أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم اليامي - عندما تعرت الحقيقة وبزغ فجر الحرية














المزيد.....

عندما تعرت الحقيقة وبزغ فجر الحرية


سالم اليامي

الحوار المتمدن-العدد: 715 - 2004 / 1 / 16 - 07:23
المحور: الادب والفن
    


هاهي الحقيقة تخلع ثوبها كفتاة محتشمة تتعرى وسط أسرتها المحافظة وأمام عدد من الضيوف في بهو منزل كبير مغلقة نوافذه إلا من شقوق صغيرة دخلت عبرها أشعة الشمس...

فجع الجميع في باديء الأمر حين مزقت ملابسها غير آبهة بقوانين الحشمة , وشرف الأسرة , وحكايات المجتمع , لكنهم تحت حتمية فرض الواقع لقوانين الحقيقة التي تعلو فوق كل قوانين الحشمة والشرف والتقليد رضخوا لأستقبال الصورة الجديدة  لا بصفتها عمل لايليق بعفة الأسرة والمجتمع وانما لأنها الحقيقة!

تلكم هي الحقيقة ... تدخل الى كل الأماكن المغلقة  فوق ظهر ضوء صغير , أو عبر صوت نغم ينساب مع نسائم الصبح العليلة ,بسببها تهتز الضمائر , وترتعد الفرائص , وينهزم الفكر الذي نما وترعرع في الظلمة , وينتصر الحق لأنه إبن طاهر وشرعي لأمه " الحقيقة".

والحقيقة عندما تتعرى عن كل ثوب يغطي جسدها الطاهر , لا تصبح في نظر الطاهرين عريا , لكنها في نظر من غيبوها وحجبوها عن أعين الناس زمنا طويلا ليست إلا ذلك العهر وما العهر الا ما  يمارسونه حين كانوا ينتهكون الزيف والقبح والكراهية في ظل غياب نورها الذي لايغيب الا اذا غاب العقل عن ممارسة دوره في التفكير المجرد من خرافة أو كراهية .

لكننا رغم ايماننا  بحتمية أن تتعرى الحقيقة كل مرحلة من مراحل الحياة لينكشف زيف قدر له أن يطغى , إلا أننا لم نعرف أن هناك زمنا شهد كل هذا التعري المستمر للحقيقة كزمننا هذا...

الحقيقة كالبحر...كلاهما اذا ما تعرى يبلع كل من لايتعرى أمامه ...

فهل رأيتم أناسا ذهبوا للسباحة في البحر وهم متلحفون بالثياب ؟

 المتلحفون لا يعشقون السباحة في البحر لأنهم لا يحبون الغوص في أعماق الحقيقة , واذا وهب الله للمتلحفين بحارا , جعلوا بينهم وبين  شواطئها حواجز كيلا ترسوا عليها أجساد الحقائق المتعرية. 

الحقيقة ... كالبحر ..لها عمق ... وشواطيء..

من يذهب الى عمقها عليه أن يتجهز بكل وسائل الغوص كي ينجو من الغرق ..

ومن يستلقي على شواطئها عليه أن يجيد لغة الموج كيلا يصبح ساذجا في نظر الصيادين والمتفرجين ..

ومن يريد أن يعرف سبب الذهول والصدمة اللتين تغيمان على الأجواء العربية نقول له:

لأن الحقيقة خلعت ملابسها ...تعرت بدون خجل أو حياء..

لتتعرى أمامها كل الأجساد المقنعة .

لكن الحقيقة عندما تعرت ... كانت طهرا...

أما الزيف ... فلم يكن الا النجاسة المغلفة بجسد الفضيلة...

وللحقيقة روح شفافة تفضح كل الأجسام المضادة لها:

فالشمس بنت النهار وهي حقيقة الليل , والحق ابن الحقيقة وهو حقيقة الباطل , والإنسان إبن آدم وهو حقيقة الشيطان , والحرية أم الحقائق وهي حقيقة الطغيان .

والليل هو الحافظ لأسرار الشيطان , والمكان لقمع الطغيان , والعون للباطل ضد الحق , في عالمه تنمو بذور الشر وتنتحر أحلام المبشرين بشمس الحرية .   

لكنها الحقيقة  مهما غابت , فإنها تتعرى.. تنتصر.. متجسدة في هذا النور القادم من عوالم النهار التي لا تحتقر العقل ,الى بوادي الليل التي تحتفل باغتيال النور على عتبة الوحشة والقسوة والتقمص.

 إنني أضحك من أعماق قلبي ... بحزن

عندما أشاهد واحدا من قتلة الحقيقة يحاول إعادة صياغة نفسه كصديق بريء .. للحق ..

ونظراته تبين كم هو موغل في الإجرام , لأنه لا يزال ينتظر الفرصة التي يفترس فيها ذلك الحق الذي أعلن يوما أنه ابنا للحقيقة , فأنكشف المقنع, وأختلط النباح بالنهيق, والزفير بالشهيق, 

لإنها تعرت  الحقيقة, وأفل مجد الليل, وبزغ فجر الحرية!!



#سالم_اليامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضياع الحلم


المزيد.....




- شعوذة.. طموح.. حب.. موسيقى وإثارة.. 9 أفلام تعرض في سبتمبر
- قصة ملك ليبيا محمد إدريس السنوسي الذي أطاح به القذافي
- كيف أصبح مشروب شوكولاتة للأطفال رمزا للاستعمار الفرنسي؟
- المخرج الأميركي جارموش مستاء من تمويل صندوق على صلة بإسرائيل ...
- قطر تعزز حماية الملكية الفكرية لجذب الاستثمارات النوعية
- فيلم -ساحر الكرملين-.. الممثل البريطاني جود تدرّب على رياضة ...
- إبراهيم زولي يقدّم -ما وراء الأغلفة-: ثلاثون عملاً خالداً يع ...
- النسخة الروسية من رواية -الشوك والقرنفل- تصف السنوار بـ-جنرا ...
- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم اليامي - عندما تعرت الحقيقة وبزغ فجر الحرية