|
من المستفيد من حرب البصرة
علي النجار
الحوار المتمدن-العدد: 2238 - 2008 / 4 / 1 - 11:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس من الصعب لاي متابع للاحداث الجارية الان في البصرة ان يحدد الجهة المستفيدة من هذا الصراع الدامي . فحرب الابادة التي تمارس ضد اتباع التيار الصدري والمرفوعة تحت شعار فرض سلطة القانون ما هي الا اداة لتحقيق اهداف سياسية امريكية بالدرجة الاولى ، حيث ان معطيات هذه الحرب التي لايعرف لحد الان كيفية ايقافها تصب في انجاز مصالح امريكية فائقة الاهمية .
فأول تجلي لصورة الحرب يتمثل بأنها حرب بالنيابة عن الولايات المتحدة ضد ايران ، حيث تقوم القوات العراقية الهشة التكوين والضعيفة التسلح بالجزء الاكبر من العملية العسكرية ويقتصر دور القوات الامريكية بالاسناد والقصف الجوي ضد عناصر مدربة ومسلحة من ايران تطبق ولغاية الان بكفاءة اسلوب حرب الشوارع مما يضطر القوات العراقية الى استخدام اسلحة ثقيلة في المواجهة الامر الذي يؤدي الى تعرض المدنيين للخطر والهلاك . وهذه المعارك الجزئيية التي تشنها الولايات المتحدة ضد ايران بين الاونة والاخرى تأتي ضمن استراتيجتها تجاه طهران ،فما حروب النيابة الجزئيية التي فتتحتها مع ايران ضد حزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة بواسطة اسرائيل الا محاولة لتشتيت الجهد الايراني على عدة جبهات واستنزاف قواها في عدة مواقع .
كما ان الحرب في البصرة وبقية المناطق في العراق سعت الى اظهار التيار الصدري امام الجمهور بأنه تنظيم اجرامي خارج عن القانون ويقف حجر عثرة في استتباب الامن والاستقرار في البلاد ، وبالتالي تشويه سمعته امام الرأي العام واضعاف فرصته في الفوز بانتخابات مجالس المحافظات القادمة في شهر تشرين الاول ، لاسيما وان التيار الصدري مرشح للفوز بنسبة كبيرة في المحافظات الجنوبية . ان خسارة التيار الصدري في الانتخابات القادمة يمثل لامريكا هدفا ملحا ، لارتباط الصدريين بالتيار المتشدد في ايران ، لذلك فمن الاهون على واشنطن ان يفوز المجلس الاعلى وحزب الدعوة القريبين من التيار المحافظ في ايران على ان يفوز التيار الصدري الذي سيفسح المجال اكثر في حالة فوزه للايرانيين في التوغل في تلك المحافظات النفطية .
كما ان هذه الحرب تعكس في احدى صورها ، طبيعة الصراع الشيعي – الشيعي الذي يشكل للولايات المتحدة هدفا مهما ، فأظهار الشيعة وهم يتقاتلون مع بعضهم البعض امام الرأي العام الشيعي ، يشكل احباطا ونفورا شعبيا عن تكرار انتخابهم مرة اخرى ، لاسيما وان المواطن عانى الامرين من حكم الاسلام الشيعي طوال الفترة الماضية حيث الانفلات الامني وانعدام الخدمات الضروية اضافة الى غلاء المعيشة والبطالة المستفحلة ، لذلك فأن معطيات هذه الحرب ستزيد هذا المواطن احباطا ويأسا وستجعله يفقد الثقة المتزعزة اصلا بالاحزاب الاسلامية الشيعية والتفكير بأيجاد بدلاء عن هذه الاحزاب لانتشاله من الازمات الخانقة التي يعيشها وبالتالي فأن النموذج الليبرالي المدعوم من واشنطن ستكون له فرصة كبيرة لاغراء المواطنيين لاختياره في الانتخابات التشريعية القادمة في نهاية 2009 .
كما ان هذه الحرب سعت فيما سعت اليه الى اظهار الجيش العراقي وبقية القوات الامنية بالعاجزة والضعيفة امام تحدي كبير كالذي وضعت فيه ، وانها اي هذه القوات بحاجة دائما الى اسناد ودعم من حليفها القوي – القوات الامريكية – ان زج الجيش العراقي في هذه المواجهة الصعبة ، وهو الجيش البدائي التسلح والعديم الخبرة ، الغرض منه ابراز اهمية الوجود العسكري الامريكي في العراق ، والوصول الى خلاصة بأن القوات المحلية ليست بقادرة على حماية امن البلاد او فرض القانون فيه ، كما ان هذه الحرب تعطي مبررا لاعادة القوات البريطانية التي انسحبت من المدينة قبل فترة ، واظهار الامر على ان القوات العراقية ليس بقادرة على فرض الامن في هذه المدينة المهمة وبالتالي ضرورة عودة البريطانيين اليها . ان كل هذا بالتأكيد يمهد الارضية المناسبة لقبول الاتفاقية العراقية – الامريكية طويلة الامد المزمع توقيعها في تموز القادم . اي ان نتائج هذه الحرب ستعمل على تهيئة البيئة المناسبة للقبول الشعبي بهذه الاتفاقية والتي تعتبر الوثيقة الرسمية التي ستضمن المصالح الامريكية في العراقي والشرق الاوسط . كما ان هذه الحرب تعطي ايضا في احدى تجلياتها برهان اخر لتورط ايران في العراق ، وما الاخبار المتواترة عن وجود عناصر ايرانية ولبنانية تقاتل في البصرة الى جنب جيش المهدي ، اضافة الى القصف الامريكي لبعض القوافل على الحدود العراقية الايرانية بحجة نقلها اسلحة للمقاتلين ، ما هي الا دليلا امريكيا جديدا على التورط الايراني في العراق . وعليه وحسب كل ماتقدم فأن هذه الحرب التي اودت بحياة الكثير من المدنيين واعادت شبح الحرب الذي لاينقطع عن هذه البلاد ، وسببت الكثير من الخسائر المادية والبشرية ، وعطلت الحياة في ارجاء العراق ورفعت من منسوب الحزن والمرارة لدى ابناء الشعب والتي لن تقف امتدادتها بكل تأكيد عند هذا الحد ، كان رابحها الاكبر هو الولايات المتحدة التي تضيئ شموع سهرتها الطويلة بنار العراق واهله .
#علي_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الولادة العسيرة للتاسع من نيسان
-
جدار بغداد العازل والعزلة التشكيلية
-
نــداء
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|