أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيفاء الجندي - ماركسيّون قدامى ليبراليّون جدد















المزيد.....

ماركسيّون قدامى ليبراليّون جدد


هيفاء الجندي

الحوار المتمدن-العدد: 2285 - 2008 / 5 / 18 - 07:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تكاد لا تخلو صحيفة ومجلة وخطاب سياسي أو ثقافي، من أيّ توجّه كان، يمينا أم يسارا، من ذكر لمفهوم الليبرالية، لدرجة أنّه تحوّل في الآونة الأخيرة إلى وصفة سحرية يمكن ابتلاعها دون دراية بمكوّناتها، وكأنه الأيديولوجية الخلاصية لكلّ المآزق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نمرّ بها. سنحاول من خلال هذه المقالة أن نخصّ بنقدنا بعض المثقّفين الذين رسموا خطّا مميّزا ومختلفا عن النيولبراليّين، والذين تزامن طرحهم مع الخطاب الأيديولوجي الأميركي، موجهين ملاحظات نوجزها بنقطتين اثنتين هما:
1- عودة البعض إلى استلهام المبادئ العامة لعصر الأنوار الأوروبي كالعقل المتسامح، الحرية والعقد الاجتماعي والتقدم.
2- توجههم بالمطلق نحو الليبرالية، وهذا ما يفسّر الإعلاء الشديد من شأن الحرية على غيرها من المبادئ والقيم وطرحها ضمن إطار التجريد والتعميم.
سوف نبدأ بالنقطة الأولى، وهي استعادة قيم عصر الأنوار ومبادئه، حيث يغلب على هذه الاستعادة بعض الحماسة الأيديولوجية والتكرار دون حسّ تاريخي نقدي تجاه خصوصية المرحلة وخصوصية واقعنا المغاير، لذا فهي استعادة فيها شيء من التبسيطية والآلية. فهذه المبادئ المرتبطة بصعود الرأسمالية وعصر الحداثة السياسية، فرغت من مضامينها الثورية في ما بعد. والعقل لم يعد يقوم بوظيفته التحررية، وأصبح خاضعا للآلة والتقدم الذي كان مرتبطا بالاكتشاف والإبداع والمغامرة عند اليمين واليسار، وأصبح مرادفا للاستهلاك، ويعني المحنة والضياع والحرية التي سنتوقف عندها مطوّلا. والحرية أصبحت مرتبطة بأفراد محدودين.
كيف يمكن تطبيق هذه المبادئ على مجتمعات لم تدخل مرحلة الحداثة، بل تعيش مرحلة ما قبل الحداثة أو الحداثة المشوّهة وأسيرة دول- جماعات ذات طابع تحديثي مستبدّ تخدم مصالح فئات قليلة متكيّفة مع الليبرالية الاقتصادية التي تسعى إلى تعميمها وتغييبها ضمن المجال السياسي.
لذلك عندما تستعاد قيم الأنوار، من الأجدى أن تؤخذ بعين الاعتبار الأسس الفلسفية التي أنتجت المفهوم في سياقه والخلفيات السياسية- التاريخية المستجدة، وإعادة تركيب محتواه في ضوء المعطيات والأسئلة الجديدة، واحترام البعد التاريخي الخاص المؤطّر لهذه المنظومة والمحدد لملامحها، وألا نعدّها عقيدة بديلة لكل النظريات والمرجعيات الفكرية وكأنها كلية القدرة، قادرة على زحزحة كل الظلمات بفعل الدعوة لا التفكير.
النقطة الثانية، وهي التوجه نحو الليبرالية والإعلاء من شأن الحرية، وإعطاؤها الدور الفيصل. فمنذ نشأة الوعي الليبرالي الأوروبي، وربط مفهوم الليبرالية بالحرية (والفضل في ذلك يعود إلى المنظّرين الشرعيين هما هوبز ولوك اللذان ربطا الحرية في ما بعد بالملكية، وطالبا بانعدام العوائق الداخلية والخارجية أمام تحرك الفرد: السوبرمان، رجل الأعمال)، استفاد آدم سميث من هذا التحليل ليبني نظريته المعروفة (دعه يمر، دعه يعمل)، وأمست الثغرة التي وظّفت من خلالها قوى الرأسمال الأوليغارشي الحرية لمصالحها. ثمّ تحوّلت إلى حرية مجموعة أفراد أقوياء يشار إليهم بالبنان، لتصبح وسيلة للتمتع والثروة لا للتخلص من الظلم والقهر، وحرية عابثة توظف من داخل دائرة الصراع السياسي لغايات لا علاقة لها لا بالحرية ولا بالليبرالية. ويظهر ذلك بشكل خاص عندما تأخذ شكل التسوية- المواءمة- الملاءمة. ولا أعلم كيف تفهم الملاءمة في ظل النيوليبرالية التي تهدد المجتمعات قبل الدول بالفناء، ليأتي طرحها، أي (الحرية)، مقتصرا على جانب المشاركة السياسية دون ربطها بالمساواة، لنجد أن مثقفي اليوم، ليبراليون وليسوا دمقراطيّين. ويذكّر هذا الوضع بالمجتمع الأثيني الذي فضّل الحرية على المساواة، وكان لا يحق التصويت فيه إلا لأصحاب الملكية، واستبعد العامة والغرباء، كما يحصل اليوم عندما يتساوى الجميع أمام صندوق الاقتراع، لكن ضمن ظروف السوق الناشئة، ليُلتهم الفقراء والمهمشون من قبل رجال الأعمال والرأسماليين.
وهنا تكمن أهمية اقتران الحرية بالعدالة، لأنه عندما تفرغ الحرية والدمقراطية، وهما عماد الليبرالية ومرتكزها، وتختزل إلى البعد السياسي، عندئذٍ يتلاقى هذا الطرح مع رؤية أنظمة الاستبداد التي تدعو إلى قمع حركات الاعتراض الاجتماعي من خلال بوليسها وجيشها الذي وجد لحماية أصحاب الملكية، وليحطّموا أي حركة احتجاج شعبي، فيتساوى عندئذٍ الليبراليون مع المستبدين، لأنهما يديران ظهريهما للبعد الاجتماعي. ويتناسى الماركسيون المتبدّلون أن التاريخ هو تاريخ صراع وتناقضات مصالح قوى اجتماعية.
انسجاما مع ما طُرح وعُرض، يتبدّى لنا كأن التاريخ زمنه دائري بين الماركسية والليبرالية، فعندما أغفلت الليبرالية العدالة والمساواة، زحفت الاشتراكية فألغت حرية الفرد والاستقلال الذاتي للمجتمعات المنتجة للسياسة الفعلية، لتزحف حاليا الليبرالية (ولكن ليبرالية مغايرة للأمس ولا يمكن تبنيها وزرعها في بلادنا إلا إذا صُحّح مسارها عبر رسم إطار اجتماعي لها).
ولكن لوضع كوضع مجتمعاتنا المعقدة التركيب، وفي ظروف العولمة التي تعمق التبعية والهيمنة وما يستتبع ذلك من فقر وجوع واستقطاب، أعتقد أن خيار الليبرالية يحتاج إلى وقفة طويلة وتأمل عميق.
إذا كنا أوصياء للفكر الماركسي، لا بمعنى التديّن والتقديس، بل الوفاء لفكرة العدالة، لمَ لا تكون الاشتراكية، كحرق للمراحل، بديلا مستقبليا وخيارا استراتيجيا؟
اشتراكية ليست ذات لون واحد وبعد واحد، اشتراكية مقترنة بالدمقراطية تعيد الاستقلالية للمجتمعات المنتجة للسياسة، بدلا من الليبرالية التي تتجاهل المساواة وتفرغ السلطة من حقيقتها الاجتماعية وتخفض العمل السياسي إلى مجرد استراتيجيات انتخابية تذيب الصراعات في عقائديات تمثيلية.
اشتراكية حيث يتساوى الجميع أحرارا ويعزز دور الدولة الرعائي- الإشرافي. عندئذٍ تجد مفاهيم التقدم والحرية أرضها الخصبة، ونلج مرحلة الحداثة الحقيقية.
نحن اليوم بأمسّ الحاجة إلى بدائل حقيقية وفعل اجتماعي لا يلغي الوعي والثقافة والمعرفة. فهذا الثالوث لا يمكن أن يقوّض سلطات دينية- سياسية- اجتماعية عندما تكون الأزمة أزمة بدائل سياسية وأزمة خيارات.




#هيفاء_الجندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيفاء الجندي - ماركسيّون قدامى ليبراليّون جدد