أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال الشمري - إضطرابات الأطفال النفسية















المزيد.....


إضطرابات الأطفال النفسية


جمال الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 2168 - 2008 / 1 / 22 - 12:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



مقدمة
يسود الإعتقاد بأن فترة الطفولة هي اجمل فترات الحياة، وانها خالية من الضغوط والمعاناة النفسية التي يعاني منها الكبار، غيران الحقيقة العلمية تقول ان الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية مثل الكبار، ولكن تنقصهم الوسيلة للتعبير عن معاناتهم ، فمنهم من يعاني من اضطرابات القلق، والكآبة، والتوحد، وضعف الإنتباه، واضطرابات سلوكية وامراض نفسية دون ان يتمكنوا من التعبيرعنها، وتبقى المشكلة قائمة معهم احيانا الى سن المراهقة او سن الرشد.
ان اسباب اضطرابات الأطفال النفسية متعددة لا يمكن ارجاعها لعامل منفرد فمنها جينية وبايولوجية ومنها بيئية اجتماعية، وقد يشترك عدد من العوامل في اضطراب ما. تحتل العوامل الجينية والعضوية المرتبة الإولى من بين العوامل المؤدية لإضطرابات مثل، التخلف العقلي، واضطرابات التعلم، واضطرابات مهارات الإتصال، والتوحد، وعدم الإنتباه وغيرها.
فيما ياتي اهم الإضطرابات النفسية الشائعة التي يعاني منها الأطفال :

1- اضطرابات عدم الإنتباه والنشاط المفرط Attention Deficit Hyperactivity Disorders

تظهر هذه الإضطرابات في عمر مبكر اي قبل السابعة من العمر، فيعاني الطفل المضطرب اما من عدم امكانيته على الإنتباه ، او من نشاط مفرط وإندفاعية مفرطة ، وقد يعاني الطفل منهما معا في آن واحد، وغالبا ما يلاحظ بعض الأباء على ابنائهم الصغار قبل سن المدرسة اوفي السنوات الاولى في المدرسة اعراضا مثل الخمول و عدم الإنتباه او عدم الرغبة في اللعب ، اوقد يشاهد على الطفل علامات الحركة والنشاط المفرط والتهور مقارنة بالأطفال الذين في عمره، كأن يكون الطفل في حركة دائمة يركض ويتسلق ولا يمكن السيطرة عليه. غير انه على الرغم من ملاحظة هذه الأعراض ينبغي الحذر من الحكم السريع على اضطراب الطفل وينبغي استشارة متخصص نفسي او طبيب نفسي لتشخيص الحالة والحكم على وجود الإضطراب من عدمه.
ان اسباب اصابة 75% من المضطربين ترجع الى عوامل جينية، غير ان هناك اسباب اخرى منها عضوية ومنها بيئية تسبب هذا الإضطراب وهي :
- نوبات مرضية غير مكتشفة مثل نوبات الصرع الخفيف .
- اصابة الاذن الوسطى التي تسبب مشاكل متقطعة في السمع.
- الأدوية التي قد تؤثر على وظائف الدماغ .
- القلق والكآبة.
- تعرض الدماغ الى الضرر نتيجة حادث ما.
- تغير مفاجئ في حياة الطفل مثل وفاة احد الوالدين، او انفصال الوالدين .
- هناك دراسات تربط بين تدخين المرأة او تناولها الكحول اثناء الحمل وهذه الأضطرابات .
- هناك بعض الدراسات تربط بين تناول السكريات والأغذية التي تحتوي على مواد مضافة وهذه الإضطرابات.
يتم تميز ثلاثة انواع من هذه الإضطرابات وهي، الإضطراب الذي يسود فيه النشاط المفرط والإندفاعية ،والإضطراب الذي يسود فيه عدم الإنتباه ، والإضطراب الذي هو مزيج من الإثنين معا . وسوف نتطرق للنوعين الأولين :

اضطراب النشاط المفرط والإندفاعية Hyperactivity – Impulsivity
يتضمن هذا الإضطراب مجموعتين من السلوك المضطرب المجموعة الاولى، تخص الحركة والنشاط الدائم ،يكون الطفل في مشي دائم يجوب الغرف في المزل بدون توقف يلعب بأي شيئ يقع تحت نظره ، يلمس كل شيئ بدون تفكير، يصعب عليه الجلوس في الصف او اثناء تناول الطعام ، يتكلم بدون توقف ، وكثير الضوضاء. اما المجموعة الثانية، فتخص الإندفاعية والتهور، فلا يستطيع الطفل المندفع التفكير قبل ان يبدأ بالحركة وتصدر عنه ردود افعال مباشرة دون ان يفكر بعواقبها، ويعبر عن عواطفه وانفعالاته دون اية قيود، يصعب عليه الإنتظار للحصول على شيئ او الإنتظار الى ان يأتي دوره في اللعب، وقد يأخذعنوة اي شيئ يرغب فيه من اقرانه او قد يضرب اقرانه.
لتشخيص اصابة الطفل باضطراب النشاط المفرط والإندفاعية يجب ان تظهر عليه ستة اعراض مما يأتي،(اخذين بنظر الإعتبار الشروط الأتية: ظهور الأعراض بصورة مستمرة لفترة ستة اشهر سابقة، ظهور الأعراض قبل سن السابعة، ظهور الأعراض على الأقل في وضعيتين مختلفتين مثلاً في البيت وفي المدرسة اوفي اللعب الى اخره، وان لا يعاني الطفل من اضطرابات نفسية اخرى مثل الفصام او غيره ) :
- يحرك يديه ورجليه بكثرة ودائم الحركة في مقعده اثناء الجلوس.
- لا يستطيع البقاء في مكان جلوسه في الأماكن التي ينبغي ان يبقى جالسا في مقعده ، مثلا في الصف اثناء الدرس.
- يركض ويتسلق دائما في اوقات واماكن غير مناسبة.
- لا يستطيع ان يلعب بهدوء او يتمتع بهدوء بأي نشاط يقوم به .
- في حركة دائمة لايستطيع الإستقرار.
- يتكلم بشكل مفرط.
- يجيب دائما قبل الإنتهاء من السؤال الموجه اليه.
- لايستطيع الإنتظار الى ان يأتي دوره.
- يقحم نفسه مع الأخرين كأن يقحم نفسه في حديث الأخرين او في لعبهم.

اضطراب عدم الإنتباه Inattention
يعاني الطفل المضطرب من صعوبة حصر انتباهه على شيئ واحد وتجده يشعر بالملل بعد دقائق من العمل . وقد تجد فيهم من يستطيع الإنتباه ولكن يجد صعوبة في تركيز انتباهه بوعي وتعمد لإكمال المهة التي تناط اليه، ولتنظيم شيئ اوتعلم شيئ جديد، لذلك يصعب عليه اكمال واجباته البيتيه التي يكلف بها من المدرسة، واذا انجز الواجبات تجدها مملوءة بالأخطاء نتيجة الإهمال، ويصعب عليه مسايرة اقرانه داخل الصف الدراسي ، ولا يستطيع فهم تعليمات المعلم، وهو كثير النسيان، ينسى الواجبات التي يكلف بها وينسى كتبه وادواته او يفقدها . تجد عليه علامات شرود الذهن وتراه حالما دائما، بطيئ الحركة، نوام، لايبال، يصعب عليه التعلم بسرعة وبدقة مثل اقرانه وغالبا يكرر نفس الأخطاء. لايظهر على من يعاني من هذا الإضطراب النشاط المفرط ولا التهورسواء في المدرسة او في المنزل، علاقته جيدة مع اقرانه مقارنة بالطفل الذي يعاني من النشاط المفرط والإندفاع المفرط .
لتشخيص الإضطراب يجب ان تظهر على الطفل ستة اعراض مما ياتي( على ان يؤخذ بنظر الإعتبار ايضا الشروط التي ذكرت سابقا في تشخيص اعراض اضطراب النشاط المفرط والإندفاع المفرط ) :
- يتغير انتباهه بسهولة لأبسط صوت او مشهد .
- لا يستطيع ابقاء الإنتباه مستمرا في اية مهمة او لعب .
- لا ينتبه للامور التفصيلية ويعمل اخطاء نتيجة الإهمال في الأعمال المدرسية .
- لا ينصت او لا يصغي لمن يتكلم معه .
- يصعب عليه متابعة التعليمات التي تعطى اليه في البيت وفي المدرسة او في اماكن اللعب لإنجاز اية مهمة، ويفشل في انهاء الواجبات المدرسية او اية مهمات يكلف بها .
- عنده مشكلة تنظيم نشاطاته .
- لا يرغب القيام بأي نشاط يحتاج جهداً عقليا لوقت طويل مثل الواجبات المدرسية او الواجبات البيتية .
- غالبا يفقد مقتنياته مثل الأقلام والكتب والأدوات المدرسية وغيرها .
- كثير النسيان .

ليس هناك علاج محدد لهذه الإضطرابات ، تستمر الإضطرابات مع حوالي 60% من الأطفال المضطربين الى مرحلة المراهقة والرشد .غير ان التطبيقات الحالية تركز على كيفية التحكم بالأعراض عن طريق مزيج من الطرق العلاجية مثل، العلاج بالأدوية، والعلاج السلوكي الذي يركز على تعليم الطفل المضطرب تنظيم سلوكه بواسطة اليات محدد تنسجم وطبيعة الإضطراب ، والعلاج النفسي الذي يركز على علاج الجوانب الإنفعالية والشعورية.

2 – اضطرابات التوحد الطيفي Autism Spectrum Disorders ASD

التوحد هو اضطراب نمو مركب يصيب الأطفال غالبا قبل عمر ثلاث سنوات، وهو اضطراب عصبي ذو علاقة بمجالات محددة في الدماغ ، ويؤثر في قدرات الطفل ومهاراته في مجال التواصل والتفاعل الإجتماعي وبدرجات متفاوتة في المهارات اللغوية. يتضمن التوحد اشكالاً واطيافاً مختلفة فلا تجد نمطا واحدا منه، ويصعب تماما ايجاد شخصين بنفس الأعراض، فتجد بينهم من هو شديد الذكاء وتجد الأخر متخلفا عقليا، وقد يكون احدهم كثير الكلام والأخر قليل الكلام، وقد تجد من يكون هادئ الطباع والأخرحاد الطباع، ولذا يسمى بإضطراب التوحد الطيفي لإشتماله على اطياف مختلفة من التوحد .
يتفاوت مدى اضطراب التوحد من النوع المسمى بالتوحد الكلاسيكي Classical Autism الذي يتضمن غالبا الأطفال المتخلفين عقليا الى النوع المسمى باضطراب إسبيرجر Asperger Disorder الذي يتضمن اطفالاً حاد الذكاء، ويسمى الطفل بالاستاذ الصغير نظراً لذكائه الشديد .
ان اسباب التوحد غير معروفة الى الآن، ويعتقد معظم الخبراء ان مسبباته قد تكون عوامل مركبة من جينية وبيئية، غير انهم لا يملكون اجابة محددة عنها. ان عدم معرفة اسبابه يؤدي الى شعور اولياء امور الأطفال بالإحباط .
اعراض التوحد :
تتفاوت اعراض التوحد بين خفيفة وحادة، وقد تظهر الأعراض بصورة مفاجئة او تدريجية . يعاني المضطرب من عدم القدرة على التواصل والتفاعل الإجتماعي سواء مع اقرانه من الأطفال او مع الأخرين، ويتصف سلوكه واهتماماته بالنمطية والتكرار والروتين، لاينظر الى عين من يتكلم معه، ويجد صعوبة في السيطرة على انفعالاته .
تختلف مهارات الإتصال من طفل مضطرب الى اخر، فمنهم من يمتلك اساسا لغويا جيدا غير انهم يعانون من عسر الكلام، او صعوبة الإستمرار في المحادثة، ومنهم من يلزم الصمت ولا يرغب في الكلام.
تجد بينهم من هو شديد الحساسية من بعض الأصوات او مذاق بعض الأطعمة او روائح معينة اوبعض الأقمشة، وقد يكون قليل التسامح مع الأصوات العالية والأضوية الشديدة والإزدحام، وعلى العموم تجد عندهم حالة من الإرباك في الحواس، وفي السمع، والذوق، والشم، واللمس، واحساس الموازنة، والإحساس الموضعي الى اخره. .
تظهر عند البعض منهم امكانيات مدهشة مثل العزف على الة موسيقية من دون ان يلقى تمريناً في ذلك، او يرسم لوحة تحتوي على تفصيلات مدهشة.
على الرغم من استحالة تحديد اعراض مشتركة للجميع إلا ان هناك بعض الأعراض الشائعة مثل، نوبات مرضية، ومشكلات في المعدة والأمعاء، وامراض عقلية، والتخلف العقلي.
قد تظهر الأعراض بعد الولادة او اثناء نمو الطفل ، غير انك لاتجد طفلين مضطربين متشابهين في السلوك .
لايوجد علاج محدد مقبول من الجميع، غير ان معظم خبراء التوحد يؤكدون على ان التدخل المبكر يعطي افضل النتائج .
ان العلاج الذي يعتمده خبراء التوحد الآن يركز على تحسين الأداء المعرفي والسلوكي مثل، العلاج السلوكي، والعلاج اللغوي وعلاج النطق، وتمارين متخصصة لتطوير وتحسين وامتلاك مهارات ضرورية، والتثقيف النفسي، وتدريب العائلة على كيفية دعم الطفل المصاب . وقد يعطى للمصاب ادوية خاصة ببعض انماط السلوك مثل، السلوك العدواني ، والسلوك الموجه لإلحاق الأذى لنفسه، والنشاط المفرط .

3- اضطراب السلوك Conduct Disorder

يعاني الطفل والمراهق المضطرب من مجموعة مشكلات سلوكية وانفعالية تتمركز بمجملها في صعوبة التقيد بالأنظمة والتعليمات ويتصرفون بطريقة لا اجتماعية، ويعد الطفل والمراهق المضطرب في نظر الأطفال والمراهقين الأخرين، وفي نظر مؤسسات المجتمع مثل الشرطة والمدرسة على انه سيئ الأخلاق ولا يعدونه مضطربا نفسيا ويتعاملون معه على هذا الأساس .
تشترك عوامل متعددة في احداث هذا الإضطراب ، منها اصابات الدماغ بسبب حدث ما، او سوء معاملة الطفل مثل الضرب والإذلال والعقوبات القاسية لفترات طويلة، او الإستعداد الجيني، او الفشل المدرسي، او قد اختبر الطفل او المراهق احداثاً مريرة مثل فقدان احد الوالدين او كلاهما او معايشته ومشاهدته لحدث مفزع وأليم.
تظهر على الطفل والمراهق المضطرب بعض من الأعراض السلوكية الأتية :
1 – العدوانية تجاه الناس والحيوانات :
- يستأسد على من هو اضعف منه، يهدد ويرعب الأخرين .
- يلجأ الى العراك البدني والى العنف دائما .
- يستخدم الآلات الجارحة وقد يستخدم المراهق السلاح لإحداث اذى بدني بالأخرين .
- يقسي بدنيا على الحيوانات .
- يقسي بدنيا على الناس .
- يسرق من ضحيته بأية طريقة ممكنة،كأن يطارده او يخطف منه، اويغافله، او يغصبه، او يبتزه، او يسرقة بقوة السلاح .
- يلجأ المراهق الى الإغتصاب لإشباع حاجته الجنسية .
2- تحطيم الممتلكات :
- يحدث حرائق متعمدة بغرض الحاق الأذى بالأخرين .
- يحطم بشكل متعمد ممتلكات الأخرين .
3- يخادع ويكذب ويسرق :
- يكذب للحصول على مايرغب فيه او لكسب العطف والإستحسان اوالحظوة .
- يسرق من اصدقائه ومن الأطفال الأخرين، وبالنسبة للمراهق المضطرب قد يسرق من البيوت او السيارات او المحلات التجارية.
4- يخرق الأنظمة والتعليمات والأصول المنزلية والمدرسية والعامة ولا يبالي للقواعد الإجتماعية :
- يبقى خارج البيت ليلا على الرغم من عدم رضا الوالدين أو أولياء اموره .
- يهرب من البيت .
- يتهرب من المدرسة ودائم الإهمال في اداء واجباته المدرسية .
من اجل ان نحكم على سلوك الطفل او المراهق على انه سلوك مضطرب يجب ان تظهر عليه ثلاثة من الأعراض الأربعة المذكورة اعلاه، وان تكون متكررة ومستمرة معه لمدة 12 شهراً، وان تؤدي تلك الأعراض الى تعويق ادائه الإجتماعي والمدرسي، وفي مجال العمل بالنسبة للمراهق .
ان العلاج السلوكي والعلاج النفسي ضروري لتقويم سلوك الطفل وتدريبه على كيفية التعبير عن احاسيسه وانفعالاته بطريقة سليمة غير مؤذية وتصحيح اتجاهاته ، وينبغي ان يخضع اولياء امور الأطفال والمراهقين لبرامج تربوية يعينهم على كيفية التصرف مع الطفل او المراهق المضطرب سلوكيا بغرض دعم الإجراءات العلاجية لابنائهم .

4- اضطرابات القلق الطفولي Childhood Anxiety Disorders

القلق هو شعور غير مريح من الخوف والإرباك يختبره جميع الناس في اوقات ومناسبات في حياتهم، فيشعر الشخص بالقلق عندما يتعرض لإختبار او امتحان، او اذا تكلم امام حشد من الناس، او عندما يؤسس علاقة مع الجنس الأخر لأول مرة، او في امور شخصية في مجال العمل او المال او العائلة وغيرها . ان تعرض الشخص للقلق امر طبيعي ما لم يعيقه عن نشاطه اليومي ،
وان تعرض الطفل لحالات من الخوف والقلق من حين الى اخر هو امر طبيعي ايضا لا يستوجب الخوف عليه، لأن الطفل كما هو الحال عند الكبار قد يختبر ضغوطا نفسية بسبب الإمتحانات او الإنتقال الى مدرسة اخرى او مكان سكن اخر او عند دخوله المدرسة لأول مرة وغيرها، على ان لا يؤثر الخوف والقلق على نشاطاته الحياتية كأن يمنعه من الإستمرار في الدراسة، او تكوين صداقات، او ان يتخذ قرارا، او ان يدرك الأشياء، اويمنعه من التركيز والتعلم، او ان يسبب له ارتفاع في الضغط او القرحة او الإسهال او الإهتياج اوصعوبة التنفس، فإن اعاقه من القيام بنشاطاته الحياتية اوسبب له مشكلات صحية يصبح القلق انذاك اضطرابا لابد من علاجه .
يتعرض الأطفال لإضطراب القلق غالبا بين السادسة والحادية عشرة من العمر، واكثر انواع القلق شيوعا عند الأطفال هي :

1 – اضطراب قلق الإنفصال Separation Anxiety Disorder
يتعرض الطفل الذي يعاني من هذا الإضطراب الى قلق شديد يصل الى درجة الذعر عندما ينفصل عن والديه او اي شخص يرتبط به. قد تظهر اعراض هذا الإضطراب بصورة مفاجئة دون علامات سابقة، او قد تظهر ببطئ .
يكون الإضطراب شديداً الى حد الذي يعيق النشاط العادي للطفل ولمن يرتبط به، يرفض الطفل الإبتعاد عن والديه اومن يرتبط به، ويرفض الخروج من البيت والذهاب الى روضة الأطفال او الى المدرسة او الى زيارة صديق لوحده، وفي المنزل يلتصق الطفل بمن يرتبط به من والديه، يتبعه كالظل خطوة بخطوة مما يعيقهم من القيام بأعمالهم اليومية .
يشكو الطفل المضطرب غالبا من آلام البطن، والصداع، والغثيان، والتقيؤ، وقد يظهر عنده خفقان القلب والدوار والإغماء، واضطراب بدني وانفعالي شديد .
يعاني الطفل المضطرب من صعوبات النوم فلا يستطيع النوم إلا مع والديه او من يرتبط به ، واذا منع من ذلك تجده غالبا ينام على الأرض قرب غرفة نوم والديه.
يتعرض الطفل الى خوف شديد يصل الى درجة الذعر عندما ينفصل عن والديه او من يرتبط به، فتتملكه بقوة فكرة تعرضهم للموت او فكرة اصابتهم باذى، اوعدم رجوعهم اليه ثانية .
يسبب هذا الإضطراب ما يسمى بالرهاب المدرسي School Phobia ، فيرفض الطفل ان يذهب الى روضة الأطفال او الى المدرسة خوفاً من الإنفصال عن والديه او من يرتبط به، وليس في الأغلب خوفا من ظروف المدرسة .
يمكن معالجة هذا الإضطراب ، ويسهم كل من العلاج باللعب والعلاج السلوكي في تخفيف اعراض الإضطراب، وقد يقترن العلاج النفسي والسلوكي بالعلاج بالأدوية التي تخفض القلق وتعالج الأعراض البدنية مثل آلام البطن والصداع والغثيان والدوار وغيرها.
لاينبغي ان يترك الطفل دون علاج، وقد يؤدي عدم العلاج الى تطور الإضطراب الى اضطرابات قلق اشد تأثيرا على الحالة النفسية والبدنية للطفل .

2- اضطراب القلق الإستحواذي الإلزامي Obsessive Compulsive Disorder
تستحوذ افكار غير واقعية وبصورة متكررة على تفكير الطفل لا يستطيع التخلص منها وتسبب له قلقا وخوفا مفرطا واعاقة لسير حياته ونشاطه اليومي، وتؤدي الى ان يقوم الطفل بحركات الزامية وسلوك نمطي روتيني على امل التخلص من تلك الأفكار الإستحواذية مثلا، يقوم بغسل يديه مرارا كلما لامس شيئا تخلصا من فكرة وجود جراثيم تسبب له المرض، او ان يكررعبارات محددة للتخلص من الفكرة المستحوذة عليه، او ان يتأكد مرارا من غلق الباب وغيرها من انماط السلوك القسري.




3– اضطراب الذعر Panic Disorder
يتعرض الطفل المضطرب الى نوبات قاسية من الذعر تستمر حوالي 10 دقائق ترافقها اعراض مثل خفقان القلب، وآلام في الصدر والبطن، والتعرق، والرجفة، والإرتعاش، وقصور في التنفس، وشعور بالإختناق، والغثيان، والخدر, والحمى، وبرودة الجسم .


4- الرهاب البسيط Simple phobia
الرهاب او الفوبيا هو خوف شديد غير منطقي من اشياء ومواقف لايمتلك الشخص عنها خبرة سلبية سابقة، ويكون الخوف بدرجة لاتتناسب ودرجة خطورة تلك الأشياء والمواقف . الرهاب على انواع ثلاثة :
- الرهاب من الأشياء والمواقف، مثل خوف الطفل الشديد من الزواحف والعناكب والحشرات والحيوانات ومن الأماكن العالية والمغلقة والظلام وخلافها .
- الرهاب الإجتماعي social phobia ، يتعرض المضطرب الى خوف شديد عند ظهوره مع الأخرين او عند الحديث الى جمع من الناس او تناول الطعام معهم او عندما يقوم باي نشاط اجتماعي ، معتقدا بانه مراقب من الاخرين، ويخشى بقوة من ان ينظروا اليه نظرة اذلال واحتقار، او ان يقيّم سلبيا من الأخرين . وقد يصل به الخوف الشديد الى الإمتناع عن الظهور امام الاخرين، و الى اعتزاله ورفضه الخروج من المنزل .
- الرهاب من المواقف التي يعتقد المضطرب ان لا فرصة له من النجاة اوالهرب Agoraphobia مثل الخوف الشديد من السفر بالطائرة او رحلة بحرية على متن سفينة .
تظهر عند المضطرب نوبات ذعر panic attacks بسبب الخوف الشديد، ويحاول الإبتعاد من الأشياء والمواقف التي تسبب عنده الرهاب .
يتم علاج الرهاب بطرق واليات مختلفة تتمركز حول تطوير سلوك المضطرب تدريجيا وتغيير موقفه من الأشياء والمواقف التي تسبب له الخوف الشديد وجعله مطمئنا على ان الشيئ او الموقف المهاب لا يستوجب تلك الدرجة من الخوف . تستخدم غالبا طريقة العلاج السلوكي العقلاني Rational Behavior Therapy والعلاج المعرفي Cognitive Therapy .

5- اضطراب بعد الصدمة النفسية Post Traumatic Stress Disorder PTSD
يتعرض الطفل لأضطراب قلق شديد بعد تعرضه لصدمة نفسية عنيفة في الحالات الأتية :
- نجاته من حادث مميت او اصابة بليغة.
- مشاهدته لحادث مفزع جلل مثل حادثة قتل مفزع .
- وفاة شخص محب مثل الوالدين، او الأخوة، او صديق عزيز .
- تعرضه للتعذيب والضرب والمعاملة القاسية المذلة لفترة طويلة .
- تعرضه للإغتصاب الجنسي .
تظهر على المضطرب الأعراض الأتية :
1 – المعايشة المستمرة للصدمة، وبنفس ردود الأفعال الإنفعالية والبدنية، وبنفس القوة كما حصلت لأول مرة ، وتتم المعايشة عن طريق التذكر المستمر الإستحواذي للحادثة المسببة للصدمة وتجدد المعاناة العاطفية والشعورية الأليمة والمفزعة المرافقة لها كما حصلت في المرة اللاولى، وتعاود عليه اثناء النوم على صورة كوابيس ثقيلة . ان الحالة هذه تعيقه من اي نشاط حياتي مثل الدراسة او الرياضة او زيارة صدق او الإهتمام بمظهره وغيرها .
2 - يصيبه خدر عاطفي ويفقد العاطفة نحو من حوله ، ولا يبالي لما يحدث في محيطه العائلي والإجتماعي .
3 – يبتعد عن اي مشهد او مكان او موقف شبيه بالحدث الذي سبب له الصدمة، ويستبعد اي حديث او تلميح يذكره بالحدث .
4 – تجده دائم الحذر وفي انذار مستمر، يتلفت حوله يمينا وشمالا، يجفل من اية حركة او صوت .
يعاني المضطرب من اضطرابات النوم ، فمعايشته المستمرة للصدمة وتذكره الدائم لها يجعلان النوم امرا عسيرا فضلاعن الكوابيس التي هي الاخرى تجعل النوم مضطربا . يعاني المضطرب من الإنفعال وقلة التركيز.
ينبغي ان يلقى الطفل علاجا بالأدوية وعلاجا نفسيا .



#جمال_الشمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحكم بغضبك قبل ان يتمكن منك


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل فلسطينيين اثنين في جنين بعد مهاجم ...
- رئيسي يندد بالعقوبات الغربية المفروضة
- إزالة 37 مليون طن من الحطام المليء بالقنابل في غزة قد تستغرق ...
- توسع الاتحاد الأوروبي - هل يستطيع التكتل استيعاب دول الكتلة ...
- الحوثيون يعرضون مشاهد من إسقاط طائرة أمريكية من نوع -MQ9-.. ...
- -الغارديان-: أوكرانيا تواجه صعوبات متزايدة في تعبئة جيشها
- هجوم صاروخي من لبنان يستهدف مناطق في الجليل الأعلى شمال إسرا ...
- السيسي يوجه رسالة للعرب حول فلسطين
- الأمن المصري يضبط مغارة -علي بابا- بحوزة مواطن
- نائب نصر الله لوزير الدفاع الإسرائيلي: بالحرب لن تعيدوا سكان ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال الشمري - إضطرابات الأطفال النفسية