضد البشرية، ومن ظمنه الدين. اذا كان الدين معادي للناس وهو كذلك، كما جربناه في العصور المظلمة لبضعة مئات من السنين واليوم نعرف ما فعلته المسيحية في اوربا، ولدينا ايضا تجربة الجمهورية الاسلامية والتي تمارس حاليا نفس الشئ في ايران، لذا يكون لدينا كل الحق وليس فقط الحق بل الواجب، حقيقة، في نقد الدين، وليس ذلك فحسب، وانما النضال ضده. اذا ما سيطر الدين على السلطة السياسية في اي مجتمع، فسيقوم بنفس ما قامت به الطالبان في افغانستان او ماتقوم به الجمهورية الاسلامية حاليا في ايران او ماقامت به المسيحية لمدة 500 سنة في كل انحاء اوربا. ان نوع ما من "المهارة" في خلق الجحيم على الارض هي سمة كامنة في الدين. لذا فان اي دولة لن تسمح لمواطنيها بنقد الدين بسبب " احترام" الدين، ومن خلال تحريم "اهانة" الدين، فان ذلك يعني ببساطة بان الدولة ليس لديها اي احترام للبشرية على العموم !. ان احترام البشر يعني، اني كمواطن في البشرية العالمية، لدي الحق، اي، الحق في ممارسة، ونقد كل المعتقدات في العالم والتي اعتقد انها معادية للقيم الانسانية. لا يهم ان كنت اود نقد الدين او نظرية في النسبية الثقافية؛ مهما كان الاسم، الامر لا يهم ابدا. ان اي نمط في التفكير من قبيل " النساء ليسوا مساوين للرجال" على سبيل المثال، هو ضد الناس، وضد كامل البشرية. لا يهم ان كان هذا المعتقد، هذه العقيدة تنبثق من الله او من السيد بوش او من النسبية الثقافية؛ ايا كان الطابع الذي تلصقينه عليه، انه معادي للناس، ويجب ان اتمتع بالحق لنقده، وليس هذا فقط بل لتعبئة الناس، للبدء بحملة لوضع نهاية له؛ بنفس الطريقة التي وضع الناس في اوربا فيها نهاية لحكم الكنيسة في العصور الوسطى. ان النقطة التي ابغي الوصول لها ان مانيفستو المعسكر الثالث ليس متجذرا فقط بالازمة بين الولايات المتحدة وايران. لقد كانت تلك القضية حينها، ولكن تبعات محتوى المانيفستو تذهب اعمق بكثير وابعد من ذلك. ان المعسكر الثالث هو حركة ضد رأسمالية اليوم، برجوازية اليوم ودولها، وكل العقائد التي يتم مواجهتنا بها، العقائد التي، بكل طريقة جوهرية وعلى الاصعدة الفلسفية والاجتماعية والسياسية تنكر الجوهر الاساسي للبشرية. ان حركتنا هي حركة من اجل البقاء؛ بقاء الحضارة. انها حركة جماهير العالم الذين يريدون الاستمرار في العيش كبشر متمدن. ان البشر المتمدن للعالم يريد ان يحفظ انسانيتهم رغم اي تسمية يطلقها اي من المعسكرين عليهم. ان البشر المتمدن في العالم يريد ان يحفظ انسانيته رغم المحاولات المستمية من المعسكر الاخر، او المعسكرات، لتقسمنا الى اصناف مختلفة على اساس العقيدة، الاثنية، الجنس، الدين، او العرق والتي، نحن بمثابة كوننا بشر، لا اكثر ولا اقل، لم نولد معها. تلك التصنيفات او الاقسام مفتعلة او بشكل اكثر دقة، مفبركة من قبل الطبقات الحاكمة، من قبل دولهم، من قبل رؤساء القبائل المنقرضين في الشرق الاوسط واؤلئك المفكرين الذين يعتقدون ان الجماهير في العالم ليس لديهم مصالح مشتركة وانهم، بشكل طبيعي مصنفين الى اصناف مختلفة. اليوم هم ايضا يقولون ان لنا حضارات مختلفة ! اعتقد انه اقرب للحقيقة القول باننا نسمع هذا الهراء لاول مرة !. لدينا فقط حضارة عالمية واحدة، والتي هي منجز البشرية ككل. ولكن تم دفعنا اليوم الى الوراء، والمسيحية، والاسلام، والافضل القول، الدين عموما، قد قام بعودة اجتماعية - سياسية، مدعيا اننا ننتمي الى مختلف انواع الحضارات، وبان علينا الا ننتقد "الحضارات الاخرى" !. ان تلك هي النفايات بعينها !. ما نقوله نحن، من وجهة نظر مصالح الناس في العالم، هو ان علينا الا نكتفي بانتقاد تلك الطرق في التفكير، سواء كانت اسلامية، لا اسلامية، ليبرالية جديدة، او ما - بعد حداثية، لا يجب ان نكتفي بحق انتقاد هكذا نفايات رجعية، ولكن علينا ايضا ان نعبئ الحركة ضدها. والحركة التي نعتقد بها هي ، المعسكر الثالث.



-----------------------------------------------

ما تقدم هو الجزء الاول من مقابلة من تلفزيون المعسكر الثالث. شكرا الى جمشيد هاديان وباتي دي بونيتاس. بامكانكم ايجاد المزيد عن المعسكر الثالث بزيارة موقعه الالكتروني:www.thirdcamp.com.

كما يمكن مشاهدة تلفزيون المعسكر الثالث على هذا الموقع قريبا. ترجم المقابلة عن النص الانكليزي عصام شكــــري من صحيفة WPI لعدد 205 الصادر في 3 حزيران 2008.





#حميد_تقوائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بظل نظام الفصل الجنسي يعرف المجتمع على انه مجتمع الرجل
- بإمكانك أن تكون معارضاً لكليهما
- للبشر قيم متساوية في كل مكان في العالم
- هجوم اسرائيل على جماهير لبنان كارثة سياسية وانسانية يجب ان ي ...
- المعركة ضد الارهاب - جبهات وتحديات جديدة لليسار *
- رسالة حميد تقوائي بمناسبة الاول من ايار
- 2 -كاريكاتور من الثورة المخملية! نقد على بيان ونشرة الإسقاط، ...
- كاريكاتور من الثورة المخملية! نقد على بيان ونشرة الإسقاط، من ...
- تعذيب السّجناء في العراق، الوجه العاري لإرهاب دولة الولايات ...
- الإنسان الممسوخ نقد الهوية الدينية والقومية للإنسان
- الشيوعية العمالية في العراق السيناريو الاسود ومسالة السلطة ا ...
- بلاغ للمؤتمر الثاتي للحزب الشيوعي العمالي العراقي
- مَنْ كان منصور حكمت؟


المزيد.....




- الإمارات تشهد هطول -أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث-.. وم ...
- مكتب أممي يدعو القوات الإسرائيلية إلى وقف هجمات المستوطنين ع ...
- الطاقة.. ملف ساخن على طاولة السوداني وبايدن
- -النيران اشتعلت فيها-.. حزب الله يعرض مشاهد من استهدافه منصة ...
- قطر تستنكر تهديد نائب أمريكي بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع ا ...
- أوكرانيا تدرج النائب الأول السابق لأمين مجلس الأمن القومي وا ...
- فرنسا تستدعي سفيرتها لدى أذربيجان -للتشاور- في ظل توتر بين ا ...
- كندا تخطط لتقديم أسلحة لأوكرانيا بقيمة تزيد عن مليار دولار
- مسؤول أمريكي: أوكرانيا لن تحصل على أموال الأصول الروسية كامل ...
- الولايات المتحدة: ترامب يشكو منعه مواصلة حملته الانتخابية بخ ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حميد تقوائي - خلفية وضرورات سياسية