فؤاد منير خليل
الحوار المتمدن-العدد: 2243 - 2008 / 4 / 6 - 05:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أنا لست هنا لأنافق نظاما أو شخصا أو مافيا ممتدة على طول الساحة العربية من المحيط إلى الخليج والكل يعرف من مقالاتي وتعليقاتي ومنشوراتي بما لايدع مجالا للشك بأنني لاأحترم ولاأجاري أو أحابي أي منظومة عربية أو إسلامية من طنجا إلى جاكرتا ومن سواقي البؤس إلى بحيرات وأنهار الذل والشقاء والهوان.
هنا وفي هذه الكلمة البسيطة المتواضعة أردت أن أحاول بشكل جدي البحث عن معيار ما لتحديد عما إذا كانت القمة التي عقدت السبت والأحد الماضيان في سوريا هي قاع أم قمة فاشلة أو أو أو كما أراد الكثير من الكتاب وصفها وإظهارها لإيمان بداخلهم أم لأنهم بوق من أبواق نظام أو جهة تريد التهجم ووضع العصا في العجلة الدائرة.
المعيار الأول الذي يمكن للمرء الإنطلاق منه لمعرفة نجاح أو فشل مؤتمر أو قمة سياسية هو الحكم من وجهة نظر الحاكم
والنجاح والفشل من وجهة نظر منظومة الإستبداد والغدر والقتل والذل والإستسلام وإلى ما هنالك من صفات لايمكن عدها وحصرها هنا والتي زادت عن عدد كلمات أسماء الله الحسنى فإن القمة ناجحة كل النجاح وخاصة أن زمن الإستحياء والخجل قد ول وذهب أدراج الريح وبدأت المتاجرة بالوطن والحرية والكرامة والمواطن على عينك ياتاجر فهاهم الملوك والرؤساء الأشد مكرا واستبدادا وجهلا يقولونها وبكل صراحة بأنهم لن يحضروا القمة وكل منهم أرسل شخصا ليمثل بلاده والشخص المرسل لايرقى في عرف الدبلوماسية ولا في العرف الدولي لأن يمثل بلاده في قمة مثل هذه وقد ذكرونا هنا بالطليان عندما أرسلوا خدمهم ليستقبلوا قيصر النمسا وزوجته الرائعة سيسي التي ملكت قلوب أوروبا حاضرا وتاريخا وفي النهاية تباكى النبلاء ومن في زمرتهم لأنهم فوتوا مثل هكذا فرصة وخاصة أن سيسي بعد المؤتمر ورغم معرفتها بما تم فعله استطاعت بهرولتها في الطريق كإنسان عادي بصدق وعفوية لتأخذ ابنتها الصغيرة في حضنها وهي التي لم تراها منذ شهور بسبب مرضها وقدومها إلى إيطاليا من المصح الذ كانت تقيم فيه حتى لاتنقل العدوى إلى الآخرين بأن تستاثر بقلوب ووجدان الشعب الإيطالي وهذا ما نراه على امتداد الساحة العربية كيف أن الرئيس السوري الشاب المتعلم المثقف صاحب المبادئ الثابتة في القضايا الهامة والمصيرية بدأ يلفت انتباه الشارع العربي وشعبيته زادت في دول المعارضة ودول الإستسلام إلى أكثر من شعبية النظم المستبدة المتسلظة على الشعوب هناك. هذه الدول المعارضة علنا لكل ماهو مصيري بحق الشعب والوطن لم تخفي تواطؤها وسمسرتها واجتماعاتها العلنية مع أمراء الحروب وتابعيهم حتى تقوم بإفشال القمة التي أرادت مناقشة قضايا مصيريه عالقة لاسلام بدونها. القمة ناجحة من وجهة نظرهم لأنهم باتوا يلعبون على المكشوف لإرضاء السيدة الحديدية الساعد الأيمن لصقور السلام. إن النجاح هنا واضح وضوح الشمس بالنسبة لهؤلاء المماليك ووضعهم لايختلف عن وضع العراق وماآل إليه العراق الجريح. فمن يظن بأن الصقور خسروا الحرب في العراق عليه أن يعيد حساباته واستراتيجيته وتفكيره ولينطلق من أمرين: فإذا كان هدف الصقور هو السلام والديمقراطية والحرية فهذا يعني بأنهم خسروا الحرب ومابعد الحرب وأما إذا كان الهدف هو تدمير العراق وإرجاعه إلى ماقبل التاريخ فقد ربحوا الحرب حاضرا ومستقبلا على المدى المنظورعلى الأقل والشعب الذي يقتل في العراق كان رخيصا في زمن صدام وبات أرخص في زمن الحاكم بأمر ربه بريمر وشركاه من بعده. وهنا تجب الإشارة إلى أن الرفض الصريح لحضور القمة تفوح منه رائحة الطائفية والإقليمية والمتاجرة بالدين والوطن.
المعيار الثاني هو الحكم على الأمر من وجهة نظر المحكوم المسحوق المظلوم الدافع للضريبة مهما كان نوعها وبكل الأحوال. وبما أنني من الفئة الثانية ذات المعيار الثاني فإنني أعتبر القمة ناجحة نسبيا وعلى الرغم من أنها لم ترتق إلى تطلعاتنا كشعوب مقهورة وكما يقول المثل فالكحل أفضل من العمى وذلك بناء على المدلولات التالية:
ـ لقد ذكر الرئيس السوري وبكل صراجة التقصيرالحاصل من الحكومات بحق شعوبها ولم يستثن سوريا من ذلك
ـ لقد تطرق إلى القضايا المصيرية التي لاسلام ولاأمان بدونها وهذا ليس بالجديد ولكن التوقيت والضغوط الخارجية العربية والدولية تجعل حديث الرئيس السوري حول هذه القضايا أمرا ليس بالعادي يستحق الإحترام والتقدير عليه.
ـ ازداد احترامي للرئيس السوري لأنه لم يبدأ الجلسة والكلمة بالبسملة وتلاوة الذكر الحكيم وإن دل ذلك على شيء فإنه يدل على أن الرئيس لايحاول المتاجرة بالدين وباسم الله في بيع قضايا شعب ووطن بالمزاد السري والعلني كما يفعله أصحاب الجلالة والسمو والسيادة.
ـ لقد أصر على انعقاد القمة بالوقت المحدد وفي هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة وبالأخص في سوريا والعراق ولبنان رغم أنف من حاول إفشال وإسقاط القمة.
والأهم من هذا كله هو إصرار سوريا على سياستها التي تعمل على التوازن الإقليمي والذي أدى إلى عدم اقتراح مبادرات استسلام جديدة على أرض سوريا الصامدة والتي بموجبها هذه المرة كان أصحاب الجلالات والسيادات سيتنازلون عن حقوق لاسلام بدونها مثل حق العودة وعيرها من حقوق.
طبعا هناك نقاط إيجابية أخرى لامجال لتعدادها هنا مادمنا قد ذكرنا أهمها وأخيرا وفي نهاية هذا المقال أود أن أقول للرئيس السوري بأنه ماأخاف الأسد يوما نباح كلب فالأسود أسود والكلاب تبقى كلابا والرجال تبقى رجال وأنصاف الرجال تبقى أنصافا.
كما أود أن أخبر سيادته بأن صدقي مع نفسي ومع وطني هو من جعلني أكتب هذا المقال وهذا لايعني ولابشكل من الأشكال بأن وضع المواطن في سوريا جيد ويبشر بالخير إذا بقي الكثير من المرتزقة يتسلطون على رقاب الشعب.
#فؤاد_منير_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟