الدكتور سليمان العقيل ينسف جهود المتحاورين في مؤتمر الحوار الوطني

نوال اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 705 - 2004 / 1 / 6 - 04:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

التطوير الذاتي للمجتمع عن طريق الحوار الوطني الذي تبناه ولي العهد واقره خادم الحرمين الشريفين ،لا يعني أبدا سعيا نحو هدم البناء الأساسي للمجتمع وهدم وحدة المجتمع الوطنية، نحن نطالب بالتطوير الذاتي في المجتمع من أجل بقاء واستمرارية المجتمع، وحتى لا نكون متخلفين عن الركب الحضاري العالمي .
الشيء الثاني ،وجود التنوع الثقافي في المجتمع والتنوع المذهبي يثري حضارة وثقافة الوطن ويصب في الصالح العام للوطن و للمواطن وللقيادة أيضا.
 والدكتور العقيل يرفض تقبل وجود هذا التنوع ، ويرى أن المتحاورين مجرد ثلة جاءت من الخارج وبأفكار مدعومة من تلك البلدان التي تعلموا فيها وجاءوا ينادوا بتكوين أحزاب وفرق ، وهو بذلك ينافي الحقيقة ويجانبها برفضه لمبدأ التغير الاجتماعي والتطوير المجتمعي ،والتطور ،و النمو في المجتمع السعودي ،لأنه يريد له الثبات على وتيرة واحدة هذه الوتيرة ،  وللأسف الشديد ،لا تخدم إنسان المملكة بل تعيده القهقرى سنوات بل قرون من الزمان .
يتوهم الدكتور العقيل بخوفه من الآخر ،  مبرر ذلك بتغير البناء الاجتماعي لمجتمعنا السعودي ،على الرغم من معرفته التامة كمتخصص في علم الاجتماع بأن البناء الاجتماعي للمجتمع لا يتغير كليا إلا إذا تغير النظام الملكي من نظام الملكية الوراثية المطلقة إلى نظام الملكية الدستورية القائمة على الديمقراطية ،وإنما الذي يتغير ويتطور حسب نظريات علم الاجتماع ،هو صورة النظم أو التنظيم والأدوار ومضمون الدور الذي  يحوي، أو يكون هذا البناء بفعل تطور احتياجات الإنسان الذي يسكن النظم ،إضافة إلى التغير في مراكز الأشخاص ،وقد يحدث التغير أيضا في أشخاص معينين يقومون بأدوار في النسق الاجتماعي ، وحسب تطور الدراسات والعلم والتكنولوجيا .
الدكتور سليمان العقيل يتنكر لحقيقة بديهية وهي ،أن الكون في حركة دائمة وفي تغير مستمر ،وكذلك النظم الاجتماعية أيضا متغيرة ومتطورة باستمرار ذلك لأن التغير سنة بديهية وطبيعية، وسمة المجتمعات الإنسانية ، كما انه عملية اطرادية مستمرة .
وكون الدكتور العقيل أستاذ علم اجتماع لا يعطيه الحق في تشخيص علات  مجتمعنا بمفرده، فنحن أيضا نتابع المجتمع ونعرف ما فيه وندرك أيضا احتياجاته ومتطلباته للتغيير ، ونراقب عن كثب الأوضاع والتغيرات والتطورات العالمية، لذا نسعى نحو مكاشفة القادة بشفافية ومسؤولية تامة ، نتحمل كافة نتائجها ونسعى لإيصالها بأي صورة ممكنة عن طريق المقالة المكتوبة على مواقع الإنترنت ،أو عن طريق الحوار الوطني عبر مركز الحوار ،أو عن طريق الصحف المحلية للذين يستطيعون ذلك ، مدفوعين بحبنا للوطن ولكافة أفراد الشعب وللقيادة التي نتمنى أن تتبنى يوما ما مواقفنا الطيبة تجاهها وتجاه الوطن وتسعى حثيثة لتلبية مطالبنا بالإصلاح الفعلي ، حيث الوقت لا يسمح بالتأخير في تطبيق نتائج الحوار الوطني و تفعيلها على أرض الواقع ..لأن تفعيل نتائج الحوار في أسرع وقت ممكن ،والذي لمسنا جزءا منه خلال الحوار وبعد لقاء المتحاورين للأمير عبد الله ، سيضيع الفرصة على الذين لا يهمهم نجاح الحوار في التقريب بين الفرقاء في الوطن .
وكوننا ، يا دكتور العقيل ،  نطالب بمنح المرأة فرصا أكبر في المشاركة الاجتماعية والسياسية وحتى الدينية ، لا يعني أبدا أننا سنخل بوحدة الوطن أو نطالب بتفسخ المرأة ، ولكننا ندعو إلى احترامها وتقديرها بالشكل الذي تستحق ونعطيها حقوقها سواء كانت شعية أو سنية ، ربة منزل أم سيدة عاملة ،التي كفلها لها الشرع أولا قبل أن يمنحها أيها المجتمع ،والدولة ، فمن حقنا عليك وعلى أمثالك ، أن نحترم ونقدر  ،وتقدر إنسانيتنا كما يقدر ديننا ،وتقدر أيضا وطنيتنا ،وتقدر إمكاناتنا على مساندة الرجال في الوطن ،لا أن يستخف بنا ويدعي البعض من الرجال المغرضين الذين لا يرون في المرأة السعودية إلا الجسد ، أن السعوديات يردن التحرر الكلي من الدين والحجاب ،لكوننا نستطيع العمل مع الرجل ونحن نتمتع بكامل عفتنا، فالمهم هو أن يصون الرجل نفسه ويعفها ولا يتصورنا مجرد أجساد بلا عقول !
وهو أيضا  يرى أن الذين شاركوا في الحوار لا يمثلون إلا أنفسهم وينسى أيضا   انه هو الآن في حواره للقناة السعودية الأولى ،الذي أذيع ظهر يوم الخميس الماضي ،   لا يمثل إلى نفسه، ولا يدافع إلا عن توجهاته ، فالوطن لا يحتاج إلى مثل هذا الفكر المتشدد الذي لا يخدم إلا اتباعه ،ولا يصب في الصالح العام للوطن .. نحن نتطور ذاتيا بقرار منا ومن قادتنا ، ولا نخالف الثوابت الأساسية المتفق عليها من قبل جميع المتحاورين ..
هو عالم اجتماع،  ويدرك أهمية التطوير الذاتي لكل مجتمع، والتغيير لابد من قبوله والتسليم به كمطلب ملح يفرضه علينا الواقع الحالي للمجتمع ، بالأمس يا دكتور  كنت وكان مجتمعك السعودي بأكمله منغلقا، ولكنه اليوم يعيش في عالم مفتوح  .
بالأمس كانت الانحرافات الاجتماعية بسيطة ، ولكنها اليوم صارت اكثر تعقيدا، أولها الانحراف السلوكي ،وآخرها التكفير للآخر داخل الوطن وللقيادة والمثقفين وأشدها وطأة الإرهاب والتشدد .
وأنا اعتبر فكر الدكتور العقيل متشددا وليس فيه مساحة مرونة تسمح بالحوار والمناقشة ، فهو يريد أن يبقينا على ما نحن عليه من التخلف والتقهقر و النكوص المجتمعي ، وهذا مالا نرضاه على الإطلاق ولا ترضاه القيادة ، ولو كانت القيادة العليا للدولة ترضاه ، لما سمحت على الإطلاق بالحوار ، وهذا الحوار الوطني انشأ من أجل البناء وليس من أجل الهدم .
لا أدري لماذا يصر الدكتور العقيل على عدم الاعتراف بالتنوع الموجود في النسيج المجتمعي السعودي، ثمة مشارب وأطياف متنوعة ، مذهبية وفكرية أيضا وثقافية فلماذا نتجاهلها ؟
 يجب الاعتراف بها لكونها واقع طبيعي ، ويجب أن يصب هذا التنوع في خدمة الوطن والمواطن و مساندة القيادة أيضا ،وان فكر الدكتور العقيل أراه معوقا نحو توجه القيادة لتفعيل الحوار والعمل على ضوء نتائج وتوصيات المتحاورين ، كما انه أيضا يمثل نفسه ويدافع عن أهداف هو وضعها لنفسه وأفكار هو يؤمن بها نتفق معه في جزء يسير منها ، ولكن معظمها لا يصب في الصالح العام ، وأرى أن من المهم جدا ،أن تعرض القناة الأولى الصوت الرسمي للوطن الرأي المخالف ولكن عليها أن تدقق مرة أخرى في اختيار أصحاب الرأي المخالف الموضوعي في مخالفته واختلافه مع المتحاورين وتوجه القيادة،  والذي لا ينسف جهود القادة وجهود المتحاورين الراغبين في الإصلاح والتوفيق بين الفرقاء في الوطن .
آمل أن تتنبه القناة ، وتتنبه وزارة الإعلام والثقافة،  فلا تطرح مرة أخرى حوارات مباشرة تبث لجميع شرائح الشعب السعودي،  فتؤدي إلى إثارته بدلا من توجيهه نحو الصالح العام ،ودفعه لتقبل فكرة أو ثقافة الحوار الوطني ، وذلك لأن بث مثل هذا الرأي في الوقت الذي رفع فيه المتحاورون توصياتهم لولي العهد،  يمثل نسفا حقيقيا له ، خصوصا وان التلفزيون عرض إعادة للمؤتمر الصحافي للحوار الوطني بعده !!
ملحوظة :الدكتور سليمان العقيل أستاذ علم اجتماع بجامعة الملك سعود بالرياض – بث الحوار بالقناة الأولى ظهر يوم الخميس من الأسبوع الفائت .

صحافية سعودية
سيهات القطيف المنطقة الشرقية

#نوال_اليوسف (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل