أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - حسين الدليمي - سلطة التكلنوجيا














المزيد.....

سلطة التكلنوجيا


حسين الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 2153 - 2008 / 1 / 7 - 10:05
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    


وهي سلطة محببة، بل هي السلطة الوحيدة التي لااعتراض على دكتاتوريتها، ولم يعد بالامكان تصور الحياة دون لمسات اصابعها اللطيفة، ويولد اطفالنا اليوم على وقع ترنيماتها وايقاعها بل هم يسمعون همساتها وهم في بطون امهاتهم، لهذا يولد بعضهم وهو يبكي على ايقاع السامبا او الرومبا او الروك او الهجع بحسب ماتستمع اليه السيدة الوالدة أثناء حملها.

لكن هذه السلطة يمكن أن تنلقب في لحظة واحدة سريعة الى اكبر جهاز قمعي، عندما تختفي او تتعطل ماكنتها لهذا السبب او ذاك، كانقطاع التيار الكهربائي مثلاً، ونحمد الله اننا في العراق لانملك ناطحات سحاب وعمارات سكنية او تجارية يزيد عدد طوابقها على عدد اصابع اليد، حتى في العاصمة بغداد التي تنتمي معمارياً الى مدرسة الفوضى التي اسسها النظام السابق، تعد الان مجرد قرية مترامية الاطراف تنقصها كل خدمات القرن العشرين، بل القرن الحادي والعشرين.

هكذا فان عماراتنا التي فقدت مصاعدها الكهربائية لم يعد قادراً على الوصول الى طوابقها العليا سوى الشباب الاقوياء وقد اضطررت لاقفال مكتبي الخاص وهو في الطابق الثالث من احدى العمارات لان السلم يقطع النفس، والمصعد معطل بسبب انقطاع التيار الكهربائي المزمن.

وحتى الامس القريب، كنت أتساءل-في قريتي الجنوبية- ماذا يفعل سكان المدينة بالتيار الكهربائي نهاراً؟ من المؤكد انه سؤال متخلف.. تخلف تلك القرى التي صار أبناؤها فيما بعد وقوداً لعدة حروب عبثية لا ناقة لهم فيها ولاجمل، وحين عرفت فائدة كهرباء النهار وتكنولوجيا التدفئة والتبريد، وثورة الاتصالات، كان الوقت قد حان لاعرف ايضاً ان سلطة النظام الحاكم كانت دائماً تحكم دوائرالتكنولوجيا وتستخدمها سوطاً او تضعها في حيز الممنوعات. اعرف ان هذه السلطة هي التي حرمتني معرفة فائدة (كهرباء النهار) وصولاً الى قطعي عن العالم الذي لم يعد سوى قرية صغيرة يمكن الاطلال على كل شبر منها عبر نافذة السيد الخادم (الأنترنيت).

هكذا سرقت حقوقي وغيبت صغيراً، ولاتعويض في شيخوختي، فحتى الريمونت كونترول الذي يفتح لي الان باب سيارتي وباب داري لم ينسني توقي القديم الى زوار الانس الذين كانت تضمهم اماسي خيمتي مشرعة الابواب فينيخون حولها (مطيهم) التي لم تكن تحتاج (الريمونت) لتبرك او تنهض، ولم ينسنى خوفي من زوار الليل الذين قلعوا اوتاد تلك الخيمة واجبروني على اقتعاد (اسمنتية) المدنية.

ولاتعويض في الشيخوخة، بل ثمة المزيد من الخسائر، فليس هناك من سبيل للعودة طفلاً او صبياً لتعلم التقنيات الجديده، ولاوقت ولاقدرة..

وها أنت ترى اولادك واولاد الناس يركضون مرحين في طرقات (الحاسوب) وتجهل انت حتى كيفية فتح بابه.

ويحدثك آخر، انه دون كل مايحتاج اليه من ارقام تلفونات عناوين وارقام حسابات.. و .. في قرص واحد!

ويسألك زميلك في (الجريدة) اما زلت تستخدم الكتابة اليدوية؟ فتسأله انت، وهل انقرضت؟ وينتابك قلق مسوغ، بل خوف من ان يأتي زمن تموت فيه الكتابة اليدوية ويحتضر الخط العربي الجميل، ولايبقى في الواجهة سوى الخط التكنولوجي والالات الكاتبة وحسب، وتتذكر رعبك يوم سمعت (الكمان الكهربائي) وهو يزجر الكمان اليدوي النبيل ويركنه الى زوايا الغرف الخاصة، لكنك تستدرك خوفك بحرية الاختيار.

وتذهب التكنولوجيا أبعد من ذلك وهي تبرمج يومك باكمله، فمنذ الصباح الباكر تواجهك، منذ ان قمت لتطهو بيضتك للافطار على ذلك الطباخ النفطي او الغازي او الكهربائي حتى المساء حين تعود الى دارك الاسمنتية، ترافقك في سيارتك وفي جهاز الموبايل، واضوية اشارات المرور.. وفي دارك تستلمك المصابيح الكهربائية واجهزة التدفئة والتبريد والستلايت والتلفزيون الراديو والحاسوب والسخان والثلاجة والمجمدة والغسالة والمكنسة.. و .. ياالهي كل هذه الاجهزة معي وانا لااراها؟ اعتدتها حتى غابت صورتها وغاب ادهاشها، هذه الاجهزة اخفت سلطتها علي حين منحتني حرية استخدامها والتمتع بامتيازاتها، وسلبتني هذه الحرية بالاعتياد او الادمان او العشق، وهي في هذا تختلف عن سلطة النظام التي تغتصب حريتي وفقاً للقانون او قسراً، لكنني (شيخ) لم أعد قادراً على الاستجابة لمتطلبات الخضوع لاستخدامات سلطة التكنولوجيا المعشوقة وعلى ذلك لن نسامح الانظمة الشمولية في اشاعتها الامية الحضارية وعزلنا عن العالم.



#حسين_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى متى


المزيد.....




- تردد قنوات mbc على الأقمار الصناعية 2024.. اضبطها الان
- بعد ضربة أصفهان.. ماذا كشفت صور الأقمار الاصطناعية؟
- وفاة رائد الفضاء السوري المنشق محمد فارس
- دعوى قضائية: أطباء يابانيون يطالبون غوغل بتعويضات بسبب نشر - ...
- وفاة محمد فارس.. ثاني عربي يصعد إلى الفضاء
- غزة تعاني من العطش وكارثة بيئية.. توقف جميع آبار المياه منذ ...
- مهندسة متفوقة في الطب في كاليفورنيا داعمة للفلسطينيين تحظى ب ...
- الصحة العالمية تصدر تحذيرا بعد اكتشافها -إنفلونزا الطيور- في ...
- صفحة على -فيسبوك- في مصر تبيع شهادات علمية معتمدة وموثقة‏‏‏‏ ...
- أنفلونزا الطيور لدى البشر.. خطر جائحة مُميتة يُقلق منظمة الص ...


المزيد.....

- التصدي للاستبداد الرقمي / مرزوق الحلالي
- الغبار الذكي: نظرة عامة كاملة وآثاره المستقبلية / محمد عبد الكريم يوسف
- تقنية النانو والهندسة الإلكترونية / زهير الخويلدي
- تطورات الذكاء الاصطناعي / زهير الخويلدي
- تطور الذكاء الاصطناعي بين الرمزي والعرفاني والعصبي / زهير الخويلدي
- اهلا بالعالم .. من وحي البرمجة / ياسر بامطرف
- مهارات الانترنت / حسن هادي الزيادي
- أدوات وممارسات للأمان الرقمي / الاشتراكيون الثوريون
- الانترنت منظومة عصبية لكوكب الارض / هشام محمد الحرك
- ذاكرة الكمبيوتر / معتز عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - حسين الدليمي - سلطة التكلنوجيا