أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد حمدي غرايبه - المقامة الاحتيالية














المزيد.....

المقامة الاحتيالية


جواد حمدي غرايبه

الحوار المتمدن-العدد: 2170 - 2008 / 1 / 24 - 08:53
المحور: الادب والفن
    


هو موسم الرحلات، والسفر والنزهات، ولكنني في ضيق الحال وقلة المال، عاجز عن البقاء والترحال، ففي الأولى نصب السنين وكثرة الديون، وفي الثانية أحتاج لمصروف، وما أكتفي به مما يلم بي من ظلمة الغربة وقسوة الظروف. وإذا كان قد انصرف إلى النزهة القرناء، وآثروا على رفقتي زيارة البتراء، فما لي في الرمثا من بقاء.
كالعادة لجأت إلى كل صديق، أشكو له الهم والضيق، ولكنهم هذه المرة فهموا أن ما يعطى إليَّ من مال ليس بذي رجوع، وحبل الرجاء إلى تحصيله مقطوع، ليس لي إلى المال سبيل، ولا هدى ولا دليل، إلا إلى ( أبو نبيل )، وإن كان في دكانه معظم الأيام، يصارع معاشر الذباب اللئام، ولكن كما يقول جدي: بيت السبع لا يخلو من العظام.نظرت إلى دكانه عسى أن أهتدي إلى ما يوصلني إلى ماله بالحلال، أو حتى بالخدعة والاحتيال، وسرعان ما سَرَتْ النشوة الشيطانية في جسدي،وتَتابَعَتْ الحِيَلُ في خلدي، حتى اهتديت إلى الرأي السديد، أو كما تسمونه الشر الشديد.استعرت من أحد أصدقائي العائدين من الخليج ثوبا وعمامة، وحتى تكتمل عني المقامة، غيَّرت في ملامح وجهي قليلا، وبدوت كأني في إهاب جديد، وجعل هو يقول لست من صالح ببعيد!
توجهت تلقاء ( أبو نبيل ) دون تردد أو تلعثم، بادرته بسؤالي باللهجة التي تتفق ولباسي: هل لديك من قرد؟ استغرب الطلب، وشتمني بالجنون والسلب، فخرجت أدَعي الزعل، وقد بلغت في حيلي غاية الأمل.
وفي اليوم التالي، عدت إلى ( أبو نبيل)، وأعدت عليه طلبي الثقيل، فأنكر عنادي، ووعد متخلصا بأن يلبي لي مرادي. وفي اليوم الثالث، جئت إليه بسيارة صديقي الحديثة، وقد أمست جزءً من خطتي الخبيثة،أعدت عليه قائلا: لك ما تشاء من المال الوفير، والخير الكثير، على أن تأتيني بالقرد، ولك عشرون ألف دينار، على أن تأتيني به قبل آخر النهار.
وبلع الرجل ريقه، ووعد بأن يبذل في توفيره كل طريقة فقال: سآتيك به حتى لو دعوت الله أن يمسخ أحد أولادي قردا.
عند ذلك عدت إلى بيتي ، ثم أزلت "السكسوكة" ، وغسلت وجهي من آثار التنكر، ولبست البنطلون والقميص كما كنت في سابق عهدي، وحملت القرد الذي كنت استعرته من صديقي نفسه الذي أعطاني السيارة والثياب الخليجية، وهو لا يدري عما ينطوي على هذه الأغراض من آمال شيطانية، وذهبت إلى السوق، وجعلت أمُرُّ من أمام دكان ( أبو نبيل )، فدخلت إليه وسألته: هل مرّ شاب يلبس كذا وكذا، ووصفت له نفس أوصاف اللبس المستعار الذي كنت ألبسه،ثم قلت: لقد طلب من هذا القرد القبيح، ولمّا يأتِ فيأخذه وأستريح.
فتحركت عند أبي نبيل عاطفة الحب للمال، وسرعان ما سألني بكم سأبيعه لذلك الرجل، فأجبته: سأضحك عليه وأبيعه إياه بخمسة آلاف دينار، بشرط أن آتيه به قبل آخر النهار،ففتح أبو نبيل الدرج وقال: هذه خمسة آلاف دينار وأعطني القرد، فرفضت وقلت:إذا كان الموضوع كذلك فلن أبيعه للرجل إلا بعشرة آلاف دينار، فقال لي لا تكن طماعا يا رجل، فالطمع صفة رديئة، فأخذت المال من أبي نبيل، وأنا أودّع القرد الجميل، وما زال أبو نبيل يحضن القرد ويقبِّله وينتظر ذلك الرجل ذا الثوب والعمامة حتى الآن، فألهمني المال ومنظر أبي نبيل، ، آن أن أقول:


إن الكنـوز إلى العنـــاء تصيـر إن ساء فيها الحكم والتدبير
فالعقل إن سـاءت طرائق فكـره فالهمُّ والخسـران والتعتيـر
والعقل إن حسنت طرائق فكره فالسعد والظفـران والتيسير






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...
- تنسيق كلية الهندسة 2025 لخريجي الدبلومات الفنية “توقعات”
- المجتمع المدني بغزة يفنّد تصريح الممثل الأوروبي عن المعابر و ...
- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد حمدي غرايبه - المقامة الاحتيالية