أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إسماعيل حسني - إغتيال معلمة في مدرسة أم المؤمنين عائشة














المزيد.....

إغتيال معلمة في مدرسة أم المؤمنين عائشة


إسماعيل حسني

الحوار المتمدن-العدد: 2212 - 2008 / 3 / 6 - 11:01
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ناقش برنامج تسعون دقيقة مساء يوم الأحد 24 فبراير مشكلة إحدى المعلمات التي تتعرض للتهجم والتأنيب والإنتقاد المستمر من مديرة المدرسة الحكومية "أم المؤمنين عائشة" التي تعمل بها ، بسبب عدم رضا المديرة عن الأزياء التي ترتديها المعلمة ، باعتبارها غير لائقة وغير محتشمة من وجهة نظر سعادتها (كما اعترفت المديرة بذلك في نفس البرنامج) ، بالإضافة إلى سماح المديرة لإحدى المفتشات من خارج المدرسة أيضا بانتقاد ملابس المعلمة وإلقاء محاضرة من الوعظ الديني عليها ، ثم وصل الأمر في النهاية إلى إحالة هذه المعلمة للتحقيق.

وهذه المشكلة لا يجب أن تمر علينا مرور الكرام ، لأنها تعكس أحد أهم أسباب إنهيار نظام التعليم في بلادنا وهو تنامي العقلية الأيديولوجية على حساب العقلية الأكاديمية ، أو ما يعرف إصطلاحا بـ "أدلجة التعليم".

فالسيدة مديرة المدرسة ، لا تدير مدرستها على أسس وقواعد إدارية وأكاديمية معروفة ، لكل منها تعريف محدد جامع ومانع يضمن كفاءة العملية التعليمية ، وتطويرها ، وتقييم المعلمين والطلبة على أسس علمية ومنهجية ، لا تختلف باختلاف أفكار أو عقائد القائمين على إدارة المدرسة ، وتحدد كذلك ما هو عام ويخضع لهذه القواعد ، وما هو خاص ولا يحق لأحد التدخل فيه. بل تدير السيدة مدرستها وفقا لعقلية أيديولوجية تصور لها أن ألفاظ مثل "لائق" و "مناسب" و "محتشم" تصلح كمعايير إدارية ، تتخذ على أساسها قرارات سيادية ، مما يفسر التشوش الذي ظهر في حديث المديرة وخلطها بين العام والخاص ، والأكاديمي والإداري ، والعلمي والإفتراضي. فهذا النوع من الألفاظ الوصفية لا يمكن تعريفه إلا أيديولوجيا ، فالسادة الأيديولوجيون كالشعراء ، يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم ، ويفسرون كل شيء حسب ما يحلو لهم.

فهل هو قدر علينا أن نتخلص من دراويش الأيديولوجية الإشتراكية ، حيث كان يتم تعريف الوطني والثوري والملتزم والنقي ، لنقع في أيدي دراويش الأيديولوجية الدينية حيث يتم تعريف اللائق والمناسب والمحتشم والحلو والطعم واللذيذ ؟ فتبقى الحرية حلال على غيرنا وحرام علينا إلى الأبد.

من الواضح أن السيدة مديرة المدرسة لا تعرف ، أو لم تتلقى من الإعداد والتدريب أو التوجيه الإداري ما يؤهلها لمعرفة أن هذه المعاني نسبية ولا تقبل التعريف العلمي العام الذي ينطبق على كل البشر وكل الحالات ، وأن ما هو لائق أو مناسب أو محتشم عندها قد لا يكون كذلك عند غيرها ، وأن مبادئ الأخلاق المطلوب منها أن تغرسها في التلاميذ ، هي الإستقلال ، والمبادرة الشخصية ، والإبداع ، وعدم التقليد ، وتحمل مسئولية الإختيار ، وإحترام الحرية الشخصية ، واحترام حق الاخرين في الإختلاف ، وليس أخلاق القهر والتخويف والقولبة والتنميط واتباع النموذج الواحد ، والمنهج الواحد ، والرأي الواحد ، والزي الواحد ، والسلوك الواحد ، مما يفسر لنا كيف يتم تحجيب وتنقيب وقولبة الفتيات في الإبتدائي والإعدادي. وأخيرا أن هؤلاء التلاميذ بشر وقادرون بعقولهم على تمييز النماذج الحسنة والسيئة من حولهم ، وليسوا قطيع من الغنم تقودهم سيادتها إلى حيث تشاء ، وتحدد لهم من أين يستقون المعرفة ، وكأنها الفرعون " مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ".

فإذا كانت المديرة الفاضلة تقوم بإلغاء شخصية المعلمات والتعامل معهن بهذا الإسلوب الإستبدادي والمهين ، فينبغي أن نشفق على التلاميذ الذين تقوم ولا شك بافتراسهم وتحويلهم إلى مجرد أشياء تسمع وتطع. وإذا كانت تتصور أنها مكلفة من السماء بتنفيذ مهمة إلهية (مما يتلبس بعضهم أحيانا) وتطبيق تعاليم الدين ، فالأديان التي جاء بها الرسل براء من هذا الإسلوب ، اللهم أن يكون دين الصحراء ، حيث القحط البيئي والفكري والأخلاقي ، وحيث لا شيء غير الراعي والقطيع والذئب المتربص ليل نهار.

أما المطالبة في ختام البرنامج ، بأن تقوم الوزارة بإصدار نشرة تحدد فيها مواصفات لباس المعلمات ، فلا نستطيع إلا ان نرفضها وبشدة ، فهؤلاء المعلمات بالغات راشدات ويفترض فيهن الأهلية الكاملة لإستخدام عقولهن في التمييز بين الصواب والخطأ ، والقدرة على اختيار الملابس التي تتناسب مع العرف والقانون ، وكفى بالعرف والقانون حسيبا.

أما المثير للدهشة حقا ، فهو ما ادعته السيدة المديرة في نهاية البرناج من أنها (أو مدرستها) قد حصلت على تقدير الإدارة المثالية من وزارة التعليم ، فإذا كان هذا صحيح ، وإذا كان هذا هو المثال ، ونحسبه للأسف قد أصبح كذلك ، توجب علينا أن نعزي أنفسنا في العملية التعليمية والتربوية برمتها وإلى أجل غير مسمى.



#إسماعيل_حسني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- دعم للمرأة الجزائرية.. كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- -قرن- ينمو في جبين امرأة صينية تبلغ من العمر 107 أعوام
- الوكالة الوطنية للتشغيل 800 د.ج تكشف كيفية التسجيل في منحة ا ...
- طريقة التسجيل في منفعة دخل الأسرة بسلطنة عمان 2024 والشروط ا ...
- تقارير حقوقية تتحدث عن انتحار نساء بعد اغتصابهن في السودان
- أنبــاء عن زيـادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى 8000 د.ج! ...
- جنود إسرائيل في ثياب النساء.. ماذا وراء الصور؟
- وباء -الوحدة الذكوري-.. لماذا يشعر الرجال بالعزلة أكثر من ال ...
- مساعدة الرئيس الإيراني: مستعدون للتعاون مع قطر في مجال الأسر ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إسماعيل حسني - إغتيال معلمة في مدرسة أم المؤمنين عائشة