أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن كاظم زيارة - التباديل واحصاءات البنية















المزيد.....



التباديل واحصاءات البنية


عبد الرحمن كاظم زيارة

الحوار المتمدن-العدد: 2259 - 2008 / 4 / 22 - 05:25
المحور: الادب والفن
    



المقدمة :
بصفة عامة ينصرف الاحصاء لتناول طرق عد الاشياء من جهة ووصف للمعدودات من جهة اخرى . على ان الاحصاء علم قائم بذاته يهتم بموضوعات ابعد مما ذكرناه . وحيث ان البنى والانظمة تنطوي على اشياء قابلة للحصر فان للاحصاء مكانة ممكنة في الدرس البنيوي .
لقد تناول اللغويون العرب قديما ظاهرة الابدال في اللغة ( كالجرجاني مثلا في تعريفاته ) ، كما تناولها ايضا دي سوسور في محاضراته الشهيرة واعقبه كتاب آخرون راحوا يشيرون اليها عرضّا او تقريظا . وقد جاء ذكرها بالفاظ مختلفة : الابدال ، التبديلات . وحيث ان البنيوية بوصفها منهجا للتحليل قد استمدت مفاهيمها من الرياضيات ، ومن ثم ، اعطت لتلك المفاهيم خصوصياتها التجريبية تبعا لكل حقل تناولته بالبحث بدأ بالتحليل اللغوي لسوسور . فأن هذا المنهج قد شابه الكثير من التصورات التعسفية والاستسهال في استخدام المصطلح لاحقا .
ان ( الإبدال ) بمعناه العام يعني المبادلة بين شئ وآخر ، وهذا بدوره يتضمن التعويض . إلا ان الابدال كصفة ممكنة لعلاقة ينصرف الى خاصة قد تتمتع بها بنية معينة . اما التبديل فهو لايضيق او يتسع قياسا بالمفهوم العام للابدال . لذلك فاننا في هذه الدراسة سنركن الى العلاقة الإبدالية كشأن لقسم من البنى ، وهي مقولة رياضياتية بحتة وجدت طريقها في الدراسات الانسانية المتنوعة . اما التباديل والتوافيق فأنهما مقولتان احصائيتان. ونجد لزاما علينا التفريق بين كل من (التباديل )و(التوافيق) و(الابدال) و(التبديل) و(التعويض ). فهذه المفاهيم تختلط في بعضها احيانا في الدراسات اللغوية او في الدراسات البنيوية بصفة عامة . ولهذا الخلط اسباب اهمها تعود الى الترجمة . ومنها يعود الى قلة الاحتراس في توظيف المصطلح . او الخلط بين ما يعنيه المصطلح في علم دون آخر .
ولابد من الاشارة هنا ان هذه المفاهيم نشأت اولاً في بيئتها الرياضياتية عندما انتقلت العلوم الرياضياتية الى نظرية المجموعات وهو انجاز علمي نقل تلك العلوم الى مرحلة اكثر تطورا ، دون ان تتنكر الى منجزاتها السابقة . وانطلاقا من نظرية المجموعات وما اعقبها من صعود في الكشف والاكتشاف في سياقها ، استطاعت العلوم الرياضياتية وبفضل امكانية صياغة الكيفيات على وفق متغيرات تضمها علاقات دالية ( نسبة الى الدالة Function ) ، ان تعالج وقائع وتجارب في اللغة والاجتماع والسياسة والعلاقات الدولية وعلم النفس وغيرذلك من العلوم. ولايشكل الاحصاء في هذا التوظيف الا فسحة مساهمة تتضائل امام فروع الرياضيات الاخرى .
وليس بنا حاجة الى تقديم الاثباتات التي تدلل على ان البنيويين الاوائل قد درسوا المفاهيم الرياضياتية ككل وخاصة نظرية المجموعات والنظام الرياضياتي ( البنية كأطلاق عام ) . فهذه حقيقة يراها من له ادنى المام في الرياضيات وما عرف بالبنيوية .
وفي هذه الدراسة نتناول التباديل بوصفه طريقة احصائية تحصي التبديلات الممكنة باستخدام قوانين خاصة ، مع تضمينات محكمة لجهة تناول الشأن البنيوي ولكن بقدر ما هو ضروري بحدود هذه الدراسة . فلقد اشبعنا هذا الموضوع نقاشا من وجهة نظر رياضياتية في مساهمة أخرى .
1 ـ التباديل والتوافيق
يؤدي مفهوما التوافيق والتباديل الى وصف للاحتمالات الممكنة في تآلف الاشياء على نحو ما . وبشكل معكوس يمكن الكشف عن تآلف الاشياء مع الوقوف على طرق تآلفها ، للخروج ، من ثم ، باستنتاجات قابلة للتعميم سواء في اللغة او في الاقتصاد او في العلاقات الدولية او في البنى الشعرية او علم الاناسة او البنى الاجتماعية ..
فلو اردنا وصف توافيق Combination حرفان من كلمة (بحر) ، سنجد ان التوافقات هي : بح ، بر، حر. فالعملية هي اشبه بعملية تصنيف للحروف إثنين إثنين وبغض النظرعن ترتيبهما . ذلك ان( بح) و( حب ) هما توافيق واحد ،بمعنى انهما متساويان من وجهة نظر توافقية ، طالما يحويان الحرفين ذاتيهما . وبمثل ذلك نقول عن التوافقين الاخرين . ان علاقات الزواج ليست إلا توافقات مأخوذة إثنين إثنين من مجموعتين معينتين من الرجال والنساء ، يكون التزاوج داخلهما امرا مقبولا وقابلا للاحتمال . واما كون هذه العلاقة إبدالية ايضا ، فلأن الترتيب لايُحدِث تغيّرا في أثر العلاقة . بمعنى ان رجلا معينا يتزوج امرأة معينة ،( او ) ان امرأة معينة تتزوج رجلا معينا . فالامر سيّان في عقد القِران من جهة وفي وصفه من جهة اخرى . وفي النهاية فأن علاقة الزواج علاقة توافق من جهة وعلاقة إبدال من جهة أخرى ، فالعلاقة الاولى محض إحصائية بينما العلاقة الثانية من شأن البنى .
اما التباديل Permutation فهو يُعنى بترتيب الاشياء ، والى تغير ترتيبها تُعزى الاختلافات بين مُركّب وآخر . وهو على أي حال عدد . ان كلا من ( حب ) و (بح ) مركبان لهما كيانهما المعنوي ، ما يعني ان اختلاف ترتيب الحروف ينشأ عنه اختلاف المعنى .
وعلى مستوى الكلمات المعجمية ، والتي غالبا ما نركن اليها مصنفة بحسب حروف الهجاء ، موصوفة على انها جذور ، يمكن اعادة سردها على نحو مغاير ، ليس على اساس الجذر بل على اساس مختلف هو التبديل .
2ـ التصريف التباديلي
التبديل هو مركب من الحروف بترتيب معين مقصود بذاته، بمعيار المعنى وربما بمعيار آخر . وقد لاحظنا ان هذا المركب له تصريف من نوع اخر غير ما اعتدنا عليه في اللغة العربية من صيغ صرفية ( كالمصدر والفعل الماضي والحاضر والامر واسم الفاعل واسم المفعول .. الى اخره ) . ان التصريف الجديد الذي نقترحه هنا سنطلق عليه بالتصريف التباديلي . ولانقدم التصريف التباديلي بديلا عن النظام الصرفي ، فهذا امر لامبرر له وغير مشروع ، انما نعده اسلوبا ثانيا وممكنا لاعادة صياغة المفردات المعجمية على اساس التركيب دون الجذر. وان كان كل تبديل في الاغلب يمكن النظر اليه وعلى نحو منفصل على انه جذر لغوي . وبكلمات اخرى ان التصريف التباديلي يقدم قراءات مختلفة للتركيب ، باختلاف ترتيب حروفه .
ان المادة الاولية للتصريف التباديلي , حروف الهجاء الثمانية والعشرين ، الامر الذي سيحيلنا الى قبول فكرة التخطيط لتأليف معجم بمفردات اللغة العربية على نحو غير مسبوق .
التبديلات التي تجرى على بنية ، وفق المفهوم الذي نعرضه هنا ، امر يتميزعن ما تناولته الدراسات البنيوية ومن بينها علم اللسان وعلم الادلة ونحوهما .
ولكي نصنف المفاهيم طبقا لبيئتها الرياضياتية نجد من المفيد هنا ان نحدد مفهوم العلاقة الإبدالية Commutatitiveكي لاتختلط بما يعنيه التباديل Permutation. توصف العلاقة في بنية ما علاقة إبدالية بين كل عنصرين من عناصر البنية اذا كان الأثر الذي تنتجه الشئ ذاته . وبلغة الرياضيات : ينتج عنها عنصر ينتمي الى دعامة البنية . خذ مثلا العبارة 3 + 2 هي نفس العبارة 2 + 3 من حيث الناتج الحسابي رغم ان العدد 3 سبق العدد 2 في العبارة الاولى اما العبارة الثانية فقد افصحت عن تغير الترتيب : العدد 2 يسبق العدد 3 . فعلاقة الجمع في البنية العددية التي ينتمي اليهما العنصران 3 و 2 ، علاقة إبدالية ، واحيانا تسمى آبيلية Abelain، نسبة الى عالم الرياضيات abel . وعلى نحو مماثل فان علاقة الهوية في العبارة : الانغام ( هي ) الموسيقى ، علاقة إبدالية ، اذ يمكن اعادة كتابتها بالصورة : الموسيقى ( هي ) الانغام . فالعبارتان متساويتان من حيث : الدلالة والتركيب . وبصفة عامة اذا كانت العلاقة الداخلية لبنية ما ، إبدالية ، فان البنية تسمى بالبنية الإبدالية . واذا ما انعدمت الصفة الابدالية لعلاقة البنية لن تنعدم البنية . لان صفة الابدال ليست من اوليات وشروط تكّون البنى ، انما هي صفة محتملة كبقية الصفات المحتملةالاخرى كالبنية الدائرية والبنية المولدة . فهذه البنى قد استوفت شروط تبنينها (على مستوى التصور التحليلي ) ، ومن ثم ، تُكتشف الصفات الملازمة لها .
ان التبديل Permutation هو أي ترتيب ممكن لعناصر المركب . فالصورة الكتابية (( سومر )) تبديل محتمل للعناصر { س ، م ، و ، ر } مرتبة بالترتيب الذي يدل على معنى او شئ . لقد عبّرنا عن المركب في المثال بدلالة عناصره بعد ان جردناها من علاقة التركيب
( التأليف ) ،فاستحالت كحبات العُقد وقد انفرطت عن نظامها . ومن الطبيعي ان يؤدي ذلك الى الغاء تام للترتيب . لذلك كتبناها بطريقة سرد العناصر بغض النظر عن ترتيبها الذي اطلعنا عليه في الصورة الكتابية : سومر . اما الصورة الكتابية (( رسم )) فهي تبديل اخرللصورة الكتابية (( سومر )) ، وان ما جعلها تبديلا اخر ، هو تغيير ترتيب الحروف .
يتصل التبديل بالتناظر Symetric ، فالتبديلات تتجلى على هيئة تناظرات أحادية One – to – one أي تقابل واحد لواحد . فعندما يحل عنصر محل اخر داخل المركب ، بطريقة التعويض
Substitutionينشأ تناظرا احاديا . وبكلمات اخرى ان رتبة الحرف ــ وهذه قيمته ــ من الممكن ان تساوي رتبة أي حرف اخر ، فاحلال حرف ليشغل رتبة حرف اخر يسفر عنه تبادل بين رتبتين . ولكي نميز تغيير الترتيب ، بمعنى إبدال شئ بشئ ، عن العلاقة الإبدالية سنطلق على هذه العملية بالإبدال الترتيبي وهي عملية تحويل transposhtion، لتعني تغيير ترتيب عناصر الشئ . ذلك ان الإبدال في حالات اخرى يتسع لابدال عنصر في مركب بعنصر من مركب اخر ، ونحن نهتم هنا فقط بالمركب دون ان يخالطه شئ من خارجه ، أي يفترض ان يبقى محافظا على تركيبه . ولايمكن للتباديل ان ينشأ بين مركبين مستقلين . ان اجراء التحويل بهذا المعنى يعد تعويضا بطريقة : سلب رتبة العنصر وتعويضه برتبة اخرى ما كانت له قبل الابدال . وفي كل الاحوال ينبغي ان نفرق بين الابدال بوصفه علاقة ، والابدال بوصفه عملية تحويل ليس بعلاقة . والنوع الاخير هو ما يهمنا في هذه الدراسة مالم نذكر خلاف ذلك .
ان الاشياء التي تحتفظ بترتيبها لاي سبب كان ، تكون في حالة تعويض متطابق Identical substitution ، فعلى مستوى الصورة الكتابية (( يد )) لها تبديل واحد فقط هو (( دي )) واذا أُريد المعنى او الدلالة فان (( يد)) تعويض متطابق طالما ان (( دي )) ليس لها معنى .اما اذا كانت ذات معنى فتنتفي صفة التطابق عنها .ان المسكوكات اللغوية كالحكم المأثورة تمثل تعويضات متطابقة دلاليا.
وقد تنشأ بسبب الابدال الترتيبي تعويضات دورية Syclic substitutio وهي تعويضات لها الغلبة كما سنرى ، وباختصار يمكن ان نطلق عليها دورة Syclic ، فلكل تبديل دورته ، هي طول الدورة وتساوي عدد العناصر التي طالها تغيير الترتيب ( = المنقولة من موضع الى آخر ) ، مثل :
((حان))  (( ناح )) : طول الدورة تساوي أثنين ،حيث ان حرف النون انتقل نقلتين ( = مرتبتين ) وكذلك حرف الحاء . فيما ثبت حرف الالف في رتبته . بينما :
(( حان ))  (( احن )) : طول الدورة اثنان .
أما المسافة التي للدورة فتقاس بعدد المراتب التي شهدت التحويل :
((حان))  (( ناح )) المسافة أربعة مراتب .
واذا ابتعدنا عن الصور الكتابية وتناولنا الفونيمات بأخذ الصورة الصوتية (( أجّج )) واجرينا عليها التحويل لتستحيل الى (( أجّج )) بابدال حرف الجيم الاول بمثيله الثاني ما يحتملا تغييراً في فونيماتيهما ( الاول مشدد بفتح والثاني غير مشدد وبفتح ) فان طول الدورة واحد لان التعويض جرى بين حرفين ، مشدد واخر مخفف .
جميع البنى مرتبة ، ولاتوجد بنية دون ترتيب ، وهذا ما ينبغي ان يكشف عنه التحليل . فالصلة بين مجموعة العناصروالعلاقة الداخلية ، صلة ترتيبية ، ذلك ان وجود عناصر الشئ امر سابق على وجود العلاقة بينها. فالبنية بوصفها زوج مرتب تتقدم فيها المجموعة على العلاقة وتجد هذه الحقيقة طريقها في الصورة الرمزية للبنية : ( م ، * ) حيث م تشير الى مجموعة العناصر كما يشير الرمز * الى العلاقة الداخلية . في الصورة الكتابية (( العراق )) يتجلى الترتيب . فلكل حرف فيها رتبة Order فحرف الالف هو الاول في ترتيبه وحرف اللام الثاني في ترتيبه وحرف العين الثالث في ترتيبه ... الى اخره . فتنشأ تقابلات بين كل حرف ورتبته ، وان اجراء التحويل يسفر عنه ترتيب اخر مثل (( العقار )) وهذا له صورة مختلفة وله مدلول مختلف ايضا ، وهو تعويض دوري . والرتبة عموما تشير الى محل الحرف في الصورة الكتابية : 1 ، 2 ، ... الى اخره .
على صعيد اللغة يمكن ان تجرى التحويلات طبقا الى الاساس التحليلي ، فعلينا ان نقرر سلفا هل المركب اللغوي صورة كتابية ؟ام فونيم ؟ ام سنتاكم ؟ ام معنى ؟ ام دلالة ؟ ام ... بعد ذلك نحصر عناصر المركب ومن ثم يمكن الحصول على سلسلة من التبديلات ، متواقتة مع سلسلة من التحويلات ، بمعنى تغيير الترتيب . ولنضع تصورنا في المثال الاتي حيث نقرر ان التبديل (( بحر )) هو صورة كتابية ، ونتخذه تبديلا اول ، صفري (ستتضح صفرية التبديل لاحقا) . ومن التبديل الصفري تتولد تبديلات محدودة ممكنة . عبر تغيير محل حرف بمحل حرف مجاور لتنظيم سلسلة التبديلات ، علما ان رُتب حروف التبديل الاول ، الصفري ، متسلسلة تسلسلا طبيعيا ( 1 ، 2 ، 3 ) :

التبديل الاول : ( ب ح ر ) ، الترتيب (1 ، 2 ، 3 ) ، المركب (( بحر ))
التبديل الثاني : ( ح ب ر ) ، الترتيب ( 2 ، 1 ، 3 ) ، المركب (( حبر ))
التبديل الثالث : ( ح ر ب ) ، الترتيب ( 2 ، 3 ، 1 ) ، المركب (( حرب ))
التبديل الرابع : ( ر ح ب ) ، الترتيب ( 3 ، 2 ، 1) ، المركب (( رحب ))
التبديل الخامس : ( ر ب ح ) ، الترتيب ( 3 ، 1، 2) ، المركب (( ربح ))
التبديل السادس : ( ب رح ) ، الترتيب ( 1 ، 3 ، 2 ) ، المركب (( برح ))

وهكذا استغرقنا كل التبديلات الممكنة للجذر اللغوي ( ب ح ر ) ، وعددها ستة تبديلات .
ولكن ما طبيعة الفرق بين تبديل واخر :
هل هو فرق في التركيب ؟ ام فرق في الترتيب ؟ ام في العلاقة ؟ ام في المعنى او الدلالة ؟ ام في اللفظ ؟
ونحن نجيب عن هذه التساؤلات لنتذكر ان ما نعالجه هو الصورة الكتابية ، دون ان يعني ذلك تضييق لفسحة البحث . فبالامكان النظر الى المركب على انه فونيمات او سنتاكم (مقاطع ) او دلالة او معنى وغير ذلك . انما نريد حصر الموضوع في مرحلة بسط اركانه في هذه المرحلة فاخترنا الصورة الكتابية اساسا للتحليل ، ما لم ننص على خلاف ذلك .
نلاحظ ان التركيب لم يصبه التغيير عند كل تبديل من التبديلات الستة ، فالحروف الثلاثة متوفرة في كل منها . فالتبديل يحافظ على التركيب .وبهذا المعنى فقط تكون علاقة التركيب ( التأليف ) علاقة ابدالية ، فالبنية في حالة الصورة الكتابية بنية ابدالية . الا انها ليست كذلك من جهة المعنى. اما علاقة التركيب فهي متوفرة دون ان يصيبها تغيير في كل تبديل من التبديلات . وحيث ان لكل تبديل ترتيب معين بتقدم وتأخر حرف عن حرف ، فثمة فرق في الترتيب بين أي تبديلين من التبديلات ، ويتلازم هذا الفرق مع فرق في المعنى . ان مفهوم التركيب الذي نأخذ به هنا ، يشير الى تأليف الحروف ، وبصفة عامة ما تحويه البنية من عناصر مرتبطة ببعضها .

3 ـ قوانين التباديل والتوافيق
ان عدد التبديلات يسمى التباديل ، ويحسب طبقا الى قوانين احصائية معروفة في علم الاحصاء ، تبين عدد التبديلات الممكنة دون ان تضيف أي شئ مميز ذي معنى ، من بينها :

القانون الاول : وينص على ان تباديل (ن) من الاشياء بأخذها سوية ودفعة واحدة يساوي مضروب ( ن):
ن ! = ن ( ن ــ 1 ) ( ن ــ 2 ) ...  2  1 فالصورة الكتابية ((بحر)) تتألف من حروف ثلاثة فان تباديلها بأخذها كلها دفعة واحدة دون ان ننقص منها حرف يساوي 3 ! = 3 2  1 . وكلما ازداد عدد الحروف ازدادت معها التبديلات ، وفي الوقت ذاته تظهر من بينها مهملات ربما عددها يفوق غير المهملات ذوات المعاني . ولايخلو سرد التبديلات من صعوبة ، الا ان هذه الصعوبة يمكن التغلب عليها بالصبر والاناة . ان تباديل الصورة الكتابية (( شروق)) يساوي 4 ! = 4 3  2 1 = 24 تبديل ، وهو عدد كبير دون شك . وافضل اسلوب لسرد هذا العدد من التبديلات لتوليدها دون اخطاء ، هو ان نثبت الحرف الاول من الصورة الكتابية الاولى في رتبته ونجري الابدال الترتيبي (= التحويل )على الحروف الثلاثة الاخرى فاذا ما فرغنا منها نجري الابدال الترتيبي بين الحرفين الاول والثاني من اخر تبديل من المجموعة الاولى فنثبت الحرف الاول في رتبته ونجري التحويل على بقية الحروف وهكذا حتى نتم المراحل الاربعة من عمليات التحويل .
والجدول التالي يبين رتب عناصر الصورة الكتابية (( شروق )) ، والذي يمكن الاستعانة به لسرد التبديلات كلها :

التقابل بين الحرف ورتبته
الرتبة 1 2 3 4
الحرف ش ر و ق



ان العلاقة بين التبديلات من هذا النوع التي يحصيها القانون الاول للتباديل ، علاقة دائرية . فبأي تبديل نبدأ سنحصل على التبديلات الاخرى . كما ان تسمية التبديلات تتم وفق اتخاذ الحرف الاول نقطة البدء في اجراء الابدالات ( التعويض بحرف بدل حرف ) حتى يستقر في الرتبة الاخيرة ، ثم نبدأ مجددا متخذين المسار ذاته فاذا ما استقر الحرف في الرتبة الاخيرة فنبدأ بدورة جديدة من الحرف الاول من التبديل ، وهكذا نجد ان الدورة الواحدة تبدأ بحرف وتنتهي به . وعلى هذا الاساس يمكن تصنيف التبديلات . وثمة تصانيف أُخر باتخاذ الحرف الاول اساسا للتصنيف . و كلا التصنيفين يرتبطان بعلاقة حسابية وهي : تتسا وى التبديلات التي تبدأ بحروف متشابهة .كما تتساوى التبديلات التي تنتهي بحرف معين وبمثل ذلك عندما يتوسطها حرف معين . وهذه الحقائق الاحصائية تتيح لنا تصنيف التبديلات على اساس ثبات الحرف في رتبته وما حوله يكون عرضة لتغييير ترتيبه . كما انها مفيدة ايضا في سرد التبديلات لجهة تجاوز الاخطاء المحتملة .
القانون الثاني : ان تباديل ( ن ) من الاشياء مأخوذ منها ( ر ) من الاشياء ، حيث ر 11 . ان اختلاف عدد التعاكسات للتبديلات يسمح بتصنيفها الى احد الصنفين : تعاكسا فرديا او تعاكسا زوجيا . وهكذا يمكن ان نطلق هاتين التسميتين طبقا الى التصنيف المزدوج مهما قل او كثر عدد التعاكسات . ومن الناحية الحسابية المحضة ، يعد انعدام التعاكس ذوقيمة مقدارها صفر ، وقد أُتفق رياضياتيا ان العدد صفر عدد زوجي . فتعاكس التبديل الاول زوجي وهذه صفة اخرى تضاف الى كل تبديل اول . وتعاكس التبديل الثاني فردي والثالث زوجي . ان زوجية التعاكس او فرديته سنطلق عليه نوع التبديل ، والاهتمام به يسمح لنا بضبط سرد التبديلات على الترتيب ، أي جعلها مرتبة في اطار العلاقة بينها . كما يسمح لنا بدراستها من زوايا متعددة . وعندما تضبط التبديلات بترتيب معين ينتج عن سلسلة الابدالات الترتيبية ، يظهر التعاقب بين نوعي التبديل . فالزوجي يعقبه فردي وهذا يعقبه زوجي وهكذا ... وينشأ عن التعاقب لنوعين من التبديل :الزوجيتان المتضادتان ( زوجي يعقبه فردي ) .

وفي الجدول التالي كشف لكيفية حساب التعاكسات ونوع التبديل والزوجيتان المتضادتان :

التبديل الترتيب عدد التعاكسات نوع التبديل الزوجيتان المتضادتان
بحر
حبر 1 2 3
2 1 3 صفر
1 زوجي
فردي التبديلان الاول والثاني
حرب 2 3 1 2 زوجي التبديلان الثلث والرابع
رحب 3 2 1 3 فردي
ربح 3 1 2 2 زوجي التبديلان الخامس والسادس
برح 1 3 2 1 فردي


ان هذا الجدول يتيح لنا استنتاج نتائج عدة يمكن تعميمها على التبديلات التي تجرى على الصور الكتابية للجذور الثلاثية ، وربما الرباعية والخماسية ايضا .
كل ابدال ترتيبي يغير من نوع التبديل ، وهذا ما اطلقنا عليه بظاهرة التعاقب .وان عدد التعاكسات الزوجية يساوي عدد التعاكسات الفردية . ولكل تبديل ، تبديل اخر معاكس له تماما : بحر / رحب . حبر / ربح . حرب / برح . أي من الممكن ايجاد تصنيف مزدوج لتبديلين متضادين ، يؤلفان زوجيتين متضادتين . كما ان التبديلات تتجلى على هيئة تناظرات احادية ،اوبتعبير اخر تقابلات احادية من نوع التناظر . كما يمكن تصنيف التبديلات على اساس الحرف المولّد . فالمجموعة الاولى مولدها الحرف الاول ( ب ) فعبر انتقاله من موضع الى اخر : ب .. .. ، .. ب .. ، .. .. ب تنشأ التبديلات الثلاثة الاولى . ومن ثم ، في التبديلين الرابع والخامس يكون المولد الحرف ( ح ) . واخيرا التبديل السادس مولده احد الحرفين ( ب او ح ) . أي ان عدد المولدات يتناقص تدريجيا حتى يصل الى نهايته ، فليس بعد الواحد الا الصفر في المتتالية الطبيعية المتناقصة ، أي انعدام التبديل. وبهذا نختتم الاستنتاجات .

5 ـ الحركة والسكون
ان بنية الكلمة في اللغة العربية ، طبقا الى صورتها الكتابية ( رسم الكلمة ) ، تتضمن الحركات الثلاثة المعروفة : الضم والفتح والكسر ، او انعدامها ، وهذا ما يطلق عليه سكون الحركة . وتتدخل الحركات في انتاج المعنى بنفس قوة تدخل الحروف . فالصورة الكتابية ( بر ) ان تم عزلها عن سياقها في الكلام ، تنفتح لاحتمالات عدة تقررها الحركات : بَر ، بُر ، بِر، بَرًَّ . فهذه كلمات مختلفة المعانى ، الا انها تتساوى تماما في التركيب والترتيب معا . اذن ، نحن بأزاء صور صوتية مختلفة ، هي ليست تبديلات مختلفة انما تمثل تبديل واحد . اضافة الى الفاظها غير مختلفة بمعيار صوت الحرف. فكيف ننظر الى هذه الظاهرة من زاوية التبديلات ؟. هنا لدينا تبديلان : بر ، رب . ولكل منهما اكثر من صورة صوتية مختلفة . بداية سنعتبر التركيب منوط بالحروف دون الحركات ،فما هي مكانة الحركات اذن ؟ ان ابدال حرف بحرف ينتج عنه تغير في رتبتي الحرفين ، كما رأينا ، مثلما ينتج عنه تغيّر في قيمة الحرف . وليس لنا إلاّ ان نعد حركة الحرف احد اوجه قيمته ، اما اوجهها الاخرى فتتجلى في الصورة الصوتية : فلفظ حرف مضموم يختلف عن لفظه مفتوحا او مكسورا او ساكن الحركة . فالحركات الثلاثة روائد الفاظ الحروف : الالف و الواو والياء ، أي بداية لفظ الحرف دون اتمامه . ذلك ان : لفظ الحرف المضموم ، هو اتحاد لفظ الحرف مع رائد لفظ الواو . ولفظه مفتوحا هو اتحاد لفظ الحرف مع رائد لفظ الالف . ولفظه مكسورا هو اتحاد لفظ الحرف مع رائد لفظ الياء . ونقصد برائد لفظ الحرف هو صوته عند منطقة الشروع باللفظ دون استطراد . فثمة فرق بين اللفظ ( رَب ) واللفظ (راب)، ويلاحظ ان الاعاجم الشرقيين يلفظون( رَب ) كلفظ الصورة الصوتية (راب) بمد حركة الفتحة لتتحول الى لفظ حرف الالف غير كامل المد مع اظهار واضح لصوت الحرف الاخير، كما لوكان مشددا. واذا ما استندنا الى حقيقة مطابقة الصورة الكتابية ( رسم الكلمة ) مع لفظها : مطابقة الدال مع المدلول . فان اللفظين المذكورين مختلفان من حيث رسمهما وتركيبهما ومن ثم صورتيهما الصوتيتين فاذن الصورة الكتابية لكل تبديل تحتمل صور صوتية مختلفة ، وبالتالي معاني ( او مدلولات ) مختلفة ، وان كانت تنتمي الى مصدر واحد او جذر واحد بنفس المعنى . ثمة قسم من المصادر غير محتملة التغير مثل : دينونة .
اذا ما لاحظنا الرسم ( شعر ) بوصفه تبديل من التبديلات ، فمع ثبات الرسم ( صورته الكتابية ) ، وثبات ترتيب حروفه ، فاننا نطلق العنان لتغير التشكيل الداخلي له ، أي اختلاف الحركات ، لنجد : شِعْر ، شَعَرْ ، شَعَرَ ... الى اخره . وهنا نخلص الى ان لكل تبديل تنويع . وتنويعات التبديل ليست من التباديل بشئ ، أي انها لاتزيد في عدد التبديلات . الا انه يمكن القول ان كل تبديل بمثابة هيكل قابل للتنوع على صعيد المعنى . وانه لامر عقيم ان نحسب عدد طرق افراز التنويعات للتبديل الواحد ، لسبب بسيط ان عدد المهملات يزداد باضطراد في هذه الناحية ، اضافة الى احتمال ان يكون اكثر من تبديل مهملا ( = لا معنى له ) .
ان عدد طرق تشكيل الصورة الكتابية المكونة من ثلاثة حروف مثلا ، مع ثلاثة حركات وسكون الحركة يمثل عددا كبيرا جدا . يحسبه مبدأ العد ( احد طرق الاحصاء ) ، مثلا الكلمة : كبر ، مؤلفة من ثلاثة حروف فان عدد الصور الصوتية للحرف الاول يساوي ثلاثة هي الحركات الثلاثة ( اقصينا منه السكون ) وعدد الصور الصوتية للحرف الثاني اربعة للحرف الثالث اربعة ايضا . وبهذا يكون اجمالي عدد الصورالصوتية للتبديل ( كبر ) محسوبة كما يلي :
عدد الطرق = 3 4 4 = 48 عدد الصور الصوتية.
وبصفة عامة اذا اردنا المعنى لمفردة منعزلة عن عبارة او جملة مكتوبة او معزولة عن الكلام ، فمن المتوقع بصفة دائمة ان تتخذ معان عدة مختلفة باختلاف حركات حروفها وهذا ما ندعوه بتنويع التبديل.



6 ـ التغيّرات المتقابلة بين رتبة الحرف ولفظه
من المؤكد ان تغيير رتبة الحرف من شأنه ان يغير من قيمته الصوتية ( اللفظ) فاللام في كلمة (( السمر)) لاتلفظ ، الا انها تلفظ واضحة في (( القمر )) . وايضا ،ثمة فرق ملحوظ بين الصورتين ،ومن ثم ، اللفظين التاليين : قامت و قامة . وينتفي الفرق اللفظي اذا وردت اللفظة ( قامة ) بداية الكلام او في محل اخر من الجملة او النص ، باستثناء المحل الاخير، حيث الوقف على ساكن . وهذا يعود الى أحكام صورة ولفظ كل من التاء الطويلة والتاء القصيرة . هنا نكون بازاء حالة متفردة من حالات متفردة اخرى للتبديل . ان اجراء الابدال الترتيبي على التبديل ( قامت ) يُبقي على صورة التاء ، فهي تاء طويلة في كل تبديل . مثل : قامت ، تقام ، قتام ، مقتا ، .. الى اخره . ولكن الابدالات الترتيبية على التبديل ( قامة ) سيحيل التاء القصيرة الى طويلة إن تغيرت رتبتها : قامة ، تقام ، امتق ، قتما ، .. الى اخره . وان الامر لايقتصر على تغير في هيئة الحرف بل يشمل ايضا التغير في اللفظ ايضا ، ناهيك عن الصور الصوتية . فالتبديلات متساوية سوى تبديل واحد هو ( قامة ) . فهل يعد ذلك فرق في التركيب ؟ انه سؤال هام لدرجة اننا نكون ملزمين باقرار وجود حرفين مستقلين : التاء الطويلة ( ت ) والتاء القصيرة ( ة ) ، اذا ما سلمنا بان الفرق يطال التركيب . وعكس ذلك نكون ملزمين بالتوافق مع الحقيقة المتداولة والقائلة بوجود حرف تاء واحد لا أثنين كما هو في جردة الحروف العربية ، اذا ما سلمنا ان الفرق لايطال التركيب . وفي كلا الحالتين لم نصب كبد الحقيقة . الاخذ بالرأي الاول ، تاليا ، يخبرنا بان كلا من ( قامت ) و( قامة ) هما تبديل واحد ، بدلالة ثبوت التركيب . والامر لاينتهي عند هذا الحد فما زالت المسألة قائمة ،اذ ما زال الفرق غير واضح . وتبدو محاولة مجدية اذا ما صنّفنا اجابتنا بحسب الصورة المكتوبة واللفظ ، على نحو مستقل . لنقول ان ( قامت ) و (قامة ) صورة كتابية واحدة ، وانهما تنويعان لتركيب واحد . والتنويع لايقف عند هذا الحد ، بل يتجاوزه الى تنويع ضمني اخر يتسع له اللفظ لا الصورة المكتوبة ( قامة) وفقا لاحكام اللفظ : التاء القصيرة تلفظ تاءا ان لم تكن في اخر الكلام ، وفي اخره تُقصى عن اللفظ ليحل محلها صوت الفتحة ( أي ميم بفتح ) . فالامر اذن ما زال منوطا بمصدر التنويع وهو الكلام لا الصور الكتابية ، وتحديدا: الالفاظ . ان الطبيعة الاستثنائية لهذه الظاهرة تكمن فقط بوجود تنويعات للتبديل الواحد يولدها الموضع الاخير لحرف التاء : يمكن ان تكون طويلة ويمكن ان تكون قصيرة . فالحركات الثلاثة الى جانب السكون لاتحتكر توليد التنويعات ، بل تشترك معها هيئة او صورة التاء .
لقد تكلمنا عن صورة حرف التاء ، وبمثل ذلك يمكن ان نتكلم عن حرف الالف . ان الصورة الصماء ــ ان جاز التعبير ــ لحرف الالف ( ا ) تحتمل عند لفظها احتمالات عدة تولدها همزتا الوصل والقطع وهذا يفرز تنويعين للتبديل من جهة ولهمزة القطع احتمالات تفرزها الحركات الثلاثة والسكون ، فالصور الموافقة للالفاظ تكون كما يلي : آ ، أَ ، إ ، أْ .
كما ان الهمزة لها وظيفة اخرى ، غير وظيفتها في فرز نوع حرف الالف ، انها في الصور المكتوبة : بؤبؤ ، نيء ، بئر ، مراءاة ، ... كما لوكانت حرفا مستقلا . وهي كذلك ايضا في اللفظ . فللهمزة مكانتها كما لوكانت حرفا من حروف الهجاء . ومع ذلك فهي ليست حرفا من حروف الهجاء . اذن ما هي الهمزة ؟ هل هي حركة من الحركات ؟ وهل هي قابلة للتصنيف ؟ ان تصنيف الهمزة امر ضروري لكي نتبين قيمتها او قيمها المحتملة سواء على مستوى الصور المكتوبة او على مستوى اللفظ . ان الفروقات على المسار الصرفي تختلف عن مثيلاتها على مسار تجليات الهمزة . ان التركيب (بؤ ) لفظه ( بُء ) وليس بوء ، هذا من جهة ومن جهة اخرى تُعرف الهمزة ــ ومن بينها الهمزة التي تظهر على حرف الالف ــ بانها همزة محمولة على حرف ( بئر ، ،بؤبؤ ،.. ) او مستقلة ( مراءاة ) . فصعوبة التصنيف تظهر لنا اشكالا من نوع اخرتدعونا الى تقبل الصورة المكتوبة بؤبؤ على انها مسكوكة غير قابلة للابدال الترتيبي باتخاذ الحرف كموضوع له . والا فأن التبديل ( ؤب بؤ ) ينقلب الى (أُببؤ)، ومن ثم ، الى (بّؤ) . ومع كل هذه الاعتراضات التي تكشفت عن مناقشتنا فما زالت الهمزة لاتقف مانعا في توليد التبديلات ، كما انها لاتعترض توليد التنويعات على التبديل . ولايمكن لنا الادعاء ان الهمزة حرفا من الحروف او انها حركة من الحركات . انها الهمزة فحسب ، وظيفتها متأرجحة مابين الحرف والحركة . وكذلك وجودها الصوري وحقيقتها اللفظية .
والخلاصة فيما يتعلق بهذه الملاحظة : ان هذه الاشياء الثلاثة : الالف والتاء والهمزة كل منها لها هيئات مختلفة في الصور المكتوبة وان عملية الابدال الترتيبي تمنحها هيئات مختلفة تبعا للرتبة في المركب . وان كل منها تشارك الحركات الثلاثة والسكون في توليد التنويعات .
ان تحليل الصورة الكتابية امرا يسيرا طالما نتخذ من الحرف وحدة للتحليل.الا ان الامر ليس كذلك بالنسبة الى اللفظ ،خاصة اذا كانت الصورة الكتابية لاترتبط بعلاقة التناظر الاحادي مع الوحدات اللفظية(الفونيمات ) . ان الصورة الكتابية ( طه ) تلفظ ( طاها ) حيث لايلفظ الالف الاخير كاملا : اكثر من صوت الفتحة واقل من صوت الالف . وبمثل ذلك لفظ الجلالة ( الله ) و( إله ) ، ومع ذلك ان هذه الظاهرة مقتصرة على حالات قليلة جدا في اللغة العربية الا انها تكاد ان تكون سمة عامة في اللغات الاوربية واللغة اللاتينية . وبافتراض وجود علاقة التناظر الاحادي بين الصور الكتابية والفاظها فمن اليسير تدوين وحدات الالفاظ كتابة ، مقاطع لفظية قابلة للتدوين . والامر سيان عندما يكون التحليل مقطعيا بدلالة وحدات الصورة الكتابية او بدلالة السنتاكم ( المقاطع الصوتية ) .
7 ـ التباديل في المقاطع الصوتية
عندما كنا صغارا ابتدعنا لانفسنا طريقة في الكلام : نجزئ فيها لفظ الكلمة الى مقطعين ونبادل بينهما بالتقديم والتأخير . مثل : مَ قا ، ونعني بذلك قامَ . فاذا اخذت بتكرار المقطعين مَ قا ستجد نفسك بعد لفظك اياها عدة مرات انك تلفظ المفردة قامَ لفظا معتادا ( مَ قا مَ قا مَ قا مَ قا مَ .... ) تؤلف لفظا طبقا للسان الى ( مَ . قام َ . قام َ ... ) . ولا يذهب بك الظن بأنّا كنا بنيويين بالفطرة ! بل كانت مجرد لعبة نلهو بها فتسعدنا .
اردت بهذا المثال ان ابين امكانية اجراء عملية الابدال الترتيبي على مستوى الفونيمات ايضا ، والتي يمكن ان نعبر عنها كتابة . ويبدو ان عملية الابدال الترتيبي كما هي في المثال لا ترقى الى العلاقة الابدالية ما لم يضاف لها شرط التكرار . وهذا بحد ذاته كاف لان نقرر: ليست كل عملية ابدال تفصح عن علاقة إبدالية . ان التقطيع الممكن للفونيمات لايسمح دائما بعلاقة إبدالية البتة ، وهذا هو الحال الغالب . الا ان الصورة الكتابية ذات المقاطع المتكررة تسمح بوجود العلاقة الابدالية . خذ مثلا : سمسم ، تحلل الى سم و سم فالعلاقة ابدالية بين المقطعين لان ابدال احدهما بالاخر ينتج عنه ذات الصورة المكتوبة وايضا ذات اللفظ والمعنى .
ولو ركزنا مناقشتنا على تحليل عناصر الصورة المكتوبة فنجد ان الخاصة التجميعية Associativeهي احدى خواصها . ولا تبدو الخاصة التجميعية هنا سوى اعادة بناء للمركب . لاحظ الصورة الكتابية : شعر ، وبغض النظر عن التشكيل الداخلي للكلمة . ان ما يجعل الصورة الكتابية بهذه الهيئة هو الترتيب دون شك . فالعلاقة التجميعية تسمح بهيئتين متساويتين لا ثالث لهما ، نضعهما في المتساوية التالية :
ش o ( عo ر ) = ( ش o ع ) o ر
ش o عر = شع o ر
شعر = شعر
هذا يعني ان العلاقة التجميعية تثبت صواب اجراء التقطيع بمعنى التحليل ، وبطرق مختلفة . شريطة التزام الترتيب. ان العبارة ش o ( عo ر ) ، تتضمن تحليل الكلمة الى حروفها مع ايضاح العلاقة وهي علاقة تركيب بدلالة الرمز o ، وان التجميع هو بحصر حرفين منها بين قوسين ، ما يعني ان عملية التركيب ستنجز اولا بين هذين العنصرين .
ان عناصر التحليل لاترتبط بعلاقة إبدالية اذا اعتبرنا المعنى او الدلالة ، مثل : شعر  عرش  رشع .وهذا صنو لسياقات التباديل . اما اذا اعتبرنا التركيب فكل هذه الصور الكتابية ما هي إلاصورة كتابية واحدة طالما بقيت محتفظة بعناصرها . ان ثبات التركيب ، دون الاهتمام بالترتيب صنو للتوافيق .

8 ـ المنوال
يتفق في قسم غير قليل من الصور الكتابية ان يتكرر فيها حرفا او حرفان وربما اكثر . كما في : أنمار،عمّار، سوسن ، بدد ، شفيف ، ... الى اخره . ويطلق على العنصر الاكثر تكرارا في مجموعة معينة بالمنوال Mode . ومن غير المبرر اعتبار الحرفين (س) و ( م ) منوالين في المفردة (سمسم) لانهما يتساويان في تكراريهما . ما يهمنا بالضبط من هذه الظاهرة هو تأثيرها على الهيئات المحتملة للتبديلات .لاتوجد اختلافات في الحقيقة بين التبديلات الخالية من المنوال وتلك التي تملكه . انما بوجود المنوال سيتعين علينا متابعة التبديلات ، عند حساب التعاكسات ، ومن حساب طول الدورة . وان الترقيم الاعتيادي لحروف مركب ما سيجعل الامر يسيرا . اضافة الى ذلك ان تجاور الحروف الاكثر تكرارا يفضي الى مضاعفة ذلك الحرف ، مثل عمّار . فهذا تبديل غير منقوص التركيب ، وتبديله الاخر (معمار) وغيرهما . ولكن اذا كان حرف الالف منوالا ، كما في : انمار ، فان في مثل هذه الحالة قد نضطر الى اقصاء تبديل او اكثر اذا ما تجاور حرفا الالف. اذ لامعنى للصورة الكتابية ( نماار) بالفين في الوسط . وكذلك الصورة الكتابية (نمراا ) بالفين في الاخر . ولكن يمكن الاخذ بالصورة الكتابية: اانمار ؟ هذه الصورة الكتابة لها تنويع واحد على هيئة تساؤل ، أأنمار؟ . ان ظاهرة المنوال تضيف اسبابا اخرى لبروز المهملات . اضافة الى انها لاتحافظ على التركيب احيانا .

9 ـ التباديل في الجمل
لننتقل الان الى مناقشة التباديل على مستوى الجملة المفيدة . ان وحدة التحليل هنا هي الكلمة ، او العبارة ، واذا ما كان نصا فالجمل . ان التبديل عند الجمل يمثل صياغة كلامية تفضي على المعنى تنويعات دلالية .
ان التساؤل : ( هل يوجد تصور بنيوي للكون ؟ ) يمكن اعادة صياغته بصياغات اخرى ، تتطلب اولا ان نحدد عناصره ومن ثم ، نبادل بينها ترتيبيا. ان التحليل الممكن لأي جملة تنطوي على عناصر مؤلفة من عبارات او كلمات ، ينبغي ان يبقي على المحتوى المعنوي ، او المعنى . ان تحليلنا يفرز العناصر الثلاثة الاتية القابلة للابدال فيما بينها وهذا شرط ضروري لسلامة الصياغات الاخرى :
1ــ هل يوجد 2 ــ تصور بنيوي 3 ــ للكون
( والارقام تشير الى رتبة التبديل الاول بوصفه موضوع للمناقشة ).

لدينا ستة تبديلات :
أ ــ هل يوجد تصور بنيوي للكون ؟ التبديل زوجي ( 1 2 3 )
ب ــ تصور بنيوي ، هل يوجد ، للكون ؟ التبديل فردي ( 2 1 3 )
ج ــ تصور بنيوي للكون ، هل يوجد ؟ التبديل زوجي ( 2 3 1 )
د ــ للكون ، تصور بنيوي ، هل يوجد ؟ التبديل فردي ( 3 2 1 )
هـ ــ للكون ، هل يوجد تصور بنيوي ؟ التبديل زوجي ( 3 1 2 )
و ــ هل يوجد للكون تصور بنيوي ؟ التبديل فردي ( 1 3 2 )

كل صياغة من هذه الصياغات ، تفصح عن طريقة ما ، او نبرة ما ، في الكلام . ومن المعروف ان وجود صياغات عدة بالتقديم والتأخير يفصح عن محايثة سايكلوجية تهيمن على المتكلم . ومن حسن حظنا ان علامات التنقيط في العربية تؤدي وظيفتها هنا لتقود سياق الكلام . فهي تفيد الوقف القصير. وليس عصيا الكشف عن تنويعات محتملة لكل صيغة ( لكل تبديل ) تولدها طريقة القاء السؤال . فالصياغة ( ج ) مثلا يمكن ان تقرأ بعدة طرق منها على سبيل المثال :
ان تقرأ العبارة ــ تصور بنيوي للكون ـ بطريقة يفهم منها التأمل حتى يخالك السامع انك تتسائل مع نفسك ، ثم تلقي بسؤالك برفق ــ هل يوجد . او ممكن ان تقرأ العبارة ــ تصور بنيوي للكون ــ بطريقة تهكمية ، ثم تتصاعد وتيرة صوتك ( هل يوجد ) وكأنك تنفي وجود مثل هذا التصور . وبمثل ذلك يمكن الكشف عن تنويعات مغايرة لتبديلات مغايرة . وبطبيعة الحال ان كل تبديل يفصح عن رؤية خاصة او حاجة خاصة للمتكلم ازاء فكرة السؤال . فانها تدل دلالة واضحة عن موقف المتكلم ، فصيغة السؤال تنطوي على الموقف دون شك . وعندما نقوم بمناقشة الجملة التقريرية ( يوجد تصور بنيوي للكون ) سوف لن يختلف الامر ، سوى ان صيغ السؤال قد اضافت تعقيدات احتوتها تنويعات كل تبديل . ولكن صيغ الجملة التقريرية ، أي التبديلات سوف تتضمن التركيز على عنصر دون اخر هو موضع المناقشة والاستنتاج .
ولكن هل علينا ان نحدد معيارا يبين أية صياغة ، هي ابلغ من سواها ؟ او ربما تتساوى صيغيتان في قيمتها البلاغية ؟
بطبيعة الحال سنركن الى ادواتنا التي استنتجناها من بحثنا هذا دون سواها . واعني بها نوع التبديل وعدد التعاكسات . ولنرَ فيما اذا كانت هذه الادوات تسعفنا في هذا الامر . حيال ذلك لابد وان نعيد سرد الصياغات متسلسلة ، من الجيدة تأليفا الى الاردأ تأليفا . هذه العملية بها حاجة الى معيار ربما يكون موضع خلاف فالاراء حول جودة التأليف تتبع امورا كثيرة من بينها الذائقة ما يجعل التصنيف محل نظر بصفة دائمة . . ومع ذلك سنجازف باعتبار السرد التنازلي التالي لجودة التأليف سيحظى بموافقة القارئ :

أ ــ هل يوجد تصور بنيوي للكون ؟ التبديل زوجي ( 1 2 3 )
و ــ هل يوجد للكون تصور بنيوي ؟ التبديل فردي ( 1 3 2 )

هـ ــ للكون ، هل يوجد تصور بنيوي ؟ التبديل زوجي ( 3 1 2 )
ج ــ تصور بنيوي للكون ، هل يوجد ؟ التبديل زوجي ( 2 3 1 )

ب ــ تصور بنيوي ، هل يوجد للكون ؟ التبديل فردي ( 2 1 3 )
د ــ للكون ، تصور بنيوي ، هل يوجد ؟ التبديل فردي ( 3 2 1 )

ان معيارنا في جودة الـتأليف هو تلك الحيادية التي تجعل من النص يتمحور حول فكرته ، دون ان تثير الكلمات اية اعتبارات تأويلية ، او تمهد لنفي او اثبات وجود ذلك التصور . والاستدلال على ذلك في مثالنا الحالي ، هو كلما قلت علامات التنقيط كلما كان التأليف افضل . ان علامات التنقيط معدومة في الصياغتين الاولى والثانية ( أ ، و ) . وهذا ما يجعلهما الافضل . ان دور هذا المعيار ينتفي عندما ننتقل الى المرحلة الثانية في مسار محاولة الحصول على الاجابة الشافية لتساؤلنا عن الاعتبارات التي تجعل من صياغة معينة افضل من الاخرى بلاغيا ، او على مستوى التأليف في الاقل .
ان الركون الى نوع التبديل يجعل من التبديل الاول معيارا لجودة التأليف ، وهذا بحد ذاته انحيازا غير مبرر، كما ينفي الصفة الدائرية للتبديلات. اذ إن المعايرة ينبغي ان تتخذ اسسا موضوعية ، تضع جميع الصيغ على خط شروع واحد. ولكن يصح اتخاذ تكرار علامات التنقيط معيارا تفاضليا هنا للسبب المذكور . بمعنى ان العلاقة عكسية بين تكرارعلامات التنقيط وجودة التأليف . فكلما انخفض عدد تلك العلامات كلما ازدادت الصياغة جودة وحسن بيان ، والعكس بالعكس ان ذلك من شأنه ان يبعد شبهة الانحياز المسبق لصيغة دون اخرى . الا ان ذلك ليس بكاف على اية حال ، كما انه لايشكل قاعدة يمكن تعميمها على جمل او نصوص مغايرة . فكثيرا من النصوص تنطوي على سرد يعدد فيه صفات او خصال او نحو ذلك ما يتطلب ــ او يسمح ـ بترصيعها بعلامات تنقيط تتناسب مع عدد المعدودات .
وعلى افتراض ان خيارنا الذي يمنح التأييد للصياغة الاولى بوصفها افضل صياغة ، خيار غير متحيز، فان المعيار الذي سنستخدمه في المرحلة التالية التي تفسر جودة او ضعف التأليف سينبني على طول الدورة ، لكل صيغة ( أي لكل تبديل ) من الصيغ المذكورة . ان الصياغة الثانية ( و ) لها طول دورة يساوي واحد ذلك ان العنصر الثاني رُحل على مسافة رتبة واحدة ، فان طول الدورة يساوي واحد . وهذه الصياغة قد احتلت مكانة افضل صياغتين في المجموعة .اما اردئ صياغتين اتصفتا بضعف ملحوظ في التأليف فهما الصيغتان ( ب ) و (د ) . اذ نلاحظ ان الصياغة ( د ) لها دورة طويلة هي الاكبر على وجه الاطلاق حيث ان ترحيل العنصر الاول تطلب الانتقال عبر مرتبتين وكذلك العنصر الثالث ما يجعل طول الدورة يساوي اربعة . اذن يمكن الآن تقبل القاعدة الاجمالية التالية : كلما قصرطول الدورة كلما ازداد التأليف جودة ، فالعلاقة ايضا عكسية . وفي الحقيقة ان طول الدورة يعد في مثل هذه الحالة مقياسا للتشتت Dispersion ، يفصح عن تباعد او تقارب مكونات الفكرة ، اي العبارات الدالة على تلك المكونات . فاذا ما كان التشتت قليلا او كبيرا فهو يدل على مدى قرب المكونات الى بعضها او تباعدها عن بعضها على الترتيب. وكلما قل التشتت ازداد تجانس التركيب . ويتجلى التجانس عندئذ باساليب بيانية وبلاغية .
ما ندعوه بتنويعات التبديل تحدث كقيمة متغيرة من علاقة التبديل مع تبديلات اخرى في النص او العبارة او الجملة .
ويمكن بسهولة اثبات الخاصية التجميعية على صياغات من هذا النوع ، بالاسلوب ذاته الذي اعتمدناه في مناقشاتنا لتحليل الصور المكتوبة والفاظها .
وهكذا يمكن اعادة تأليف الكثير من النصوص ، وتلك السرديات المعنية ببسط الافكار . وفقا للمعيارين المذكورين .

10 ـ التبديلات المنعكسة
بقي ان نذكر صنفا اخر من التبديلات ، سنطلق عليه التبديلات المنعكسة Reflexive . بداية لنوضح مفهوم الانعكاس ، وكيف يمكن الكشف عن الظاهرة الانعكاسية او اصطناعها . وكالعادة سنتخذ المفهوم الرياضياتي منطلقا في بسط المفهوم .
لكي يتحقق الانعكاس يجب ان يكون ثمة حاجزا يتم انتقال الشئ عبره فيتقابل وانعكاسه على جانبي ذلك الحاجز . وبالافادة من نظام الاحداثيات الديكارتية لنفترض وجود النقطة في المستوي . ومعروف ان اية نقطة في هذا النظام تتحدد بقيمتين متقابلتين : قيمة مقتطعة من المحور الافقي مقابل قيمة اخرى من المحور العمودي . وجرت العادة ان يرمز لاية نقطة في المستوي بالزوج المرتب ( س ، ص ) ليشير الرمز س الى القيمة الافقية ، فيما يشير الرمز ص الى القيمة العمودية . واذا ما كانت بين ايدينا نقطة فعلية فيحل محل الرمزين قيم عددية سالبة او موجبة . مثل ( 3 ، 6 ) أو ( ــ4 ، 5 ) وغيرهما . ثمة مالانهاية من النقاط في المستوي . الا ان المركبات اللغوية نهائية ، بمعنى انها قابلة للحصر، ولو على مستوى التصور .
ان انعكاس نقطة عبر أي محور من المحورين هو في الحقيقة نقطة اخرى . ولان كل نقطة لها صورة واحدة فقط في المستوي ، وان كل نقطتين مختلفتين لهما صورتان مختلفتان ، لذا فان الانعكاس يمثل تطبيقا شاملا ومتباينا . وبعبارة اخرى ان الانعكاس تطبيق تقابل . فانعكاس النقطة ( س، ص ) عبر المحور العمودي هو النقطة ( ــ س ، ص ) . وانعكاس النقطة الاخيرة عبر المحور ذاته هو النقطة الاولى . بمعنى ان النقطتين ( س، ص ) و ( ــ س ، ص ) احدهما انعكاس للاخرى عبر المحور العمودي .
وبمثل ذلك ان النقطتين ( س ، ص ) و ( س ، ــ ص ) احدهما انعكاس للاخرى عبر المحور الافقي . واذا ما اطلقنا العنان للكشف عن الانعكاسات على منحى دائري سلنتقي بالنقطة الاولى التي انطلقنا منها . ان الامر يحاكي عمليا سلسلة التبديلات المتولدة عن تغيير ترتيب عناصرها كما تقدم ، بما في ذلك تغيير قيمة العنصر.
تتولد التبديلات لصورة كتابية عبر علاقة التركيب ، ولكن الانعكاس يتم عبر عارضة تفصل بين منطقتين هما جزء من مستوي معين . والعارضة ليست بعلاقة ولا تقوم مقامها ، لانها تمثل فاصلا بين تبديلين حسب . ووظيفتها شبيهة تماما من هذه الجهة بالترتيب عندما يتغير . ان تحديقنا في المرآة يرينا وجهنا المنعكس كما لوكان موجودا خلف سطحها ، سطح المرآة يمثل فاصلا بين ترتيبين . لذلك تكون الجهة اليمنى للوجه في الحقيقة جهة يسرى في انعكاسها في المرآة . ولهذا السبب ان التبديل المنعكس يحافظ على التركيب تماما كما هو الامر مع تبديلات الصورة الكتابية . وبطبيعة الحال ثمة اختلافات بين التبديل بصفة عامة والتبديل المنعكس . الا ان الاخير مستوفيا لكافة شروط وخصائص التبديل التي ذكرناها فيما سبق .
ان التبديلات الاتية تبديلات منعكسة : سام / ماس ، امس / سما ، اسم / مسا
كذلك : بان/ناب ، ابن / نبا ، انب / بنا
ايضا وبأربعة حروف : ديار / رايد ، يدار/ رادي ، يادر / رداي ، يارد / دراي ، ايرد / دريا ، اريد / ديرا ، اردي / يدرا ، داري / يراد ، دريا / ايرد ، ديرا / اريد ، رديا / ايدر ، ادري / يردا .
والامثلة السابقة تفصح عن تضمين التبديلات لظاهرة الانعكاس ، وتضمينها لظاهرة التنويعات ، في الوقت ذاته. الامر الذي يسمح بتعدد اوجه التصنيف للمركبات .
ان التبديل المنعكس يتخذ هيئة اخرى في العبارات . فقولنا : ثورة البركان ، مختلف من حيث المعنى عندما نقول ، بركان الثورة . ان الابدال بتغيير الترتيب رافقه تغيير ملحوظ في قيمة الكلمتين . ويتجلى التغير في القيمة برفع (الـ) التعريف من احدهما ومنحه الى الاخر، وهو تغيير نحوي دون شك ، وان شئت فهو كلامي . وبسياق موازٍ فان المعنى يتغير ايضا . وهذان هما شرط التبديل عموما بما في ذلك التصريف التباديلي لصورة مكتوبة. ان العبارة ( مريم زوج احمد ) ليست تبديل لعبارة ( احمد زوج مريم ) لان هذا التحويل وان حصل فيه الابدال بين طرفي العلاقة ، وحافظ على التركيب الا انه يفتقد الى الشرط الثالث : تغير المعنى . في هذا المثال نصف العلاقة فقط بانها إبدالية لان عملية الابدال لم تغير من المعنى الحقيقي .
ان التغيير في القيمة في العبارتين المنعكستين : التغيير الثوري و ثورة التغيير . تغيير مضاعف يتجلى في رفع او احلال (الـ ) التعريف اضافة الى تغيير الصيغة الصرفية ــ الثوري ، ثورة ـــ
ومن السهولة ملاحظة ان لكل تبديل تبديل آخرمنعكس وهذا ما يسمح لنا باقرار صفة الانعكاس في علاقة التركيب . ومن المناسب التشديد على ان يكون التبديل المنعكس احدى التبديلات الممكنة . ان تبديلات العبارة المؤلفة من كلمتين لها تبديلان حسب . فالامر مشابه لتبديل حرفين كما سبق ذكره . ولربما يمكن ان نحصل ايضا على تنويع او اكثر من التبديل المنعكس شأنه في ذلك شأن التبديلات بصفة عامة . فالتبديل : (التغيير الثوري) له تنويع، هو :تغيير الثورة . وكذلك للتبديل المنعكس : ثورة التغيير له تنويع ،هو: ثورية التغيير . ولايعد التبديل منعكسا الا اذا ذُكر في مقابله تبديله الاصلي الصفري . فكل منهما انعكاس للاخر ، ويشكلان معا مادة تحليل ظاهرة الانعكاس . وغالبا ما تكون ظاهرة التبديل المنعكس موضوعها الافكار والمفاهيم .

11 ـ معجم التصريف التباديلي
هل يمكن حقا تأليف معجما بالتصريف التباديلي؟ ان ذلك ممكنا بكل تأكيد ...
ان مسار هذا المشروع يمر بمراحل ، الصفة الاساسية في كل منها دقة احصاء التبديلات،
الى جانب دقة اجراء الابدالات الترتيبية، بمعنى سرد التغيرات في الترتيب . ذلك ان المحافظة على هذين الشرطين تسمح بوضع تصورات هامة حول اللغة والكلام تضاف الى علوم اللغة العربية . ويمكن تصنيف المراحل المشار اليها الى قسمين : الاول وهو الاساسي ، يهتم بسرد التبديلات. والثاني يقرر تنويعات كل تبديل من التبديلات التي يتفق بأنها ليست من المهملات .
ومن المفيد جدا ان نطّلع على العدد الاجمالي للتباديل ــ أي عدد التبديلات ــ مع تنويعاتها الممكنة ، الا انه ينبغي ان يرافق الجهد المبذول في بسط هذه التبديلات مع تنويعاتها ، جهدا آخر يرمي الى اقصاء المهملات . و ليس من الترف الفكري ان نتسائل عن امكانية ضم ما يعتقد انه لفظا مهملا ، الى جردة الكلمات ذوات المعاني على اساس المعيار الصوتي . ربما ذلك يفضي الى كشوفات على صعيد المعنى يشتق من صوت الحرف او صوت المقطع الصوتي مقارنة برصيده المعنوي في الكلام .
الجدول التالي يبين احصائيا عدد التبديلات الممكنة لتباديل حروف هجاء اللغة العربية على اساس التركيب ( أي المدونات من الحروف ) ، آخذين بنظر الاعتبار في ما يتعلق بالتنويعات لكل تبديل بأن الحرف الاول لايكون ساكن الحركة.وان الهمزة بانواعها سواء كانت مستقلة او مقرونة بحرف من حروف الهجاء لاتؤدي وظيفة انتاج تنويع للتبديل ، ويستثنى من ذلك احكام الهمزة على او اسفل حرف الالف . ونعتقد ان الهمزة المرافقة لحرف تمثل ضرورة لفظية ليس غير. مثل : (يودي ) تكتب ( يؤدي ) اذا كان المقصود من( يودي ) ، يسفر عن او يقود الى . اما اذاكان المقصود ب ( يودي ) يقضي عليه كقولنا : يودي به ، فلاحاجة اذن للهمزة فوق الواو . وعلى أي حال ان الحالات الخاصة يمكن الوقوف عندها عندما نعاين تركيب ما ، منظورا اليه على انه تركيب قابل لتغيير ترتيبه ومن ثم قابل لاستيعاب تنويعات له . ان الاساس الاحصائي لحساب عدد التبديلات لمركب يتألف من ثلاثة حروف سيكون كما يلي : الحرف الاول يكتب بطرق ثلاثة هي عدد الحركات الثلاثة ( أي نستبعد سكون حركة الحرف الاول) ، والحرف الثاني يكتب باربعة طرق هي عدد الحركات اضافة الى سكون الحركة ، والحرف الثالث يكتب باربعة طرق هي عدد الحركات الثلاثة مع سكون الحركة . وبذلك يكون عدد طرق كتابة أي تبديل: يساوي 3  4 4 = 48 . وكقاعدة عامة فان عدد طرق كتابة الحرف الاول يكون ثلاثة والحروف التالية له تكتب باربعة طرق . وسنعتبر ان اكبر عدد من حروف الكلمة في اللغة العربية هي خمسة حروف وسنهمل ذوات الحروف الستة لقلتها ، ما ينتج عنه مهملات كثيرة العدد جدا .






جدول احصائي بتباديل حروف الهجاء العربية

اختيار ر حرف من 28 حرف التباديل
( عدد التبديلات ) التنويعات لكل تبديل مجموع التنويعات لكل التبديلات
تباديل 28 حرف بأخذ حرفين : 2 ل 28
756 12 9075
تباديل 28 حرف بأخذ ثلاثة حروف
19656 48 943488
تباديل 28 حرف بأخذ ثلاثة حروف
491400
192 94348800
تباديل 28 حرف بأخذ خمسة حروف : 5 ل 28
11793600 768
9057484800
المجموع 12305412 1020 9152786163

ان التسعة مليار ونيف من الصور الكتابية التي تفصح عنها الاحصائيات المذكورة تتضمن مهملات بعدد كبير جدا دون شك . ولا نعرف على وجه الدقة كم هو عدد المهملات ، والامر منوط بمعاجم اللغة الشاملة لكل كلمات اللغة العربية او في الاقل جذورها والتي معها يمكن ان تصاغ الصيغ الصرفية . اننا ندعو المختصين بالمعاجم ان يدلوا بدلوهم في هذا حفاظا على مفردات اللغة العربية من الاندراس او التحوير . وحسبنا اننا قدمنا الفكرة واسلوب العمل .
ورغبة في الاحاطة الشاملة بهذا الموضوع ، وايضاح الجانب الحديث في اطروحاته لابد ان نمر بالافكار التي مسته في التراث الفكري العربي وفي الفكر المعاصر . ولقد اخترنا ما ذكره الجرجاني في كتابه المعروف (( التعريفات )) كعينة تمثل ما جاء في التراث العربي ، وسنجد ، من خلال العرض ، انه يزاحم بقوة وثبات تلك الافكار التي نصفه بالمعصرة والتي جاءت غير متماسكة . وسنعرض لها عبر اسهامات فردنان دي سوسو ، ورلان بارث ، وآخرون ...

13 ـ الظاهرة الابدالية لدى الجرجاني
في كتابه التعريفات يبسط الجرجاني مفاهيمه حول الابدال عبر مفهومي الاشتقاق والتجنيس. ولابد ان نمر على تلك المفاهيم التي تشكل مفاهيم جزئية لمقولتي الاشتقاق والتجنيس ، وهي : النظم والتركيب والترتيب واللفظ والمعنى والنص وما الى ذلك .
يرى الجرجاني بان ( النظم تأليف الكلمات والجمل مترتبة المعاني ، متناسبة الدلالات على حسب ما يقتضيه العقل . وقيل الألفاظ المترتبة المَسُوقة المعتبرة دلالاتها على ما يقتضيه العقل ) ( 1 ). وفي المفهوم نلحظ اقصاء للمهملات ( وهي الالفاظ غير الدّالة على معنى بالوضع ) (130) . ويبدو ان التركيب اضيق من التأليف حيث يقصر موضوعه على الكلمات دون الجمل ، اذ ان ( التركيب جمع الحروف البسيطة ونظمها لتكون كلمة ) (37 ) . وانه ايضا ( كالترتيب ، لكن ليس لبعض اجزائه نسبة الى بعض تقدما او تأخرا ) ( 37 ) . فالتبدلات التي تصيب الترتيب لاتصيب التركيب باي حال . ذلك ان ( الترتيب جعل كل شئ في مرتبته . وفي الاصطلاح هو جعل الاشياء الكثيرة يطلق عليها اسم الواحد ، ويكون لبعض اجزائه نسبة الى البعض بالتقدم والتأخر )( 36 ) . ان وصف التركيب كالترتيب مشابهة بينهما يقودنا الى الاعتقاد بان الجرجاني يمنحهما صفة العلاقة . وهذا امر فيه نظر . فالترتيب لابد وان يكون ملازما للتركيب والا فقد المركب تركيبه . فالتركيب يتطلب ترتيب العناصر الناظمة له ليطلق عليها اسم الواحد بحسب تعبيره . ويمكن القبول بفكرة ان التركيب يمثل علاقة تنتج شيئا مركبا . الا ان الترتيب فيه انما هوإحدى تحولاته ولايمثل فيه علاقة . بمعنى انه عملية تغيير رتب الاشياء داخل المركب . فلايوجد مركب دون ترتيب البتة ، وذلك بفضل الفرق بينهما لا تجاوزا له . وطالما ان ( التغيّر أنتقال الشئ من حالة الى حالة اخرى ) ( 40 ) فأنه يطال الترتيب دون التركيب ، حيث ان التغير مكافئ للتغيرات التي تطال قيم عناصر المركب ، فالتغير ملازم للترتيب ويحصل بوقوعه . اما ( التغيير ـ الذي ـ هو إحداث شئ لم يكن قبله ) (40) . فانه يطال التركيب حتما دون الترتيب او كليهما معا . ان الانتقال من التبديل( در) الى التبديل (رد) يحمل معه تغيّر لا تغيير ، تغيّر في الترتيب وبالتالي في القيمة . اما الانتقال من ( در) الى (درب) أو (أدر) فهو انتقال بفعل التغيير ، وقد طال التركيب .
اما كون( اللفظ ، ما يتلفظ به الانسان او في حكمه ، مهملا كان او مستعملا ) (108 ) ، فليس في هذا التعريف شيئا يميز اللفظ او يحدُّه . ولكن لن نيأس من الوقوف على مفهوم اللفظ عنده ولابد من ذلك ولو باستنباطه من تعريفات أخرى لأهمية اتصالها بالمفاهيم التي نُعاينها الان .ومن اللفظ ما هو خاص ، ذلك ان (الخاصّ : هو كل لفظ وضع لمعنى معلوم على الانفراد . المراد بالمعنى ما وضع له اللفظ عيناً كان أو عرضاً ، وبالانفراد اختصاص اللفظ بذلك المعنى . وإنما قيّده بالانفراد ليتميّز عن المشترك ) (57 ) . ان (الكَلِمَة هو اللفظ الموضوع لمعنى مفرد (104) فاللفظ اذن هو مجموع اصوات حروف الكلمة وهذا يكافئ ما ذهب اليه دي سوسور في مفهومه للفونيتك والتي تقابل في الذهن صورة سمعية لها مقابل هو المعنى ، ولدى رولان بارث هو المفهوم ( رقم الصفحة ) . ويتصل مفهوم الكلمة هذا بمفهوم آخر هو المعنى (ما يقصد بشئ) ( 122 ) . وثمة تراكيب لاتحتمل إلا معنى واحد ( فالنص : ما لايحتمل إلا معنى واحدا وقيل ما لايحتمل التأويل )( 132 ). وهذا يكون موضعه في الاغلب عند الجُمل.
اذن ما يتلفظ به الانسان وهوما يسمى اللفظ قابل للتصنيف : مهملا لامعنى له ، ومستعملا لانه يدل على عين او عرض .
وفي موضوع الاشتقاق يقول الجرجاني بأن ( الاشتقاق نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنى وتركيبا ومغايرتهما في الصيغة ) ( 22) . ولابد من مناقشة هذا التعريف الهام الذي يتضمن اربعة مفاهيم : اللفظ والمعنى والتركيب والصيغة . ان التعريف يشير الى لفظين لا لفظ واحد احدهما مشتق من الاخر. ان توسعة الشرط ليشمل مناسبتهما في التركيب امر مربك. ذلك ان مغايرتهما في الصيغة لايتوافق مع مناسبتهما في التركيب .ناهيك عن حقيقة ان اختلاف اللفظ في الغالب يفضي الى اختلاف المعنى ، والنادر حصول العكس ، الا انه ليس بمعدوم . ومع ذلك اذا سلمنا بان اللفظين المنزوعين من بعضهما كما هو حال الصيغ الصرفية متناسبان في التركيب فيتطلب احد امرين : اما ان يكون المقصود بالمناسبة هو ان يكون اللفظ مثل ذاك اخذين بنظر الاعتبار بان (النسبة ايقاع التعلّق بين الشيئين )(132). او الاخذ بمفهوم التطابق بين لفظين ، الذي يتحقق بوجود عنصر ، هو في الغالب مقطع مشترك بينهما . ويطلق عليه التطابق الدايكروني ( 3 ) .
وفي كلا الحالتين فالاختلاف في الصيغ الصرفية يحمل معه اختلاف في التركيب : اضافة حروف ، او انقاص من الحروف ، او الحالتين معا . الامر الذي يؤدي الى عدم ثبات التركيب . الا ان الاصناف الثلاثة للاشتقاق لاتثير المشكلة ذاتها .. انما تعوزها أَحكامها في اللفظ او التركيب او الترتيب او المعنى :
( الاشتقاق الصغير: هو ان يكون بين اللفظين تناسب في الحروف والترتيب .نحو ضَرَب من الضَرْب )
( الاشتقاق الكبير : هو ان يكون بين اللفظين تناسب في اللفظ والمعنى دون الترتيب . نحو جبذ من الجذب )
( الاشتقاق الاكبر : هو ان يكون بين اللفظين تناسب في المخرج . نحو نعق من النهق ) (22) .
الاستنتاج الممكن هنا هو ان الاشتقاق بصفة عامة يفصح عن احوال لفظين و ان التناسب لايعني ثبوت التركيب ، وان اللفظ هو صوت الحروف بغض النظرعن ترتيبها .
وتسهيلا للمقارنة بين التعريفات الاربعة افرغنا عناصرها في الجدوليين التاليين . ففي الجدول الاول يتضح كل نوع من الاشتقاق واحوال اللفظين فيه من حيث هما لفظان ومن حيث تركيبهما وترتيبهما ومعناهما وصيغتيهما الصرفيتين . اما الجدول الثاني فانه يمثل مصفوفة Matrixe للمشتركات بين اشتقاق وآخر( = التناسب حسب الجرجاني ) . وقد وضعنا الخط الطويل ليدل على انعدام وجود مشترك بين الاشتقاقين المتقابلين في الجدول وعلامة × المكررة ليعني حالة التطابق التام بين الاشتقاق ونفسه . اما الخط الطويل ( ـــــــ ) يشير الى خلو التعريفات من ذكر للصلة بين الاصطلاحين . ولم نشأ الاجتهاد في ملئ الحقل الفارغ تفاديا لتحميل التعريف ما لايحتمل .
ان قراءة الجدول الاول تتم على اساس اتخاذ الاصطلاح الموجود في العمود الاول وقد ذكرت امامه صلته بخمسة متغيرات هي : اللفظ والتركيب والترتيب والمعنى والصيغ . وهكذا المصطلح الثاني فالثالث والرابع. اما الجدول الثاني فهو يمثل صياغة اخرى للجدول الاول ولكن على هيئة مصفوفة تفصح عن اوجه اتصال المصطلحات ببعضها . والخلايا الفارغة فيه ليست من الضرورة املاؤها لانها تمثل تلك الصلات التي تم تدوينها في خلايا اخرى مملوءة .

الجدول رقم (1)
التناسب بين لفظين احدهما مشتق من الاخر
من حيث اللفظ والتركيب والترتيب والمعنى والصيغ
اللفظ
التركيب الترتيب المعنى الصيغ
الاشتقاق متناسبان متناسبان ــــــــــــــــــ متناسبان متغايران
الاشتقاق الصغير ــــــــــــــــــ متناسبان
في الحروف متناسبان متناسبان ــــــــــــــــ
الاشتقاق الكبير متناسبان ــــــــــــــــــ غير متناسبين متناسبان ـــــــــــــــ
الاشتقاق الاكبر متناسبان في المخرج ــــــــــــــــــ ـــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــ





الجدول رقم (2)
اوجه التناسب بين الاشتاقات الاربعة
( مصفوفة التناسب )
الاشتقاق الاشتقاق الصغير الاشتقاق الكبير الاشتقاق الاكبر
الاشتقاق ××××××××××× التركيب ، المعنى اللفظ ، المعنى اللفظ
الاشتقاق الصغير ××××××××××× المعنى ــــــــــــــــــــــ
الاشتقاق الكبير ××××××××××× ــــــــــــــــــــ
الاشتقاق الاكبر ××××××××××


ان التعاريف المتقدمة لاتنظر الى الكلمات بصورها حسب ، بل بتناولها كالفاظ وما تدل عليه من معنى . لذلك من الصعوبة الاخذ بناحية من هذه النواحي والكشف عنها في كل اشتقاق من الاشتقاقات المذكورة . وحده الاشتقاق الكبير يعد تبديلا ومستوفيا لشروطه التي تبنيناها . فهو يركن الى الى ثبات التركيب . اما الاشتقاقان الاخران الاكبر والصغير فهما بعيدان كل البعد عن التبديل . فالاول معني بالصيغ الصرفية التي تسمح بتغيير التركيب : اضافة حروف او حذف حروف . والثاني معني باللفظ حسب ، بمعنى الفونتيك ، بمطابقة مقطع صوتي مع صفته ( نعق من النهق ) .
وبصفة عامة فأن ما يعنى به الجرجاني اللفظ الدال على معنى ، وبشكل ادق : المعنى ومتعلقاته ، جاء به في قوله ( المعاني : هي الصور الذهنية من حيث إنّه وُضِع بأزائها الألفاظ والصوّر الحاصلة في العقل. فمن حيث إنها تُقصد باللفظ :سميت معنى ، ومن حيث إنها تحصل من اللفظ في العقل: سميت مفهوما ، ومن حيث إنه مقول في جواب ( ما هُو ): سميت ماهية ومن حيث ثُبوتُه في الخارج :سُميِّت حقيقة ، ومن حيث امتيازُه عن الأغيار: سُميِّت هَوِيَّة ) (122) . ان الاساس الذي ينطلق منه تصنيف المعاني على ما ذهب اليه الجرجاني هو التقابل بين الصور الذهنية والالفاظ ومحله الذهن لدى المتكلم من جهة ، والعقل لدى المستمع من جهة اخرى .وفي هذين الحالين فرق كبير دون شك هو كالفرق بين الذهن والعقل .
فيمكن فرز ثلاثة مستويات تتواجد عندها المعاني ، هي في الاجمال نطاقاتها في الاستعمال :
المستوى الاول : وفيه مكونا دائرة الكلام . ما يلفظه المتكلم هو( المعنى ) المقصود ، وما يلتقاه المستمع هو (المفهوم ) الحاصل من اللفظ في العقل .
المستوى الثاني : الماهيات ، وهي حالة مُحفزة بفعل خارجي ( ما هو ؟) لاستدعاء لفظ ذي معنى مخزون
المستوى الثالث : الحقائق من حيث هي مدلولات التي تشير اليها الادلة اللفظية في الكلام .
للاشياء عامة وجودا متعدد الاوجه تدور كلها حول الشئ ذاته . وفي الفقه الاسلامي يتمثل هذا الوجود في في اربعة اوجه : مثلا النار
وجودها العيني ــ هو حقيقتها وجوهرها المحرق .
وجودها الذهني ــ وهو انطباع صورتها في الذهن
وجودها العباري ــ وهو التلفظ والنطق بكلمة ( نار )
وجودها الكتابي ــ وهو نفس لفظ ( ن ا ر )
فالوجود العيني هو الحقيقة ، وما بقي دال عليه وليس نفسه ، اذ لوكان نفسه لاحترق اللسان بالنطق بكلمة نار . ولاحترق الورق عند كتابتها عليه (4) .
من بين أربعة انواع للتجنيس ، يظهر الابدال بمعنى التغيير في اثنين منها . الاول (التجنيس المضارع : وهو ان لاتختلف الكلمتان إلا في حرف متقارب كالذاري والباري ) والثاني ( تجنيس التصريف : هو اختلاف الكلمتين بابدال حرف من حرف ، اما من مخرجه كقوله تعالى : (( وهم ينهَون عنه وينأون عنه )) ، او قريب منه كما بين المفيح والمبيح)(35). وهذان التعريفان لايمداننا بمفهوم للابدال الذي يحافظ على التركيب . وليس ثمة ما يبرر عدولنا عن المفهوم الذي تبنيناه . وحده مفهوم الحكاية يتفق تماما مع التبديلات التي تجرى على الجُمل حيث ان : ( الحكاية : استعمال الكلمة بنقلها من المكان الاول الى المكان الاخر مع استبقاء حالها الاولى وصورتها )(54) ، ففي هذا التعريف يرد مفهوم صورة الكلمة بمعنى رسمها وهي ما تعرف بالصورة الكتابية في الدراسات البنيوية . إلا ان التعريف التالي يفرض قيودا على التبديلات من الحكاية تحايث الركون الى معيار التعاكس وتحديدا التبديل الزوجي الذي تعاكسه يساوي صفر : ( الحكاية عبارة عن نقل كلمة من موضع الى موضع آخر بلا تغيير حركة ولاتبديل صيغة ، وقيل : الحكاية إتيان اللفظ على ما كان عليه من قبل ) (54) .


14 الظاهرة الابدالية في الدراسات البنيوية
في معرض تناوله للقواعد واقسامها يشير دي سوسور الى ( وجود التبادل بين الكلمات البسيطة والعبارات في لغة واحدة ) (5) . إلا اننا نواجه مشكلة في المفهوم تثيره كلمة ( تبادل ) كما وردت عنده . فمترجم علم اللغة العام ( الدكتور يوئيل يوسف عزيز ) ترجم كلمة Alternation بمعنيين : تبادل وتداول في مواضع مختلفة ، فضاعت مع هذا الارباك استقلالية المفهوم . ولكي نتغلب على هذه المشكلة ، فأننا سنتفحص المفهوم ثم نمنحه المصطلح الملائم حفاظا على النسق العلمي لتأصيل رياضياتي للبنيوية . ولنحتكم في هذا الى الامثلة التي سوّغت لسوسور الاعتقاد بوجود ظاهرة التبادل : ففي الفرنسية conside`rer ( يتأمل ) ، prender en (يأخذ بنظر الاعتبار ) ومثال آخر ؛ se venger de ( ينتقم ) tirer vengeance ( يأخذ الثأر ) .
ان المقاطع التي وضعنا تحتها خط تتشابه في التركيب والصوت ( اللفظ بشكل ادق ) ، وهذا ما اطلق عليه دي سوسور في موضع آخر (تشابها ثنائيا في المعنى والشكل ، وفي احيان اخرى تشابها في الشكل او المعنى فقط . فالكلمة تستطيع دائما ان توحي بكل ما يرتبط بها على هذا النحو او على ذلك ) (24 ) .ومهما يكن من امرهذا التشابه في الشكل فهو لايزودنا بمعطى ثبات التركيب إلا من الناحية الجزئية كالمقاطع او الاجزاء التي اشرنا اليها . ولعل انقياد دي سوسور الى خصوصية اللغات الاجنبية التي تناولها بالدرس بوصفها قاعدة البيانات التي اعتمدها ، ادى به الى الاعتقاد بأن ( اللغة والكتابة نظامان متميزان من الاشارات . والهدف الوحيد لعلم اللغة ليس الصورة المكتوبة والصورة المنطوقة للكلمات . بل يقتصر هذا الهدف على الاشكال المنطوقة بيد ان الشكل المنطوق يرتبط ارتباطا وثيقا بالصورة المكتوبة حتى ان الصورة الاخيرة تطغى على الصورة الاولى (( الكلمة المنطوقة )) وشبيه هذا الخطأ اعتقادنا اننا نستطيع ان نعرف عن الشخص من صورته اكثر من النظر اليه مباشرة ) ( 25 ) .
واذا ما استبعدنا ظاهرة عدم التطابق بين الصور الكتابية والفاظها في اللغة اللاتينية واللغتين الانكليزية والفرنسية ، من طروحات سوسور ، حيث ان هذا الاستبعاد يلائم حقائق اللغة العربية ، مع بعض الاستثناءات ،فان كلامه حول الترتيب يبقى صائبا. ومن المؤكد ان افكار سوسور تتمركز حول اللغة بوصفها نتاج المبادلة بين الفكرة والصورة الصوتية . وبالرغم من تصريحه بعدم امكانية تحديد الوحدات الملموسة للغة ، شأنها في ذلك شأن علم التاريخ كما يقول ، الا انه يشدد في بحثه في اللغة على الفونيمات ـ الوحدات الصوتية ـ ذلك ان ( الفونيم Phoneme : اصغر وحدة صوتية للتفريق بين المعاني )(26) . فمن وجهة نظر سنتاكمية ( ان قيمة مجموعة ما غالبا تعتمد على تسلسل العناصر فيها . فالمرء عند تحليله للسنتاكم لايقتصر على تشخيص احزائه : فهو يلاحظ نظاما معينا من التسلسل في هذه العناصر . فمعنى الكلمة العربية ( مؤلمة ) والكلمة اللاتينية signi – fer يعتمد على مواقع الوحدات الفرعية في كل منها . فلا نستطيع ان نقول ــة ــ مؤلم او signum –fer . وقد لاتكون هناك علاقة بين قيمة ما وبين عنصر ملموس ( كما في ــ ــة او fer ــ ) بل تنبع النتيجة فقط من ترتيب الالفاظ . مثال ذلك اختلاف الدلالتين للمجموعتين الفرنسيتين je dois ( ينبغي ان ) و dois –je ( هل ينبغي ان ؟) سببه اختلاف نظام الكلمتين في كل مجموعة . وقد تعبر لغة ما عن فكرة معينة عن طريق نظام تسلسل الالفاظ في المجموعة ، في حين تستخدم لغة اخرى لفظة ملموسة اضافية او اكثر للتعبير عن هذه الفكرة ) (27). ان هذا الصنف من الابدالات في نطاق الجمل يفرض دائما تغيرات نحوية اذا لم يكن من نوع الحكاية بحسب مفهوم الجرجاني ، عندالاحتكام الى الاصل الفرنسي للعبارة مع تبديلها .اما ترجمتها للعربية فانها تخرج التبديل من سياقه الاصلي . ومن الممكن القول ان التبديل المشار اليه ، في النص الفرنسي ، مشابه للتبدلين : جاء علي ، علي جاء . وللتبديلين (قرأت كتابا )و (كتابا قرأت) ـ وهذان المثالان للمترجم ـ والذي يضيف في سياق اخر (يلاحظ اختلاف المعنى في الترجمة العربية لايعتمد على تغيير تسلسل الكلمات في كل مجموعة بل على اضافة اداة الاستفهام (( هل )) فتسلسل الكلمات في العبارة اقل اهمية في العربية منه في الانكليزية او الفرنسية : لاحظ ، جاء علي ، علي جاء .) (28) . واذا اردنا المقارنة بين العبارتين المترجمتين : (ينبغي ان) و (هل ينبغي ان) ، فاننا نصطدم بحقيقة تعرض العبارة الثانية للاضافة ( اضافة : هل ) . ما يعني عدم المحافظة على التركيب . ولقد وسعنا من مفهوم التركيب ،فيما سبق ذكره، واتضحت معه قابليته على فرز تنويعات دلالية على صعيد العبارة ،كمثل التغييرات النحوية والصرفية احيانا الذي تفرضه المبادلة بين ترتيبي كلمتين . ويمكن ان نلتقط التبديلات التي تسفر عنها مكونات عبارة ما باجراء الابدالات بين عناصرها التي يحددها التحليل لدى سوسوربقوله : ( ان فهمنا لوحدة لغوية مركبة انما هو دليل على ان نظام تسلسل الكلمات وحده يعبر عن الفكرة ) (159) ، فتغييرالترتيب هنا يكون موضوعا لتغير المعنى . وواضح ان عمليات الابدال بين الكلمات في الجملة ، اما ان تبقي الكلمات على حالها دون تغيير وهذا ما عناه الجرجاني بالحكاية كما سبق ذكره ، او تطال الكلمات تغيرات من نوع تغير الصيغة ، او في النحو ، او باضافة اداة معينة .
ويربط دي سوسور بين التركيب والبناء من جهة ، واللصق والقياس من جهة اخرى . حيث يذكر ان (كثيرا ما يستخدم البناء والتركيب .لمناقشة تكوين كلمات ، ولكن معناهما يختلف استنادا الى العملية المستخدمة : هل هي القياس ام اللصق ؟ فإذا طُبّقت اللفظتان ( البناء والتركيب ) على اللصق اوحتا بان العناصر المتصلة في السنتاكم تتحد تدريجيا حتى تتلاشى العناصر الاصلية المكونة لها . اما اذا طبّقنا ذلك على القياس ، فان البناء يعني الترتيب دفعة واحدة ، في عملية الكلام ، عن طريق إعادة ربط عدد من العناصر أخذت من مجاميع ايحائية اخرى ) (29) .فالقياس قرين الترتيب واللصق قرين السنتاكم ، في اطار البناء والتركيب معا . هنا لدينا اربعة مصطلحات ينبغي فرزها على اساس ما بينها من علاقات بينية.. فاذا ما افترضنا مسبقا بأن البناء عملية نتاجها التركيب وهذا ما عناه دي سوسور تماما فأنهما يشكلان كلا موحدا بأزاء اللصق والقياس . فالعلاقة اذن بحسب هذا المعطى ثنائية مزدوجة :
فاذا كان (البناء والتركيب) قياسيا فان الترتيب سيكون موضع التغيير ويوازيه تغير في المعنى .
واذا كان ( البناء والتركيب ) لصقيا فان التغييرات من نوع سنتاكمي محض مضاف على الاصل .
علما ان (القياسanalogy يفصل الانتظام . ويجنح نحو توحيد الاساليب الاعرابية واسلوب التركيب )( 185) . بينما ( تعني عملية اللصق agglutination دمج عنصرين او اكثر من العناصر الاصلية المتميزة التي كثيرا ما تستخدم بهيئة سنتاكم في الجملة ، فتصبح هذه العناصر وحدة واحدة مطلقة يصعب تحليلها . هذه هي عملية اللصق ، فهي عملية وليست اسلوبا ، لان الكلمة الاخيرة تنطوي على الارادة او القصد : اما اللصق فيتميز بعدم وجود الارادة ) (199) و ( يعمل اللصق ضمن اطار السنتاكم فقط )( 200).
ويفرد دي سوسور ظاهرة العلاقات المتبادلة التي تربط المجموعات السنتاكمية بطريقة مُطابٍقة والمفهوم الذي قدمه الجرجاني تحت مسمى التجنيس المضارع تارة وتجنيس التحريف تارة ثانية اوتجنيس التصريف تارة ثالثة ، مع فارق هو ليس بجوهري طالما ان الفونيمات وحدات دراسية لدى سوسور . ويتمثل الفارق في ان امثلة دي سوسور تفصح عن تعويضات بين اللواحق والبادئات والجذور ، فيما يفصح التجنيس لدى الجرجاني عن اختلاف الكلمتين في حرف متقارب وهوالتجنيس المضارع ، او الفارق نقطة ( تجنيس التحريف : أنقى ، أتقى ) ، او اختلاف الكلمتين بـ ( ابدال ) حرف من حرف من مخرجه ( وهو تجنيس التصريف : ينهون ، ينأون )
ولأن مفردات اللغات التي اخضعها دي سوسور الى الملاحظة لاتتيح اجراء الابدالات بين حروفها ، لاسباب من بينها ان الصورة الكتابية تتضمن بصفة غالبة على حروف العلة وحروف صحيحة لها الوظيفة ذاتها التي للحركات في المفردات العربية . فأنه اوقف جل بحثه للابدالات في البادئة prefix والجذر radical واللاحقة suffix ، من منطلق سنتاكمي . فالربط الخطي بين العناصر ينتج عنه السنتاكم . وهذا الاخير يتألف من وحدتين متعاقبتين او اكثر . لذلك فان السنتاكم يدل دائما على نظام من التعاقب وعلى عدد ثابت من العناصر . ويرفظ دي سوسور صيغة الترابط السنتاكمي التي يعبر عنها : مثلا (pain + ful )، لأن الوحدتين الفرعيتين ليستا جزأين مستقلين تم الجمع بينهما اعتباطا ، بل ان الوحدة painful ناتج نهائي ، او ترابط لعنصرين يعتمد احدهما على الاخر ، ويكتسبان قيمتهما من الفعل المتبادل بينهما في الوحدة العليا (pain ful ) (147).
ان الصيغة التي منحها دي سوسور التأييد باعتماده رمزالضرب الديكارتي التقابلي ( ) بها حاجة الى المراجعة . ذلك ان عمليات الضرب من هذا النوع تتطلب عنصرين من مجالين متعامدين ( أي متقاطعين ) ليكونا زوجا مرتبا ، هو بمثابة مكون يختلف عن العناصر التي كونته . ان ناتج التقابل لايشكل نقطة اعتراضنا ، بل مجالي العنصرين . فلاينبغي للعنصرين ان يكونا من مجالين متقابلين ( متقاطعين هنا ) بل يجب ان يكونا من مجال واحد . وفي هذه الحالة ينبغي تغيير رمز الضرب التبادلي برمز الاتحاد :
painful = pain ful وهي صيغة اتحاد العنصرين . ان بناء المفردات وفقا للبادئة والجذر واللاحقة هو في الحقيقة متوافر في اللغة العربية . مثل : يدرسون ، يعملون ، .. او في سياق آخر: يدرسون ، تدرسون ، مدرسون.. وفي سياق ثالث : حالب ، سالب ، جالب ، .. الى آخره . حيث يمكن تمييز الاصل او الجذر ( الاصل والجذر يتحدان عند صيغة الفعل الماضي هنا ) والاضافات . وهذه هي العلاقات الايحائية بالمفهوم السوسري ،وهي علاقات تستدعي مفردات أخرى في الذهن ضمن سياق معين يفرضها منوال محدد ، بصفته عنصرا ايحائيا ، حسبما نرى . وبرغم افتقار البحث السوسري لدراسة التبديلات لمفردة واحدة ، إلا انه اشاربصفة عامة الى المبادئ الاساسية المشتركة بين الجملة والكلمة .( فترتيب الوحدات الفرعية للكلمة يخضع للمبادئ الاساسية نفسها التي تخضع لها مجموعة الكلمات في العبارة ) ( 155 ). و( مما لاشك فيه ان نظام الكلمات في المجموعة هو كيان تجريدي : ولكن وجوده يعتمد كليا على الوحدات الملموسة التي يضمها نظام الكلمات هذا ، تلك الوحدات التي تمتد على بعد واحد ، أي لها تسلسل خطي)( 158). فالربط الايحائي يجعل من الكلمة شبيهة بالمركزفي مجموعة فلكية يلتقي فيها عدد غير محدود من العناصرالمتشابهة .ومثال ذلك الكلمة enseigenement فثمة كلمات كثيرة توحي بها البادئة enseigen وبمثل ذلك كلمات توحي بها اللاحقة ement (145).
وقد قدم الدكتور يوئيل يوسف عزيز ( المترجم ) مثالا متميزا ، يقدم نوعا مميزا من التغيرات في العربية : ( ارى قدمي ) و ( اراق دمي ) (145) . وهذا يستحق منا التعقيب ، فهو يخالف التبديلات التي تتولد عن العبارات بتغيير ترتيب كلماتها ، او بتغيير عبارات مقالة او نص قصير او جملة مفيدة . فالتبديل الذي قدمناه يُصيّر العبارة ( ارى قدمي ) الى ( قدمى ارى ) .فالامر لايتعدى ابدال كلمة بكلمة بالتعويض عن رتبيتهما . بينما التغيير بين ( ارى قدمي ) و( اراق دمي ) هي محض علاقة تجميعية ( دمج كما تسمى احيانا ) ، والتي يمكن التعبير عنها كما يلي :
ارى o ( ق o دمي ) = (ارى o ق ) o دمي
ارى قدمي = اراق دمي
هنا العلاقة التجميعية قد حافظت على عناصرها الثلاثة : {ارى ، ق ، دمي } وهي عناصر منسجمة اذا ما أخذت بصفتها حروف قابلة للتركيب . وان العلاقة التركيبية تجميعية بدلالة الاقواس الصغيرة الحاصرة لعنصرين قابلين للدمج ، في العلاقة التجميعية في اعلاه . وان تساوي التركيبين على جهتي اليمين واليسار هو تساوي على مستوى الوحدة : واعني به الحرف وليس على مستوى المعنى او الدلالة . ولكن الشرط الثاني للتبديل غير متوفر الا وهو تغيير الترتيب فلذلك ان العبارتين لاتمثلان تبديلين للمركب . ولايدخل ضمن نطاق بحثنا في موضوع التباديل ماذهب اليه دي سوسور في المبادلة بين الفكرة والصورة الصوتية وهما ما يشكلان اللغة لديه في جانبها التنفيذي ، أي الكلام . تلك المبادلة تمر عبر مقولتي القيمة والدلالة ، باحوال مختلفة .
سجل ( رولان يارث ) اعتراضه على اطلاق مصطلح ( التعارض ) على الترتيب الداخلي لألفاظ حقل التداعي اللفظي او ما اسماه بالجدول ، في اللسنيات في الاقل وفي الصوتيات بالضبط . واصفا ذلك المصطلح بانها ليست بالتسمية الجيدة لانها تفصح عن طابع التضاد في العلاقة الجدولية . وطرح بديلين هما : العلاقة كما يفضل كانتينو و الترابط (= العلاقة المتبادلة ) كما يقترح يالمسليف . إلا انه يَعْدِل عن اعتراضه ، مُسلّما باصطلاح التعارض لا لشئ سوى شيوعه في الاستعمال ( كذا ! ) ( 6 ). وفي الحقيقة ان ملاحظات كهذه لابد من تفحصها ، ومن ثم ، إقرار ماهو مناسب منها . ذلك ان ظاهرة التوافق على مثل هذه الاموربين كتاب ومؤلفين ليست من العلم بشئ ، لأن توافقا كهذا فيه الكثير من التساهل والتنازل على حساب الانساق العلمية . اذ لايمكن التساهل في الاطلاقات الاصطلاحية لمجرد ذيوعها . ان التعارض والتقابل والتضاد والترابط والعلاقة الفاظ اصطلاحية محدودة ، أي لكل منها حد تُعرف به ، واذا لم يُعنى بتلك الحدود فالقارئ به حاجة الى معجم خاص مُؤلف في الموضوع الواحد ، بل في الجزئية الواحدة من علم واحد . وهذه في الحقيقة اهم المشكلات التي تنأى بالدراسات البنيوية بخاصة عن العلم . وفي الموضوع الحالي الذي نعالجه الان تبرز هذه المشكلة بوضوح .
ان التعارض في اعتقادنا ينبئ عن وجود اختلاف بين شيئين ما يجعلهما يتعارضان ،ولا يتواجدان على صعيد واحد . الامر الذي يمكن تصوره بسلسلتين مستقلتين عن بعضهما . وليس كل شيئين مختلفين يكونان شيئا ثالثا ، فلابد من خاصة اخرى هي انسجام الاشياء المؤلفة للشئ الثالث الوليد وهذه من اولويات البنية . وهذا ما يدعونا الى اعادة قراءة اعمال دي سوسور من هذا المنطلق ، بوضع الالفاظ والمصطلحات في مواضعها الصحيحة .
ان الترتيب هو علاقة Relation دون شك ،في اطار المقارنة بين العناصر. وبهذا المعنى تنظم نسق التركيب الداخلي للالفاظ على نحو خطي . اذ لايمكن لفظ حرفين في العربية مرة واحدة ، كما لايمكن لفظ صوتين ( فونيمين ) في اللغة الانجليزية مرة واحدة . اذ لابد للالفاظ من التعاقب المتسلسل طبقا للترتيب الداخلي وليس في هذا الامر أي صلة بالتعارض .
اما الترابط بمعنى العلاقة المتبادلة فهو ينطوي على غموض يلقي بظلاله على مفهوم المركب. وبصدد ملاحظة رولان بارث (بأنها توحي بعلاقة مزدوجة ، ليس من المؤكد بتاتا أن كل الجداول الدلائلية ترتكز عليها ) (114) ، فهي ملاحظة من الصعب قبولها. فأننا نرفض كلا الامرين : الترابط الذي يعني وجود علاقة متبادلة بحسب يالمسليف ، وملاحظة رولان حول الترابط هذا .
فالترابط يفصح عن علاقة قارة ، وهي مزدوجة ، أي تنشأ بين عنصرين في النظام الخطي . ولكن مالذي يجعل هذه العلاقة متبادلة ؟ ليس ثمة ما يوحي بوجود تبادل على الاطلاق . ان التبادل من شأن الحركة التي تطال الترتيب ، وهي حركة داخلية . واذا كان المقصود بالتبادل هو من النوع الذي صرح به سوسور بين البادئات والجذور واللاواحق في اللغات الاوربية واللاتينية باعتبارها لغات يطغى عليها اللصق ، فالادعى ان يتم استبدال مفردة تبادل بمفردة التعويض .
ومع تحفظنا على اصطلاح التعارض فاننا سنستخدمه فقط عندما نستشهد بمقالات مستلة من مؤلفين آخرين ، مع التزامنا بمفهوم التعويض تارة ومفهوم التبديل تارة اخرى مما سنشير اليه كلا في حينه .
ان المبدأ الذي يؤسس كل ( التعارضات ) بحسب رولان هوالاختلاف ، والذي يجب ان يوحي بتحليل دائرة التداعي اللفظي . ان الترتيب الداخلي للالفاظ هو علاقة بحسب كانتينو ، وهي علاقة تركيب دون شك في نظرنا ، وفي اللسنيات هي تأليف . اما الترابط بمعنى العلاقة المتبادلة فهو ينطوي على غموض في المركب ، الا انه معنى دقيقا اذا ما نظرنا الى ترتيب عناصر المركب بوصفه موضوعا للتغيير المحتمل . وقولنا هذا يتفق جزئيا مع ما ذهب اليه رولان بارث ( بأن المركب يُعرَّف على انه يتكون من ماهية يتحتم تجزئتها ) (101). وعلى افتراض صحة الترجمة لمفردة ـ تجزئة ـ فليست التجزئة سوى اسلوب من اساليب التحليل وليس الاسلوب الوحيد . فالتجزئة يمكن النظر اليها كمرحلة لاحقة على التحليل الاولي لعناصر المركب ، فمن هذه العناصر يمكن سرد مجموعة اجزاء مجموعة العناصر ، فتستحيل تلك المجموعات بدورها الى عناصر في مجموعة الاجزاء ، وان المركب ذاته سيمثل حتما احد تلك العناصر . والامر كله على مستوى التحليل اللسني ينصرف الى أعادة البناء . الا ان هذه الفكرة هي بعيدة عن تفكير رولان بارث لانه عنا بالتجزئة وكذلك التقطيع : التحليل . والمشكل ذاته يبقى ماثلا في طروحات رولان بارث حيث بدا له بان ( المركب حين يتخذ شكل كلام : نص بلا نهاية ) (101) وامكانية تقطيع ( النص اللامتناهي في اللسنيات بواسطة الاختبار الاستبدالي .. ) (102) . ان مجرد تحديد الموضوع بالكلام فان صفة اللامتناهي تنتفي عنه ، لان المعاني والدلالات ، وهما بغية الكلام ، قابلة للحصر مهما كثرت . انها من الناحية النظرية قابلة للاحصاء والعد ، فهي منتهية Finite . وحتى اذا ما وسعنا من دائرة التركيب خارج الكلام باجراء الابدالات والتعويضات وبما يسمح به التباديل كما قدمناه ، فانه يظل محدودا ، أي منتهيا . ان حبات رمال شبه الجزيرة العربية عددها منته ، قابل للاحصاء ، ولكن القيم العددية بين أي عددين مهما تقاربا في القيمة فهو عدد لانهائي Infinite . ففي الكلام لانعثر بين دال ودال او قل بين كلمة وأخرى سوى على عدد محدود من الدوال أو الكلمات المتجاورة دلاليا ، خاصة وأن اللغة بالمفهوم السوسري والذي يتبناه رولان بارث يتعلق بالصور الصوتية الدالة ولا وجود اذن لصور صوتية خارج الاستعمال ، اعني الكلام لذلك فهي حتى من هذه الناحية منتهية وليست غير نهائية . ان الفونيمات منتهية في لغة معروفة لدينا وكذلك صورها الكتابية . اما صعيد ادلة أخرى فلكل نظام احكامه التي قد تسفر عن صفة الانتهاء او غير الانتهاء . فعلى صعيد الوان قوس قزح فالتدرجات اللونية بين لونين متجاورين تدرجات غير منتهية والامر شبيه بالقيم المحمتلة بين عددين على خط الاعداد فكلما اوجدت عددا يتوسط العددين أثنين واربعة على سبيل المثال وهو العدد ثلاثة ، امكنك ان توجد قيمة تتوسط احد القيمتين والقيمة الوسطية وهكذا تتولد قيم لانهاية لها . ان مثل هذه القيم تدعى بالقيم المتصلة او المستمرةContinoues . وفي انظمة اخرى تكون القيم متقطعةdiscontinoues ، فثمة فواصل بين قيمة واخرى مثل اشارات المرور او مجموعة القيم العددية الطبيعية: 1 ، 2 ، .. ان لواحق وبادئات وجذور المفردات اللغوية هي من نوع القيم المتقطعة ( غير المستمرة ) . ولكن يمكن الافتراض بوجود القيم المستمرة بين مفردات متجاورة دلاليا ، الا ان هذا الافتراض يسقط في دائرة الكلام والمعنى واشارات التواصل الجماهيري . اردنا من هذه الملاحظات ان نقول ليس نافعا ، بل ليس صائبا اطلاق تعميمات من هذا النوع على حقول مختلفة واصعدة متباينة .
ينصرف الاختبار الاستبدالي الى الكشف فيما اذا كان استبدال دال بدال يسفر عنه استبدال مماثل مدلول بمدلول . أي ان الاختبار هنا معياري معنوي . الا ان بعض التغيرات لاتؤدي الى أي تعديل في الصعيد المقابل . ( لذلك فأن يالمسليف يميز بين :
ــ الاستبدال المولِّد لتغيير المعنى : ( رئيس / بئيس )
ــ الاستبدال الذي يحدث تغييرا في العبارة فقط دون ان يمس المحتوى بشئ ، ولا العكس ايضا : (اراق / هراق ) ) (7).
واضح ان يالمسليف قد تناول ظاهرة الابدال على صعيد الصورة الكتابية للمفردة ، وربما يصح الشئ ذاته على الصورة الصوتية ( اللفظ ) . وهنا الابدال متلازما مع التعويض الذي لايحافظ على التركيب فهو ليس بتبديل انما هو تجنيس مضارع بحسب ما اورده الجرجاني ، مثل : الباري والذاري ، فالاختلاف بين حرفين متقاربين . اما على صعيد العبارة فان المثل المستخدم لايختلف عن النوع الاول ، وكان الاحرى ان تجرى عملية الاستبدال بين كلمات عبارة ، وهذا ما يدعوه الجرجاني بالحكاية كما سبق ذكره.
يشكل المركب والنظام صعيدا اللغة بحسب رولان بارث ويفترض خروقات للقسمة المألوفة بينهما . ولو تأملنا بعمق هذه الفكرة عبر الامثلة المساقة ومن خلال ما يسميه بجدول يمتد في المركب ،محاكيا بذلك ما ذهب اليه سوسور من علاقات التبديل ، بين سلاسل تتحد في اللاحقة او البادئة او الجذر وهذا ما حدا به للقول ( ان الخرق الرئيسي هو امتداد الجدول على الصعيد المركبي لأنه عادة ما يتحقق عنصر واحد من التعارض في حين يبقى الاخر ـ او العناصر الاخرى ـ محتملا : وذاك ما يقع ، اذا ما تكلمنا بشكل عام ، حينما نحاول إنشاء خطاب برصف الألفاظ المنتمية الى نفس الصيغة الصرفية واحدة بجانب الاخرى . الا ان ( ج . توبيانا Tubiana)( يقترح الاعتراف بتعارضات الترتيب : نجد أن كلمتين تتصفان بنفس السمات لكن ترتيب هذه السمات يختلف بين الواحدة والاخرى : رحب / بحر ــ ناب / بان ــ مال / لام ، حس / سح . من هذه التعارضات تتكون اغلب اشكال اللعب بالكلمات . ومجمل القول أنه يكفي ، اذا انطلقنا من من تعارض مناسب ( مميز ) مثل Fe`briles / Fe`libres ، الغاء عارضة التعارض الجدولي للحصول على مركب غريب هو ـ زجالون محمومون ـ كعنوان لمقالة في صحيفة )(132) . ومن الطبيعي ان نشير الى ان السمات التي يشير اليها توبيانا ما هي الا عناصر المركب وهي هنا تمثل الفونيمات بالمفهوم السوسري ، ولدينا الحروف كما في اللغة العربية . ولا ندري ما السبب وراء الوصف التالي لهذا القول لعملية رفع العارضة ( / ) (بانه شبه كاف برفع نوع من الرقابة البنيوية )(132) حيث ان التقابلات او التعارضات ليست الا علاقات محتملة داخل البنية ، وليس أي منهما علاقة ناظمة او مركبة للبنى .
وفي الحقيقة ثمة امرا شائقا اورده رولان بارث ، ولكن دون ان يقدم حوله ايضاحات مناسبة وهو صعيد الابداع . اذ يحدده بتخوم صعيدين اذ يقول :( اذا ما تذكرنا تمييز جاكوبسن بأن كل سلسلة استعارية هي جدول صار مركًّبيا ، وكل مجاز مرسل مركب جامد غارق في النظام ، ويصير الاختيار ، في الاستعارة ، تجاورا ، وفي الجناس المرسل يصير التجاور حقلا للاختيار . ويبدو إذن أن الابداع يتم دائما على تخوم الصعيدين ) (133)
وقريبا من الدراسات البنيوية يستنبط (احمد بن محمد بن امبيريك ) الروابط اللغوية الاكثر انتشارا في المجموعة القصصية في (( البخلاء للجاحط )) وهو ( الواو ) ويقرر بعد دراسة متقصية لهذه المجموعة بأن ( الواو في سياقات القصص ـ مثلا القصة التالية ـ : وكنت في منزل أبي كريمة ، وحدثني عمر بن نهيوي ، وقال ثمامة ـ لاتفيد الربط بقدر ما تفيد انتقال الكاتب من قصة الى أخرى . والواو في الاصل لاتفيد الترتيب .فكانت الواو إذن هنا رابطا ضعيفا لايوحي بوجود علاقة حقيقية بين القصتين الواردتين . فيمكننا اذن ان نقدم أي قصة أو نؤخرها داخل هذه المجموعة دون أن تختل طبيعة الربط أو وظيفته ودون أن يتغير شئ في علاقات القصتين )(8). واذا صح ما ذهب اليه بن امبيريك فان للواو وظيفة ابدالية ، بمعنى تجعل الابدال ممكنا , وهنا نلتقي بالعلاقة الابدالية Comatative . وهي على اية حال لاتمثل تبديلات لمركب معين لان ابدال قصة بقصة من حيث الترتيب لايغير من البناء القصصي لقصص بخلاء الجاحظ ، ولو كان مثل هذا الاجراء يحمل معه تغيرا في السياق او الدلالة او المعنى او البناء القصصي المتلازم لكان الامر من حيز التبديل وليس من حيز العلاقة الإبدالية . وبمثل ذلك يمكن مناقشة مشاهد الاستذكارات في الروايات او القصص او ما تسمى Fead back فانها في الحقيقة لاتشكل مع النسيج القصصي سوى ابدالات استثنائية على خط الزمن . نقول استثنائية من النوع الذي يقرره الكاتب ذاته . وهي ليست من التبديل بشئ ولكنها علاقات إبدالية بسبب محافظتها على السرد القصصي والذي يمكن اعادة بناءه على اساس خطية الزمن . الا ان الامر يضحى مستحيلا في الشعر المقفى مثلا ، الا اذا عثرنا على امكانية اجراء التعويضات بين ابيات القصيدة الواحدة ، ولو من باب الاستدراك او الاستذكار او الاحالة . ويبقى ذلك مرهونا كله بجودة التأليف وهذا هو شرطه الوحيد .
في محاولة (جان كويزنيه) ، لبسط تصور للبنيوية ، مستعينا بطروحات سوسور، يؤكد بانه ( حتى نهاية القرن التاسع عشر كان الفلاسفة يتفقون على تحديد اللغة بأنها تعبير الفكر . ويعتبرون الجملة تعطي تشخيصا للفكرة .. ويتسائل : كيف في مثل هذه النظرة يمكن للترتيب الداخلي للغة ان يعتبر شيئا مخالفا لنسخة تزيد او تنقص امانة للفكر ذاته ؟ فأن الجمل الالمانية التي يسبق فعلها الفاعل ، لاتشكل معطى اوليا ، لقد بنيت بالتبديل عبر إطلاق ضمني كان لفاعله الاولية الطبيعية . فلكي توصف يجب الرجوع الى الجمل السوية التي تشكل قاعدة لها ، وتعيين عمليات القلب ، حيث تحصل الاولى انطلاقا من الثانية ) (9) ويستشهد بتحليل أوزالد دوكرو Oswald الذي يقول (( ليس فقط الايمان بتفوق اللغة الفرنسية أي فكرة أن تنظيم الإطلاق هو فيها أكثر مطابقة للطبيعة منه في الالمانية ، انما نعني أن ترتيب الكلمات في الجملة الالمانية ليس بدائيا . إنه ينتج ، بالنسبة الى الالمان أنفسهم من تحويل منفّذ انطلاقا من نظام تحتي من شأنه ان يعكس النهج الحقيقي للفكر وإذا وضع فيلسوف القرن الثامن عشر حيال تشخيصات لسنية تبدو له مبعدة عن واقع الفكر ، فإنه يرفض اتخاذها موضوعا لدراسة حتى احتياطية . وعوضا عن البحث في تنوع التشخيصات عن ثوابت وانتظامات ـ شرط أن يعلن بعد ذلك أن النظام المكتشف بهذه الطريقة هو انحراف ــ فأنه يحيلها دفعة واحدة ، بلعبة تبديل ، الى النظام الوحيد الذي تقبله عقلانيته .. )) (10) . هذا على مستوى الجمل وبالتالي على مستوى بناء التصورات في الانشاءات ، وهو امر يمس حقيقة ان تغيير الترتيب يوازيه تغيير في المعنى او الدلالة . الا ان (كوزينيه ) يُضيّق من فسحة التبديل في الجمل بقصرها على الكلمات، اذ يقول : ( ان الترتيب الوحيد الممكن بين الكلمات ) ، ولو صح هذا وبمقارنته مع العلاقة المتلازمة بين التبديل والمعنى ، فأنه يرتكب خطأ فادحا بشأن صلاحية التبديلات . فالتبديلات ليست دائما ذات معنى اذا كانت بين الكلمات فقط . ان التحليل المناسب للجمل يبيّن أي المكونات التي تكون موضوعا للتبديل ــ أي وحدات التحليل ـ وهنا لدينا احتمالين : ثبوت الوقائع بمعناها العام وربما في هذه الحالة لاتكون الفكرة موضع تغيير متلازم . عندئذ يكون التبديل إبداليا . وتغيّر الوقائع ، والتغير هنا يكون متموضعا في الدلالة غالبا ، والمعنى ايضا ، فالتبديل في هذه الحالة ليس إبداليا .
وليس من الصواب الاخذ بالمقارنة بين الترتيب والبنية ، لان الترتيب ليس ببنية انما هو ما يقرره نظام البنية . فالترتيب بهذا المعنى ليس إلا ما تسمح به العلاقة الداخلية من وضع العناصر في وضعها الملائم لبنية معرّفة تعريفا جيدا ومحكما. وأمر بدهي ان تتصف اللغة بترتيب منتظم على مستويات عدة منها النحو والتراكيب الصورية ( رسم الكلمات ) والتراكيب الصوتية ( الالفاظ ) . ولكن التحليل البنيوي لاينصب بدأ على ترتيب المكونات العنصرية . إذن اين هي مكانة الترتيب في البحث البنيوي ؟ من الممكن البحث عن الترتيب بمعزل عن الرؤية البنيوية للتراكيب ، او الاشياء اجمالا شريطة ان يكون الترتيب ضروريا من وجهة نظر معينة . وهذه الضرورة متوافرة في الكلمات . الكلمة من هذه الناحية نتاج ترتيب حروفها . وان ضرورة الترتيب غير متوافرة في تراكيب او اشياء اخرى كقوائم الطعام فهي مختلفة الترتيب طبقا لاختلاف العادات الغذائية للشعوب مثلا . ولقد اختلطت مفاهيم متباينة الدلالة لدى كوزينيه ما دفع به الى الخلط بين البنية والترتيب ، ومن ثم ، نقض العلاقة بينهما . وهذه المفاهيم هي الترتيب الذي يدور في رأينا حول الاسبقية او الاولوية أو علاقة الاصغر والاكبر ، والنسق الذي يوحي بوجود طبقات لقطائع معينة ربما متراكبة او مستقلة ، والتنظيم الذي يوحي بوجود علاقة ناظمة للمكونات او العناصر . الا ان كلا من التنسيق والتنظيم يتلازمان مع الترتيب بشكل ما ، ينبغي الكشف عنه عند كل بنية تخضع للتحليل . وليس جديدا القول ان بعض المركّبات تبدو ثابتة غير قابلة التغيير في ترتيب عناصرها كما هو حال المسكوكات في الكلام ، مثل ( أبيت اللعن ) وهو مثل يساق في اغلب الدراسات الالسنية .
ويعتقد كوزينيه ايضا ( ان كل مجهود دي سوسوريقوم على اثبات أن النظام المركب للغة يوجد ماثلا بأكمله في أبسط ترتيب منها . فإن النظام الألسني ليس لعبة تجميعية مركبة من اجزاء وقطع يمكن تقديم جردة غير منظمة لها . إنما في وحدة المقاربة الوحيدة الواحدة تكتشف عناصر النظام . وهكذا فان مفهوم البنية الذي ارصنه دي سوسور يختلف في العمق عن مفهوم الترتيب الذي تركه لنا قدماء اللغويين ).
وحول هذا القول لنا ملاحظات نعدها جوهرية :
ــ ان النظام المركب للغة يوجد بأكمله في أبسط ترتيب لها ، قول صائب جزئيا طبقا الى الثنائيات الشهيرة لسوسور ، وطبقا الى مقولة الترتيب التي اوضحناها . كما ان النظام المركب لايكون دون تركيب للعلاقات ، بمعنى ان عناصر البنية هنا هي محض علاقات وليست وحدات لغوية . وكما هو معروف ان العلاقات بمجموعها يمكن مع العلاقة الثنائية الديكارتية ان تشكل بنية ، لذا فأن تعديل النص بالاكتفاء بلفظة نظام بدلا عن ( نظام مركب ) سيغني عن مظنة رفع التناقض بالتحوير او وضع الشروط المُهذّبة .
ـ ان نفي الصفة التجميعية المركبة عن النظام ألالسني ، ليس في محله ، خاصة اذا ما احتكمنا الى المفهوم السوسري لظاهرة التبادل والتي هي في جوهرها الظاهرة التجميعية وليست من التبادل بشئ . فهذه الصفة تشكل اهم قواعد النظام الالسني ، حيث اليها تعود التنويعات التـأليفية ، أي انتاج الكلام بخاصة .
ــ ان الاختلاف بين مقولتي الترتيب والبنية لايرقى الى التناقض ، كما انهما ليسا في حالة تنافس او حتى تشاطر على مستوى البحث والتحليل . ويعد كلاما معادا اذا ماقلنا ان الترتيب هو حالة قارة للبنية في لحظة ما او في استعمال محدد بعينه . ولطالما اكد سوسور بأن الترتيب امر داخلي في اللغة ، ونضيف انه ـ أي الترتيب ـ ليس الا أفصاح عن امكانية أعادة البناء ، وهو ما يستوعب التغيرات الداخلية للبنية دون ان يمس بجوهرها وشروط تكونها .
وبعيدا عن كويزينيه وسوسور والاخرين ، لابد من اثارة تساؤل منهجي : امن الممكن الكشف عن علاقتين في البنية الواحدة ؟ وقبل الاجابة المباشرة عن هذا التساؤل لابد من الاشارة بثقة الى عدم امكانية تصنيف أي الاشياء او العناصر او العلاقات في بنية ما ، ما هو اساسي منها او ثانوي . كما تشيع بعض الدراسات البنيوية. ان كل ما يكشف عنه تحليل البنية وفق المنهج البنيوي هو اساسي ، وان الاختلاف في هذه الحقيقة انما يعبر عن قصور منهجي ، ينبغي تفاديه .
ثمة بنى تتألف من عناصر مزودة بعلاقتين . ويمكن العثور على مثل هذه البنى ( او الانظمة ان شئت ) في البنى الزمرية .فتكون العلاقة الاولى تجميعية على عناصر المجموعة ، بينما تكون العلاقة الثانية قابلة للتوزيع على العلاقة الاولى . عنئذ ومع هذه الشروط نحصل على بنية تسمى ( الحلقة ) ومن الممكن في هذا القول ابدال لفظة علاقة بلفظة بديلة اخرى هي ( العملية ) دون ان يتغير النسق العلمي لها . ونلاحظ ايضا في الحلقة ان الترتيب مهما وليس عشوائيا . اعني ان تكون عملية ما سابقة لعملية اخرى وان تغيير الترتيب سيغير الكثير من البنية وربما يُخرجها من كونها حلقة . ذلك ان الزوج المرتب الذي يمثل بدأ ً بنية من نوع الزمرة يتضمن علاقة او عملية محددة ، ومنها ــ أي من الزمرة ـ يمكن تشكيل حلقة بتزويد الزمرة بعلاقة ثانية ( عملية ثانية ) او ان هذه العلاقة الثانية قد يكشف عنها التحليل المحكم للبنى . واذا ما اتصفت الحلقة بالصفة الابدالية اضافة الى توفر عنصر نظير لكل عنصر من الحلقة فأن هذه الحلقة تكوّن ( حقلا ) . فالحلقة والحقل بنيتان مزودتان بعمليتين ليس من بينهما اساسية والاخرى ثانوية ، بل كلاهما اساسي .
ويضيق المجال هنا لنبين على نحو مفصل ما نقصده بالبنية الزمرية . الا ان الاشارة السابقة لها قدر تعلق الامر بالترتيب والابدال يحتم علينا ان نقدم مفهومنا موجزا ــ خصصنا لهذا المفهوم فقرة موسعة في دراستنا : التأصيل الرياضياتي للبنيوية ــ

15 ـ تحليل المضمون
يمكن تناول أي مُؤًلَف بالتحليل البنيوي ، أي بالنظر اليه على انه بنية قابلة للتحليل على وفق المنهج البنيوي . على ان هذا النوع من التحليل ليس الطريقة الوحيدة لتقريظ كتاب او قصيدة او قصة .. انما هي محض طريقة من الطرق تحددها طبيعة المنهج وتحيلها الى اهداف تحليلية معينة . ولسوف لن نتعامل مع لفظة فضاء النص تعاملا مجازيا ، بل تعاملا اصطلاحيا علميا . وهو بطبيعة الحال اقرب الى المفهوم الفيزيائي للفضاء ، ألآ انه متصور على أي حال، ولا يتحتم ان يكون حقيقة ، بمكان يسمح ببحث الاشياء المتحيزة فيه ، بعد الكشف عنها . وهنا ليس لزاما علينا احالة الافكار او القيم او الدلالات او المعاني او الاساليب البلاغية الى عملية تشيّئ . فأن مثل هذه المحاولة تنطوي على احكام قسرية وتعسفية . وينبغي تحديد مجال البحث البنيوي للنص وهو في حالة مثوله في فضائه . ومرة أخرى فأن البحث يتخذ مسارين متلازمين لا انفكاك بينهما : العناصر والعلاقات ، وهما مكونا البنية . ولما ليس من الجائز قصر النص على عناصر بعينها وكذا العلاقة او العلاقات ، لتكوّن اتجاهات التحليل ومضمونه ، فأن التحليل يتصف بدوام التغير من حيث نتائجه لا من حيث مبادئه . ورغم ان اصطلاح فضاء النص قد يحيل في الذهن الى تصور بنية شاملة ، وهذا ممكن وجائز على مستوى القدرة التحليلية. ففي المقابل ايضا من الممكن تناول بعدا او بعدين او اكثر من أَبعاد فضاء النص. ففي محاولة الكشف عن بنية شاملة، فان هذه المحاولة تسلتزم امرا ويتلازم معها امر آخر : البنية الشاملة تحصر (( كل )) عناصر النص ، بعد ان يتم تحديد وحدة التحليل ، وهذا ما تستلزمه . ويتلازم معها بنيات جزئية ، دعاماتها مجموعات جزئية من المجموعة الشاملة . المجموعة الاخيرة تبقى محتفظة بصفة تجانس عناصرها نظرا لانتماءها للنص . وان صفة التجانس التي للعناصر طبقا لوحدة التحليل تسمح بعملية التصنيف ما تسفر عنه مجموعات جزئية لها رابط بصيغة: علاقة او عملية ، كلاهما ثنائيتان .
ببساطة نقرر بان فضاء النص بنية . وان سمات وخصائص هذه البنية هو ما يكشف عنه التحليل . ولابد ان تحتوي على عناصره وعلاقته الداخلية او علاقاته الداخلية . ففي الرواية مثلا بوصفها بنية شاملة طبقا الى انشائها يكون المكان والزمان والفكرة هما عناصر تلك البنية . ومن الطبيعي ان نكشف عن بنى جزئية للنص على وحدات مقررة سلفا كالمتن والملاحق والتذييلات والتناص وما الى ذلك . او نركز التحليل على الشخوص بوصفهم عناصرفي فضاء النص والذي يسلتزم تشخيصهم في النص وجود علائق قارة في النص الروائي . ومن ثم يمكن الكشف عن الفكرة المركزية لنص الرواية وهي ــ أي الفكرة المركزية ـ تمثل المحك الداخلي للرواية فيما يمثل النص الحكائي فيها محكها الداخلي . ان الكشف عن عنصري المكان والزمان ربما يكون ليس سهلا في الروايات العجائبية والغرائبية والاسطورية ، الا انهما لابد ان يكونا موجودان بدلالة الحدث ، اذ لايوجد حدث بمعزل عنهما .
واذا ما انتقلنا في التحليل الى اختبار بنية الرواية الى البنية من نوع شبه زمرة ، وهي بنية تتضمن الخاصية التجميعية مزودة بعلاقة داخلية مغلقة . او الى البنية الزمرية ، فان البحث يتجه الى الكشف عن شروط كل منها . وفي كل الحالات المحتملة فان ضرورة هذه الكشوفات ترمي الى الحكم على النص حكما بنائيا . فالرواية مثلا التي تتضمن لكل عنصر فيها عنصرا معاكسا لابد ان تتضمن عنصرا محايدا والا فان الرواية تعد غير مكتملة البناء الفني . كما ان الرواية التي تتصف بالخاصية التجميعية لابد لها ان تدلل على الدلالة ذاتها التي وظُفت فيها عندما نصف طرفي العملية التجميعية . وهنا التحليل ينحى منحى تفكيكي ومن ثم تأليفي ، محايثا للخاصية التجميعية ذاتها .
اذن ، ان مضمون النص يمكن الكشف عنه كمرحلة تالية على التحليل البنيوي الاولي ،في الاقل .
ويتجلى المضمون بفكرة او نسق من الافكار ، او مجموعة من القيم .. وكل هذه قابلة للتصنيف بحسب حقولها العلمية .
ويبقى ان نذكر ان الفضاء له ابعاد متعددة ، فهو ليس خطي . وهذه الحقيقة تحلينا الى حقائق جزئية في النص يمكن تصورها على مستوى النقد الادبي او التأويل او التحليل .
واولى خطوات تحليل المضمون تحديد وحدات التحليل. والمرحلة التالية تصنيف هذه الوحدات. والمرحلة الثالثة احصاء تكراراتها ، وهنا لابد من ملاحظة ان وحدات التحليل قد تتجلى على نحو صريح ــ مفردة تدل دلالة واضحة على وحدة معينة كالقيمة مثلا ــ او على نحو ضمني ، أي متضمنة في الايقونات والاشارات والدلالات المجازية والاستعارية وغيرها . ويكون لدينا في هذه المرحلة جدول احصائي يتضمن عمودين : القيمة وتكراراها . اما المرحلة الرابعة فانها تعالج التكرارات معالجة احصائية باستخراج نسبة حضور كل قيمة قياسا بالمجموع الكلي لتكرارات القيم . ومن هذه النسب يمكن ان نستنتج الكثير من الاستنتاجات حول الفكرة المركزية للنص على نحو موضوعي دون تدخل من الباحث . ومن المفيد ان نركن الى تصنيف مضاد لمجوعة الافكار او القيم او الدلالات في مجال بحوث القيم على سبيل المثال يأخذ التصنيف المتضادات التالية : ايجابية وسلبية ، او محفزة ومحبطة ، او تقدمية ورجعية ، او عدل واستبداد ، او قيم انسانية متسامية وقيم انسانية غريزية وهكذا . وبهذا التصنيف المتضاد يمكن الكشف عن العلاقة القائمة بين شدة رتب الصنف الاول وشدة رتب الصنف الثاني لكي نقرر فيما بعد صواب او عدم صواب الافتراض الذي يستقر في قناعة القائم بعملية التحليل جراء قراءته الاولى للنص ، ومن ثم ، الخروج بنتائج تحيط علما بالعمل الابداعي وتظهر قيمته الفكرية والجمالية .


(1) ابو الحسن علي بن محمد بن علي الجرجاني المعروف بالسيد الشريف ( التعريفات )ـ تقديم الكتور أحمد مطلوب عضو المجمع العلمي العراقي ، دار الشؤون الثقافية ، بغداد 1986م، ص 132
(وسنشير الى رقم الصفحة فور الاقتباس منه)
(2) مادة ( ن س ب ) في مختار الصحاح : النُسبة بكسر النون وضمها مثْله ... وبينهما مناسبة أي مشاكلة .
(3 ) دي سوسور : 127 وما بعدها .
(4) الاقتصاد في الاعتقاد ، ص 58 في ـ الدكتور عبد الملك عبد الرحمن السعدي ( شرح النسفية في العقيدة الاسلامية ) ـ دار الانبار للطباعة والنشر ، العراق ، 1999م ، ص 77
(5) فريدنان دي سوسو ( علم اللغة العام ) ترجمة الدكتور يوئيل يوسف عزيز ، مراجعة النص العربي : د.مالك يوسف المطلبي ـ دار آفاق عربية ـ بغداد 1985 م ، ط1 ، ص 23
( وسنشير الى رقم الصفحة فور الاقتباس منه )
(6) رولان بارث (مبادئ في علم الادلة ) ـ تعريب د. محمد البكري ــ دار آفاق عربية ودار النشر المغربية ، بغداد ، ط2 ، ص 114
( وسنشير الى رقم الصفحة فور الاقتباس منه )
(7) لوي يالمسليف ص 103 برواية رولان ص 102 .
L.Hjelmslev:Essais linguistiques,p.103
( 8 ) احمد بن امبيريك ( صورة بخيل الجاحظ الفنية من خلال الاسلوب في كتاب البخلاء) ـ دار الشؤون الثقافية ، بغداد ، ط1 1999م ، ص 193، 140
(9) جان كويزنيه :راجع دراسته الموسومة ( البنيوية ) في العددين 6/7 الفكر العربي المعاصر 1980 ص 43 ـ 61 ( وسنميز الاقتباسات منه بوضعها بين قوسين )
(10) أوزالد دوكرو ( برواية كويزينيه ص 45 )
Oswald Durot _ le Structralisme en linguistique_ in Qu`estce quele structuralisme( le seuil,paris,1968)



#عبد_الرحمن_كاظم_زيارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن كاظم زيارة - التباديل واحصاءات البنية