أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ضياء الجنابي - ما أغرب حريتنا وأقساها














المزيد.....

ما أغرب حريتنا وأقساها


ضياء الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 2166 - 2008 / 1 / 20 - 08:00
المحور: حقوق الانسان
    


لا نأتي بجديد إذا قلنا إن حاجة الحرية للماء والهواء النقي ومقومات الحياة الأخرى أمر لا مندوحة منه، ضمن صيرورة زمكانية معلومة. ومما لاشك فيه أن هذه المقومات تعد بمثابة الروح التي تمد جسد الحرية بالحيوية المطلوبة في سياق مفهومها المطلق وتضفي عليها طابع الديمومة لتجعلها قريبة من رحاب التحقق المنشود.
ولكن ياترى ماهي مديات تحقق الحرية في حياة المجتمع العراقي؟
لاسيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار واقعنا المعقد الذي يعج بالمتناقضات والمنغصات والكوابح للحد الذي تبدو الحرية فيه عندنا لا تشبه حريات الدنيا قاطبة. فهي عارية الكينونة إذا جاز التعبير باستثناء لحم المخيلة، وتقف منهكة أمام سلسلة الحروب المتلاحقة والأزمات المتداخلة والخوف المركب والمهاجر المتشظية.
فالإنسان العراقي يقترح لنفسه أشكالا معقدة وغرائبية للعيش والبقاء وسط كل المناطق الداكنة والساخنة التي تختلط فيها جغرافية الرغبة مع ديموغرافية الضجر في الإقامة تحت مظلة البارود والدخان.
وكيف نتصور الأمر إذا كان العراقي يبحث عن جثث أحبائه إذا افتقدهم يوما أو بعض يوم في أكوام القمامة أو منحدرات الأنهار والجداول أو في المناطق المتروكة من قاموس الحياة.
ولاشك أن القاع الحقيقي للحرية في العراق أصبح أشبه بالمجاز الجزافي الذي اتسعت أمامه المهجورات وكائناتها المحكومة بالجفاف الرؤيوي والصيهود الذهني.
الفهم البدائي للحرية أصبح أكثر استعدادا لممارسة المحسوس والتعاطي مع عفونة الأمكنة في الدهاليز المظلمة والأقبية الموبوءة بالعتمة والمواخير النتنة والزنازين الموصودة، والجبهات الهلامية الملتهبة ومراثي الجسد الطاعن بالخدوش والوجه المتغضن بالألم.
إنها الأظافر الليلية التي تكشف عن اللذة الغائبة وربما العاطلة تحت ملايين الشفرات السرية للموت والوجع وطقوس الرصاص وأدوات التعذيب التي تسبق الذبح من جهة، ومن جهة أخرى ضيق فسحة العيش والخبز الأسود وبطاقات التموين التي تتساقط مفرداتها كتساقط أوراق الخريف شهرا بعد آخر ناهيك عن كوبونات النفط والغاز والأزمات المستديمة للبنزين ومسلسل التفجيرات التي ليس لها خارطة واضحة ولاتعرف أهدافا محددة، مع دراماتيكية السيارات المفخخة التي لا تميز بين محتل أو بن بلد مغلوب على أمره يبذل كامل طاقاته لتوفير لقمة العيش لعائلته المحرومة من أبسط مسلمات الحياة.
أما الفهم المعلب والمستورد بمقاسات مغايرة للواقع ووفق حاجة مفترضة أكثر مما هي مطلوبة، تكون الحرية فيه مفرغة المحتوى والقالب. أو في أحسن أحوالها نكون نحن الغرباء عنها ولا خلاق لنا بها، كثمار الغابات البرية المحتشدة بشكل جنوني والمكدسة على بعضها والتي يحاصرها الذبول في مواسم الينع.
الدم الطازج والعبيط ليس صالحا للعبة النسغ الصاعد والنسغ النازل والإرهاب أو الإرعاب بتعبير أدق وسيلة يمقتها حتى "ميكافيلي" في تبريره للغاية.
فما أغرب حريتنا وما أقساها!! وهي تقحم في عوالمنا عنوة وتقتحمنا دون استئذان ودون أن نمهد لها المناخ المناسب في نفوسنا وواقعنا على حد سواء، وما أغرب إنساننا وهو يواجه منذ زمن ليس بالقصير غياب الكهرباء، والاطمئنان، والشبع، والابتسامة الغضة، ويجتر دون ذائقة سني عمره المغسولة بماء الخوف.



#ضياء_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات ليلة الميلاد


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ضياء الجنابي - ما أغرب حريتنا وأقساها