أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نادرة الجهيناوي - المرأة والتخلّف














المزيد.....

المرأة والتخلّف


نادرة الجهيناوي

الحوار المتمدن-العدد: 2163 - 2008 / 1 / 17 - 11:42
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في المجتمعات المتخلّفة تكون المرأة عموما أقلّ العناصر الاجتماعيّة قيمة و هذه القيمة قد توجد و قد لا توجد.
و المجتمع العربيّ، الذي يحكمه الرّجل، مجتمع متخلّف. اذ تحتلّ المرأة في منظومته مرتبة دنيا على جميع الأصعدة من فكر و انتاج وجسد. يلخّص وجودها في معظم الأحيان في بضع كلمات : فتنة، عورة، جنس، انجاب...
و لكن في نفس الوقت، يسبغ هذا المجتمع المتناقض المليء بالظّواهر المرضيّة على المرأة صفة المثاليّة حيث يرفع من شأن الأمومة الى درجة التّقديس وهي درجة لا نجد لها نظيرا عند الرّجل. وهذا لا يصلح من الأمر شيئا و لا يعني بالضّرورة أنّ الابن مقتنع في داخله بأحقيّة أمّه بهذه المكانة بل قد يعود ذلك ببساطة الى العادة أو الى أسباب دينيّة لا غير.

انّ القوانين الدّينية و المدنيّة تكبّل المرأة و تحرمها من الاختيار حتّى في حركة جسدها وتضع لها نماذج للأنوثة عليها اتّباعها لتكون "أنثى" بالمعنى المتعارف عليه كطريقة الكلام واللّباس والجلوس والابتسام والأكل. وتضفي على ما لا يندرج ضمن هذه النّماذج صفة "العيب" بدون أيّ تفسير يذكر وهو أمر نسبيّ للغاية.

وعندما يتذمّر الرّجل العربيّ من ظاهرة مزعجة في نظره كاللّباس "الغير المحتشم" أو غيره، فهو يشكو في الحقيقة ممّا صنعه هو بنفسه وممّا وضعه من مفاهيم اجتماعيّة للأنوثة فالمرأة ليس لها حريّة التّعبير عن الذّات، هي تتقيّد بما يفرض عليها من رؤى الرّجل للأمور سواء كانت رؤى قديمة لا تتغيّر أو رؤى جديدة متغيّرة بتغيّر القيم و الظروف النّفسية و الاقتصاديّة.

وحتّى تزيد سلطة الرّجل بطريقة غير مباشرة، يصوّر المجتمع الرّجالي للمرأة حبّها الفطريّ للخضوع والتّبعيّة وهي صفة لا أساس لها من الصّحة، ويخلق مئات المواقف ليغرس في لا وعيها شعورها بالنّقص والدّليل على ذلك اقدام العائلة كنواة في المجتمع على القضاء على أيّ فكرة أو سلوك يراود المرأة تسعى من خلاله الى أن تكون مستقلّة عن الرّجل (الأب، الأخ، الزّوج... الموت).

انّ هذا القمع الدّوري للمرأة منذ نعومة أظافرها، يولّد عندها عدوانيّة للرّجل بصفة عامّة أو لنفسها. ومفاهيم الأنوثة المفروضة على المرأة تحرمها حتّى من تعبيراتها العضليّة ممّا يجعل انفعالاتها القويّة ترتدّ الى الدّاخل و تكبت.
وعندما تتراكم هذه الانفعالات المكبوتة تتحوّل بفعل الزّمن وعدم القدرة على التحمّل الى ممارسات اجتماعيّة تنسب الى المرأة بالأساس كالكيد والنّميمة والحقد وحتّى الثّرثرة التي لا تعدو أن تكون الاّ تعبيرا عن التّوتر وعمّا يختلج في نفسها من غضب مقموع.

كذلك تحرم المرأة من امكانيّة تنمية طاقاتها الفكريّة كما يسيطر على محيطها نوع من التّجهيل المتعمّد وتغييب العقلانيّة والسّؤال. في المفابل، تبالغ الأسرة في وصف الرّجل بالقوّة جاعلة بذلك القوّة والذّكورة شيئا واحدا. وباعتبار الرّجل من يواجه العالم الخارجيّ فهو يشحن بقوّة خياليّة لا يمتلكها في الواقع، تشرّع له حالات الغضب المبالغ فيها وما يصحبها من سلوك انفعاليّ وتخريبيّ لاداعي له وقد يصل الى المهزلة في بعض الحالات.

وحتّى يقتنع الرّجل أو يتوهّم، رغما عنه، أنّه قويّ وصلب وأنّه السّند والأمل في المستقبل، لابدّ أمن ايجاد طرف ضعيف حتّى تكتمل الصّورة فيدفع بالضّعف و الاستسلام الى المرأة فتقوم هي بدور من لا حيلة له، من يتكبّد العار والسّتر. فهي لا تملك سلاحا غير الدّعاء أو انتظار رجل ينقذها ابنا كان أو أخا أو أبا أو زوجا. وتكون هي الرّضوخ بعينه مقابل كبرياء الرّجل وتعنّته وافتخاره برجولته وقوّته المعنويّة الوهميّة.

لقد تبنّى المجتمع العربيّ أمراضه فهو كمن كذب كذبة وصدّقها وأدمجها في عاداته وتقاليده وثقافته هروبا من المسؤوليّة وتقاعسا عن التّفكير والبحث عن حلول. الاّ أنّ هذه الأمراض ليست من الثقافة في شيء بل هي أوّلا وأخيرا أمراض، تؤرق المجتمع وتستنزف قواه وتشدّه الى الوراء.
انّ الانسان العربيّ لا يتوصّل اليوم الى النّهوض بنفسه، ليس عن جهل منه للأشياء ولكن لغياب الرّغبة في معالجة الأمور و الاحباط الذي يعيشه وكسله الفكريّ والجسديّ الذي أصبح مضرب الأمثال في كامل أصقاع الدّنيا.
أفما آن له أن يستيقظ من سباته العميق ويلتحق بركب الحضارة ؟ أم ينتظر زمنا لا أمل فيه؟



#نادرة_الجهيناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- استقبل الآن… أحدث تردد قنوات الاطفال 2024 على القمر الصناعي ...
- الأونروا: الحرب على غزة هي حرب على النساء
- “اجا الحلو يا لولو!!”.. تردد قناة وناسة 2024 WANASAH TV لمشا ...
- الأونروا: الحرب على غزة تستهدف النساء بشكل أساسي
- في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. ما هو حال الصحافيات/ين الفل ...
- عام من الحرب في السودان.. عندما تنطق الأرقام ألمًا
- حليمة بولند خلف القضبان بسبب رجل مهووس
- “سجل الان” طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 202 ...
- ليست الحقيقة.. مفاجأة في فيديو زعم ناشروه أنها فرحة مسن رزق ...
- عالم مصريات شهير يعلن الفشل في العثور على مقبرة الملكة كليوب ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نادرة الجهيناوي - المرأة والتخلّف