أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد المحيسن - في نقد الخطاب الديموقراطي الغربي















المزيد.....

في نقد الخطاب الديموقراطي الغربي


جهاد المحيسن

الحوار المتمدن-العدد: 697 - 2003 / 12 / 29 - 04:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أخذت موضوعة الديمقراطية مع بداية عقد التسعينات تشكل محور أساسيا ، يقدم نفسه بديلا موضوعيا لفكرة الوحدة. التي  عمت العالم العربي في الخمسينيات من القرن المنصرم ، كنتيجة موضوعية لتحرره من الاستعمار الأوروبي ، وتصاعد المد القومي في العالم العربي ، وأيضا قدمت الديمقراطية نفسها كبديل طبيعي للاشتراكية التي راجت في الستينيات إلى أواسط الثمانينيات في القرن العشرين، عند بعض التيارات السياسية الساعية للتغيير، وعندما فشلت كل من الاشتراكية، والوحدة في تقديم أنموذج لحل مشاكل التنمية السياسية، والاقتصادية في العالم العربي بدأت الديموقراطية اللبيرالية تحاول أن تجد لها موطأ قدم في الواقع السياسي والثقافي العربي.
 وأمام الهجمة الغربية الشرسة التي تقودها الإمبريالية الغربية بزعامة الولايات المتحدة أراد العالم العربي من خلال بعض مثقفيه أن ينقل المشروع الحالم أي الديمقراطية إلى الواقع العربي كبديل لكل النماذج السابقة،  ووقع في فخ  يوصفه "جورج طرابيشي"  بان ما يميز فكرة الديمقراطية فيه أنها أسطورة خلاصية ، مثلها مثل فكرة الوحدة، وفكرة الاشتراكية من قبل، وهي تراهن على النقلة الموعودة من الجحيم إلى النعيم بالشرط الذي تمثله هي نفسها. فقبلها لاشيء ومن بعدها كل شيء ،وهي بذلك تقدم نموذجا مكتملا لخطاب أيدلوجي حامل، لا  لبرهان كما في الخطاب العلمي ، بل لوعد، وهذا الوعد يتعقل نفسه من دون أن يتعقل شروط تحقيقه، ويمثل بدوره نموذجا لما تسميه الابيمستولجيا الحديثة (( باللامفكر فيه)) .
 إلا أن هذا المشروع الحالم في العالم العربي اصبح واقع في العالم الغربي ، بل انه جزء من تكوينه التاريخي،  الأمر الذي يفسح المجال لنا في بحث هذا المشروع الحالم الغربي الجذور!!!. يشير ميشيل فوكو إلى أن " الدولة هي ولادة العنف المنظم"، وعلى الرغم من صدقية هذه المقولة لا أن فوكو لم يؤصل في" حفرياته المعرفية" أن الديمقراطية هي الولادة الشرعية للسلطة، وتأسيسا على المقولة السابقة (( أن الديمقراطية هي ولادة السلطة)) سنحاول البحث في  جذورها الغربية وكيف يتم التعامل معها، والتحرك من خلاله في سياق توسعي إمبريالي يعود في جذوره إلى حركة الاستعمار في القرنين الثامن والتاسع عشر .
ويبدوا أن الغرب موغل في عشق تاريخه حتى انه اوهم  العالم انه  أسس للديمقراطية خطابا يعود إلى  ممارسة مواطني(( اثينا )) لهذه الديمقراطية أي ان الديمقراطية فعل غربي  بامتياز، ويرتبط بصيغة مدنية وحضارية فهي اجدر أن تكون فعل اثيني، وليس فعلا شرقيا باهتا يأتي من سومري أو بابلي أو فرعوني  أو صيني أو هندي. أي انه مارس فعل الإقصاء عن الامتياز الحضاري عن باقي الحضارات، التي تشير الدراسات الغربية ذاتها إلى أن الحضارة اليونانية نفسها كانت ناقلا جيدا للموروث الحضاري المصري والعراقي والسوري أي تلك الدراسات التي لم تدرس باقي المجتمعات ببعد استشراقي يخفي بشكل فج معالم الثقافات الأخرى ويمهد لاحتلالها ثقافيا وعسكريا بدعوى نشر الديموقراطية والحداثة .
ولكن ماذا عن وجهة النظر التي حملها كل من" كارل ماركس" و"فردرك انجلز"  في تشخيص وبحث مصطلح (( الديمقراطية العشائرية)) في دراستهما للجماعات العشائرية المبكرة ، ومحاولتهما من خلال هذه الدراسة إبراز العلاقات الطبقية ،والأشكال المتشابه للتنظيم الاجتماعي في المجتمعات القديمة للسلطة العلنية القائمة على إظهار إرادة  الأغلبية وعلى المساواة في الحقوق والواجبات ، وعلى اختيار الأفضل أو الأكبر سنا حسب مفاهيم الديمقراطية العشائرية ، وبذلك التحليل تكون الديمقراطية العشائرية أول شكل تاريخي للديمقراطية العلنية ، وشملت بشكل عملي تقريبا كل أفراد الجماعة، أي ان الديموقراطية في صورتها الأولية ليست امتيازا غربيا محض، وإنما هي شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي الذي حكم مجمل التكوينات الأولية للمجتمعات البشرية في لحظة تكوين نواة المجتمع، ما لبث ان تحول إلى شكل أخر مع تطور المجتمعات ذاتها.
وشملت تلك الديمقراطية بشكل عملي تقريبا كل أفراد الجماعة ، فإذا عاقبت السلطة الاجتماعية في البداية كل الخارجين عن السنن والأعراف السائدة ،وحلت مسائل النشاط العلمي والإنتاج المشترك، ووزعت نتائجه توزيعا عادلا ، فانه في مرحلة متأخرة من تطور العشيرة الأمومية ، وفي مرحلة الانتقال الى العشيرة الأبوية ،ظهرت وظائف أخرى مثل إعادة توزيع الأسر والجماعات ، والحصص من الأرض ، وتأسيس احتياطات ودفاعات من الغزوات التي تقوم بها القبائل المجاورة ، وبناء حواجز للري وأعمال التحصين،  كل هذا يشكل في مجمله سيرة تطور طبيعي مرت بها اغلب الجماعات البشرية أي انه ليس حكرا لحضارة بعينها في طريق نشؤها ، وبدا ان السلطة بدأت تتبلور مع تبلور المجتمعات ذاتها ولانسلاخ من مرحلة الجمع والصيد إلى مرحلة العيش في تنظيمات اجتماعية أولية، وقد تشكلت في تلك السياقات تنظيمات أجهزة المحاكم البدائية وهي أول أجهزة سلطوية إدارية ، تحدد حجم العقوبة للمنحرفين من الأنساب.
ويشير "لينين " إلى خاصية أساسية للنظام العشائري وهي اختفاء طائفة خاصة من الناس تقود الآخرين لها مصالح وأهداف تحققها من خلال العمل الإداري المنظم عن طريق أجهزة الإرغام المعروفة، وهل  تحليل لينين ذلك بعيد عن  الواقع الحالي على الأقل في النموذج الديمقراطي  الغربي عموما والأمريكي خصوصا الذي يسوق ديمقراطيته بقوة السلاح؟ أليس تحقيق الأهداف يتم بنفس وسائل الإرغام القديمة ولكن مع آلة الإعلام الحديثة شديدة التعقيد ،والتي  تقودها مجموعات رأسمالية تشتغل في الخفاء للتحقيق مصالحها؟! .
  لنرى في هذا السياق ما يقوله المفكر الأمريكي" نعوم تشومسكي" أن دور وسائل الإعلام في السياسة المعاصرة يحملنا على التساؤل عن نوع العالم ونوع المجتمع ، وبشكل خاص ، بأي معنى من معاني الديمقراطية نريد له أن يكون مجتمعا ديمقراطيا؟ فهناك مفهومان مختلفان للديمقراطية بحسب رأي تشومسكي : المفهوم الأول هو  إن المجتمع الديمقراطي مجتمع يملك فيه الجمهور وسائل المشاركة بطريقة ذات معنى في إدارة شؤونه ، وتكون فيه وسائل المعلومات مفتوحة وحرة ، وإذا بحثنا عن كلمة الديمقراطية في القاموس فسوف نجد لها تعريفا يشبه ذلك وهنالك مفهوم بديل يقول بأنه لابد من منع الجمهور من إدارة شؤونه ، وابقاء وسائل الإعلام تحت السيطرة بشكل دقيق وصارم ، ولكن قد يبدوا ذلك المفهوم  غريبا على الديمقراطية، ولكن من المهم أدراك انه المفهوم السائد ، وانه في الواقع موجود منذ زمن طويل يرجع إلى الثورات الديمقراطية الأولى في إنجلترا في القرن السابع عشر .
إذا ثمة خطاب أسس منذ لحظة الولادة الأولى للديمقراطية الغربية نحو النزعة التوسعية الإمبريالية ،  لنتابع تطور تلك السلسة من جذورها الأولى  إذ انه ومع الوقت تشكل حول الزعيم شريحة القادة ، وقد تشمل في المقارنة الأنثروبولوجية المعاصرة" دونلد رامسفيلد ، دك تشيني" وغيرهم من القادة في النظام الديمقراطي الأمريكي" ، إضافة إلى البارزين في العشيرة، والأقرباء من الزعيم والشخصيات  الأخرى، والقيام بتنفيذ الوظائف الكهنوتية " توني بلير" ، إضافة إلى المكلفين بالقيام ببعض الأعمال التقنية في تلك المرحلة البعيدة في التاريخ والمنتجة بصورة الديمقراطية الغربية الحالية " الأمم المتحدة وعلى وجه التحديد مجلس الأمن".
وبدعم هذه الشرائح في صيغة الديمقراطية العشائرية تم اغتصاب الصلاحيات السلطوية في المجتمع ، واصبح منصب الزعيم ينتقل بالوراثة، وساعد في تسريع هذه العملية ، مبدأ تقسيم العمل ونقل الحصص الزائدة ، والملكيات الخاصة التابعة للجماعة  إلى زعماء القبائل ( الشركات عابرة القومية) ، ومع تقسيم العمل حدث التحرر الذاتي للوعي، فإذا كان الإنسان في الجماعة العشائرية المبكرة مرتبطا بالعشيرة بروابط المساعدة المتبادلة، فانه في العصور المتأخرة اكتسب وعيا ذاتيا من خلال سير النشاط الإنتاجي العملي ، وبذلك يكون قد دخل في صراع مع من كبله في قيود التنظيم القبلي أي في الواقع الحالي مع الإمبريالية الغربية.
وليس الموضوع المطروح لبحث الإشكال النظري الباحث عن ولادة السلطة ، والدولة ، لكن ذلك يشكل قاعدة لفهم آلية انتقال الديمقراطية العشائرية إلى الديمقراطية العسكرية، ولارتقاء بالزعامة ،لم يتم بشكل آلي لتركيب الدولة ، كسلطة علنية مستقلة عن المجتمع بتنظيمها لجهاز القمع وتقسيم السكان حسب المناطق ، فهل من المجد القول في طور الانتقال السابق ذلك   أن الواقع الحالي للحرب التي أججتها الولايات المتحدة على العراق وقبلها وبعدها الحرب "المسرحية" المفتوحة على الإرهاب ، والصراع بين الغرب والشرق يدخل ضمن ذلك السياق التقسيم للمناطق بحيث أن الغرب المسيحي "الديمقراطي"  والشرق المسلم " الإرهابي" متصارعان  وان العالم بحسب الرؤية الأمريكية  شطر إلى معسكرين : "إمبراطورية الخير" بزعامة الولايات المتحدة ،" ومحور الشر" بزعامة أسامة ابن لادن وصدام حسين؟.
ماذا عن العبر المستخلصة من تاريخ الغرب بحسب ما درسها المفكر اللبناني " جورج قرم"  في كتابه " شرق وغرب : الشرخ الأسطوري"  وهي أن القوة لا تعني الحق ، والمعرفة لا تعني الحكمة . وان الغرب لا يقر بذلك ، ولهذا السبب لم يستطع إقامة نظام إمبريالي مستقر وعادل ، سواء داخل حدوده ، أم في علاقاته مع المناطق الأخرى من العالم.
أن الغرب في تبنيه أدوات القوة وسعيه المتواصل لبسط سيطرته العسكرية على العالم ، لم يعد مدركا لشكل التناقض الفاضح في المبادئ التي أعلنها لتسويق نظامه الإمبريالي  حيث بات شكل هذه الأفكار  التي يدعيها مجرد ديكور كاريكاتوري نافر.لذا بحسب ما يراه جورج قرم  فأن فلسفة الأنوار  تواجه أزمة  خطيرة ، لان مصادقيه  هذه الفلسفة ومصداقية القيم الليبرالية والديمقراطية التي بشرت بها وانتشرت على نطاق واسع في العالم الثالث مهددتان بالانهيار الوشيك والتام!!!.
فهل يعيد المفكرون العرب قراءة  الأسطورة الخلاصية في موضوع الديمقراطية ؟ سؤال يبقى مفتوح ولاجتهادات فيه لازمة.
ننهي بوجهة  نظر إدوارد سعيد (( يعلمنا التاريخ  ان كل إمبراطورية  تدعي أنها ليست كمثيلاتها ، وأنها تنفرد عنها بغاياتها النبيلة في إيصال رسالة الحضارة والتنوير وإشاعة الديمقراطية، وأنها لا تستعمل القوة إلا بوصفها الخيار الأخير)).

باحث من الأردن



#جهاد_المحيسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قيادي بحماس لـCNN: وفد الحركة يتوجه إلى القاهرة الاثنين لهذا ...
- مصر.. النائب العام يأمر بالتحقيق العاجل في بلاغ ضد إحدى شركا ...
- زيارة متوقعة لبلينكن إلى غلاف غزة
- شاهد: -منازل سويت بالأرض-.. أعاصير تضرب الغرب الأوسط الأمريك ...
- الدوري الألماني ـ كين يتطلع لتحطيم الرقم القياسي لليفاندوفسك ...
- غرفة صلاة للمسلمين بمشفى ألماني ـ مكان للسَّكينة فما خصوصيته ...
- محور أفدييفكا.. تحرير المزيد من البلدات
- خبير ألماني: بوتين كان على حق
- فولودين: واشنطن تضحّي بالآخرين للحفاظ على القطب والواحد
- فرنسا تتهم زوجة -داعشي- سابقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد المحيسن - في نقد الخطاب الديموقراطي الغربي