أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل قرياقوس - رقص شرقي














المزيد.....

رقص شرقي


نبيل قرياقوس

الحوار المتمدن-العدد: 2183 - 2008 / 2 / 6 - 07:32
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة


لم تكن الاسابيع المعدودة التي قضيتها في اوساكا عام 1986 كافية لتعرفني ميدانيا على طبيعة الحياة الاجتماعية اليابانية خاصة اني كنت في مهمة تدريبية علمية تستنفذ معظم نهاراتي ولا تبقي لي سوى الاماسي ، كما أعاقني جدا عدم قدرة الشارع الياباني التحدث بلغة اخرى غير لغته ، حتى اني في صيدلياتهم كنت اضطر لاستخدام الاشارة او ذكر الاسم العلمي للدواء الذي احتاج شراءه ، فقليل منهم يتحدث الانكليزية وحتى الكلمات البسيطة منها .
كنت اود لو اني أعثر على عراقي او عربي من المقيمين لفترة طويلة هناك ليفيدني معرفة فلم افلح عدا اني في احد الايام وفي شارع مزدحم بمئات المارة وقعت عيناي على شاب بعمري حينها ، ليس ياباني الشكل ، احسست بانه لن يكون الا عراقيا ، تقابلنا وكان هو الاخر منتبها علي ، بادرته بالسلام بلكنتي العراقية الواضحة ، اجابني : ( وعليكم السلام .. هلة عيني ) ، عراقيا كان ابن عراقي ، عرفته بنفسي ، عرفني بنفسه حتى عرفت احد اقاربه في بغداد ، مغترب هو في اوساكا ، هجر بلده هربا من نار حرب بين اسياد تدفع ثمنها شعوب مقهورة وربما جاهلة ، ولكونه انسانا مثقفا ومبدعا يحب الحياة والسلام استطاع ان يستقر في بلاد العمل والابداع ، بلاد الـ ( لا ) سلاح سوى العمل والسلام ، بلاد اليابان ، ومكنه الله ان ينال لقمة عيشه بشرف حاصلا عليها من فم الاسد ، أشر بيده الى مكتبه القريب والمختص بتصنيع الاعلانات واستأذن لانشغاله بعمله . لقاء دقائق قصير انتهى لكنه كان اطول بكثير من لقائي الاخر بعراقي صادفته مساء احد الايام وانا عابر على خطوط المشاة في احد الشوارع ، راّني وحاول الفرار بنظره عني ، لا ادري لماذا كنت واثقا ان الاخ عراقي ، بادرته بالسلام ، اجابني وقد بدى عليه الخوف والتردد : ( هلة يابة ) وما ان نطق الحرف الاخير من ( يابة ) حتى غير اتجاه سيره عائدا الى الضفة الاولى من الشارع فارا مني بسرعة فائقة اخفته عن انظاري كعصفور فر من حجر ، لا ادري ما ظن بي او ما كانت مشكلته ! كم اتمنى ان يكون من القارئين لقصتي هذه بعد مرور عشرين عاما .
في محور اخر ، كانت اوقات تناولي العشاء في مطاعم المدينة الاكثر مناسبة للتحدث او التعرف على الفتيات اليابانيات ، فالمطاعم مليئة ليلا ونهارا بزبائن من مختلف الاعمار ، ذكورا واناثا ، ولمعظم تلك المطاعم كراجات خاصة لدراجات روادها تسع كل منها لمئات الدراجات الهوائية . احدى الامسيات وبينما جلسن مجموعة من الشابات اليابانيات الانيقات والجميلات على طاولة طعام مجاورة لطاولتي ، ضحكت احداهن بوجهي ورفعت سبابة يدها اليمنى واضعة اياها اسفل انفها سائلة اياي : ( ما هذه ؟ لم تضعونها ؟ ) وتقصد الشوارب ، ابتسمت دون اجابتها ، زميلتها الاخرى سألتني بلغة انكليزية ركيكة جدا : ( من اين انت ؟ ) ، اجبتها : ( عراق ) ، استغربت للاسم وكأنها لم تسمع به او بحربه المستمرة حينها مع ايران لاكثر من ستة اعوام ، استدركت اجابتي مكملا : ( عرب ) ، ردت الشابة اليابانية علي مبتسمة ثم ضاحكة رافعة يديها مرفرفة بهما حول صدر مهتز بتليه الجميلين الحاملين لبركاني عسل مكبلين بخيمتي حرير وكأنها ترقص رقصا شرقيا : ( ها .. عرب .. رقص ) ، صدقوني لم افهم ما عنته بتلك الكلمتين ، هل كانت تعني انها معجبة بالرقص الشرقي العربي ؟ ام انها كانت تعني ان الرقص هو الشيء الوحيد الذي تعرفه عن العرب ؟ ما استبعده هو ان تكون قصدت الاستهزاء بشعوب شرقية وعربية ترقص ، جهلا او نفاقا ، للحصول على قطرات رغيف خبز من حكام اثرياء بارعين في الشعوذة وخنق الرقاب وقص الالسن .

ملاحظة تم نشر الموضوع في جريدة الزمان الدولية في 2/2/2008 شكرا لكم



#نبيل_قرياقوس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل قرياقوس - رقص شرقي