أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى رباح - ابتسامة على وجه حزين














المزيد.....

ابتسامة على وجه حزين


يحيى رباح

الحوار المتمدن-العدد: 2197 - 2008 / 2 / 20 - 11:44
المحور: الادب والفن
    


علامات على الطريق

شارع عمر المختار، هو أشهر الشوارع في مدينة غزة، وهو أطول الشوارع حيث يبدأ من حي الشجاعية شرقا وحتى مياه البحر المتوسط غربا، مرورا بميدان فلسطين وسوق فراس الشهير، مفرق السرايا وساحة الجندي المجهول إلي ميناء الصيادين على الشاطئ مباشرة.
في شاعر عمر المختار، بالقرب من مجمع اللولو، يوجد محل تجاري أنيق لشركة بدري وهنية التي تبيع القهوة المحمصة ذات الرائحة المنعشة، وحب الهال الذي يعطيها نكهة مميزة ومذاقا جميلا، وفي الطابق الأعلى من هذا المحل، يوجد ركن صغير وأنيق جدا وهو عبارة عن مقهى صغير "كوفي شوب" يقدم لزبائنه القهوة بكل أنواعها، القهوة التركية والقهوة الفرنسية وقهوة كوستاريكا وقهوة هندوراس وغيرها من أنواع القهوة بخلطاتها المتنوعة، كما يقدم لزبائنه العصائر والفطائر وأنواع البسكويت بأشكالها ومذاقاتها المختلفة.
إلى هنا، ويبدو الأمر عاديا، حيث يوجد في مدينة غزة الكثير من المقاهي والاستراحات والمطاعم التي تقدم لزبائنها هذه الأشياء، بل وتضيف إليها " النرجيلة " التي يكاد دخانها الأزرق الكثيف يجب الرؤية في بعض تلك الأماكن، حيث المدخنون يشفطون دخان " المعسل " بجرعات كبيرة ؟، وينفثونه من أفواههم وأنوفهم بكثافة وهم يحلقون بعيونهم في اللا شيء، ملامحهم متجهمة وغارقة في الحزن والانطفاء؟؟؟.
ولكن هذا المقهى الصغير الأنيق التابع لشركة بدري وهنية والواقع في شارع عمر المختار، أضاف لمسه من نوع جديد لا مثيل لها في محلات ومقاهي مدينة غزة، حيث يوجد على الرفوف الصغيرة للمقهى العديد من الكتب - حسبما تسمح حالة الحصار- نعم كتب باللغتين العربية والانجليزية، كتب ذات أغلفة جميلة تحمل أسماء مؤلفيها اللامعين، هاهو كتاب باللغة الانجليزية لمؤلفه "دوجلاس هيرد" وزير خارجية بريطانيا الأسبق، ورواية ذات عنوان مثير " ذاكرة الجسد " للروائية الجزائرية الأكثر شهرة أحلام مستغانمي. . وكتب في السياسة والأدب والتاريخ والموسيقى ؟؟؟؟؟ غريبة، ألا تشاطروني الرأي إنها ظاهرة غريبة ؟؟ أن نجد مقهى صغيرا في شوارع غزة يقدم لزبائنه كتبا يقرأونها ويتصفحونها وهم يحتسون القهوة؟؟؟
انه شيء أشبه بابتسامة تضيء على وجه حزين، أو مثل لمعة ضوء في ليلة حالكة الظلام، ولكن غزة لها روح تقاوم بطريقتها الخاصة، روح طموحة تحاول أن تعيد لهذه المدينة التي هي من أقدم وأجمل مدن الأرض ملامحها المسروقة ؟؟؟ فغزة لم تكن دائما هكذا منكوشة الشعر ومتجهمة الملامح ؟؟ أبدا غزة لم تكن هكذا طيلة الوقت، بل كانت أجمل أميرات البحر تغسل قدميها الفضيتين في خلجانه الفيروزية، وتجمل جدائل شعرها بأزهار اللوز والليمون، وتعطي الإذن بإشارة من أصبعها إلى السفن الكبيرة المقبلة من وراء المحيطات لكي تفرغ حمولتها من لفائف الحرير وقوارير العطر وخيوط اللبان وأكياس التوابل.

غزة لم تفقد طموحها أبدا،
فقد أقامت مطارها الأنيق على حدودها الجنوبية الشرقية، ودشنت مشروع إقامة الميناء في الشيخ عجلين، وبدا كما لو أن الأمور تسير على خير ما يرام، ثم حط من عل اجدل منهون (كما يقول الشاعر المصري الكبير صلاح عبد الصبور) جاء الاحتلال الإسرائيلي، وحطم كل شيء، حطم المطار بعد احتلاله، وأوقف العمل بالميناء تحت ذريعة انه يهدد موانيه، وجرف الأراضي فتصحرت، وحطم المؤسسات فصارت حطاما، ومزق الأجساد فصارت أشلاء، وسكن الحزن بيوت غزة، وصار الغضب والتجهم عنوانها الأبرز، وجاء الحصار ليجعل قواها السياسية والصارخين باسمها يطعنون بعضهم بخناجرهم، ويقتلون بعضهم ببنادقهم، ويلعنون بعضهم بشعارات جوفاء حادة كالشوك ما انزل الله بها من سلطان؟؟؟؟
وفي ظل هذا الواقع : فان لمسة من الفرح تضيء القلب حين يعثر الإنسان على هذه الابتسامة المرسومة على الوجه الحزين، مثل هذا المقهى الصغير في شارع عمر المختار الذي يقدم الكتب باللغتين العربية والانجليزية مع فناجين القهوة وقطع الحلوى؟؟؟ ويفرح الإنسان أيما فرح عندما يشاهد معرضا للفن التشكيلي تعرض فيه اللوحات المدهشة أو مسرحية من فصل واحد أو معروضات للتراث أو حفلة عرس أو موشحات دينية بأصوات جميلة في ذكرى المولد النبوي الشريف.
غزة: كلما ادلهم ليلها، واكفهر نهارها، وتعقدت أمورها، فإنها تطلق أنوار الذاكرة حين تجول في أسواقها هاشم ابن عبد مناف حين كان ملك العرب غير المتوج ومات ودفن فيها وحملت اسمه بعد ذلك، كما ولد في إحدى حاراتها الإمام الشافعي إمام السنة، وأثارت دهشة الاسكندر المقدوني، ونام فيها نابليون بونا بارت ليلتين، وقامت دليلة بقص شعر حبيبها شمشون الجبار، فأضحى ضعيفا، وعسر فيها لبعض الوقت بنو هلال في طريق تغريبهم المذهلة ؟؟؟
غزة تحاول هذه الأيام أن تبتسم فلا تطفو ابتسامتها، وتحاول أن تحيا فلا فالا تقتلوا فيها نبض الحياة، وتحاول أن تحلم فلا تكثر نشوة الحلم، وتحاول أن تنتصر فلا تحولا بشائر انتصارها إلى انحدارات من الهزائم.



#يحيى_رباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهروب إلى الخلاف؟؟؟
- هنا القاهرة
- اول الوطن ام اول الكاؤثة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى رباح - ابتسامة على وجه حزين