أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جمال كريم - الكاتب والمفكر فلك الدين كاكه ي : الموسيقى ستحمل المعنى الاخير للكون















المزيد.....


الكاتب والمفكر فلك الدين كاكه ي : الموسيقى ستحمل المعنى الاخير للكون


جمال كريم

الحوار المتمدن-العدد: 2197 - 2008 / 2 / 20 - 11:00
المحور: مقابلات و حوارات
    


الكاتب والمفكر فلك الدين كاكه ي : الموسيقى ستحمل المعنى الاخير للكون

حاوره في اربيل :جمال كريم 2/2
أغنتني الاسفار الى عشرات البلدان

** ما هي المرجعيات والمصادر الثقافية والفكرية للكاتب والصحفي والسياسي فلك الدين كاكه ي ، وماذا عن بداياته الشعرية والقصصية والصحافية ؟
- ان منابعي او مرجعياتي ،او جذوري الثقافية ،ترجع باختصار الى أولا: التراث الشعبي الكردي المتداول في البيت بين أفراد العائلة ومحيطها ،ثانا: اهتمامي المبكر بمطالعة كل ما يقع تحت يدي في حقول الادب والفكر والعلوم ، بالطبع كان للتعليم المدرسي الجيد دور في تزايد اهتمامي بالمطالعة ،ولن أنسى التاثير الثقافي التربوي لبعض المدرسين خالدي الذكر ،ثالثا: العمل السياسي وانضمامي المبكر الى الحزب الشيوعي العراقي عام 1959 ،ثم الى الديمقراطي الكردستاني منذ عام 1965 ،وقد أثارني الاهتمام بالتثقيف السياسي والفكري الذاتي للتوسع في المطالعة ،رابعا: قراءة الصحف ،وسأتطرق الى دور الصحافة في تثقيفي ،وهذا قلما يشير اليه الزملاء ،خامسا :عملي الصحفي "بعد انخراطي فيه" ،كان يحفزني على المطالعة والبحث المستمرين للوصول الى الحقائق ،واخيرا عملي السياسي المتواصل الذي فرض علي السفر طويلا الى عشرات البلدان لالتقي بالثقافات والمجتمعات المختلفة مما اغناني ذلك كثيرا .
ولو سمحتم لي ،لشرحت كل ذلك بايجاز بالقول : ان تجارب حياتي كانت عاملا اساسيا لتثقيفي ،لانني كنت دائم البحث والتدقيق والتمحيص ،لذا ،كثيرا ما تغيرت قناعاتي وتحولت افكاري عن قناعة واختيار حر مع انني بشكل عام بقيت مهتديا بالاهتمام بامرين ،أولهما هو ممارسة الكتابة الادبية مهما كانت الظروف "لي كتابات غزيرة الا أنني نشرت القليل منها" ،وثانيهما هو مواصلة البحث والتامل في الفلسفة والتصوف والعرفان ومطالعة كل ما يتعلق بالمدارس المختلفة ،قديمها وحديثها، للفلسفة والاديان وحياة كبار المتصوفة ،لاسيما منهم الشهداء : الحلاج ، السهروردي ، النسيمي ..الخ !،لكن الاهتمام الاخير ذو علاقة بالتراث الشعبي لاهلي ،وهو تراث كردي ،يمتد الى قرون بعيدة ، فهو يتشابك ويشترك مع الفلسفة الشرقية والهندية خاصة والصينية والجنوب شرق آسيوية ،ويمتزج بالتراث الاسلامي في التصوف ،تمازجه عناصر مسيحية ويهودية وصابئية وغيرها .
لقد كان لوالدي تاثير روحي وثقافي كبير علي منذ طفولتي ،وكذلك كان لاصدقائه ممكن كانوا يزوروننا او نزورهم ،وكلهم من الحلقة الروحية نفسها ،لكن المهم ذكره ،هو أن تراثنا المحلي مكتوب بلغة كردية شعرية سلسة ، "حسب الرباعية غالبا " ،يصاحبه تراث موسيقي خاص ،ذلك هو مرجعي الاول وتحت تأثير ذلك بدات منذ الرابعة عشرة من عمري ،أهتم بنظم الشعر الكردي المقفى ووضعت أكثر من ثلاثين قصيدة حتى عام 1962 ،ضاع معظمها ،بينما نشر بعضها في صحف محلية آنذاك ،ولما كنت أراني غير مؤهل لكتابة الشعر ،فقد تخليت عن ذلك ،وبدات احاول كتابة القصة باللغة الكردية اولا ومن ثم بالعربية ، واولى قصصي بالكردية نشرت عام 1962 في صحيفة محلية بالسليمانية ،واما بالعربية فقد "غامرت" بالكتابة المباشرة في السياسة منذ تموز آب 1964 ، ذاكرا أن "بقايا الاقطاع في الريف عقبة كبرى في طريق الاصلاح الزراعي "، نشرتها لي صحيفة يومية بغدادية آنذاك ،كانت تدعى"الثورة العربية" مع صورة شخصية لي ،مما اثار لي مشكلة كبيرة ، كنت قد صنعتها بنفسي ،ولم اكن ادرك آنذاك ان الكتابة في السياسة "لعب خطر في النار"!،وقد كدت أحترق نهائيا ،فقد كنت اكتب من كركوك – تكررت مقالاتي بلهجة مماثلة- ،مما الب ،دون ان أدري ، مجموعة من الاقطاعيين وملاكي الاراضي بلواء كركوك ،من كرد وعرب وغيرهم ،بل حرضوا سلطات كركوك ضدي ،فتعرضت للملاحقة الشديدة ،وكنت حديث عهد بامور الملاحقة والاختباء في المدينة "كنت أتقنها في الارياف والقرى"، وحينها كنت عاطلا عن العمل ، مفلسا، وكان عيشي صعبا ، فساعدني لشهورعدة أناس طيبون في الاحياء العمالية الفقيرة في كركوك ،حيث كانت لي علاقات حزبية- نقابية سابقة ببعضهم ،فاخفوني واعانوني بين فترة واخرى ، حتى قيل أن بعض أقربائي تدخلوا وخففوا اجراءات الملاحقة ضدي ،لاسيما بعد ان علمت السلطات المحلية ،من امثالها في بغداد ، بان كتاباتي اعتيادية ولا تستهدف "السلطة" كلها ..الخ!.

كتبت في التآخي منذ صدورعددها الثالث

انني لا ادري بالضبط ماذا كان يجري ،وعماذا كان النقاش يدور ،لكنني تحررت بعض الشيء ، فقد تعلمت كيف أتجنب الملاحقة ،واصبحت أخفف من لهجتي الشديدة ، ثم أن أحد زملائي علمني ان اوقع مقالاتي باسم مستعار ،وهكذا ساعدوني ،واتخذت اسماء مستعارة عدة ،نسيت معظمها ،سوى واحد منها هو "أبوطليعة"،بعد ذلك تغيرت الاوضاع منذ عام عام 1966 ،حيث صدر اتفاق 6 حزيران 1966 بين حكومة عبد الرحمن محمد عارف –عبد الرحمن البزاز،من جهة ،وقيادة الحركة الكردية برئاسة ملا مصطفى البارزاني من جهة اخرى ،وقد تضمن الاتفاق نقاطا ايجابية مهمة بالنسبة لتلك المرحلة ،من بينها ان سمح للديمقراطي الكردستاني باصدار جريدة يومية باللغة العربية في بغداد باسم "التآخي" ،وقد صدر عددها الاول في نيسان عام 1967 . وكانت تلك فرصتي السانحة ،فاتصلت بالجريدة فور صدورها وكتبت ،وسرعان ما تعرفوا علي وبدات الجريدة بنشر اول مقال لي منذ عددها الثالث ، وبقيت اكتب لها منذ ذلك التاريخ والى يومنا هذا .
لقد كنت آنذاك عضوا في الحزب الديمقراطي الكردستاني منذ عام 1965 ، ولم يكن انتقالي من الحزب الشيوعي العراقي الى الديمقراطي الكردستاني ،الا عن قناعة ذاتية ودون اية مشكلة ،فهي مسالة فكرية تتعلق بتنامي الوعي القومي التحرري الكردي الذي انجذب اليه الشباب الكردستاني منذ ذلك الوقت ،سيما وان الفكر التحرري الكردي كان يساري الاتجاه هو الاخر .
أما عن مزاولتي العمل الصحفي ،فقد كتبت ونشرت في اكثر من 50 جريدة ومجلة ، وباللغات ، الكردية ، والعربية، والفارسية، كما نشر لي بالالمانية والانكليزية ، وقد عملت في الصحافة ،مراسلا ومصححا لغويا ،ومحررا ،ومنفذا ،ومسؤولا عن صفحات عمالية فلاحية وشبابية وغيرها ، كما عملت سكرتير تحرير ،ورئيسا للتحرير في صحف ومجلات عدة ، وصاحب امتياز ..الخ.
وطوال عملي السياسي والصحفي لم أتخل عن الكتابة الادبية ، رغم انهما استغرقاني واخذاني بعيدا عن الادب ،ففي البداية انخرطت في الكتابة الصحفية ، املا في ان تتيح لي فرصة الابداع الادبي ،أو التعريف بادبي كما كنت أتصور ،الاانني وقعت في فخاخ الصحافة ومن ثم في السياسة حتي صرت أعجز الان عن تصنيف نفسي او تعريفي بمن اكون :سياسيا ،صحفيا ، أم أديبا ،رغم انني احاول ان ابرز ككاتب ادبي فلسفي ،عرفاني ، و في الوقت نفسه ،اعجز عن فك الاشتباك بين الكتابة السياسية اليومية والاجتماعية التي تستهويني وتغريني ، الا انني حين اتامل الماضي ،أشعر بالرضا لاهتمامي المتواصل بالكتابة في القضايا اليومية للناس ،وهنا يبدو انني عاجز عن التخلي عن ذلك،ولا اخفي انني منذ بداية شبابي ،كنت أحاول أن اكتب القصة القصيرة والرواية ، وان أبقى روائيا ، وقد نشرت بالعربية روايتي اليتيمة "بطاقة يانصيب" في بغداد ، وتناولها الباحث في الرواية العراقية الاستاذ د.عمر الطالب ،وقدم عنها بحثا كان خارج توقعي ،كما ذكرني في فصل خاص عن الادباء الكرد الذين يكتبون روايات باللغة العربية ،وذلك في كتابه "الواقعية في الرواية العراقية " ،الصادر عام 1969 ،وقيل ان البحث ،اطروحة دكتوراه قدمها الباحث في القاهرة آنذاك ، وعامذاك ادرج اسم روايتي في ضمن ببلوغرافيا الرواية العربية في مصر ،كونها مكتوبة بالعربية ، وقد كتب الطالب عن الادباء الكرد بموضوعية وانصاف ، وهي ،كما أرى ، المرة الاولى التي يشير فيها باحث عراقي الى مساهمة الكتاب الكرد في الادب العربي ، كما أشار في بحثه الى الاجواء الاجتماعية الكردية الواردة في "بطاقة اليانصيب"، فضلا عن تناوله كلا من الكاتبين الكرديين ، عبد المجيد لطفي ،من خانقين ، وعبد العزيز خانقاه من كركوك ، وفلك الدين الكاكائي –هكذا ورد اسمي على غلاف الرواية- من كركوك ايضا، فضلا عن كتاب آخرين من المدينة ذاتها ، كتبوا روايات بالعربية ، وهي المدينة الوحيدة التي برز فيهاادباء كرد في القصة والمسرحية – محي الدين زنكنة مثلا- ،والرواية ،بالعربية ،وهي ظاهرة أدبية تستحق الدراسة والبحث ،وحصل الشيء نفسه في الشعر ،مع الرصافي والزهاوي وبلند الحيدري وغيرهم ،وجماعة كركوك المعروفة ،التي توقفت منذ عام 1968.
اما عن القصة القصيرة بالعربية ، فقد كتبت العديد منها ،ونشرت واحدة منها في مجلة "الرسالة" المصرية ، عام 1965 ،وقد أهديتها الى الكاتب الراحل نجيب محفوظ ،ولا أدري الى الان لماذا أهديتها ،الا أنني لم أنس ذكر كركوك ، المدينة التي كتبت فيها هذه القصة ، وكانت ثيمتها عن زوجة عامل في استخراج الزيوت،لكن لم يتسن لي جمعها واصدارها في كتاب ، ونشرت قصصا باللغة الكردية الا انني لم أطبعها بكتاب ايضا. على العموم منذ عام 1967 تحولت تدريجيا الى الكتابة الصحفية القصيرة ومنها ، الكتابة الادبية الفلسفية ،وحررت زوايا صحفية ثابتة عدة ،والى الان ما زلت مولعا بالكتابة لزوايا ثابتة ،منها ،زاويتان اسبوعيتان في مجلتين ،وزاوية يومية في جريدة تصدر باللغة الكردية ،ولا أدري ان كان العمر يسعفني للعودة الى كتابة القصة والرواية ، فهو حلمي وتوقي ،حيث حاولت مرارا أن أحيل نفسي على التقاعد للتفرغ للكتابة ، لكنني لم افلح ، لإن لدواعي السياسة والادارة أحكامها القاسية أيضا .
ومازلت أرى أن حريتي في الرواية والقصة قد أعثر عليها ، ولي في ذلك محاولات عديدة ،ولا أدري ان كنت سأعثر عليها ، لكنني ،رغم ذلك، سعيد ، فقد كتبت ما كنت افكر واشعر ومااراه من واجبي ان أقوله ،بغض النظر عن أشكال التعبير ، وكنت اتمنى أن يكون ذلك في اطار روايات وقصص ،واذا ما تسنى لي جمع واصدار بعض كتاباتي في كتب لإنها ،قد تزيد عن عشرة كتب ،فساكون قد قلت شيئا ،رغم أن الانسان سيظل عاجزا عن التعبير الكامل عن كل ما يفكر ويشعر ويعاني .

هل أنا أديب أم صحفي أم سياسي؟
**الى م ترجح كفة الميزان ،الى الكاتب والصحفي والمثقف فلك الدين كاكه ي ،أم الى السياسي ؟
-ان بعض الامور صارت جزءا من حياتي ،ولا يمكنني الخلاص منها ،او التخلي عنها ،أو انكارها ، فقد عملت في السياسة أكثر من 45 عاما "هذا حسب الطريقة العراقية اذا ما حسبنا الانضمام الى الاحزاب السياسة" ،فقد ولدت في قرية قريبة من كركوك عام 1943 ،وانتميت فيما بعد ،أعوام 1957- 1958- 1959- ،الى منظمات طلابية وشبابية ،والى الحزب الشيوعي العراقي عام 1959 ،والى الديمقراطي الكردستاني عام 1965 ،حيث بقيت في صفوف الحزب الاخير بشكل دائم وثابت حتى اليوم ،وعملت في في صحافته منذ عام 1967 ، وتسلمت مديرية الاعلام في الثورة الكرية اثناء المقاومة عام 1974 وكنت اول من يتسلم هذا العنوان في مؤسسات الثورة الكردية ، كما انتخبت عضوا في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للديمقراطي الكردستاني في خريف 1979 ومسؤولا عن المكتب المركزي للاعلام والثقافة في الحزب ،وخلال فترة الظروف السرية والمقاومة في الجبل ،كنت رئيس تحرير جريدة "خه بات" ،والمسؤول السياسي الاول في اذاعة صوت كردستان التي كانت تبث من الجبال سرا ، هذا فضلا عن عملي في صحافة الجهات السياسية العراقية والعديد من المجلات وغيرها ، وفي عام 1996 كنت قد تعينت وزيرا للثقافة في اقليم كردستان ثم وزيرا للاقليم ،واعيد انتخابي وزيرا للثقافة في ربيع عام 2006 ومازلت حتى كتابة هذه السطور في اوائل ايلول من عام 2007
وكنت الى جانب عملي الحزبي والجماهيري والاعلامي ،اشترك بفاعلية في العلاقات الدبلوماسية العامة للحزب والحركة الكردية مع معظم دول المنطقة والعديد من من دول العالم والمنظمات الدولية وحركات التحرر والاحزاب الصديقة من مختلف القارات ،لذلك تعددت زياراتي الى برلمانات وحكومات العالم والمؤتمرات والمناسبات الثقافية والسياسية سواء في مصر ،لبنان،الاردن،ايران ،تركيا ،ليبيا وغيرها أو دول أوربا وواشنطن ونيويورك الخ ، فأنا في هذا الاطار ،سياسي "حتى الكشر ،كما يقول العراقيون "، والى جانب كل ما ذكرت ،كنت احرر ،واشارك باستمرار ،واحاول مواصلة كتابة الادب بطريقتي الخاصة التي عرفت بها ،ولاينفعني الشرح هنا مالم أجمع أهم نتاجاتي في عدد من الكتب باللغة الكردية والعربية ، فلا أستطيع تقييم نفسي ،هل انا اديب ،ام صحفي ،أم سياسي ؟ أم شيء من كذلك ؟، في هذا الجانب أترك ذلك للزملاء والنقاد فيما بعد ،الا انه لو كان الامر بيدي ،ولو تسنى لي الان على الاقل الاختيار،فانني أفضل ان ابقى اديبا ينتج أدبا ذا طابع فلسفي ،بغض النظر عن أشكال وانواع التعبير ،ان كان ذلك في شكل قصة أورواية او بحث ،فالشكل لايعنيني ،وأترك الافكار تكشف أشكالها بنفسها
،ولا أتوقف عنده ،بل اترك المضمون أو الفكرة هي التي تحدد شكلهاالخاص ،سواء جاء شعرا-مع انني لست شاعرا برغم ان بعض نتاجاتي حسبوها شعرابالعربية-،او جاء نثرا مركزا أو مجرد مقال اعتيادي او مقطعا من مسرحية الخ، وحسب تجربتي ،فان الفكرة هي مثل الماء الذي يتخذ شكل الاناء الذي يوضع فيه ،فهو في النهاية يبقى ماء. في الحقيقة انا اترك الافكار كي تنساب بسهولة وتكشف بنفسها أشكالها.
أذكر في فترة ما خلال السبعينيات ،قال لي بعض الزملاء انك تكتب "كتابة ملونة" ،وقالوا انها شكل ادبي خاص ،ويجيدها القليلون،علماانني لم اتقصد ذلك ،ومجموعة القطع الادبية الفنية –النثرية المركزة- التي كتبتها آنذاك ، جاهزة للطبع والصدور ،لكن لا ادري هل تتقبلها ذائقة قراء هذا الزمن ؟،وان كان ذلك لايهمني ،ولم يهمني ذات يوم ،اذا ماكان الناس يتقبلون ما اكتب أم لا ،فاالذي كان ومازال يهمني ،هوعملية التفكير وتجربة التعبير ،والتعبير ذاته اي "الفعل الذاتي للتعبير" لاغير ، وقليلا ما ألتفت الى الوراء ،وقليلا ما اجمع شتات ما أكتب ،فانا من هذه الناحية ،عبثي بعض الشيء ،فلا أؤمن بخلود شيء ما ،طالما أن الكون سيفنى ذات يوم ، حسب علوم الفيزياء الحديثة وغيرها ،فماذا يعني كتاب أو كتابان لكاتب مجهول مثلي ؟،لاشيء ..وربما قد يخلد قبس من ذلك الذي نسميه "الروح" أو الطاقة الكامنة في الكون ،وهي جزء من تكوين الكون ،بمعنى ان المادة والطاقة تشكلان شيئا واحد وامرا واحد لاغير ، وهو الوجود ،وفي اعتقادي الراسخ لاتوجد طاقة منفصلة عن المادة ،كما لاتوجد مادة دون طاقة ، فاذا تبدد أو زال أي منهما زال الاخر ،وزال الكون ،هما عندي مثل الزمان والمكان / الزمكان ، واحد، فمن العبث الحديث عن الزمان بمعزل عن المكان والعكس صحيح ايضا ، وعندي قد تداخلت ما نعرفها ظاهريا ، بالمتناقضات ،فهي تنوعات جميلة لشيء واحد هو الكون او الوجود ،والاصل عندي هو الطاقة ،فهي اوجدت المادة ،فقد خلق الكون كله من انفجار ،كما يقول علم الفيزياء ،وهذا الانفجار شكل من أشكال الطاقة ،وعندي أن الفيزياء هي علم العلوم ،بل هو العلم الاساسي الذي اتابعه ،رغم انني لم أدرس الفيزياء أكاديميا ،الاأنني أحرص على استيعاب آخر اكتشافات علم الفيزياء ومعرفة ما جاء به كل نائل جديد لجائزة نوبل في هذا العلم ،وقد توصل هذا العلم في العقد الاخير الى اكتشاف نظرية "الاوتار الفائقة" عن أصل الكون ،وبفضل هذه النظرية ازداد الكون في نظري جمالا وروعة وجلالا ، لذلك كتبت مؤخرا كتابا علميا شيقا ،باسلوب مبسط بعنوان "هذا الكون الانيق" ،فحين اقف مبهورا أمام علم الفيزياء واكتشافاته الساحرة البديعة ،فان الادب وبلاغته والصحافة واغراءاتها والسياسة ومغامراتها تختفي وتزول من امامي .
لكل ما تقدم أتساءل : من أنا ؟سياسي ؟ ..كلا ، صحفي ؟..كلا . أديب ؟ كلا ايضا . كما انني ،لست عالما ،ولم تسنح لي فرصة متابعة الدراسة الجامعية والعليا ،الا ان ذلك لم يعقني عن متابعة العلم واكتشافاته حيثما امكن ،رغم قصوري في فهم الكثير من العلوم ،وتلك هي متعتي وتوقي وشوقي ،اريد أن أعلم وأفهم كل جديد ،رغم صعوبته على ادراكي المحدود الضيق "احسب عامل العمر في ذلك".
ان الطابع الفلسفي في بعض مقالاتي ، ناتج عن تاملاتي في الكون والوجود ،فليس ماهو مرئي أما ناظرينا هو كل شيء ،بل هناك وراء الاكمة ما هو وراؤها ،هناك عوالم متداخلة ،لانراها ولانلمسها ،تعيش معنا ونحن جزء منها ،يعجني للغاية أتصورني جزءا صغيرا جدا من هذا الكون ،ذرة غبار ،يسرني الانتماء الى هذا الوجود ،الذي هو أنا ،وقد علمني العلم والعلماء الطبيعيون ،وكذلك فلاسفة واشراقيون ومتصوفة كبار مثل مولانا جلال الدين الرومي وافلاطون وابن سينا والجزيري والانبياء ، كل اولئك ،علموني أن الكون هو اجمل مما نراه ،وأروع وأسمى مما نتصوره ،وكل لحظة فيه ،هي اللحظة الكاملة للوجود منذ بدء الخليقة حتى الان ،فأنا من حيث كوني كائنا حيا ،قد تجددت في وجودي الارضي جميع مراحل الحياة والوجود منذ بدء الخلق ،كل واحد منا ،وكل شجرة ،كل حجر ،كل طير ، كل حشرة، كل ذرة غبار ،تتضمن جميع ما في الكون من اسرار ومعان وطاقات وماض ومستقبل ،فالحاضر هو الماضي، والحاضر، والمستقبل معا ،ليس ثمة مستقبل ،كل ما كان قد يتجدد بأشكال أخرى ،لذلك فان جذوري تمتد الى التربة والنبتة والماء والحيوان وأوائل البشر والى السماء،الى الغبار الكوني الذي يتحدث عنه علماء الفيزياء ،حتى ان التصور قد اشتط بهم الى القول :ربما ان الحياة العضوية على الارض ،بما فيها حياة الانسان ،جاءت الى كوكب الارض من كواكب بعيدة من الفضاء ،عبر الغبار الكوني ،وهو تصور جميل وساحر –بغض النظر عن صحته وبطلانه- ،بل رائع ان نتخيل عودة اهلنا .
ان كل هذا الكون الشاسع الذي لا نعرف له شكلا ولا حدودا أو نهايات ،رغم أن بعض العلماء يحاولون عبثا الاحاطة بذلك،فنحن لسنا غرباء كما يتصور البعض ،بل يحيط بنا كل هؤلاء الاقارب والاصدقاء والمعارف من كائنات الكون وعناصره وتجلياته ،فالغموض اللذيذ هو أحد الاسرار الدفينة في هذا الوجود ،وتجدني غالبا، ما أرغب في عكس مثل هذا الغموض في كتاباتي ،اذ مهما حاولنا واجتهدنا وتعلمنا ،سيبقى هناك ما لانعرفه ،وما يظل غامضا ومجهولا ،يحثنا على الوصول اليه ،وهو بمثابة نداء روحي من موسيقى هذا الكون ،بل الكون نفسه سيمفونية ،هكذا تحاول نظرية "الاوتار الفائقة" ان تقودنا اليه وتقول ربما أن الموسيقى ستحمل المعنى الاخير للكون ،وهي تشير الى تصورات للفلاسفة ،من قبيل فيثاغورس وافلاطون ...الخّ، فالحديث في هذا المجال شيق ولن ينتهي ابدا ،لانه سرعان ما يمتد الى رحاب هذا الكون الفسيح الانيق ،وما اجمل توصيفه بـ"الانيق" ،فهو مهندس باشكال تبعث على الدهشة القصوى والانبهار العظيم .



#جمال_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتب والمفكر السياسي فلك الدين كاكه ي:
- في -حامل الهوى-سرديات مشهدية تفضي الى تضاديات شرسة بين الذات ...
- لمحة في خصوصية المكان لدى الروائي فؤاد التكرلي
- خليل الاسدي في(ويظل عطرك في المكان) يروي ما كان ويرى ما كائن ...
- فاديا سعد في روايتها (ما عدت .. انا) الانفتاح على الانا في م ...
- سهيل ياسين في -خطاب عاثر-.. سرديات تبحث عن اليوتوبيا المستحي ...


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جمال كريم - الكاتب والمفكر فلك الدين كاكه ي : الموسيقى ستحمل المعنى الاخير للكون