أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سالم حيون - ماذا بعد صولة الفرسان















المزيد.....

ماذا بعد صولة الفرسان


سالم حيون

الحوار المتمدن-العدد: 2268 - 2008 / 5 / 1 - 06:40
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


(1) التوازن السكاني

لم يكن البعد السياسي للحملة الحكومية لمواجهة المليشيات في البصرة "صولة الفرسان" واضحاً كوضوح شقه العسكري رغم كل ماقيل جهود الحكومة لبسط الأمن وحصر السلاح والحفاظ على هيبة القانون والشرعية والتصدي للعصابات والمليشيات إذ لا يكفي ذلك لزرع الإطمئنان لدى البصريين الذين ذاقوا الأمرين على أيدي العصابات المتشددة التي تدخلت في تفاصيل حياتهم الشخصية كمأكلهم ومشربهم وملابسهم وكانت النساء ، وخصوصاً غير المسلمات الضحية الأكثر تأثراً بممارسات هذه العصابات التي فرضت نموذجاً طالبانياً مرعباً لايمت الى الإسلام والى تاريخ البصرة وطابعها التاريخي والحضاري .
ولا يشك أحد من أهالي البصرة أن من فرض هذا النظام الطالباني على البصرة وأهلها هم من " علوج" الريف النازحين، ومعدان الكرامشة ومن لف لفهم من محافظات العمارة والناصرية والتي استغلت إنهيار الدولة وأجهزتها وفسادها فتركت أراضيها ودخلت البصرة وأحتلتها ووسكنت في محلات الحيانية وخمسة ميل والقبلة الثانية والتميمية والكزيزة التي بناها الوافدون إليها قبلهم من مناطق الطمامة ونهير الليل وشط الترك في الستينات من محافظات العمارة والناصرية، وقام هؤلاء الغرباء بفرضت عليها طابع حياتها العشائري الذي يحتقر ويرفض كل أشمال المدنية والتحضر فكان هؤلاء هم مادة جيش المهدي ، وجميع العصابات التي نشأت تحت واجهات سياسية إسلامية بالتحديد بعد سقوط النظام السابق.
ومن خلال المتابعة الجغرافية للمناطق التي تركز فيها نشاط العصابات نرى أن مناطق النزوح القبلي أصبحت بؤراً ثابتة لإنتشار هذه العصابات ، بينما بقيت مناطق كبيرة في البصرة كالعشار والطويسة والجبيلة والقرنة والهارثة والفاو وابو الخصيب وجزء من التنومة والزبير هادئة بسبب أن معظم سكانها هم من البصريين الأصليين الذين يحتقرون المعدان لكنهم يخشون سطوتهم بعد أن إجتاحوا المدينة بعيد سقوط النظام السابق. وما أن أعلن عن تأسيس مجلس صحوة عشائر البصرة حتى بدا منظر الإصطفاف الإجتماعي في البصرة أكثر وضوحاً فالقبائل والعشائر البصرية كبني مالك وتميم والحلاف والإمارة وبنو أسد والسعد وغيرهم لم يترددوا بالإستجابة الى هذه الدعوة بينما فضلت العشائر الغريبة عن البصرة كالبهادل ووالبيضان والمياح وعيسى والبزون والسواعد والعبادة غيرها الإصطفاف الى جانب جيش المهدي وهي قبائل عمارية لاتمت للبصرة وأخلاقها وحضارتها بصلة ، ونفس التحليل ينطبق على مدينة الثورة الصدر إذ من يرفع السلاح هناك هم فروع أخرى لهذه القبائل العمارية هناك.
وبسبب من طيبة أهل البصرة وتسامحهم وتوفر فرص " النهب" وإنعدام المسائلة تعرضت هذه المدينة الى الإجتياح الريفي العشوائي الذي كان بمثابة كارثة بيئية واقتصادية وثقافية مريعة ألمت بالبصرة منذ السبعينات والثمانينات وتضاعفت بعد سقوط النظام ، ومن أمثلتها الواضحة هي عصابات الكرامشة التي نزحت من الأهوار بعد تجفيفها الى اطراف البصرة ، واستخدمهم صدام وسلحهم وأصبحوا بمثابة كقوة درك على حدود البصرة ، وما أن سقط النظام حتى اجتاحوا المدينة وسيطروا على أهم أحياء البصرة وأرقاها حتى وصولوا الى حيي الجزائر وتموز الراقيين ، وفرضوا الأتاوات على الأسواق البصرية ، وسيطروا على حركة تهريب النفط ومشتقاته على مرأى ومسمع من القوات البر يطانية فأثروا إثراءً فاحشاً ، لكنهم جلبوا على أنفسهم نقمة البصريين فكانت لقبيلة الحلاف البصرية الأصلية " صولة فرسان" معهم حيث إستطاعوا بعد قتال عنيف من طردهم من البصرة وإعادتهم الى أطراف الأهوار من حيث جاءوا. لقد تضخم عدد البصرة بعد هجرة الغرباء الى حد غير مسبوق فقفز عدد السكان من أقل من مليون الى مليونيين ونصف جلهم من غرباء البصرة الذين شكلوا عبئاً بيئياً وثقافياً واقتصادياً لا طاقة لأهل البصرة به، وهذه الظاهرة أي ظاهرة التضخم السكاني والهجرة غير المنظمة من أرياف العراق الى البصرة تعتبر واحدة من أخطر المشاكل والتحديات التي تواجه البصرة والتي ينبغي على الحكومة المحلية البصرية ولذلك أن تتخذ كافة الإجراءات لإعادة التوازن السكاني من خلال وضع معايير وضوابط للهجرة من والى البصرة التي امتلئت . ويدور الحديث في الوقت الراهن عن إنشاء محافظة جديدة في مدينة الثورة الصدر بعد ضم بعض المناطق المجاورة إليها ، ولا يخلو في رأيي هذا المقترح من عقلانية وسداد رأي فمدينة الثورة بغالبيتها المهمشة يمكن لها أن تقع فريسة أي مغامر ديني ، أو أفكار دينية متطلافة من أتباع المهدي وجند السماء وجيش المهدي ويتمكن من سيطرة على مزاج وذهنية سكانها ذوو الطبيعة الريفية القبلية ويوجههم بدوافع دينية نحو مواجهة الدولة مهما كانت طبيعتها ، وطرح أنفسهم بديلاً لها رغم أنهم يعتاشون على مواردها ، فمشكلة بغداد الكبرى اليوم هي مدينة الثورة التي لم تثر يوماً ما على الحكام الجائرين "من السنة" إذا جاز لنا التعبير لكنهم ثاروا على حكومتهم الشيعية! وهذه يعزز مقولة البعد الإجتماعي للصراع في بغداد بين ثقافة المدينة وثقافة الريف الذي استوطن المدينة بدون أن يكون جزءاً منها ، وهو صراع لا علاقة له بالتوزيع الطائفي لسكان بغداد. وفي رأيي إن فكرة إقامة محافظة الصدر مفكرة جديرة بالإهتمام والتطبيق في البصرة أيضاً لتشمل منطقة الحيانية والقبلة اللتان كانتا ولاتزالان أهم أسباب مشاكل البصرة ، وإذا عدنا الى التاريخ القريب لوجدنا أن حزام الفقر الحياني هو من جلب النقمة على هذه المدينة ، فمن أشعل الإنتفاضة الشعبانية المباركة هم أهل الحيانية أنفسهم المتعطشين للنهب والسلب فاستغلوا تراجع الجيش العراقي بعد الهزيمة المذلة ورفعوا الشعارات ، وكان من المؤكد أن وكان من شبه المؤكد أن صدام ونظامه سوف يسقطان بدون الحاجة الى إنتفاضة لأسباب داخلية كتذمر الجيش ، أو لعوامل خارجية كزحف القوات الأمريكية على بغداد أو التهديد بالزحف عليها ، لكن ماغير هذه الوجهة هي إنتفاضة الحيانية التي شارك بها سكان البصرة بصورة عفوية بسبب كراهيتهم للنظام ، وكانت من نتائجها أن حلت كارثة أخرى أكبر بلاءً على البصرة من الحروب التي مرت بها ، فجلبت المدينة على نفسها غضب الطاغية بعدما ما كان يسميها " أم المدن" فدمر أحيائها بالصواريخ وقتل الآلاف المؤلفة من أبنائها ، ودفع مئات الألاف من سكانها للهجرة الى إيران والسعودية ، أما الجانب السياسي لها فلم أقل كارثية فبعد أن رفعت الإنتفاضة صور المعممين الإيرانيين تغير موقف الأمريكان كلياً ووقف السعوديون والخليجون والعرب جميعاً في خندق واحد لأنقاذ صدام من السقوط هذه المرة بعدما كانوا مصممين على إسقاطه ، وسمحوا له بتحرك طائراته وقطعاته العسكرية لسحق هذه الإنتفاضة التي أشعلها جمهور ريفي مهمش مستعد لإستباحة المدينة تحت أي مسمى كان حتى لو كان سياسياً في ظاهره.



#سالم_حيون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سالم حيون - ماذا بعد صولة الفرسان