أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منيف ملحم - قاضــي جـــرمانا














المزيد.....

قاضــي جـــرمانا


منيف ملحم

الحوار المتمدن-العدد: 694 - 2003 / 12 / 26 - 06:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تناقلت الصحف وبعض القنوات الفضائية إن قاضي مدينة جرمانا- الواقعة في ريف دمشق- السيد باسل الرفاعي قام بتوقيف مواطن كان يدخن أمام محله في شهر رمضان وتحويله إلى المحكمة حيث حكمت عليه بالسجن لمدة شهر بتهمة " الإفطار في رمضان علناً مخالفاً للآداب العامة" استناداً إلى اجتهاد قانوني يعود إلى عام 1950.
ووفقاً لحديث المحامي خليل معتوق لصحيفة السفير فإنه الحكم الأول بهذا الموضوع منذ صدور الاجتهاد المذكور عام 1950 كما انه أسرع حكم قضائي بتاريخ المحاكم السورية.
ووفقاً لصحيفة الحياة فإن مقربون من قاضي جرمانا ذكروا إنها ليست المرة الأولى التي يطلب فيها القاضي من مواطنين في جرمانا إطفاء السيجارة في الأماكن العامة وقد استجابوا لطلب القاضي.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم :
1- هل سبق للقاضي أن طلب من الناس قبل هذا العام هذا الطلب في جرمانا أو غيرها؟ وهل فعلاً انه لم يشاهد في جرمانا وغيرها من أحياء دمشق إن المطاعم لا تغلق أبوابها في شهر رمضان وان الناس يرتادونها ويتناولون طعامهم دون خوف من المطوعين قبل ظهور القاضي لأنهم إما غير صائمين وإما لأن الصوم ليس من شعائرهم؟. 
2- هل صحيح إن المواطنون الذين أطفئوا سكائرهم بعد طلب القاضي منهم قد استجابوا لذلك "احتراماً لمشاعر الآخرين" أم إن القاضي هددهم بالتوقيف فامتثلوا للتهديد؟
3- هل إن امتثال الناس لطلب القاضي هو الذي شجعه ليلعب دور المطوع للناس( على غرار المطوعين في السعودية) بالإضافة لوظيفته كقاضي؟ أم إن هناك شيء أخر في المناخ العام للعالم والبلاد هو الذي شجع السيد القاضي على لعب هذا الدور.؟
4- هل إصدار الحكم بهذه السرعة من قبل المحكمة جاء ليدلل على إن القضاء السوري خرج من اكبر مشكلة كان يعاني منها وهي نوم الدعاوى القضائية في المحاكم لسنوات قبل البت فيها. أم إن حكم المحكمة جاء ليشرعن دور المطوع للسيد قاضي جرمانا؟
يذكرنا هجوم القاضي الرفاعي على المفطرين في شهر رمضان من المسلمين أو غير المسلمين تحت غطاء "مخالفة الآداب العامة" بالحملة التي شنها اليمين الفرنسي ومازال على المسلمات من طالبات المدارس في فرنسا المرتديات للحجاب تحت حجة إيذاء مشاعر الفرنسيين في الظاهر ولكنها في الواقع هي كره للأخر المختلف وحملة كان اليمين يرمي من خلالها إلى التعبئة. هذه التعبئة التي أثمرت نتائجها عن نسبة من الأصوات لمرشحه في الانتخابات الرئاسية الماضية لم تشهدها فرنسا في تاريخها المعاصر.
في فرنسا أصدر القضاء حكمه بالسماح للطالبات بارتداء الحجاب في المدارس لان ذلك يتوافق مع الحريات الشخصية للمواطنين الفرنسيين. أما في سورية فأن المحكمة ضربت الرقم القياسي في سرعة إصدار الحكم غير عابئة في إن كان هناك حرية للآخر المختلف مادام لديها اجتهاد يعود إلى نصف قرن مضى ومادامت قائمة في وطن غيبت فيه كل الحريات الأساسية منذ عقود..
ليس مسألة توقيف المواطن ولعب دور المطوع من قبل قاضي جرمانا ولا حكم المحكمة السريع ولا الكلام الذي وجهه القاضي إلى المتهم بعد نطق الحكم والذي عبر فيه عن موقفه من المسألة لا باعتباره قاضي بل بكونه مختلف مع الآخر وكارهاً له هو ما يدفعنا إلى تناول هذه القضية. وإنما يدفعنا إلى ذلك المناخ العام الذي تعيش فيه البشرية في ظل العولمة الرأسمالية المتوحشة التي أثارت منذ انطلاقتها وما تزال تثير وتنبش كل ما هو متعصب ومنغلق، فمن إثارة نزعات التمييز والتفرقة على الصعيد العالمي باسم "صراع الحضارات" إلى إثارة كل النزعات القومية والدينية والطائفية على الصعد الإقليمية والمحلية. مرة بفعل التنظير والتعبئة الإعلامية والسياسية ومرة بفعل حالة التهميش والإفقار والسحق الذي وضعت الشعوب والدول فيه من قبل مراكز رأس المال.
نحن لا ننفي إن القوميات والأديان في الماضي شهدت حركات تعصب وعنف. ولكن ما نشهده اليوم من حركات دينية أو قومية متعصبة وعنيفة هي شيء مختلف نوعيا. هذه الحركات يرتبط نسبها بالحركات القديمة اسماً أما نسبها الحقيقي فيعود إلى العولمة الرأسمالية المتوحشة التي انطلقت في العقد الأخير من القرن العشرين رامية بكل ثقلها على الشعوب إفقاراً وتهميشاً وإذلالاً وتدميراً للقيم. إنها نتاج والابنة الشرعية للايدولوجيا والتنظير العولمي لمفكري العولمة ودعاتهم. إن العولمة الرأسمالية المنفلتة من كل قيمة ماعدا قيمة مراكمة الربح والثروات تتقدم ساحقة شعوباً وأمماً وهي بذلك تترك لهم خيارات وتثير عندهم ردود أفعال قاسية وصعبة ولا إنسانية يعتقدون أنهم يستطيعون الخروج بردود الأفعال هذه من جحيم وسلاسل العولمة ولكنها من خلال ردود الأفعال هذه في الحقيقة تتمكن من توفير الشروط والذرائع لكي تسحقهم أكثر وتستعبدهم أكثر وتضعف وتشتت قدراتهم على مقاومتها أكثر فأكثر.
إن الذي أوقف مواطن تحت حجة "مخالفة الآداب العامة" اليوم  يشجع أخر على إيقاف النساء وإحالتهم إلى المحكمة بحجة إن لباسهم يخالف الآداب العامة مستقبلاً وان بعض برامج التلفزيون تؤذي مشاعر البعض الأخر.
هكذا لم يبدأ بعض المتعصبين الهندوس عملهم بهدم مسجد بابري بحجة وجود معبد هندوسي قديم تحته قبل أن يرتكبوا مجزرة راح ضحيتها 2000 من المسلمين في ولاية جوجرات الهندية. وإنما بدؤها بأعمال تعصب صغيرة. وهكذا لم يبدأ طالبان وابن لادن في أفغانستان عملهم بتدمير تماثيل بوذا التاريخية في بلدهم بحجة أنها  مخالفة للشريعة الإسلامية قبل تدمير أبراج مانهاتن في نيويورك.  بل بدؤها بأعمال صغيرة من مثل سجن النساء بحجة أن ظهورهم في المجتمع يؤذي المشاعر العامة.
إن التعصب والانغلاق على الآخر ليس سبيلاً لمواجهة وحش العولمة والهيمنة الأمريكية وإنما الانفتاح والتلاقي مع الملايين الذي نزلت إلى الشوارع في جميع أنحاء العالم تهتف ضد الحرب على العراق في 15 شباط من هذا العام وحده الكفيل بحماية كل القيم الإنسانية النبيلة من الإلغاء والتذويب التي تسعى العولمة الرأسمالية إليها لتبقي قيمة الربح هي القيمة الوحيدة للإنسانية



#منيف_ملحم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل عام وانتم بخير
- بداية مأزق الانتصار الأمريكي السهل
- من الديمقراطية إلى الليبرالية الجديدة... خيارنا الراهن
- الأممية اليوم
- أوجاع وطن
- حروب العولمة الإمبريالية
- لا للحرب...
- سوريا والحركة المناهضة للعولمة
- اليسار غائب عن موقعه..!!؟؟ أي حركة سياسية .. أي حزب نريد؟؟


المزيد.....




- روسيا تحشد 110 آلاف جندي قرب مدينة أوكرانية استراتيجية وفقا ...
- رأي.. عمر حرقوص يكتب: لبنان المتحارب بين -أهلَين-.. صواريخ - ...
- بي بي سي داخل مبنى التلفزيون الحكومي الإيراني الذي تعرض لقصف ...
- إيران تُشيّع جثامين قادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا في المو ...
- السودان: البرهان يستجيب لهدنة إنسانية في الفاشر لمدة أسبوع
- تحوّل في خيارات التعليم بالصين: الشباب يصطفّون للانضمام إلى ...
- النمسا: عواصف قوية وبَرَد كثيف يشلّان مهرجانًا شهيرًا
- عراقجي يقول إن الإيرانيين -لم يستسلموا- والحوثيون يعلنون إطل ...
- صحف عالمية: إسرائيل تفشل إستراتيجيا بغزة وداخليا بعد حرب إير ...
- إعلام إسرائيلي: ما ندفعه من أثمان بغزة لا يستوعبه عقل وجنودن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منيف ملحم - قاضــي جـــرمانا