أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - نوح كوهين - نعوم تشومسكي واعتذاريات -اليسار- : عن اللاعدالة في فلسطين















المزيد.....



نعوم تشومسكي واعتذاريات -اليسار- : عن اللاعدالة في فلسطين


نوح كوهين

الحوار المتمدن-العدد: 2173 - 2008 / 1 / 27 - 10:54
المحور: ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين
    


• ملاحظة موقع "كنعان":
اكتسب السيد نعوم تشومسكي خلال معارضته لحرب الرأسمالية الأميركية ضد فيتنام سمعة دولية فائقة وزاد من ذلك نقده للسياسة الخارجية الأميركية. أما تراجع حركة الثورة العالمية فقد فاقم سمعته بما يغطي على جوهره الليبرالي ليبدو في نظر الكثير من بسطاء القراء بأنه النموذج الثوري، وهو شرف لا يطلبه تشومسكي نفسه. لقد احتفى الكثير من المثقفين واللبراليين العرب بتشومسكي "كنبي" لهم وذلك في بحثهم عن نموذج يبرر لهم رفضهم للفكر الثوري الاشتراكي واليساري والشيوعي. لقد وضعوا في الرجل أكثر مما يريد، بل حتى ما يرفض! وما عليهم الآن إلا أن ينتحبوا حيث ينهار هذا الصنم الذي احتموا ورائه.
أما الموضوع الذي نترجمه هنا، فهو مثابة إماطة اللثام عن أعين الكثيرين ليروا أن اللبرالي الغربي لا يمكن إلا أن يكون ابنا بارّاً بالمؤسسة الطبقية الحاكمة. وأن نقده إنما ينصب على الجانب الوقح والمرئي من ممارساتها الإجرامية. لقد وضع كاتب المقال السيد تشومسكي في خانته الطبيعية التي قد لا نبالغ بتسميتها "الصهيونية الناعمة" أو "اللا سامية الحقيقية - أي الضد عربية".
وقد نشر الأصل الإنكليزي لهذه المقالة في موقع مجلة "محور المنطق" Axis of Logic وتقوم "كعان" بنشرها بالعربية بإذن خاص من المجلة.
Noah Cohen, “Noam Chomsky and ‘Left’ Apologetics for Injustice in Palestine”, Aug 23, 2004
http://www.axisoflogic.com/artman/publish/article_11169.shtml
وكما أورد الكاتب في مقالته هذه، فانه يقوم بالرد على تشومسكي ومواقفه في مقابلة صحفية كانت أن أجرتها مجلةZNET Magazine مع تشومسكي في 30 آذار (مارس) 2004. ويستطيع القارئ أن يطالعها على موقع الانترنت لهذه المجلة:
http://www.zmag.org/content/showarticle.cfm?ItemID=5240
أما كاتب المقالة، نوح كوهين، فهو صديق ل Axis of Logic ويعمل كناشط مع لجنة New England التي تدافع عن فلسطين في مدينة بوسطن، ولاية ماساتشوستس الاميركية. وقد سافر كثيرا إلى الشرق الأوسط ومن ضمنه فلسطين المحتلة وهو يناضل من اجل حق الشعب الفلسطيني عبر نضال هذا الشعب لحق العودة وحل الدولة الواحدة.
كما ستتابع "كنعان" نشر الردود التي تمت بين تشومسكي وكوهين، كاتب هذه المقالة، في أعداد قادمة.
"كنعان"

لعل من اللافت للنظر في حالة فلسطين أن مثقفين وتقدميين من الولايات المتحدة، لكي يكونوا "واقعيين" وأصحاب مبادئ، يختارون قبول، بدرجة أو بأخرى، الإجماع الإعلامي العام فيما يخصّ "حدود الخطاب المقبول" وأين يرفضون هذا الخطاب. في حالة فلسطين، فإن أناساَ هم بشكل عام في طليعة الدعاة للصراحة والأمانة في المطالبة بالعدالة في الخطاب السياسي، الناس الذين ينتقدون "البراجماتية" الزائفة الموجهة لصالح الماكينة الإعلامية الضخمة والمستشارين السياسيين الأكاديميين، والذين يدققون في ويختبرون التصريحات التعميمية عن الإجماع الشعبي، قد أصبحوا فجأة مؤمنين بالبراجماتية وبالحدود التي يمكن أن يسمح بها الخطاب.
إن المقابلة التي جرت مع نعوم تشومسكي والمنشورة في مجلة زي نِتZNET 30 آذار 2004 بعنوان "العدالة في فلسطين" هي مساهمة مثالية على هذا اللون من اليسار الاعتذاري. فهي تشتمل على العديد من المحاججات التي تم تطويرها عمومًا بهدف تشريع نوع من الوجود المستمر للنظام الاستعماري والعنصري الإسرائيلي ولكي تشكل لهذا الاستعمار دعماً من الخلف بين التقدميين الأميركيين. إن هذا لأمر يجدر تفحصه بالكامل. وعلى العموم، فإن هذه المحاججات ترتكز على رافعتين:
1- انه لا بد من فصل تاريخ إسرائيل الاحتلالي الاستعماري عن تواريخ مختلف أنواع الاستعمار باعتبارها حالة خاصة، وعليه فإن اعتباراً خاصاً كان لا بد أن يُعطى للمستوطنين الاستعماريين الصهاينة باعتبارهم جماعة حساسة تاريخياً.
2- وحيث أن لهذه الجماعة الحساسة أو ذات الوضع الحساس تاريخيا قوة عسكرية هائلة، وأسلحة نووية ودعماً اميركياً عسكرياً واقتصاديا، فإن الدعوة لإنهاء هذا النظام الاستعماري هي دعوة غير واقعية، فهي فقط تؤذي الخاضع للاستعمار، ولذا يجب أن يعاد توجيهها إلى أنشطة أكثر فائدة.
لعل الرافعة الأولى محاولة مؤلمة لمواجهة النقاش فيما يخصّ العدالة، أما الثانية فمحاولة لجعل هذا النقاش بلا أهمية عبر المحاججة عن الواقعية.
هاتان هما المحاججتان اللتان يطوّرهما تشومسكي ضد الدعوات من أجل الديمقراطية والمساواة في الحقوق لكل الناس في فلسطين التاريخية. في هذه الحالة، فإن هاتين المحاججتين تتخذان المنحى التالي: إن فلسطين ديمقراطية، في كل فلسطين التاريخية، مع مساواة في الحقوق لكل شخص لا بد أن تنتهي أخيرًا إلى تحويل اليهود إلى أقلية مضطَهَدة (محاججة أخلاقية)؛ إن دعوات من هذا الطراز غير واقعية بأي حال من الأحوال، وهي لا بد أن يتم استخدامها من قبل المتطرفين الصهاينة لكي يدفعوا باتجاه تبرير برنامجهم في التطهير العرقي ضد الفلسطينيين (محاججة براغماتية). وعليه، ليست فلسطين شبيهة بجنوب إفريقيا أخلاقيًا، حيث انه في الخطاب الموجّه ضد الفصل العنصري كان البيض أقلية وبالتالي لم يكن مبرّرًا أن يعطى لهم حق الاحتفاظ بامتيازات خاصة بالقوة العسكرية - لقد كانوا نظامًا استعماريًا استيطانياً، وبالتالي فإن منح امتيازات خاصة هو بالضبط ما كانت ترفضه الحركة المناهضة للفصل العنصري. وعلى نحو ما، فإن حالة "الدولة اليهودية" هي أقلية استيطانية استعمارية يفترض أن تكون قادرة على الاحتفاظ بوضعية امتيازات، بالقوة على كل الأرض التي تمت حيازتها بالعدوان العسكري. ليست فلسطين مثل جنوب أفريقيا من ناحية براجماتية حيث أن الدعوات لإنهاء النظام الاستعماري الاستيطاني قد آلت للفشل لأنها لم تحصل على دعم دولي كاف لتصبح قابلة للتنفيذ. وكما هو في حالة "منطق القِدْر الذي يرشح السوائل" المشهورة في تفسير الأحلام عند فرويد (Freud’s "leaky-pot logic" of dreams)، لا بد للمرء أن يتساءل عمّا إذا كانت هاتان المحاججتان لا تنفيان بعضهما بعضاً حيث توفر الأولى الدوافع والفرضيات غير المنطوقة للثانية.
((2))
بهذه الطريقة يُدار النقاش على يد تشومسكي. فحين سُئل من قبل مُقابليه وهما ستيفن س شالوم و جستين بُدور، كيف يرى إمكانية حل دولة واحدة في صيغة دولة ديمقراطية، علمانية، أجاب كما يلي:
"لم تتبن أية مجموعة فلسطينية (ولا بالطبع إسرائيلية) ذات وزن مقترحاً ينادي بدولة ديمقراطية علمانية ذات أهمية. بوسع المرء أن يدير حواراً، مجرداً، فيما إذا كانت الفكرة "محببة". ولكنها غير واقعية بالكامل. لا يوجد دعم دولي ذو معنىً لها، ولا داخل إسرائيل، والمعارضة لها تكاد تكون عالمية. إنها تُفهم على أنها ستكون دولة فلسطينية بأقلية يهودية، ولا توفر ضماناً لا للديمقراطية ولا للعلمانية (حتى لو تم قبول وضعية أو حالة الأقلية، وهذا ليس الحال). وبرأيي، فإن أولئك الذين ينادون بدولة ديمقراطية علمانية يوفرون سلاحا لأكثر العناصر تطرفا في إسرائيل والولايات المتحدة".
حينما يقرأ المرء هذه التعليقات، لا بد أن يشعر بالاستغراب من طبيعة فهم تشومسكي لكلمات من طراز "شرعي" و "هام". هل كان الفلسطينيون في أي يوم ذوي أهلية لمثل هذا المشروع؟ لقد طرحت كل من الجبهتين الشعبية والديمقراطية بوضوح مشروع دولة ديمقراطية علمانية في فلسطين التاريخية منذ عام 1969، كما عبر ممثلون لمنظمة التحرير الفلسطينية عن هذا الهدف خلال السنة نفسها. واستمر هذا الموقف كموقف لليسار الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية لسنوات طويلة في أعقاب ذلك. ولعل الأكثر أهمية أن الفكرة الفلسطينية في التحرير قد تم التعبير عنها في ميثاق م. ت. ف. في عام 1968 الذي رفض التأسيس الاستعماري لتقسيم اثني وديني معتبراً: بأن كل شعب فلسطين بغض النظر عن الدين يعتبرون فلسطينيين، ولهم جميعا حرية العبادة. إن ما رفضته م.ت.ف. ليس الشعب اليهودي بل المستوطنين المستعمرين والدولة التي أقيمت لمصلحتهم بشكل حصري. لقد تم تبني الدولة الديمقراطية العلمانية من قبل جزء كبير من الحركة الفلسطينية طوال السبعينات وهو عبارة عن إذعان ضمني (للكميونتي – أي الجماعة) الاستيطانية كمحاولة كريمة أو سخية لشمل المستوطنين ونسلهم في فلسطين المحررة، مفيدا بأنهم راغبون في التخلي عن امتيازات خاصة. ولم يتم بالمقابل أي تجاوب أو تقدير لهذا الكرم من أية حركة هامة في إسرائيل. هل هذا الرفض الإسرائيلي يشترط أو يحدد حدود العدالة التي على الفلسطينيين وأنصارهم أن يناضلوا من اجلها؟
لعل ما هو واضح هو أن الإسرائيليين يقررون بالضرورة لتشومسكي حدود الخطاب، بمعنى أن كل ما لا يقبلون به "غير واقعي". وبتشديده ثانية على الموضوع، يصبح تشومسكي أكثر روعة بالنسبة لهم بقوله:
"إن الدعوة لدولة ديمقراطية علمانية لم يتم أخذها بشكل جدي من قبل الرأي العام الإسرائيلي أو العالمي، هو مطلب واضح بتدمير إسرائيل ولا يَعد الإسرائيليين بأي شيء ابعد من الأمل في درجة من الحرية، عندما تنتهي الأمور إلى دولة فلسطينية. إن الدعوة إلى دولة ديمقراطية علمانية، أمر لم يؤخذ على محمل الجد من قبل الجمهور الإسرائيلي. لا بد لنظام الدعاية في الولايات المتحدة وإسرائيل من أن يستقبل هذا الاقتراح بكل الاغتباط إذا ما حصل على اهتمام هامشي، ولن يعمل على إعطائه شعبية عظيمة، فانه سوف يفسره على انه مجرد مظهر أو تجلٍٍ آخر لمسألة: "ليس هناك شريك للسلام" وعليه، فليس أمام الولايات المتحدة وإسرائيل أي خيار سوى تقوية "الأمن" وذلك بوضع الفلسطينيين البرابرة في زنزانة الضفة الغربية في حين يستمرون في أخذ الأراضي ومصادر الثروة. إن العناصر الأكثر تطرفا وعنفاً في إسرائيل والولايات المتحدة لم تكن لتأمل بهدية أكثر قيمة من هذا الاقتراح".
إن التهديد الأخير مثير للفضول، فعندما زرت فلسطين في صيف عام 2003، كان الإسرائيليون مستغرقين في عملية حبس الفلسطينيين في زنزانة الهواء الطلق باسم "الأمن" وكانوا منشغلين في ضم أراضيهم للمستوطنات، وحتى خلال لقاءات بين ممثلين للسلطة الفلسطينية مع شارون وبوش لمناقشة "خريطة الطريق". لم تتطلب هذه اللقاءات من أي شخص اقتراح دولة ديمقراطية علمانية حيث أن هذا، طبقا لطرح تشومسكي، لم يكن على الطاولة.

((3))

انه لمن الأمور المقلقة بشكل استثنائي أن يستمر تشومسكي بإصرار في وضع حدود النشاط ضمن حدود الخطاب السائد- أي ما "أُخذ على محمل الجد" من قبل "الجمهور الإسرائيلي" أو "الأمريكي" أو "العالمي".
ففي مقالته بعنوان "حدود التفكير الممكن التفكير به" (في بروجريسيفProgressive 1986) جادل تشومسكي بأن النقد الأصيل للسياسات الإمبريالية للولايات المتحدة في فيتنام قد استثنى بشكل عريض الاتجاه السائد في الحوار السياسي من خلال رقابة ذاتية تتحكم بمدى الخطاب المقبول. وحسب تشومسكي، فإن كل من لا يرغب بأن يكون "خارج أو بعيدا أو ابعد من الحظيرة" يعرف بأنه كان من الضروري أن يقوم بحشر كل معارضي سياسة أمريكا عبر خطاب "كسب الحرب" وذلك بعدم تحدي أهداف أمريكا في فيتنام بل بتحدي التكتيكات والاستراتيجية. لقد سمح الخطاب السائد بموقفين:
1- إن الولايات المتحدة كانت تدافع عن الديمقراطية بشكل ناجح في فيتنام، وأن بوسعها كسب الحرب بتشديد عملياتها العسكرية،
2- إن الولايات المتحدة كانت تحاول الدفاع عن الديمقراطية في فيتنام ولكنها كانت تفتقر لاحتمالات النجاح بشكل متزايد، كما إن الإصابات في الجنود الأميركيين والفيتناميين جعلت من الحرب أمراً غير مدعوم شعبياً على أرضية أو من منظور الكلفة - والفائدة. وطبقا لهذا الموديل، إن أولئك الذين هم ضمن حوار الاتجاه السائد، الذين ربما لم يؤيدوا الفرضيات الأساسية للخطاب مثلا أولئك الذين أدركوا بأن الولايات المتحدة في فيتنام من اجل مواصلة الهيمنة الأميركية على المنطقة، ضد مصالح الشعب الذي يعيش هناك، قد تعلموا بأن يلونوا معارضتهم طبقاً للشروط المقبولة. وقد فعلوا هذا للحفاظ على "مصداقية" ولخدمة هدف إنهاء الحرب.
وكما لاحظ تشومسكي، فهذا يعني بأن الافتراضات الأساسية للعمل العائي في الولايات المتحدة في مختلف حروبها للتوسع والهيمنة لم يتم تحديها بشكل ملموس ضمن حوار التيار السائد. وهذا ما جعل من الصعب بناء حركة تواجه السياسات الرئيسية. وحتى انتصار "براجماتي" محدود للمعارضة مثل النجاح في تحويل سياسة الولايات المتحدة بعيدا عن نشر القوات في فيتنام يمكن امتصاصه ضمن النظام العام للإمبراطورية. لقد خلقت الكتابات المتتالية للتاريخ ما أسمي أعراض "سيندروم" فيتنام بجانب أعراض فيتنام والتي جرى فهمها بشكل ضيق الأفق كمشكلة تكتيكية في كسب أرض ميادين الحروب ضد مقاومة الغوار في البلدان الأجنبية. قد تمكن جورج بوش الأول من الإعلان بأن "الأعراض" حطمت بعد الغارات الجوية المكثفة على العراق والمذبحة المقصودة لعشرات الآلاف من القوات المتراجعة والمدنيين الهاربين على الطريق السريع للبصرة عام 1991. حتى ذلك الحين لم تتضمن "أعراض فيتنام" الذبح المقصود للمدنيين وضحايا الحرب الآخرين، ولكن فقط خسائر طفيفة للقوات الأميركية. بناء على تحليل كهذا فيما يخص فيتنام يغدو مثيراً للقلق والانزعاج أن نرى تشومسكي يكرر الإصرار على التمسك بما يسمح به الخطاب في حالة فلسطين.
وحيث يقول تشومسكي: ليس للمرء أن يتحدث عن فلسطين ديمقراطية بحقوق متساوية للجميع لأنه ما من دعم واسع لهذا الاقتراح وبأنه فقط سوف يتم استغلاله من قبل أنصار الجناح اليميني، فإن هذا مشابه للجدل الذي ارتكزت عليه قطاعات محددة من الحركات المناهضة للحرب في حالة فيتنام (وما زال يتم طرحه حتى اليوم).
إن الحديث عن أهداف الولايات المتحدة في فيتنام بأنها "إمبريالية" أو وصفها بما هو أقذع، والحديث عن "حق الشعب الفيتنامي في الدفاع عن نفسه ضد الغزو" يجعلنا نبدو جميعا كما لو كنا مجرد مجموعة من اليساريين المتعصبين مقابل بقية أميركا، وهذا بالضبط ما يريدنا مؤيدو الحرب في أميركا أن نعمل ولعل من الأفضل لنا أن نحصر أنفسنا في نقد الاتجاه "الكسبوي" للحرب وشجب الإصابات التي لحقت بالأمريكيين.
والآن لننظر في موقف تشومسكي من حق العودة:
"ليس هناك تأييد دولي لحق العودة يمكن تلمسه، وفي ظل ظروف (فعلية وغير متخيلة) فإن دعما من هذا القبييل إذا ما تطور، فإن إسرائيل سوف تلجأ إلى سلاحها الأخير والنهائي وهو معاندة الرجل الكبير لمنع حصول هذا الأمر.... وبرأيي، فإنه من غير المناسب تعليق آمال لا يمكن أن تتحقق أمام أنظار شعب يعاني من البؤس والقمع. والحري أن يتم بذل جهود بنائية لتخفيف معاناتهم والتعاطي مع مشاكلهم ضمن العالم الواقعي".
إن حق العودة هو حق إنساني أساسي يملكه اللاجئون الفلسطينيون جماعيا وفرديا، وهو حق لا يمكن مقايضته بالنيابة عنهم على يد أي شخص يشطبه هكذا ببضع جمل مستندا إلى وضعية "الدعم الدولي". لنلاحظ الطريقة الأبوية التي يرفض بها تشومسكي، مثلا "تعليق آمال سوف لن تتحقق أمام عيون الشعب الفلسطيني"كما لو كان حق العودة، أو بوسعه "هو" أو "نحن" أن نقدمه أو نمتنع عن تقديمه لجماعة مقموعة وهي في وضعية سلبية أو بانتظار الإحسان، وليس لكونه حقاً قامت جماعة اللاجئين الفلسطينيين بتنظيم نفسها من اجله في نضال عالمي. ليس حق العودة مجرد "أمل" يعلقه تشومسكي "أمام ناظري الفلسطينيين"، انه حق يملكونه وهم يناضلون بنشاط من أجل تحقيقه. لذا فإن دور تشومسكي هو: إما أن يؤيد هذا الحق أو لا يؤيده.
إنها لحقيقة مدهشة ومثيرة للاستغراب بأنه في مجمل المقابلة لم يُذكر الفلسطينيون كشعب له حضور تاريخي. فحينما يخبرنا تشومسكي إن أكثرية من الأمريكيين والإسرائيليين يؤيدون حل دولتين، فإنه يُخفق في ذكر بأن مجرد الاعتراف بوجود شعب فلسطيني ظل على مدار نصف قرن من محاولات ابادة إسرائيلية لإنكاره كمجتمع، وإنكار تاريخه وثقافته هو نتاج مباشر للمقاومة الفلسطينية ضد العدوان العسكري والاقتصادي والسياسي الشامل. ويبدو كذلك أن تقييم تشومسكي لـ "الدعم الدولي" بعيد جدا عن تلمس الرأي العام العالمي المتبلور في الشارع. فأينما يجد المرء جماهيره في الشارع يبدون معارضة جدية للأنظمة الإمبراطورية الأوروبية والأمريكية سواء كانت ضد الحروب الإمبريالية او ضد أدوات القهر الاقتصادي فإن المقاومة الفلسطينية قد خطفت خيال وتعاطف الجماعة العالمية. إن "عولمة الانتفاضة" هي اليوم صرخة تندفع من أوروبا إلى جنوب أميركا.

((4))

ومقابل الدعوة للعدالة والحقوق المتساوية لكل شخص ـ الدعوة التي قيل لنا مرة بأنها غير عادلة ومثالية جدا- فإن تشومسكي يقدم مساومته الواقعية للعدالة: حل دولتين يقوم على مواثيق جنيف. (كأن تقول، بأنه إذا ما دعمته الولايات المتحدة وحدها، والتي قد تفعل إذا ما ضلّلنا النشطاء المؤيدين للفلسطينيين وان نكرس جهودنا لهذا الحل الواقعي.) إن التالي حساب مساومة التكامل والتفاضل لدى تشومسكي:
"ما هي المساومات التي يجب القبول بها وما هي التي لا يمكن؟ لا يوجد ولا يمكن أن توجد لائحة عامة. فكل معاهدة أو اتفاقية هي "مساومة" وغير عادلة. فالبعض منها يستحق القبول بالمساومة والبعض لا. لو أخذنا نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا فقد كنا جميعا مع إنهاء هذا النظام مع إن المساومة هناك كانت غير عادلة بشكل حاد وتركت القوة الاقتصادية الكبرى دون أن تُمس نهائيا، رغم بعض الوجوه السود ما بين الأقلية البيضاء المهيمنة. بكلمات اخرى كنا جميعا ضد سياسات نظام البانتوستان بحماسة منذ أربعين عاماً وهذه مساومة مختلفة. إن المساومة التي يمكن أن نقبل بها هي الوصول إلى صيغة ـ وهي إلى حد كبير بلا معنى ـ هي مساومة يجب أن تكون مقبولة إذا كانت هي أفضل الممكن ويمكن أن تقود إلى شيء أفضل. هذه هي القاعدة التي علينا جميعا إتباعها. إن سياسة شارون بصدد حل الدولتين هو ترك أو حصر الفلسطينيين في زنزانة قطاع غزة ونحو نصف الضفة الغربية، هي صيغة غير مقبولة لأنها لا تتطابق أبدا مع المواصفات التي نتحدث عنها. إن اتفاقية جنيف مطابقة إلى حد كبير للمواصفات، ولذا يمكن القبول بها برأيي".
من الواضح إن تشومسكي يعترف، في حالة جنوب أفريقيا، بأن المساومة قد قصرت في النهاية عن تحقيق العدالة: فحتى النهاية الرسمية للابرتهايد لم تحل عدم المساواة الهائل من حيث تركز الثروة والسلطة بأيدي البيض الجنوب أفريقيين. وفي حالة فلسطين، فإن "الواقعية" تتطلب أن يكافح الفلسطينيون ليس فقط بهذا القدر أو إلى هذا الحد، طالما الحل الذي يعرضه تشومسكي هو فرض طبعة معينة كانت قد رفضتها الحركة المناهضة للابرتهايد في جنوب أفريقيا منذ أربعين سنة: دولة مسلحة "لليهود فقط" إلى جانب نظام من البانتوستانات المجردة من السلاح. وبهذا لا نقترف أي خطأ رغم مزاعم تشومسكي بقولنا إن هذا الواقع هو الحل الذي تفرضه اتفاقات جنيف.

((5))

انه لأمر جيد، في هذه الفترة على الأقل، أن نعرف كيف يبدو المطلب "الواقعي" لحل الدولتين. ففي الاختلافات المألوفة لهذا الجدل عن البراجماتية، هناك التجديد الذي يضاف بمعنى أن المتحدث يؤمن فقط بحل الدولتين المثالي جدا والطوباوي والذي لا يمكنه أن يضيف عليه أية تفاصيل أو إيضاحات. فكما هو معتاد فإن حل الدولتين بلا شك لا يتشابه مع أي مقترح سابق له، "حل يعطي فعلاً كلا الطرفين حقوقا متساوية" ويمكن أن يعيش دائما بشكل سعيد "كل طرف مع الآخر" "وبسلام." في هذا الوضع فقط على الأقل، بوسع تشومسكي أن يقدم لنا شيئا محددا وتاريخيا يقوم على اتفاقات جنيف.
ما هي اتفاقات جنيف حقيقة - ما عنته هو أن تضمن لإسرائيل- وهو ما تم التعبير عنه جيداً على لسان احد كبار مفاوضيها والناطقين باسمها، عمرام متسناع (مرشح حزب العمل الإسرائيلي والمشهور في الولايات المتحدة بأنه مرشح "السلام"، وصاحب السمعة السيئة بين الفلسطينيين فهو صاحب سياسة تكسير عظام أولاد الفلسطينيين خلال الانتفاضة). إن المقتطف التالي مأخوذ من مقالة متسناع عن اتفاقات جنيف المنشورة في صحيفة هآرتس ("انهم يخشون السلام" بتاريخ 16 أكتوبر 2003) واني اقتطفها طويلة إلى حد ما هنا لأنها توضح، أكثر من أي نقاش كنت قد قدمته، بأن "المفاوضات" هنا هي مجرد استمرار لسياسة الحرب الاستعمارية ولكن بوسائل أخرى.
"إذا ما قرر رئيس الوزراء تطبيق مبادرة جنيف، فلا بد له أن يذهب عميقا في التاريخ لتأكيد أن دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، بالاتفاق. وهذا قد يكون حتى أكثر أهمية من إعلان الدولة عام 1948، لأن هذا كان إعلانا من طرف واحد وتم في حينه الاعتراف به من قبل فئة قليلة من البلدان في ذلك الحين"...
"استمر رئيس الوزراء لثلاث سنوات في غسيل دماغ الجمهور بأن القوة وحدها هي التي تجلب الانتصار. وقام هو وزملاؤه بدفع الجمهور للاعتقاد بأنه "لا يوجد هناك احد للحديث معه" وبأن جيش الدفاع الإسرائيلي قادر على كسب الحرب وبأننا إذا ما استخدمنا قوة أكثر، فإن الفلسطينيين سوف ينهارون.
"لقد قالوا للجمهور بأننا أقوياء وبأن الإرهاب سوف يتوقف، ولكن الحالة تدهورت وساءت. لقد أصبحت الاغتيالات السياسة الوسيلة الوحيدة للحكومة وبدلا من اجتثاث الإرهاب فإنه يهدد بمسح كل ما تبقى من البلاد.
"إن الإرهاب يزداد شدة، والاقتصاد مستمر في الانهيار، والمجتمع ينكسر، كما أن الحقيقة الديموغرافية تهدد وجود إسرائيل كدولة يهودية. ولكن أيا من هذه [الحقائق] جميعا لم تتمكن من دفع الحكومة إلى أن تغير المسار وأن تختار مساراً مختلفاً"....
"... لقد دخلنا معارك من أجل القدس، وجبل الهيكل وغوش عنصيون. لقد قاتلنا من أجل حدود دائمة لدولة إسرائيل، من أجل مجرد وجود الدولة وصفاتها وقد أنجزنا إنجازات كثيرة.
"وللمرة الأولى في التاريخ، فإن الفلسطينيين قد اعترفوا بشكل واضح ورسمي بدولة إسرائيل كدولة للشعب اليهودي للأبد. لقد تخلوا عن حق العودة إلى دولة إسرائيل وبالتالي فإن أكثرية يهودية قوية وثابتة قد أصبحت مضمونة. وعليه فإن الحائط الغربي، والحي اليهودي وبرج داود سوف تبقى بأيدينا.
لقد تمت إزاحة طوق الاختناق عن القدس، كما أن الطوق الكلي للمستوطنات المحيطة بها، أي جفعات زئيف وجفعون القديمة والجديدة، ومعاليه أدوميم، وغوش عتصيون، ونفي يعقوب وبسكات زئيف والتلة الفرنسية، وجيلو وارمون هنتسيف ستكون أجزاء من المدينة المتوسعة، إلى الأبد. ما من مستوطن في أي من هذه المناطق سيغادر بيته".
هناك أمران واضحان في محاججة متسناع:
1- إن الانتفاضة الثانية كانت أكثر نجاحا بكثير مما تخيل أي شخص بدءاً من الإعلام هنا في الولايات المتحدة؛ أو من محاججة تشومسكي، فيما يخص التهديد المستمر لوجود إسرائيل كدولة يهودية،
2- إن اتفاقات جنيف مقصود بها إنجاز، عن طريق التفاوض ما عجز نظام شارون عن إنجازه بوسائل كسر المقاومة الفلسطينية لإعطاء شرعية دولية كاملة ودائمة للأرض المحتلة عام 1948، ولكي تزيد بضربة هائلة واحدة الأرض المحتلة عام 1967 لتصبح مملوكة الآن كليا "لإسرائيل" التي أصبحت الآن شرعية تماماً. وكما وضعها متسناع، إنها مسألة تجربة "انه مسلك مختلف".
وفي نفس الوقت فإن اتفاقات جنيف يمكن أن تكون معاهدة عالمية تعطي شرعية قانونية لمنظومة من الشروط على الأرض بحيث ترسي لإسرائيل بناء على ذلك استمرارا استعماريا توسعيا بشكل حتمي. بإمكان الاتفاقية أن تؤكد بأن "الدولة الفلسطينية" لا تملك أية وسائل للدفاع عن نفسها، ضد العدوان الإسرائيلي وبأن إسرائيل سوف تحتفظ بقوتها الحالية كأمر واقع لتقوم بالغزو في أي وقت. إن المستوطنات الكثيفة حول القدس والتي تحتوي على أعلى كثافة من المستوطنين في الضفة الغربية، والتي تقطع الضفة الغربية عمليا من النصف سوف يتم منحها لتكون جزءا من "إسرائيل" إلى الأبد. إن الضمان الوحيد هو أن إسرائيل لن تستمر في توسيع هذه المستوطنات إلى الأبد، تبني مزيدا منها، وان تقوم بالغزو العسكري ثانية كلما حاول الفلسطينيون الدفاع عن أنفسهم ضد هذه الانتهاكات، انه وعد غامض بأن أكثرية الإسرائيليين "يريدون حقا أن يعيشوا بسلام". وهكذا ثانية، فإنه لا تاريخ إسرائيل ولا التاريخ العام للمشاريع الاستيطانية يُفترض ان يرشدنا في تقييم واقعية هذا السيناريو "الواقعي".
لعل التقييم الأكثر واقعية لكل أمثال اتفاقيات التفاوض هذه هو ما كتبه نورمان فنكلشتاين. تحت عنوان "حكم التاريخ: حالة الشيروكي"، والمقالة عبارة عن مقارنة مؤكدة بين المشروع الصهيوني في فلسطين وبين مشروع الولايات المتحدة الاستعماري-الاستيطاني في تجريد شعب الشيروكي من كامل أرضهم الوطنية من خلال الجمع ما بين الانتهاك الاستيطاني، والإهلاك العسكري واتفاقات التفاوض. بهذه العملية، اغتصب المستوطنون الأرض ودافع السكان الأصليون عن أرضهم، وما كتب عن هذا ’الدفاع عن النفس‘ جرى وصفه على نطاق واسع بأنه "وحشي" أو "إرهاب"، وقد استخدمت هذه الدعاية لتبرير العدوانات العسكرية بزعم أو في ثوب أنها "دفاع عن النفس"، وأخيراً تم استخدام المفاوضات في هذه المعاهدة لتجنيد عدد معين من السكان الاصلانيين ـ إما أولئك الذين ببساطة قد أرهقتهم العدوانات المسلحة، أو أولئك الذين تمت رشوتهم بالتعامل كي يتخلوا عن المزيد من أراضيهم للمستوطنين بضمانة أن تظل الأرض المتبقية لهم "بشكل ابدي". لقد استمرت الأبدية لعشر أو عشرين سنة، وبعدها بدأت الدورة ثانية (إذا لم تكن ببساطة قد استمرت بكامل قوتها). إن التفاوض في هذه الاتفاقيات مفيد بشكل خاص كي ينقسم الخاضعون للاستعمار على أنفسهم من الداخل على أساس آمالهم، ويوقفوا نضال المقاومة تحت هيئة سلام التفاوض وفي النهاية تعطي مشروعية لمظهر غير شرعي للعملية بأسرها.

((6))

هناك عنصرية لا يشوبها الخطأ في الطريقة التي يُقيم بها تشومسكي واقعية سيناريوهات مختلفة: فهو يقول لنا أنه من غير الواقعي تماماً التخيل بأن الشعب اليهودي يمكنه أن يعيش بأمان كأقلية في دولة فلسطينية قائمة على ديمقراطية ومساواة في الحقوق. ومما يثير انزعاجا أكثر أن هذا الاهتمام بالمصير المحتمل لليهود كأقلية في دولة فلسطينية هو على جانب كبير من الأهمية في عقله إلى درجة تبرير معارضة تنتهي إلى وضعية فعلية يعيش فيها الشعب اليهودي كمستعمِِرين مميزين على الأرض الفلسطينية. نفترض هنا إننا نطبق مفهوم الكاتب في الواقعية. ومن الناحية الثانية، من المفترض انه مفهوم واقعي، على الرغم من كل إثباتات التاريخ المعاكسة له، وذلك أن يتوقع الفلسطينيون بأن جارتهم إسرائيل، في ظل حل الدولتين، سوف تحترم مناطقهم حتى لو لم تكن لديهم أسلحة للدفاع عن أنفسهم. أو، حتى بشكل مثير، إن الولايات المتحدة بضغط من مواطنيها، يُتوقع منها بأن تحميهم. إن أملهم في حصول هذا مرتكز ظاهريا على النية الحسنة لمواطني إسرائيل والولايات المتحدة. (وحتى في كوارث عقود من سياسات الولايات المتحدة التصفوية الإبادية في بلدان اخرى، وحركات الاحتجاج التي لم تصل أبدا إلى مستوى وقف غزو الولايات المتحدة). في هذه الأوضاع يفترض أن يتم تطبيق المثالية.
في معرض تقرير ما هو الواقعي، من المفترض أن ننكر الحقائق التاريخية الأكثر وضوحاً: إن لدى فلسطين تراث قرون من التعايش الديني قبل الصهيونية ـ تعايش التزمت خلاله كافة الأطراف بالنضال من اجل التحرير ـ وان الولايات المتحدة وأوروبا والآن إسرائيل لديها تاريخ متواصل من انتهاك الاتفاقات والمعاهدات الدولية (ومن ضمنها أرقى وثائق القانون الدولي) التي تحترم وحدة أراضي الشعوب الأخرى ولاسيما السكان الأصلانيين وقد انتهت هذه الاتفاقات على العموم بمذابح جماعية في كل بلد ألقت فيه المقاومة السلاح وتوقفت عن الدفاع عن نفسها.

((7))

هناك تشابه صارخ بين مفهوم تشومسكي للواقعية وبين الخطاب الكولونيالي في "القضاء والقدر" : جيد أو رديء، صحيح أو خطأ - هكذا تتواصل المجادلة - بأن هذه هي الحقائق على الأرض، هذا هو مسار التاريخ. وباسم هذه الواقعية، فإن المثقفين والنشطاء في الأسرة الدولية يؤكدون في نفس الوقت انهم مناصرون للفلسطينيين ويأخذون على عاتقهم التخلي عن أي حق أساسي يطالب به الفلسطينيون. يتنازل تشومسكي في إشارته إلى اتفاقات جنيف باعتبارها مساومة مشروعة عن كافة حقوق الفلسطينيين التالية بالنيابة عنهم:
*حق استعادة السيادة على الأرض التي سرقت منهم عام 1948؛
* حق عودة اللاجئين إلى أراضيهم؛
* حق استعادة معظم أراضي الضفة الغربية المأهولة بالسكان؛
* حق التنقل بحرية داخل "الدولة" الفلسطينية الجديدة (حيث أن المستوطنات الموجودة في الضفة الغربية ستعلن إنها جزء من "إسرائيل" بشكل دائم يقطع الضفة الغربية إلى كنتونات مجزأة وهذه الكنتونات بدورها منفصلة عن غزة؛
*الحق بسيادة كاملة على الحدود والأجواء؛
* حق التمسك بقدرة مسلحة ومستقلة للدفاع عن النفس؛
* حق التحكم الكلي بالموارد.
وعلى العموم، فهذا يعني أن "المساومة الممكنة الأفضل" التي وعدت "أن تقود إلى شيء ما أفضل" تتطلب أولا أن يقوم الفلسطينيون رسميا بالتنازل عن جميع الشروط المادية التي يعتمد عليها حق تقرير المصير. من الصعب رؤية كيف ستقود هذه الاذعانات إلى "شيء أفضل".
والأهم لهدفنا ـ على أية حال هو أن يُقيّم المرء الإمكانات الواقعية المتوفرة للشعب الفلسطيني في نضاله للتحرير- إن من المستحيل أن نرى كيف يمكن لأي شخص في الجماعة الدولية أن يساعد هذا النضال على أرضية الإذعان في القضايا الأساسية والمبدئية. إن الأمانة في هذه المسائل هي الحد الأدنى من مسؤوليتنا، إذا كنا نؤمن بأن الاستعمار والعنصرية والابرتهايد غير عادلة، فإن علينا أن نعارض هذه كلها بشكل منظم ومبدئي وان نقاتلها بكافة الوسائل المتوفرة لدينا.
وفي مواجهة اعتذاريات البراغماتية، فقد عبر صديق له باع طويل في النضال ضد الابرثهايد في جنوب أفريقيا، وهو الآن مناضل بنفس الحماسة من اجل العدالة في فلسطين، حين وضع المسألة بإحكام: منذ متى كان دور نشطاء التضامن من البلد المضطهِد أن يقدموا التنازلات والإذعان نيابة عن الشعب المضطَهَد؟

(ترجمة ومقدمة موقع كنعان)



#نوح_كوهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- -دولتان أم دولة واحدة؟- - مناظرة بين إيلان بابه وأوري أفنيري / رجاء زعبي عمري
- رد عادل سمارة ومسعد عربيد على مداخلة سلامة كيلة حول الدولة ا ... / عادل سمارة ومسعد عربيد
- الدولة الديمقراطية العلمانية والحل الاشتراكي - مناقشة الصديق ... / سلامة كيلة
- مناقشة نقدية في حل -الدولة الديمقراطية العلمانية- / عادل سمارة ومسعد عربيد
- ماركس وحده لا يكفي لكنه ضروري - تعقيب على رد الصديقين عادل و ... / سلامة كيلة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - نوح كوهين - نعوم تشومسكي واعتذاريات -اليسار- : عن اللاعدالة في فلسطين