أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق عدنان احمد - الاسترخاء والتجاوز في النص الحديث – قصيدة دهشتي كلها ل(علي محمود)














المزيد.....

الاسترخاء والتجاوز في النص الحديث – قصيدة دهشتي كلها ل(علي محمود)


صادق عدنان احمد

الحوار المتمدن-العدد: 2306 - 2008 / 6 / 8 - 05:36
المحور: الادب والفن
    


(( رسمت أرضا قاحلة..
وأناس متعبون
رسمت الفرح بعيدا دوما..)) بول ايلوار

يبقي للشعر خصوصية الغوص في أغوار الحياة لاكتشاف المرئي وما وراءه من انعكاسات وتوقعات و اكتشافات تتبدل وتتغير وتعتمد بطبيعة الحال علي موهبة الشاعر وقدرته الادواتيه التي يوظفها لاقتناص اللحظات الهاربة وتسكينها في عالم الورقة ومن ثم مناقشتها ومحاولة تخطيط أبعادها.
وعندما يكتب الشاعر بلغة تجاوز عمرها الألفين سنة وكتبت فيها ملايين القصائد واستهلكت الآف المواضيع يبدو ان مهمته ستكون أصعب في تشكيل نص قادر علي صنع الدهشة لدي المتلقي، هذه الدهشة التي تعتبر من أهم أركان القصيدة الناجحة لما لها من تأثير يلصق بالذاكرة ويصدمها فتحتفظ به.
وتتقابل دهشة النص أمام دهشة الشاعر الذي يري الأشياء وكأنها علي صورة أخري غير صورتها المعاشة، هنا تظهر أهمية عين الشاعر اللماحة للظواهر المحيطة به والتي تصنع داخل نفسه صدمة (دهشة) يتلقاها ليحيلها إلي نص يترجم فيه معالجته الخاصة لتلك المشاهدات المتعددة.
يبدأ نص (دهشتي كلها) لـ علي محمود خضير المنشور في جريدة الزمان العدد (2924) بمحاولة أولية لرسم مساحة الدهشة وأبعادها فيدخل لمنطقتها بهدوء وتواضع الشاعر الطفل الواصف :

تعتمرين قبعة الفرح
تأخذين من الشمس أساورها
تخلفين عند بابك تماثيل ذهولنا

العين الواصفة للأشياء هنا وصفتها بعين التواضع بسبب ان التوصيف الشعري جاء هادئاً بسيطاً بعيداً عن التكلف والاصطناع والمبالغة انه وصف شاعر يري الأمور بعين التواضع الواقعي السحري لكن ليست بمفهوم الواقعية السحرية المعروف عندنا، بلغة خالية من البهرجة وغير مرهقة.

دافئ قلبك، مفعم بالحياة
لفضة الحلم
نشرع نافذة الانتظار

رنين الكلام هنا يحمل إيقاعه الخاص ويتحري أسلوبه بلغة سهلة تشكل في تراكمها الشكلي والحسي كماً جمالياً متزايداً ينمو ليشكل وحدة الموضوع باتجاه الهدف الذي رسمه الكاتب هذا التكامل بين اللغة كموسيقي وبناء صوري تجتمع في قالب النص الذي يبدو متماسكا إلي حد كبير.
ويبدو أن الشاعر هنا يحاول أن يقدم شهادة خاصة عن الحدث المُصّوَر، شهادة تقترب منه إلي الحد الذي يبدو وكأنه يتحدث عن أي شيء حاضر أمامنا لكنه صعب المنال والتمكن ، هكذا يتماهي الموضوع ويتداخل مع الكثير من التأويلات الممكنة وهذا من صميم ما تحاوله القصيدة الحديثة إضافةً إلي الرغبة بالتجاوز الدائم للمدون السابق من الشعر تركيبًا وشكلاً وأسلوبية.

لأني غائر بسحنة الخجل
اعبيء انكساري بقارورة مغبرة
اجلس علي دكة المخذولين
العق الشرفة بأحداقي البليلة

إذن فعل الدهشة شابه الآن شعور بالإحباط الداخلي ( انكساري، دكة المخذولين، أحداقي البليلة ) لم تظهر أسباب الإحباط جلية في النص غير ان مؤشراته تبدو جلية وواضحة ، شعور الإحباط قد يزاح او يجير للمحيط العام للقصيدة وظروف كتابتها واللحظة المكانية - الزمانية وتبعاتها هذا كله وغير ربما يبدو سبباً لحالة الفشل الذي يشعره الشاعر إزاء ما يدهشه ، فشل الوصول او استحالته، فشل النجاح أو ربما يكون مفهوم الفشل كفعل ضدي للنجاح او ربما هو الشعور بان الفرح بعيد دوماً كما يشير ( بول ايلوار ) في النص المقتبس، هكذا يدعنا الشاعر في تأرجح المعاني المقصود ليقودنا إلي إسقاط عالمنا الخاص وشعورنا الشخصي في أجواء القصيدة من اجل فك رموزها المبتلة بالشعر.

سأدع عندك دهشتي كلها ، وامضي
مخترعا لجمالك اسماً

تصل دهشة الشاعر الآن لذروتها فيقرر التفرغ لاختراع اسم جديد مبتكر يليق به واختراع نص مقنع لذاته يواجه به شعور الذهول الداخلي الذي يعالجه ، يترك دهشته كلها ويرحل باحثا عن معني واسم جديد وباحثا في الوقت نفسه عن شعر جديد وعلاقات جديدة بين الكلمات تهديه السبيل/ الخلاص.

في شرفتك اغرس عطشي
أصبره برذاذ ماء الغياب
واراهن بأخر كسرة صبر انك ستأتين

هذا النحت الهادئ المنساب بالكلمات يضعنا أمام قصيدة مسترخية ومختمرة جيدا وكأنني أتذوق فيها نكهة تعتيق وصبر جلي، هنا الشاعر يمضي بالنص إلي ابعد ما يمكن من الدهشة فينجح بتكوين صورته الشعرية.
(دهشتي كلها) نموذج واعد للقصيدة المتحدية لما سبقها من افاق الكتابة الشعرية منغمسة في استخلاص هويتها وصوتها الخاص، يمكننا ان نضع عليها رهاننا بفتح افاق للكتابة الجديدة المتطلعة للتجاوز الدائم.



#صادق_عدنان_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق عدنان احمد - الاسترخاء والتجاوز في النص الحديث – قصيدة دهشتي كلها ل(علي محمود)