أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - المهدي أمكور - التحريم ليس كافيا في زماننا















المزيد.....

التحريم ليس كافيا في زماننا


المهدي أمكور

الحوار المتمدن-العدد: 2181 - 2008 / 2 / 4 - 08:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا شك أن القارئ للآيات القرآنية التي تناول فيها عز و جل كلا من الخمر و الجنس سيكتشف طابع التحريم و التجريم الغالب على الأحكام التي جاءت بها تلك الآيات والذي كان ولازال له التأثير الكبير في برمجة العقل الجمعي العربي بحيزيه على تلك النظرة المليئة بالاحتقار و الرفض و الاستهجان لكل ما أو من له علاقة من قريب أو بعيد بكل من الخمر والجنس , كما أن الدارس لواقع العالم الإسلامي سيذيل لا محالة دراسته بخلاصة مفادها أن لا شيء على ما يرام , وأن كلا من الخمر والجنس رغم تحريمهما وتجريمهما قد أوشكا على إعادة الإنسان المسلم إلى مرحلته الدروينية الأولى بحيث أضحى بهما شبه حيوان لا يمارس من حيوانيته إلا غرائزها, وسيكون له على ذلك أمثلة وحجج كثيرة: ابتداء مما سيعاينه بشكل يومي في شوارع وأحياء المدن من جرائم القتل و الاغتصاب سواء بسبب الإفراط في الشرب أو بسبب الهوس الجنسي الذي بات طابعا يطبع الشخصية المسلمة بغض النظر عن كيفية تصريفه, إذ هناك من يطلق عقاله فيظهر عنده في شكل تصرفات و ممارسات لا أخلاقية من قبيل الاغتصاب و الاعتداء على النساء و الأطفال مستغلا "ضعف" النساء وبراءة الأطفال, وهناك من يداريه بوسيلة الكبت التي أصبحت تلعب دورا أساسيا في حياة المسلم مثلها مثل وسائل الاتصال و المواصلات لدى الإنسان الغربي, إلا أنه يَصرف في الغرف المغلقة عن طريق ممارسات مرضية كالاستمناء أو...أو احتراف مشاهدة أفلام الخلاعة, مرورا ببعض الحوادث المخجلة هنا و هناك كما هو الشأن في واقعة "بنت القطيف" بالسعودية أو...أو الجريمة التي ارتكبها المواطن الأفغاني ممتاز حيث حلق شعر زوجته البالغة من العمر 17 سنة ثم قطع أنفها وأذنيها وانهال عليها بالضرب حتى كسر أسنانها ويديها وأرجلها لمجرد أن الشك في سلوكها تسرب إلى عقله المتعفن, وانتهاء بالإحصائية التي أصدرتها غوغل عن الدول العشرة الأولى في العالم الأكثر غوغلة لكلمة "جنس" على رابطها الالكتروني,والتي أثبتت أن الدول الإسلامية هي التي لها السبق والتفوق في هذا الميدان حيث فازت كل من مصر و باكستان وإيران بالمراتب الأولى و الثانية و الثالثة على التوالي . فما السبيل إذن لتهذيب و عقلنة كل من الممارسة الجنسية و استهلاك الخمر بعد أن أخفق المقدس الديني في ذلك معتمدا على أسلوبي التحريم والترهيب ؟
من خلال ترددي على بعض الحانات ومن خلال المعاينة المباشرة (الدردشة أو النقاش) أو الغير المباشرة (الملاحظة عن بعد) لزبنائها اكتشفت أن أغلب هؤلائي أناس طيبون وجدوا داخل هذه الحانات مهربا و مفرا من المجتمع المريض, لقد حاولوا البحت عن شيء من الديمقراطية وقليل من الحرية فلم يجدوا في مجتمعهم إلا الكثير من شعاراتهما و الكثير من القمع و التسلط فانتهى بهم المطاف في هذه الحانات ليكتشفوا داخلها ضالتهم ألا وهي الحرية والكرامة والديمقراطية فهم لم يعودوا يبحثون عن الحكمة التي هي ضالة المؤمن ليس لأنهم فقدوا إيمانهم ولكن لأن الإنسان المستعبد لا يمكن أن يبحث عن الحكمة قبل أن يحصل على حريته: داخل هذه الحانات تذوب الفوارق الطبقية فيتجانس الكل في طبقة واحدة , تطفوا المكبوتات وتنحل الكتل و العقد فيصبح كل شيء مكشوف, ويرفع الحجر عن الحريات فيستعيد الكل حريته في التعبير والحركة ولا أحد يقبل أن تهان كرامته أو أن يمارس العبودية لصالح أي كان, وقد يثور ويتمرد مقابل الحفاظ على كرامته.
عندما يتمتع الشخص بمستوى مقبول من الوعي مضافا إلى انتمائه لطبقة اجتماعية متوسطة أو بورجوازية فانه لا يتجاوز في سكره الحد الذي يجعله يفقد الارتباط بين لسانه ودماغه أو بين هذا الأخير وأطرافه وهو بذلك يتحكم في ألفاضه وسلوكاته انطلاقا من الجهاز القيمي والأخلاقي والمبدئي الذي يحركه حتى قبل رشف أول جرعة خمر, إلى درجة يصعب فيها التمييز بين حالته الطبيعية والحالة التي يكون فيها بعد مغادرته للحانة, هذا إذا استثنينا رائحة فمه طبعا . في حين أن الإنسان الذي نخره الفقر وأعمت الأمية و الجهل بصيرته غالبا ما يصاب بإسهال الفم بعد استهلاكه لكمية ولو قليلة من الخمر فينطق بألفاظ لاتقل نتانة عما يخرج من الشرج وكلما أفرط في الشرب كلما فقد التحكم في سلوكاته فيتعطل عنده الوعي ليأخذ اللاوعي المليء بالمكبوتات و الخلاطات الفاسدة مكانه وهنا يفقد "الأنا" عنده وظيفته التوافقية بين متطلبات الهو الغريزية واللاشعورية ومتطلبات الأنا الأعلى المتمثلة بالضوابط الاجتماعية والقيم الإنسانية الكونية (التحليل النفسي عند فرويد), ليتصرف وفق ما تمليه عليه غرائزه ,ولكم أن تتصوروا كيف يمكن أن يتصرف
كادح أنهكته متطلبات الحياة التي لاتنتهي أو أمي بعد أن يتجردا من سلطة المجتمع , وكما يقال الضغط يولد الانفجار والانفجار لا يُتحكم في أشلائه وهي بدورها لا تفرق بين البشر والشجر والحشر والحجر, وكفانا وكفاكم الله شر الإنفجار.
ومما سبق يمكن أن نستخلص أن شرب الخمر ليس غاية في حد ذاته بقد رما هو وسيلة للهرب من القمع والتهميش والفقر والأمية...وبالتالي فان الدولة ممثلة بنخبها السياسية ومؤسساتها والمجتمع ممثلا في منظماته وجمعياته الحقوقية والثقافية... يتحملان كامل المسؤولية في الأضرار التي تسببها هذه الظاهرة سواء للفرد أو للجماعة باعتبارهما يملكان المفاتيح التي ستمكنهما من فتح باب الحريات وفتح عقول الناس وإغلاق أبواب القمع والاضطهاد والتهميش والفقر, انطلاقا من إظهار الدولة لإرادة سياسية حقيقية لإشراك المواطنين في تقرير مصائرهم وبلورتها لاستراتيجيه ناجحة على الصعيدين الاقتصادي و التعليمي, بدل استيراد مخططات ومواثيق تخدم أجندة المؤسسات المالية الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ,ومن عمل المنظمات والجمعيات على استعادة دورهما التاريخي في تعبئة المواطنين وفي رفع مستوى الوعي لديهم إلى درجة يتمكنون فيها من المطالبة اليومية بحقوقهم المسلوبة , ودون ذلك سيبقى الحال على ما هو عليه .
وبنفس المدفعية يمكن محاربة التفسخ الجنسي الذي تتخبط فيه مجتمعاتنا حيث لا ينفع معه هو الآخر سلاح التحريم والتجريم بقدرما يستدعي حوارا ونقاشا اجتماعيا بناءا يتغيأ ويروم رفع صفة "الطابوهية" التي تجعل من الجنس غولا و بعبعا يكشر أنيابه ويبرز مخالبه في وجه كل من تجرأ على الاقتراب منه أو حتى الحديث عنه, ولكي يتحقق ذلك لابد من مواجهة الظاهرة انطلاقا من مسبباتها بدل الاكتفاء بمدارات وتجميل نتائجها و تداعياتها بمساحيق تتلاشى مع ظهور أول عرس شواذ في المغرب أو اغتصاب امرأة في السعودية أو رجم وإعدام النساء في إيران, وهذه المسببات هي نفسها التي كانت وراء الظاهرة الأولى ألا وهي الفقر و الكبت و الجهل, فلولا كل من الفقر والجهل لما تبوأت الدول الإفريقية المرتبة الأولى من حيت عدد المصابين بمرض فقدان المناعة (السيدا), ولولا الفقر لما ارتفعت نسب الدعارة في دول العالم الثالث,باعتبار أن أغلب اللواتي يلجن هذا المجال يفعلن ذلك قسرا من أجل كسب لقمة العيش,ولولاه لما وجد شبابنا صعوبة في تحصين نفسه عن طريق الزواج , أما بالنسبة للكبت فتأثيره يظهر لدى شيوخ آل سعود,فرغم توفرهم على ثروة هائلة وعلى مستوى وعي لابأس به إلا أنهم أوشكوا على تحويل بعض بلدان شمال أفريقيا وآسيا إلى أوكار للدعارة,وهم لا يفرقون بين المتزوجة والعازبة والطفلة إلى درجة أن الشباب أصبحوا يشتكون من ارتفاع التكلفة في سوق الدعارة, وكل هذا بسبب الكبت و المنع الذي يعاني منه الوهابيون في بلدانهم بذريعة أنهم يعيشون في بلدان إسلامية, والإسلام منهم بريء.
باختصار فان الفقر يجرد الإنسان من الأخلاق و الجهل يجرده من العقل أما الكبت فيجرده منهما معا, والإنسان عندما يفقد عقله وأخلاقه يكون قد دخل في حالة جنون أو في حالة مرض , وكلتا الحالتين تستدعيان تدخلا فوريا وعاجلا من المعنيين, فهل من مغيث؟







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكم الأكثرية... أم إقصاء الأقلية...


المزيد.....




- مسؤولون لـCNN: إدارة ترامب تجري مراجعة فنية -معقدة- للعقوبات ...
- تحذير قوي في مصر من قنبلة موقوتة تهدد الإنسان والحيوان
- سمر أبو علفة تفوز بجائزة -صورة الصحافة العالمية 2025- بمشهد ...
- طرق الهروب السرية: كيف وصل النازيون إلى الأرجنتين
- اختراق خلال 24 ساعة.. قناة عبرية تنشر تفاصيل اتفاق قيد التفا ...
- مصرع عدة أشخاص جراء اصطدام مروحيتين في سماء فنلندا
- رئيس وزراء إسرائيلي أسبق يوجه انتقادات لاذعة لنتنياهو
- حكومة غزة: إسرائيل هجرت 300 ألف فلسطيني وقتلت أكثر من 200 في ...
- المغرب.. الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري تنذر شركة الإذا ...
- تونس.. تعداد السكان يقترب من 12 مليون نسمة مع منحى تدريجي نح ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - المهدي أمكور - التحريم ليس كافيا في زماننا