أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد الفضلي - عاشوراء.. برسم كل المسلمين














المزيد.....

عاشوراء.. برسم كل المسلمين


وليد الفضلي

الحوار المتمدن-العدد: 2162 - 2008 / 1 / 16 - 00:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مع إطلالة شهر محرم يستعر جرح من جراحات التاريخ الإنساني، حيث سقط جسد الحسين بن علي عليهما السلام على أرض كربلاء، فيجدد ذكراه المؤمنون في كل عام مستحضرين الأفكار والقيم السامية التي استشهد من أجلها. ولكن يلاحظ ان الجانب العاطفي يطغى على هذه المشاهد الاحتفالية، على أن المسيرة الحسينية لم يكن مبتغاها المأساة وإلهاب العاطفة والمشاعر بالدمع والبكاء الدرامي ومضاعفة مآتم الحزن، ولا يمكن اختزال حركة الإمام الحسين (ع) بتراجيديا الحدث التاريخي، بل هي من أجل مبدأ وقضية أوجزها بقوله “إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي رسول الله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر”.

كيف نقرأ عاشوراء اليوم؟ وهل التاريخ مُلك لفئة دون آخري؟ وهل نحن مسؤولون عن أخطاء التاريخ؟

إن مسيرة الحسين (ع) كانت ولا تزال إرثاً، تاريخياً، وحضارياً للإنسانية جمعاء تستلهم منها قيم التغيير والإصلاح، ومصدراً لفيض القيم الإسلامية لأتباع مدرسة السنة والجماعة،كما لأتباع مدرسة الاثني عشرية، فهي ليست مُـلكاً لطائفةً أو مذهباً بعينه، بل على الرغم من أن كليهما له قراءته الخاصة تجاه حركة التاريخ وفق منظومته الفكرية وخلفيته العقائدية، ولكنهما مشتركان في إيمانهما بعِظم هذه الشخصية، وفاعلية القيم النهضوية التي حملتها حركته التغييرية والإصلاحية في المجتمع الإسلامي،


وفي المقابل فساد الجهة المضادة لنهضته الإصلاحية. ومن جانب آخر استضاء بنور قيم النهضة الحسينية المستمدة من الإسلام أتباع الديانات الأخرى، الذين حاولوا أن يتعرفوا على تاريخ الدين الإسلامي بموضوعية وإنصاف.


غاندي في الحسين

ولازلت أتذكر مقولة المصلح الهندي غاندي في الإمام الشهيد:“على الهند إذا أرادت أن تنتصر أن تقتدي بالإمام الحسين”، “تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر” ليكن اذن ذلك النداء الحسيني عامل اجتماع وعنصر التقاء لقوى الإصلاح والتغيير في المجتمع الإنساني.

ولا يمكننا أن نستفيد من انعكاسات الذكرى العاشورائية على واقعنا اليوم من دون تنقيتها من الزوائد والشوائب العالقة بها، والتي ترسبت، إما من أنفاس المُفْرط في حبه وحماسته تجاه تلك النهضة الإصلاحية، أو المفَرط الجاهل بحقيقة وقيمة نهضة الحسين (ع) الإنسانية، فكلاهما في واقع الأمر مشوه لحقيقة تلك اللحظة التاريخية، ومعوق للقراءة الموضوعية لحدثها التاريخي وأخذ العبرة منه، الأمر الذي حثّ عليها النص القرآني (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ) «لحشر:2».


التحديات ذاتها

من جانب آخر، نشدد ايضا على التحذير من أن تكون هذه القراءة التاريخية استجلابا للسلبي على واقع الأمة (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) «البقرة:134». فلكل لحظة تاريخية صُناعها، وأبطالها، كما أن لها معارضيها، فليس من مسؤوليتنا اليوم محاكمة الرموز التاريخية بقدر ما مسؤوليتنا تنحصر في الاستفادة من دروس التاريخ وعبره وأخذ القيم والأفكار الصالحة منها، فالتاريخ مَصدر من مصادر الوعي الإنساني، يحمل بطيات كتبه ما هو قابل للأخذ والتجلي على أرض الواقع، وأيضا يحوي الكثير من الأحداث والمواقف التي فقدت فاعليتها القيمية والحضارية... فهل الأمة قادرة على التحرر من هذه الأحداث والمواقف الفاقدة لفاعليتها الحضارية؟ سؤال نتركه للذاكرة.

كما من غير المعقول اليوم تحميل أي طرف أو جهة، وزر وتبعات الخلافات الماضية بين الأسلاف، فإننا، كمسلمين، نواجه في الوقت الراهن التحديات ذاتها ونعيش وضعا مأساويا مشتركا من التخلف والتبعية وضعف المنجز الحضاري، وسيطرة الأوهام والخرافات، واستلاب لهويتنا الحضارية، وضياع لقيمة انساننا في متاهات الاستهلاك على اختلاف انماطه وتلاوينه وبالتالي فاننا عاجزون عن إحداث اي تغيير ايجابي... حتى الآن.


مراهنات البعض

لذا لابد من أن نخط حاضرنا ومستقبلنا بأناملنا، وأن تكون علاقتنا مع الحدث التاريخي مبنية على أساس ومنهج علمي من دون أن يتغلغل ويستبد الحدث التاريخي على حاضرنا ومستقبلنا، ومن دون السماح لمعاول الماضي بهدم الحاضر ومنجزاته، وزرع الأحقاد والفتن والاحتقانات المذهبية والطائفية في المجتمع الواحد.

وإن كان من رسالة نستلهمها من عاشوراء اليوم، فهي رسالة الإصلاح لواقع هذه الأمة ضد الجور والظلم بكل أشكاله ومصادره، فما أحوجنا إلى لحظة الوحدة والتقارب والعيش الخلاق فيما بين مكونات مجتمعنا الواحد.

وما يراهن عليه البعض من إذكاء للصراع والفتنة المذهبية الطائفية، أصبح واقعا او خطراً حقيقياً يهدد مصيرنا ووجودنا برمته.يجب ألا نكون جسراً لعبور مخططات وخرائط السيطرة والهيمنة للآخرين، وذلك بتعميم الفوضى السياسية والاجتماعية التي لا تخدم أياً من الفرقاء، وهي ليست لمصلحة دولنا ومؤسساتها، ولا لمجتمعنا ومكوناته وتطلعاته.


تحرير الذهنية الإسلامية

ختاماً إننا نتطلع في ذكرى نهضة الإمام الحسين (ع) الإصلاحية إلى تحرير الذهنية الإسلامية والوعي التاريخي من تشوهات الطائفية، والاحتقان المذهبي، والتعصب الأعمى، وحالة التوجس والطوارئ غير المعلنه تجاه بعضنا البعض، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان بضرورة التغيير، والحفاظ على تماسك ووحدة النسيج الإسلامي الداخلي، والأخذ بأسباب الاعتزاز والكرامة بالذات الحضارية، والتحرر من مصادر إذلال النفس الإنسانية، وتبني قيم الإخاء والتسامح والتعايش الاجتماعي الخلاق.



#وليد_الفضلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَأسسة الفعل الثقافي في الكويت
- الدين.. وممانعة التحديث في المجتمع
- المشهد الثقافي في الكويت... شيخوخة المؤسسة
- خرائط الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
- نحو شراكة مجتمعية


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية يستقبل جمعا من العمال
- صراع الشريعة الإسلامية في السياسة السودانية
- كيف يعيش بابا الفاتيكان ماديا؟.. راتب رمزي ومصاريف مشمولة
- ما دلالات تسمية بابا الفاتيكان الجديد -لاوُنْ- الرابع عشر؟ ا ...
- من صناديق الاقتراع إلى الفاتيكان.. البابا ليو الرابع عشر وتو ...
- ماما جابت بيبي.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد نايل سات ...
- تونس: زيارة معبد الغريبة ستقتصر على اليهود المقيمين في البل ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد وكيفية ضبطه لتسلية أطفالك
- لأول مرة في الدنمارك: محاكمة متهمين بتدنيس المصحف
- ما الذي ميز القداس الأول للبابا الجديد في الفاتيكان؟


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد الفضلي - عاشوراء.. برسم كل المسلمين