أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزاوي محمد - الحاجة إلى نتشه














المزيد.....

الحاجة إلى نتشه


مزاوي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2309 - 2008 / 6 / 11 - 08:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا جرم أن نتشه رغم الليل الرهيب الذي يكتنف فلسفته، إلا أنه يظل يطل كالنجم الثاقب من خلال العتمة، وشفيعه الأدب النضير، والقلم المزهر، والفكرة الخلاّقة، لذلك ظلت فلسفته مند بداية القرن الماضي موضوع بحث، ومصدر استلهام في الفكر الفلسفي المعاصر.
ورغم ذلك؛ فإن هذه الفلسفة لم تحظى بعد باهتمام كبير في الفكر العربي المعاصر، وأقصد بهذا الاهتمام ليس كثرة أو قلة الأطروحات الأكاديمية بالجامعات العربية، ولكن ما أقصده هو تغلغل فكره في أدهاننا المشحوذة بأوهام نسينا أنها كذلك.
رغم أن أكثر أطروحات نتشه تتميز بالقوة والصلابة، والندرة، والعمق تارة والعقم تارة أخرى، واحتقار الأخلاق والمبادئ السامية، رغم أنه قلب الفكر والواقع رأسا على عقب، إلا أنه يظل بالنسبة لنا كدواء مقوّ وهواء طلق، وريح منعشة، حيث يقول: "إذ من يعرف كيف ينعم بأنفاس كتاباتي يشعر بأنها اتّسام السمو، ونفحات القوة" ويضيف: "إن أسلوبي رقصا ورماحا وطعنا ولغتي سخية كريمة وعصيبة عنيفة، إنه أسلوب لاعب السيف بسرعته ولمعانه".
نعم ما أحوجنا اليوم إلى نتشه، ليس للإطاحة بهذه الأوثان المتغلغلة في أذهاننا فقط، ولكن أيضا لأجل إعادة قراءة تاريخنا، حاضرنا ومستقبلنا بطريقة خاصة وإيجابية، لأجل قلب كل قيمة مقبولة وفكرة مألوفة، والسخرية أيضا من كل فضيلة رثة.
نعم ما أحوجنا اليوم إلى نتشه، ليس لحفظ عباراته الأدبية القوية واستعراضها على مسامع جاهليها، ولكن من اجل إعادة النظر في التربية العربية للأبناء هذه الأخيرة التي تستند على الضعف والوهن والخمول والتي تظهر أثارها بين الفينة والأخرى على مواقفنا الفكرية، كما على قراراتنا السياسية..إن فلسفة نتشه لقادرة إذن على الإطاحة بالضعف والخمول والترهيب والترعيب في تنشئة أبنائنا الاجتماعية، هذه التربية التي تؤثر بشكل كبير على الإنسان العربي وهو ابن العشرين سنة كما وهو ابن الخمسين في ومواقفه العادية وأحاديثه عن الذات والآخر، كما في قراراته وعلاقاته وتداوته مع غيره.
نعم قد نعيب على نتشه رفضه لمبدأ الديمقراطية وحكم الأغلبية، كما قد نعيب عليه رفضه للحب كشعور خفي يتجول في كل مكان ويطوف الدنيا بحثاً عن فرصته المنتظرة ليداعب الإحساس والمشاعر، بقوله: " إن الحب لحثالة الرجال"، كما قد نعيب عليه أيضا نظرته إلى المرأة التي يقول فيها: " لم تبلغ المرأة ما يؤهلها للوفاء كصديق، فما هي إلا هّرة وقد تكون عصفورا، وإذا هي ارتقت أصبحت بقرة.". ولكن في المقابل قد نعلي من شأن الرجل عندما نتتبع الثورة التي أحدثها خلال القرن العشرين في أوروبا، كما في أمريكا، وبشكل خاص التأثير الذي مارسه على كل من؛ مارتن هيدجرM. Heidegger، وكارل ياسبرز K. Jaspers، وأوجان فانك E. Fink وميشال فوكو Michel Foucault وجيل دولوز Gilles Deleuze ، وجاك دريدا Jacques Derrida، ومدرسة فرانكفورت، وخاصة في المرحلة التي جاءت بعد الحرب العالمية الثانية في كل من فلسفة ماركيوز Herbert Marcuse وادورنو Adorno وهوركهايمر Max Horkheimer وغيرهم كثير ممن تشبعوا بأفكار نتشه وتأثروا به.
نعم ما أحوجنا إلى نتشه اليوم قبل أي وقت مضى، ليس فقط لأنه كان له الدور الكبير في إنعاش الفكر الغربي خلال قرن بأكمله من الزمن ولا لأن أفكاره قادرة على تحرير الفكر، وحرية التعبير، والكلام التي يتم إلجام أصحابها اليوم كما حدث لجريدة " الوطن الآن"، ولكن أيضا لأن مبدأه يحتوي على كثير من الحقائق الضرورية للحياة، ولأبناء الأمة العربية، حيث يتسنى لهم تشيد الذات بشحذ الأنفس بالقوة، وغرس المبادئ التي تصب في كل ما من شانه إعادة الإرادة والرغبة وقوة النفس وحماستها، قصد تحبيب الحياة والنشاط والحيوية، عوض رمي أنفسنا في البحر تحت ذريعة البحث عن الجّنة المفقودة في الوطن، او قتل الناس وإرهابهم بغير حق تحت ذريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
نعــم ما أحوجنا إلى نتشه اليوم أكثر من أي وقت مضى من أجل تربية الأطفال على القوة وخلقهم بهذه الصفات خلقا جديدا، وسحق الانحطاط في النفوس والهمم والأمم.
لأجل كل ما أسلفنا ذكره، فنحن بحاجة إلى نتشه من اجل البناء والهدم، نعم إننا بحاجة إليه، لأننا نحتاج إلى فأس وقلم - بلغة ماوتسي تونغ- فأس لحفر ونبش هذا الذي ورثناه من أسلافنا وقلما لبناء ثقافة وفكر جديدان يكونان متفقان مع أحوال العالم الحاضر ومحققان لمقتضيات هـذا العصـر.



#مزاوي_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبستومولوجيا باشلار في مواجهة الفلسفة


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزاوي محمد - الحاجة إلى نتشه