أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - :عبدالكريم كيلاني - موصلي الهوى والروح














المزيد.....

موصلي الهوى والروح


:عبدالكريم كيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2220 - 2008 / 3 / 14 - 07:50
المحور: الادب والفن
    



انتابني شعور بالأسى وأنا أرى دجلة وهي تتخضب باحمرار أمواجها خجلا من آثام المتلاعبين بجدائلها الطفولية المشوبة بالأبيض الحالك , يزيد الأسى كل يوم وأنا أتلصص كالمجذوب من ثقب الرصاص على مدينتي الملطخة بالعهر الفوضوي , فلا أرى سوى قهقهات بائسة يمارسها المتبعثرون "الوندول" الجدد وآكلي لحوم الأحياء الموتى , ذوي المخالب الساخطة بالبشاعة , يستفزني كل يوم " بم طاخ " هذا المشهد العاري من الأنسانية , فأعود أدراجي محملا بأطناب الحزن والملل , أدثر أناملي بدثار الأمل علها تجد سبيلها لأيامي المكفهرّات , وأقول لنفسي التعبة " غدا ستعود دجلة الموصل الى زرقتها الساحرة " , أجوب شوارع موصلي وحيدا , فأخالني نمرا جريحا أو طاووسا منتوف الريش , لاأجد سوى قهقهات خاوية الا من الخبث , عيون غائرة ترمقني بنظراتها الشزرة , عيون غريبة لم أألفها من قبل , يدب في أوصالي رعب راعش , يلقي في روعي سهاما ذوات أنصال مسمومة تسفح دموعي الطفولية , أدور حول تاريخ مدينتي كما أدور حول نفسي , فأحتكم الى الدهشة , هل أنا دولاب أدور بسرعة البرق !!؟؟
أم طاحونة عتيقة أجرجر خيبتي وخذلان زمني معي اينما حللت ؟؟!!
استوقفني " أبوتمام " ذاك الشامخ في كورنيش موصلي وأساور الحزن يلف عمامته المتهرئة ويداه الممتدتان عبر الماضي فيسألني "
_ أين أنا ايها الطافح بالحيرة ؟؟ ومااسم هذه المدينة ؟؟
_ انها الموصل التي ولّتك بريدها وقضيت نحبك فيها ايها الشاعر .
- لم أراني غريبا عنها ؟ لم هي تبكي وتئن وتستبيح جمالها بلا وعي؟؟
- انها تبكي لأنها استبيحت من قبل الوحوش البشرية الضارية , وتئن لأن الملوثين اغتصبوها وقطفوا زهرة ربيعها , انهم يرومون فض بكارتها عنوة ايها الشاعر.
- ومن هم هؤلاء , بالله عليك انجدني بماتعرف ؟
- ان الغاصبون في مدينتي غرباء .. يظهرون في ليل الغفلة كخفافيش الظلام ليحصدوا الارواح البريئة , وليرسموا بمخالبهم صور الموت والدمار , يطلقون على انفسهم ما يحلو لهم من أسماء , لكن أفعالهم كماترى وتنظر بأم عينك ؟؟ خالية من الانسانية والحياة .
- أذن فليجل الخطب وليفدح الأمر فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

تركت ابا تمام وهو يبكي على أطلال موصله وينتحب ايما انتحاب , ولم التفت اليه كي لاتنهمر الدموع من عيني بغزارة ويكفيني ما أرى من دمار .
عبرت الشارع بعد ان هزني صوت ((مفخخة )) فلم أأبه لها لأننا اعتدنا عليها في تفاصيل يومياتنا وكأننا لانأبه للموت ولانستحق الحياة , سمعت أصواتا رائقة تتخللها أنغام موسيقى عذبة تبلغ مسامعي من بعيد وهي تقتحم صوت (( المفخخة )) كأنها تقاوم أعداء الانسان في مدينتي المسالمة , "كم يردلي يردلي سمرة قتلتيني خافي من رب السما وحدي خليتيني , انا رايح لحلب عليش توصيني أوصيك مشط ومغي ومكحلة لعيني ـ مغي = مرآة ..."
وكلما اقتربت من مصدر الصوت كان المشهد بهيجا أكثر .. والوجوه تتضح معالمها أكثر , ولكن الغرابة سيطرت على نفسي اللائبة حين رأيت ان المجتمعين هم من أزمان متفاوتة , فهذا الملاعثمان الموصلي يجانبه السري الرفاء الموصلي واسحاق الموصلي وربعي بن الافكل العنزي ومحمد صديق الجليلي وووو آخرون , وهم يحتفون بمدينتهم البهية وكانهم يرقبون الغد بعيون مفتوحة وقلوب مغمسة بالأمل , وهنا تيقنت بأن الموصل عصية بأهلها , قوية بارادتها, غنية بتراثها, لن ترض أن يعيث بها الفاسدون , ويحيلوا حاراتها الى مقابر , فابتسمت رغم مايحدث لأنني أيقنت أن الدمار زائل والموصل باقية , عائدة الى ربيعها وخضرتها وجمال صباحاتها ,, لكن متى ؟؟ هذا هو السؤال.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...
- معبر رفح بين الرواية المصرية الرسمية والاتهامات الحقوقية: قر ...
- رواية -رجل تتعقّبه الغربان- ليوسف المحيميد: جدليّة الفرد وال ...
- وحش الطفولة الذي تحوّل إلى فيلم العمر.. ديل تورو يُطلق -فران ...
- جود لو يجسّد شخصية بوتين.. عرض فيلم -ساحر الكرملين- في فينيس ...
- الآلاف يتظاهرون تضامنا مع غزة على هامش مهرجان البندقية السين ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - :عبدالكريم كيلاني - موصلي الهوى والروح