أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين اللواج - مرحبا بالمشانق















المزيد.....

مرحبا بالمشانق


عزالدين اللواج

الحوار المتمدن-العدد: 2304 - 2008 / 6 / 6 - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في‮ ‬الآونة الأخيرة ترك العديد من المفكرين والنقاد العرب الجدل الدائر حول مصطلح المثقف ودلالاته الإجرائية المختلفة،‮ ‬وباتوا‮ ‬يتحدثون من خلال كتاباتهم ودراساتهم الفكرية عن ظاهرة المتثاقفين والتي‮ ‬ارتأى أولئك المفكرون والنقاد بأن تداعياتها السلبية على مشهدياتنا الثقافية‮ ‬العربية‮ ‬تستحق الاهتمام والدراسة،‮ ‬فالمتثاقفون كما هو وارد في‮ ‬تلك الأدبيات هم عبارة عن عناصر تنم سلوكياتهم وتصرفاتهم المرضية عن انفرادهم بحالة لا اتزان نفسي‮ ‬تكمن خطورتها في‮ ‬إقدامهم على محاولة تدمير البنية التحتية لمشهدياتنا الثقافية العربية وذلك وفق تقنيات وآليات عدة لعل من بينها‮: ‬
‮<< ‬أولاً‮:‬‮ ‬آلية إقصاء المبدع،‮ ‬ومحاولة‮ ‬تهميش مشروعه الثقافي‮ ‬من خلال سد كافة المنافذ التي‮ ‬تمكنه من التعبير عن ذلك المشروع ومن تواصله المباشر مع المتلقي،‮ ‬خاصةً‮ ‬إذا شعر المتثاقفون بأن قدرات ذلك المبدع قد تشكل خطراً‮ ‬على الغنيمة المعنوية والمادية التي‮ ‬يتحصلون عليها عبر اصطناع وهم التميز في‮ ‬أي‮ ‬مجال من مجالات الإبداع الثقافي،‮ ‬فالمتثــاقــف الذي‮ ‬يحــاول أن‮ ‬يحاكي‮ -‬بشكل مرثي‮- ‬المثقف المتميز إبداعياً‮ ‬يقوم بدايةً‮ ‬بالكذب على نفسه وإيهامها بالتميز الإبداعي‮ ‬ثم‮ ‬يحاول في‮ ‬خطوة لاحقة فرض وهم تميزه على أفراد الوسط الثقافي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬المحيط به،‮ ‬وهو وسط عادةً‮ ‬ما‮ ‬يقدم أفراده تحت تأثير عامل المجاملة أو التزلف أو الجهل بمعايير تقييم النص الإبداعي‮ ‬بالإثناء عليه،‮ ‬بل و‮ ‬يبذل قصارى جهدهم من أجل فرض ذلك النص الهلامي‮ ‬على من‮ ‬يُشهد لهم بالجدارة والكفاءة الثقافية والمعرفية‮.‬
‮<< ‬ثانيا‮:‬‮ ‬يجد المتثاقف فرصته السانحة‮ ‬عندما تبدأ بعض العناصر المثقفة بالتعبير عن وطأة الظلم والقهر الذي‮ ‬يمارس ضدها،‮ ‬وعن رفضها سيطرة الشريحة المتثاقفة على فعاليات المشهد الثقافي،‮ ‬فيقوم المتثاقف باللجوء لأسلوب تدبير المكائد والدسائس تجاه كل من‮ ‬يُبدي‮ ‬ازدراءه وامتعاضه من الأوضاع الثقافية السائدة،‮ ‬فيعمل المتثاقف مثلاً‮ ‬على توظيف نفوذه الإداري‮ ‬أو الاجتماعي‮ ‬أو الاقتصادي‮ ‬أو السياسي‮ ‬من أجل سحق وإقصاء كل من لا‮ ‬يعترف بقيمه الثقافية الزائفة والمصطنعة والقائمة عادة على خطاب ظلامي‮ ‬بائس لا‮ ‬يجيد إلاَّ‮ ‬التخوين والإقصاء والمداهنة‮.‬
‮<<‬‮ ‬ثالثاً‮:‬‮ ‬للمتثاقف سلوكيات متكلسة‮ ‬وهامشية‮ ‬غريبة،‮ ‬فهو‮ -‬بالإضافة للتأويل السمج‮- ‬حريص على أن‮ ‬يقتات من فتات النتائج النظرية التي‮ ‬تنجم عن حواراته أو استفساراته‮ ‬غير البريئة من العناصر المجتهدة في‮ ‬حقلها الثقافي‮ ‬والعلمي،‮ ‬والتي‮ ‬لا‮ ‬يتردد ذلك المتثاقف في‮ ‬سرقة جهدها المعرفي‮ ‬ونسبه إلى نفسه،‮ ‬بل إن ذروة تلك السرقة تتجسد في‮ ‬إدعاء المتثاقف بأنه قد بذل جهداً‮ ‬جهيداً‮ ‬من أجل البحث عن تلك الاستخلاصات والوصول لنتائجها،‮ ‬وعندما‮ ‬يحاول أحدهم بأن‮ ‬يصارحه بتلك السرقة تثور ثائرته ويحاول‮ -‬تحت حجج واهية مثل المؤامرة أو الغيرة‮- ‬تبرير ومواراة تلك السرقات‮.‬
‮<< ‬رابعاً‮:‬‮ ‬لا‮ ‬يتوقف‮ ‬المتثاقف عند حد تفخيخ المنافذ التي‮ ‬تمكن الآخر المتميز من الانطلاق والحضور الفاعل في‮ ‬المشهد الثقافي،‮ ‬بل إنه‮ ‬يحرص على الاستثمار الأمثل لوظيفة التشويه التي‮ ‬يتم من خلالها تلويث سمعة الآخر المختلف معه عبر اختلاق وقائع لا وجود لها إلا في‮ ‬مخيلته المريضة،‮ ‬ومن خلال استغلال ثقة ذلك الآخر في‮ ‬نفسه وعدم مبالاته بمكائد واتهامات أمثاله من المتثاقفين،‮ ‬وإيمانه بالمبدأ العقلاني‮ ‬الخلاق الذي‮ ‬عبر عنه المتنبي‮ ‬بالقول‮:‬
وإذا أتتك مذمتي‮ ‬من ناقصٍ
فهي‮ ‬الشهادة لي‮ ‬بأني‮ ‬كاملٌُُُُ
‮<< ‬خامساً‮:‬‮ ‬عقدة الإسقاط هي‮ ‬سمة مميزة لنص أو ملفوظ المتثاقف،‮ ‬فالمتثاقف شخصية باثولوجية‮ »‬مريضة‮« ‬تحرص كل الحرص على اتهام‮ ‬غيرها أو وصفها بمصطلحات لا تنطبق عملياً‮ ‬وواقعياً‮ ‬إلا على أمثاله من المتثاقفين،‮ ‬خاصةً‮ ‬إذا تعززت الفرضية الآنفة بالتقارير الكيدية والغرضية التي‮ ‬كتبها المتثاقف ضد زملائه في‮ ‬مرحلة ما أو بالوثائق التي‮ ‬تثبت نفاقه وتلونه،‮ ‬السياسي‮ ‬والثقافي‮ ‬وانتهاكه لحقوق‮ ‬غيره من الآدميين تحت مبرر الدفاع عن الوطن والذي‮ ‬يحاول ذلك المتثاقف الآن الرقص على جثث بؤساؤه من خلال ركوب موجة الدعوة للإصلاح أو الترويج لأكذوبة انتهاك حقوقه وتظلمه‮ »‬البطولات المجانية‮«.‬
‮<<‬‮ ‬سادساً‮:‬‮ ‬تنوع‮ ‬نمط‮ ‬الحرب التي‮ ‬يشنها المتثاقف ما بين نمط الحرب الساخنة التي‮ ‬تعتمد على الآليات الآنفة وغيرها،‮ ‬وما بين نمط الحرب الباردة التي‮ ‬تعتمد على تقنيات استفزاز الآخر المختلف معه،‮ ‬كما أن استراتيجية المواجهة في‮ ‬تلك الحرب تبدأ باستجلاء خصائص ثقافة المعاكسة،‮ ‬وتمر باستدراج الآخر إلى مستنقع العنف الثقافي‮ ‬وتنتهي‮ ‬باستخدام العنف المادي‮ ‬ضد ذلك الآخر‮.‬
‮<< ‬على كل حال،‮ ‬فإن هذه السطور ليست في‮ ‬الواقع إلا مجرد إيماءة عابرة على ظاهرة المتثاقفين الذين ابتليت بهم مشهدياتنا الثقافية العربية وهم عموماً‮ ‬ليسوا إلا انعكاس للمشهد السياسي‮ ‬المزري‮ ‬الذي‮ ‬تمر به المنطقة العربية الرازحة تحت نير أنظمة تقليدية مستبدة خلقت مناخاً‮ ‬مناسباً‮ ‬لتلك الشريحة المتثاقفة،‮ ‬والتي‮ ‬يعد استغلالها السيء للبراح الرقمي‮ »‬الإلكتروني‮« ‬أوضح مثال على ما ذكرناه آنفا من سمات وخصائص مرضية للشخصية المتثاقفة،‮ ‬سيما وأنه قد بدأت تزداد في‮ ‬الآونة الأخيرة مظاهر الاستغلال السيء لذلك البراح الموجود على شبكة المعلومات الدولية‮ »‬الإنترنت‮« ‬حيث تمثلت تلك المظاهر في‮ ‬توظيف مواقع وصحف إلكترونية من أجل تشويه سمعة نخب وطنية مثقفة لم‮ ‬يكن جرمها الذي‮ ‬تستحق عليه كل ذلك التجريح والتشهير سوى أنها حاولت بذل جهدها الجهيد من أجل الخروج من دائرة لعنة الظلام والقيام بإيقاد شمعة وسط سرداب تسلطي‮ ‬مظلم‮ ‬يدرك الجميع تفاصيل صفاته وتداعياته في‮ ‬منطقتنا العربية‮.‬
‮‬‮ ‬وختاماً‮ ‬نقول لكل من‮ ‬يحاول أن‮ ‬يرهبنا من خلال نصب مشانق التثاقف في‮ ‬مشهدياتنا الثقافية العربية،‮ ‬بأن مشانقك من ورق،‮ ‬وبأن استغلالك القبيح لحرية التعبير لن‮ ‬يجدي،‮ ‬فقافلة التنوير والإصلاح ستسير رغم معاناتنا،‮ ‬وآهاتنا،‮ ‬ورغم إرهابك الذي‮ ‬سيجعلنا حتمًا نرحب بمشانقك الورقية المزيفة‮.‬.......ولى عصر الخوف ولم يعد ثمة هناك مفر من المواجهة والتحدي...



#عزالدين_اللواج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير الا تجاهات الا قتصادية الا ستر اتيجية2007
- خطة بوش الجديدة في العراق_ مقاربة في ضوء فرضية اللامفكرفيه
- من الشرق أوسطية إلى الشرق الأوسط الكبير
- حصاد الزيف: كتاب خيانة بوش وسحق الحرية والعدالة والسلام بحجة ...
- عالم ما بعد 11سبتمبر_الا شكالات الفكرية والا ستراتيجية
- الا علام العربى وتحدى العولمة
- (المبتسرون(نظرة فى ظاهرة العنف الثقافى
- المثقف العربي وتحدي الدولة السلطوية)نظرة فى ضوء جدلية الخانق ...
- اسئلة المجتمع المدنى فى ضوء أدبيات الفكر العربى المعاصر


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين اللواج - مرحبا بالمشانق