أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - شهداء وعملاء















المزيد.....

شهداء وعملاء


أشرف بيدس

الحوار المتمدن-العدد: 2297 - 2008 / 5 / 30 - 10:00
المحور: الادب والفن
    


قدر علينا أن نمشي في الدروب القاحلة00 في بحر تموج أمواجه العالية00 لا يرضي بعبور السفن البريئة الراضية00 ما بين الفزع المدمر والحكايات الناقصة تتلي النواميس القصيرة 00 للهمس آذان صاغية تخبر الشيطان وتقبض ثمن اغتيال العشيرة00
علي لحم الصغار يملئون بطونهم الفارغة، ويشربون من دماء الأبرار والشهداء حتي يفقدوا وعيهم وعدلهم00 ويصرخون بالنصر المزيف 00 ويمارسون العهر والعربدة 00 حتي لا يبقي لنا غير الجوع والحرمان والطوفان وليال تغتال فيها براءة الإيمان00
00« ثلاثون قطعة من الفضة، كانت أجر يهوذا مقابل تسليم المسيح لرؤساء الهيكل والجند، وكانت الوسيلة قبلة يضعها الخائن علي خد المسيح كي يعرفوه فيمسكوا به»00
إنها الحكايات القديمة الجديدة00 لا شيء تغير00 مازال الإنسان يبني في الريح بيوتا للفقراء 00 مازال البسطاء في مناطق شتي يحلمون بالأمان والسيوف علي رقابهم00 والشرفاء يطلب منهم الشهادة وفوهات البنادق مشهرة في قلوبهم00 مازالت الأمهات مرغمات علي الزغاريد وأطفالهن معلقين علي مشانق العصر الحكيم00
مازالت الأرض تلفظ الرمضاء والأشواك والصرخات تحت أقدام العابرين00 مازال القحط والذل والهوان والشهادات الباطلة تسن كل صباح في الأجهزة المأجورة والأفواه المسمومة0 ومازالت الأخبار تأتي بعد أن تفتش وتدخل أجهزة كشف الكذب00 فتبدل ألوانها الصفراء والسوداء0
نعم هناك عملاء يحاولون دائما البحث عن شيء يبيعونه ويتاجرون به00 فلا يجدوا غير الوطن ليعرضوه للبيع وللإيجار وللتمليك وللمزادات الرخيصة التي يقيمها المرابون 00 يتسكعون في الشوارع والحارات00 يتلصصون علي الجدران والنوافذ والأبواب 00 يدونون صراخ الأطفال00 وأحلام الصبايا00 وغطيط الحياة00 يحصون دقات القلوب المرتجفة00 وكسرات الخبز المتبقية00 ويحاصرون دائرة النور المنبعثة من قنديل معلق 00يتفحصون وجوه المشيعين والمعزين والباكين والمهمومين00 يتعقبون الريح وأسراب الطير، ومواقيت الصلاة00والطائرات الورقية، ويخبرون بأن الثورة في حبات القمح تنتفض وفي خرير الماء تثور، فخذوا حذركم00 وانبشوا القبور لئلا يولد من رحم الشهادة نبؤة جديدة تزلزل الأرض من تحت أقدامكم00
أن الله العزيز الحكيم اشتري من المؤمنين أنفسهم00 ووعدهم خيرا00 والشياطين اشتروا من الكافرين آذانهم وألسنتهم، فباعوا أمهاتهم وبناتهم وإيمانهم00
لكن هناك أيضا طرح الأرض الصابرة، رجالا ونساءا وأطفالا0 يقدمون أرواحهم ودماءهم قرابين للخلاص وللحرية00
نعم 00 هناك عملاء ينتشرون في الأرض، يختبئون خلف أعمدة النور وفي الزوايا والأركان وفوق أسطح المنازل وتحت أدراج السلالم00 يمارسون حياتهم العادية بين الناس00 يروحون ويجيئون00 وغالبا ما يمشون في المظاهرات والمسيرات 00 يسجلون همسات الوطن وأنفاسه ويرصدون الداخلين والخارجين00 يحصون الهمهمات واللفتات00 ويحاولون قراءة الأفكار المخبأة والمعلنة00 يكتبون التقارير بأحبار سرية وضمائر ميتة ورغبة في حياة أدني وأحقر00 يوقعون علي اعترافات وإقرارات بالكفر وبالإلحاد00 وبيبعون للشيطان بسمات الصغار وهموم الكبار يبيعون كل شيئ 00 ويسجلون أسماء المواليد وأسماء الشهداء00
يتفقون علي ذبح أوطانهم كل صباح علي الطريقة التترية من غير قراءة باسم الله، ليشاهد العابرون والمارون أشلاء من وشوا بهم وهي تستغيث 00 يعرضون أنفسهم بالنقد والتقسيط00 أنهم الباعة الصغار في سوق النخاسة00
هناك جواسيس يحملون هواتف نقالة بارقام سرية وشفارات مجهولة يبثون عليها رسائلهم المشبوهة،، يتعقبون الليل النائم في عيون الحياة ويشوا به00 يوقظونه وينهالون عليه بالركل والتنكيل00 يتفقدون الشوارع الخالية ويقومون بطمس معالم المدينة من علي الجدران الناطقة 00 حتي إذا ما صحونا وجدنا ملامحنا وقد بادت معالمها00
يبدرون في الأرض بذور الفرقة والشك والريبة والخيفة ، حتي نفزع ونهاب ونستسلم للمغول كي يعيثوا في الأرض فسادا00
لكن هناك أيضا شهداء لم يرهبهم هذيان القوة أو غطرسة الآلة00 ينقشون في قرص الشمس اسماء الله الحسني 00 الرحمن الرحيم 00 الغفار الكريم 00 الباقي العظيم00 ويكتبون من جديد معاني وكلمات جديدة تضاف إلي قواميسنا ونواميسنا00ويرصعون بوابات الوطن بأطفال في عمر الزهور0
الصورة ليست قاتمة 00 لكنها ليست مفرحة أو مبهمة، يحيطها الألم من كل جانب00 وتحبطها الأفعال المقيدة والكلمات الفارغة والشعارات البيضاء00 الصورة ليست قاتمة مادام نهر العطاء يفيض ويملأ الدنيا أملا00 حتي وإن كان خافتا00
يا كل الكلام
والحروف
والمعاني المستعصية في الزمن الأمي00
انتهي عصر البلاغة والفصاحة والمنطق00 وبدأ العد التنازلي لهمجية الانسان ووحشيته00 فدعونا نتخلص من كل أقلامنا ودفاترنا ودواوين العشق 00 ولنحرق كل كتب الجغرافيا والتاريخ00 لتبدأ ابجدية الغاب في زمن الكسيح الذي يجهل قراءة الفاتحة وسورة الإنسان00
«هذه الساحة للقتل، وهذا جسدي
ساحة أخري لأحلام القتيل
حينما تنكسر الشمس علي أعتابها
يسقط الظل وبرج المستحيل
محمد علي شمس الدين»
وطن يضيع كل صباح تتربص به القناصة في كل مكان00 يا صناع الحكمة وطني يضيع00 يتفتت00 يتحلل00 تسرق حدوده كل صباح، وتغتال معالمه في وضح النهار00 تحرق سنابل القمح0 وتردم أبيرة الماء00 وطن يتلاشي من خريطة الحكايات00 وتبتلعه وتمضغه وتلتهمه الكلاب0
فأين الحكمة وأين العدل00
في زمن لا تكيل فيه الأشياء
فالنتائج دائما تساوي مجموعة أصفار00 مجموعة أخطاء
يا عصر الصمت
والبهت
والهذيان
يا عصرا لا ينطق إلا الكلمات الصماء العرجاء البلهاء التي لا تروي فماً أو تشفي داء00 ماذا سنكتب علي شواهد قبورنا والملح في الأرض ذاب00 والطوفان استباح الجدار00 أين سندفن 00 كل الأراضي مباعة 00 مرهونة 00 منهوبة00 مسروقة00
يا صناع الوهم00 وطني يضيع ومازالت الأساطير تتلا في المنتديات والمؤتمرات والصالونات بأن أيامنا السوداء ستتبدل إلي بيضاء وخضراء وحمراء وصفراء 00 وطني يضيع ومازالت التفاصيل العاهرة تتسكع علي شوارع البغاء طالبة المتعة00
أحلامنا تتمزق علي صخرة الواقع السفيه00 عم الكساد وجف المطر00صار كل شيء بلا ثمن00 وأي شيء بثمن00 عندما تختنق الآه وتحتبس في الصدور00 لا يبقي لنا سوي الله0 فهو «خير حافظا وهو أرحم الراحمين»0
هناك بسطاء يسعون للرزق في منتصف الليل 00 يقفون في طوابير المرور منتظرين أذنا بالعبور00 يخضرون أراضيهم المقفرة ويشيدون مبانيهم الشاهقة 00 ويشقون لهم العدم لتجري فيه الحياة00 وهم يقومون كل صباح بتجريف أراضينا وأيامنا وهدم مبانينا ومساجدنا ويلوثون الآبار00
ما دامت لي من أرضي أشبار!
ما دامت لي زيتونة00
ليمونة00!
بئر 00 وشجيرة صبار00
ما دامت لي ذكري
ستبقي كلماتي 00 خبزا وسلاحا00 في أيدي الثوار!!
سميح القاسم
عندما تطول الأيام00 ويثقل أنينها كواهلنا لا يبقي أمامنا سوي المقاومة 0 فالنساء بألف رجل00 والأطفال بألف رجل، والرجال ليسوا أشباها أو أمثالا خارقين نافذين في الريح وفوق قدرات الخيال0
عندما تلملم الشمس أذيالها وتسحب ضوءها القرمزي من البراح الفسيح في طريق العودة00 يبدأ ليلنا الحزين يفرد ستائره الرمادية ليحجب آخر فرصة وآخر أمل00 تتسلل إلي دنيانا الصغيرة الالوان السوداوية فتتوه الحكايات الحلوة وتبدأ العتمة تمارس معنا لعبة القهر المستحيلة00 تتراكم الأمنيات وتعتلي رفوف الذكري، تصير كالعشب الجاف سهلة الكسر، ينتشر الضباب حولنا ليحجب الرؤية وتتبدل الأشياء00 ويصير ظلنا خلفنا يتعقب الحكايات 00



#أشرف_بيدس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاتن حمامة : السير علي حافة الهاوية
- رسالة إلى امرأة غير استثنائية
- مارسيل خليفة: صوت البسطاء
- الراقصات والسينما


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - شهداء وعملاء