أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - شاهين بكر سوركلي - رسالة مفتوحة الى المثقفين العرب















المزيد.....

رسالة مفتوحة الى المثقفين العرب


شاهين بكر سوركلي

الحوار المتمدن-العدد: 713 - 2004 / 1 / 14 - 02:48
المحور: القضية الكردية
    


الأصدقاء الأعزاء،

أتوجه بهذه الرسالة الى كل صاحب ضمير منكم، ضمير متشبع بالمنطق و العدل،  و الى كل من يعتبر نفسه جزءاً من مجتمع انساني أشمل متغير مع الزمن،  و الى كل من يؤمن بالحقوق الأساسية لكل أنسان في عالمنا بغض النظر عن خلفيته الأثنية أو معتقده.  أتوجه بها اليكم لأنني على قناعة بأنها ستكون مضيعة للوقت لو توجهت بها الى الذين يؤمنون بأن العرب ينتمون الى عرق مستقل عن باقي البشر في هذا العالم،  و من يؤمن أن الله يجب أن يسمى كذلك بكل لغات العالم،  و من يؤمن بأن نظاماً "عربياً أسلامياً صحيحاً" هو الوحيد القادر على إنهاء البؤس و التخلف الحالي الواضح في العديد من الدول العربية و الأسلامية.  كما إنني لا أتوجه بها الى المتسممين بالقومية القبلية أو الغارقين بغير وعي في أشكال فاشية من القوموية.

لا يساورني شك بوجود من يؤمن منكم بأن الأمل الوحيد بمستقبل أفضل للجنس البشري يكمن في الأحترام المتبادل عندما يتعلق الأمر بالتواجد المشترك في عالم ملؤه السلام.  يعي الكثير من هؤلاء المثقفين من غير شك، أن الأسباب الكامنة خلف الوضع الراهن للبلدان العربية و الإسلامية تعود الى الذهنية الموجودة فيها و الى الفساد المتفشي في الأنظمة التي تحكمها.  و على الرغم من ذلك، فإن الغالبية من المثقفين العرب و في الوقت الذي تروعهم سياسات و ممارسات نظام شارون ضد الشعب الفلسطيني،  تراهم قد أبتعدوا بأنفسهم عن مناصرة الجماعات غير العربية التي عانت لسنوات طوال تحت الأنظمة العربية.  و المظالم التي أرتكبت ضد الشعب الكردي لأكثر من قرن أفضل مثال على ذلك.

لقد عانى العرب أنفسهم من التمييز لعقود،  كذلك عانت الملايين منهم من أيدي الأنظمة الجائرة،  و من المحزن رؤية هذا الكم من القوميين العرب الذين لا يبدوا أنهم قد تعلموا من ذلك عندما نأتي الى أحترام حقوق الشعوب الأخرى.  دعوني أقدم لكم مثالاً على ذلك؛  لا بد و أن أقيمت الألوف من التظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني في البلدان العربية و الإسلامية في السنوات الخمسين الماضية،  لا شك أن الشعب الفلسطيني يستحق أكثر من ذلك الدعم.  و بالتأكيد فإن الشعب الكردي قد ساند حقوق الشعب الفلسطيني حتى عندما كانوا يحملون صور صدام حسين.  مع هذا،  كم من التطاهرات الداعمة للكرد أقيمت في البلدان العربية و الإسلامية في الخمسين سنة الماضية عندما أرتكبت كل تلك الفضاعات ضد الشعب الكردي في كافة أجزاء كردستان؟  و كلما طالب الكرد بحقوقهم المشروعة فإنهم يتهمون من قبل القوميين العرب بالعمالة " للشيوعية تارة و للأمبريالية و الصهيونية و أمريكا تارة أخرى".  و بأمكان أي أنسان يملك منطق معقول أن يكون قد أدرك أخيراً أن الولايات المتحدة الأميركية لو أرادت أن تساند أقامة دولة كردية،  لكانت تلك الدولة حقيقة واقعة الآن.  و بالرغم من أن الكرد لا يطالبون بأخذ أراضي أحد،  فإنهم يحرمون من حقوقهم الأساسية على الأراضي التي تعود لهم.

أننا نرى كيف تحاول الدول الأوربية،  التي حاربت بعضها البعض لقرون،  أن تتوحد من أجل موقع أقوى في العالم.  هذه الوحدة ممكنة فقط من خلال الإحترام المتبادل و المصالح المشتركة.  أيجب أن تعيش شعوب الشرق الأوسط قروناً كأعداء قبل أن يدركوا أن العداوة و الحروب لا تؤدي الا الى المزيد من إراقة الدماء و التعصب و البؤس؟

يظهر أن الكثيرين من العرب و الإسلاميين قلقون على "وحدة العراق".  أستغرب كيف يمكن لمفكر جدير بالإحترام من مصر أو لبنان أو حتى من بلد ببعد اليمن عن العراق أن يكون مدافعاً الى هذا الحد عن العرب العراقيين و يقف بالضد من الكرد العراقيين من غير حتى حصوله على الدراية الكافية لخلفية الشعب الكردي و التفاصيل المتعلقة بقضيته؟  لا شك أن أحد الأسباب يمكن أن يتعلق بالدعاية الأعلامية التي تنشرها الأنظمة التي حاولت محو الوجود الكردي و أسم وطنهم من على وجه البسيطة و الى ضيق الأفق لدى البعض من المنظمات القوموية العربية و التي لا تزال تتبع مبدأ "أنا ضد أخي،  و أنا و أخي على أبن عمنا،  و نحن و أبن عمنا على الآخرين."

إن غالبية الأنظمة العربية و الكثير من الشعب العربي حالياً قلق لا بل يرعبهم فكرة تحول العراق الى دولة فدرالية (أتحادية).  و الخوف الذي يساور الحكام مفهوم و لكن الخوف لدى العامة من العرب لا يمكن تبريره.  دعنا ننظر الى أستراليا كمثال على الدولة الفدرالية؛  تتألف أستراليا من الولايات و المقاطعات التالية:  نيو ساوث ويلز (جنوب ويلز الجديدة) و فيكتوريا و جنوب أستراليا و كوينزلاند و غرب أستراليا و تاسمانيا و المقاطعة الشمالية و مقاطعة عاصمة أستراليا.  لكل ولاية State حكومتها و برلمانها و عاصمتها بالإضافة الى علمها الخاص.  و تملك كل منها قوة الشرطة و النظام المدرسي الخاص و تقوم كل واحدة منها بجمع ضرائبها على حدة.  و مع هذا فإن القاطنين في كل هذه الولايات و المقاطعات (بضمنهم العرب و الكرد_المترجم) يعتبرون أنفسهم أستراليين و توحدهم و تحكمهم في نفس الوقت حكومة أتحادية (فدرالية) متمثلة ببرلمان في العاصمة كانبيرا.  لماذا يجب أن لا يصبح العراق دولة فدرالية؟  هل لأن العراقيين بدائيين على هذه الفكرة؟  أم لأن العرب الإسلاميين تعودوا على الأنظمة المركزية الفاشية فقط؟  أم لأن الكرد لا يحق لهم ما يحق لغيرهم من أدارة شؤنهم بأنفسهم؟  أم لأسباب تتعلق بالأنانية و الشوفينية الضيقة الأفق؟

في العراق الحالي يوجد جزء ذو خصائص عرقية و جغرافية متميزة.  و سيلاحظ أي زائر للمناطق العربية و الكردية من العراق ذلك التمايز بسهولة.  و لو أريد للعراق أن يكون موحداً فإن الفدرالية هي الضمان لهذة الوحدة و ليس العكس.  كما أن إنكار حق الكرد للمشاركة الحقيقية ضمن عراق فدرالي سوف يؤدي عاجلاً أم آجلاً بالكرد الى المطالبة بدولة مستقلة خاصة بهم لكون أن "الأخوة" المبنية على الأنانية و عدم المساوات و الخداع لن تدوم طويلاً.

دعوني أقدم لكم صورتين متعارضتين،  واحدة تبين بعض الحقوق التي يتمتع بها المهاجرون العرب و المسلمون في أستراليا،  هذا البلد الذي يمكن أن يسميه بعض الأصوليين الإسلاميين ب "الكافر"،  و أخرى تظهر ما يحرم منه مليونين من الكرد المسلمين ممن يعيشون في سوريا:

أستراليا:  جاءها الناطقون بالعربية كمهاجرين.  أكثريتهم من لبنان بعد الحرب الأهلية في سبعينيات القرن المنصرم (يعيش غالبيتهم في سدني و ملبورن).  لديهم برامج إذاعية،  بضمنها تلك التي تمولها الحكومة الأسترالية،  و محطات إذاعة تبث على مدار 24 ساعة  و توجد قنوات فضائية عربية.  و تبث قناة ال SBS الأسترالية الأخبار بالعربية و تعرض أفلاماً و برامج أخرى باللغة العربية.  و يفوق عدد الصحف و المجلات العربية التي تصدر في سدني و ملبورن تلك التي تصدر في بعض البلدان العربية،  بعضها تتلقى الدعم المالي المباشر أو غير المباشر من قبل بعض الهيئات الحكومية.  كما و توجد عدة مدارس عربية و أسلامية.  و اللغة العربية مقبولة كمادة دراسية في المدارس و بأمكان الطلبة من أسر ناطقة بالعربية تعلم اللغة العربية في المدارس الحكومية إن أرادوا ذلك.  و توجد المئات من المنظمات العربية و وكالات الخدمات الأجتماعية، العديد منها ممولة بمنح حكومية.  و يحق لأعضاء الجالية العربية التظاهر ضد سياسات الحكومة أو التعبير عن رأيهم بأية خصوص...

سورية(يعيش فيها أكثر من مليوني كردي):  الهوية الكردية غير معترف بها.  لا إذاعة أو تلفزيون أو صحافة كردية.  لا دراسة باللغة الكردية و لا حتى دار حضانة يمكن قبول اللغة الكردية فيها كلغة ثانية.  لا تمثيل كردي في البرلمان.  لا توجد منظمة كردية أو وكالة تدعمها الحكومة أو حتى تعترف بها.

هل كانت هنالك حكومة أو منظمة عربية واحدة ناشدت الحكومة السورية فيما يخص حقوق السكان الكرد في سورية؟  سأترك الجواب لضمائركم.

أيها الأصدقاء الأعزاء،

أرجوا منكم النظر ملياً في المسائل المطروحة في هذه الرسالة و بموضوعية و حس بالعدل.  إنني متأكد من أنكم ستفعلون ذلك لأنه بخلاف ذلك فإنني سأكون قد ضيعت الوقت هباءاً في كتابتها.  دعونا نعيش و كلنا أمل في أن يصبح الشرق الأوسط في يوم ما مكاناً أفضل على الأقل لأجيال المستقبل.  و يجدر بنا تذكر أن الذين لا يعتبرون الآخرين جديرين بالحقوق التي يريدونها لأنفسهم،  لا يستحقونها هم أنفسهم.

و أخيراً،  أتمنى و بكل أخلاص أن يدرك كلاً من الحكومات و شعوب العالم العربي بالإضافة الى تركيا و أيران أخيراً بأن الكرد شعب عانى كثيراً و طويلاً.  و الإتحاد يعتمد على قدرتهم على التغير و تقبل الكرد كشركاء متساويين ضمن البلدان التي يعيشون فيها الآن،  و ليس على الكرد الذين تعرضوا طويلاً للظلم و التمييز.  و نحن نعيش عصراً أصبح فيه بمقدور الإنسان و بفضل التكنولوجيا من الوصول الى المريخ.  فقد آن الأوان للذهنيات المتخلفة أن تتغير الى الأفضل.  و بأمكانكم أنتم فقط من المثقفين من أصحاب الوعي و الضمير ممن يمكنهم أن يقلبوا مثل ذلك الحلم الى حقيقة واقعة حتى في هذا الوقت الذي لا يتمتع فيه العديد منكم بالحرية الكافية.

مع خالص الأماني

شاهين بكر سوركلي:  كاتب و صحفي كردي في أستراليا/ سدني،  11/1/2004


ترجمة

حسن حسين صالح/سدني



#شاهين_بكر_سوركلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هذا ما علق به -غانتس- حول صفقة الأسرى المقترحة والهدنة
- فولودين يتوقع أزمة هجرة في أوروبا بسبب اللاجئين الأوكرانيين ...
- الموقع بين الواقع والمُتوَقِّع
- الاحتلال يشن حملات دهم واعتقالات بالضفة ويحاصر طولكرم
- الأونروا تحذر من انتشار الأوبئة في قطاع غزة مع اقتراب الصيف ...
- نتنياهو عن مذكرات اعتقال الجنائية الدولية المحتملة بحق قادة ...
- إسرائيل أم حماس.. من يعرقل اتفاق الهدنة بغزة وصفقة تبادل الأ ...
- نتنياهو يصف مذكرات الاعتقال المرتقبة من الجنائية الدولية بال ...
- الأمم المتحدة تتهم إسرائيل برفض دخول المساعدات لغزة وسط تحذي ...
- مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي إلى غزة للمرة الثانية خلال ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - شاهين بكر سوركلي - رسالة مفتوحة الى المثقفين العرب