أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - جوادٌ أبيض / قصة قصيرة














المزيد.....

جوادٌ أبيض / قصة قصيرة


عمر حمّش

الحوار المتمدن-العدد: 2170 - 2008 / 1 / 24 - 08:52
المحور: الادب والفن
    



بعدَ الجريِّ خلف نعوشِ المقتولين؛ قررتُ الفوزَ بساعةِ غفلة، أقفلُ فيها عقلي، وأطفئُ حيرةَ عينيَّ، ساعةِ سفرٍ في بحرِ النومِ المسروق.
تقاتل بعضي مع بعضي!
وتلاطمتُ، سريري لفَّ، لفَّ بطيئا، ثمّ دار كترسِ مسنون، فاشتعلت مخدتي ثمّ استعرت، وتمنيتُ القفزَ.
كنت جثةً ممتثلةً للنارِ، حلقي ملجومٌ لا يزعق، وناري تأكلُني.
أنا رماد ٌهشٌّ، تابوتٌ تفحمَ، فيه عقلٌ ينشطُ.
قلت :أهـزُّ رمادي هزّةً، فيسقط ُعقلي.
وقلت : فرصـةُ العمرِ تأتيني في أخرَ لحـظاتِ العمرِ.
عزمتُ واستقويتُ باللهِ ثـمّ بأولياءِ الدهـرِ.
وقلت: أصيحُ صيحةً، صيحةً فأفقـشُ غلافـي المسودَّ.
وفعلتُ، لكنّ صيحتي تراقصت صامتةً كذُبالةِ قنديلٍ، وجوفـي أرسل دمعـا يغلـي.
لحظـتها جـاءَ!
كــان، غبشا في البدءِ، يكادُ يلامسُني، فارعا يشهرُ قامتَه ــ ذاتَ قامتِـه ـ وعينيه الضيقتين، وكنزةً ناعمةً من الحريرِ الأبيضِ مزمزمةَ الظـهرِ، وتبسمَ كعادتهِ:
فانفرج حلقي:
- أنتَ ميتٌ!
فنطق من شفتيهِ - ذاتِ الشفتينِ - :
- وهل الشهداءُ يموتونَ ؟
صحت: أَطفئْ ناري!
فأطفأْني.
وتداركتُ وأنا أتفحصُه:
لكن آخرَ مـرة ٍ كنت قطـعا!
وقلت: خـرجتْ من بطنِكَ كليتاك، ورأسُكَ علي الإسفلتِ تدحرج!
وقلتُ: يدُكَ هذه، يدُكَ كانت مرمية!
فرشقني بشذاهُ، فعبقَ الشارعُ!
وهزَّ ذراعيه، وشتمَ شَيطاني!
قلت: حدثني يا رجـل !
ورجفتُ من وميضٍ طارئٍ في عينيهِ.
قال: كان ذلكَ أهونَ من وخـزِ إبرة!
قلتُ : إبرة!
فشرح: بعد الانفجارِ تناثـرتُ، فنظرتُ من عينيِّ رأسي إلي أعضائي المتناثرةِ، فتكاملتُ.
قال: ثمّ استدعتني الشمسُ!
وهمستُ: وكومةُ اللحمِ التي دفناها؟
هزَّ كتفيهِ، وتصببَ عرقِي وهو يرفعُ كَنزته.
- صورة, فقط صورة!
ورأيتُ لحمَه بلا خدشٍ، ونورا لمعَ محلَ التقطيعِ، ففركتُ مقلتيَّ، وهرولتُ خلفَه، فإذا بى على ربوةٍ خضراءَ امتطاها جوادٌ أبيضُ، لم أرَ مثلَهُ من قبلُ ولا من بعدُ، واقتربَ الجوادُ، بنظرةٍ ناعمة ٍمن صاحبي، فصرختُ:
- خذني !
وأكملت جاريا:
- خذني خادما!
وانفرد للجوادِ جناحانِ ثلجيانِ، وصهلَ كما لم يصهل جوادُ، وصاحبي نظر إليّ وقال:
- وهل أمسكتُم بواضعِ العبوةِ؟
فاقشعرّ بدني، وانخفض جفناي.
قال: عُدْ لأزقتِنا وقبّلها باسمي.
فصحتُ: تتوقُ إليها !!
وصعد الجوادُ بفارسِهِ الأميرِ، وأنا أرمقهما مبهورا، ولمّا اخترقا غيمةً ظللتهُما، لطمتُ خدي لطمةَ، جعلتني أقفزُ، لأتحسسَ صدغي المخلوعَ، من على سريري المنطلقِ كترسِ مسنونٍ، أسرعُ من البرقِ!

[email protected]
قاص وروائي من غزة / فلسطين




#عمر_حمّش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن آدم/قصة قصيرة


المزيد.....




- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - جوادٌ أبيض / قصة قصيرة