أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الطاهر مرابعي - أزمة المصالحة الجزائرية















المزيد.....

أزمة المصالحة الجزائرية


الطاهر مرابعي

الحوار المتمدن-العدد: 2149 - 2008 / 1 / 3 - 11:32
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


قراءة في الإشكاليات السياسية و البدائل
في الوقت الذي يتعلق فيه نخبة الجزائر بملف المصالحة الوطنية كحل بديل للتصورات السابقة التي لم يستفد منها سوى رجال الظل الذين لا يظهرون على وسائل الإعلام برغم مطلق ما لهم من سيادة على السلطة و إدارة الشأن العام، تراوح القضية رواق المصالح المتبادلة بين الأقوياء الذين لا زالوا مصرين على الدفاع عن مصالحهم الإيديولوجية و ربما حتى المادية من ورائها، و من ثم إغفال الملف من أساسه و إخفاء وجوده برغم ما يعتريه من شبهة في المقصد و حقيقة في الوجود، و تنفرد المصالحة بضبابية لا سابق لها، حتى أنه ما عاد في استطاعة المثقف فضلا عن المواطن البسيط فهم معنى هذا المشروع ... و غاب محتواه في فلسفة تعميمية و تحت أغطية ثقافية و تصورات رجعية عادت حتى إلى مفاهيم، ما كان بالإمكان توقعها و شاع بين النخب (مصالحة مع الذات، مع التراث، مع المواطن ، مع التاريخ...) و هلم جرا لعدد لا يكاد ينتهي من الأقوال التي ساهمت بشكل كبير في تهميش واقع الأزمة لحساب المخيل، و هي طريقة تقنية بارعة في مواجهة المشكلات السياسية حيث تم نقل الاهتمام من مستوى النص إلى الهامش.
إذا كان و لابد من الحديث عن المصالحة الوطنية فالقضية سياسية بالدرجة الأولى، إنها تتعلق بكيان اجتماعي سياسي يتمثل في وجود فئة اجتماعية مارست الحق السياسي تحت غطاء ما، ثم منعت منه، و ليس لنا الحق ها هنا أن نتحدث في مشروعية وجود هؤلاء اليوم و قبله، لأن التصور المنطقي ينتهي إلى إقرار الدور المصلحي بمفهومه الضيق بالنسبة لكل فئة مهما تعالت شعاراتها، ثم إن القضية هي محصلة أخطاء مشتركة و كان سيحدث نفس الموقف و ربما أكثر لو أن الجهة الخاسرة كانت الطرف القوي لحظة نشوب الصراع .
الدولة أو الشر الأعظم إنها الأداة الحتمية للتجمع البشري المتعدد المشارب و العقائد و من ثم المصالح... كيان مسيطر و غير محدد المسار فهو محكوم بنظرية الوجود بالكيفية التي هو عليها و يزداد الأمر سوءا حين يتعلق الأمر بالنظام الجزائري و ليس غريبا أن يعرف إضافة إلى ذلك بعلاقته بمعارضته، بحكم أنها من ساهم في خلق هويته و إضاءة مساره و ضبط خياراته .
من هنا يتشكل المجال الحيوي للدولة و ينبعث تصرفها - و هي لا محالة- واقعة تحت ضغوطات توجب عليها من فترة إلى أخرى إعادة صياغة وجودها بما يعني جعلها تنشغل بالعمل على المحافظة على المسافة التقليدية بين مذهبها الأول و مستجدات التحديث، حتى لا تندثر هويتها ، و من سؤال الهوية هذا تنبعث أسئلة التحديث و مواجهة الواقع .
بالنسبة للدولة الجزائرية يمثل واقع المصالحة الوطنية القطرة التي أفاضت الكأس فهي التي فتحت احتمالات المغامرة بالتضحيات القديمة، و طبعا ما كان باستطاعة السياسيين الوقوف موقف العداء من هذا الشعار لأن القضية تتعلق بمشروع ألبس شعارات (الوطنية و الوحدة و القومية و مبادئ الثورة التي قادها الشعب) ، و هي الشعارات ذاتها التي سيستعملها الاستئصاليون في سبيل تكييف هذا المشروع بما يضمن بقاءهم، ليس كأفراد، إنما كمذهب اجتماعي يحمل لواء الدفاع عن مبادئ الجمهورية، و سيتوقف الأمر لحظة مقتطعا من الزمن خاصيته التتابعية بجعل المضامين تحوم حول الموضوع دون أن تلجه، و في هذه الحالة فإن طرق الإغراء بالرمز و الألوان على طريقة الإشهار المعاصر عبر وسائل الإعلام ستكون السند في عمليات المناقشة و سيتم اختلاق المناسبات الكافية و الأسباب المعينة على تثبيت هذا المبدأ، بدءا بالحديث عن المشاكل التاريخية و العلاقة المشومة للمواطن بالإدارة و سلبيات النمط الجماعي من التفكير مع مداخلات فلاشية عن الفتنة ... ، و بالمقابل سيعمل الإسلاميون - كعادتهم- على تبييض ماضيهم و اختيار الجهات المناسبة لتوجيه التهم الثابتة بحقهم على الرغم من أنها صنيع مشترك و بذلك يتم اختلاق معارضة(ضالة) غير واعية بمصلحة الشعب و الدين و ينصب الاهتمام على إشاعة أمرها كما حدث في حق الجماعة الإسلامية المسلحة - مظلة المسلحين جميعا- التي صنعها الإعلام الفرنسي و منحها فرصة الشهرة لأغراض مقصودة .
كانت نقاط الاختلاف أكثر من نقاط الاتفاق في معادلة المصالحة الجزائرية، بدءا من تعدد الجبهات و الإيديولوجيات التي رسمت خارطتها داخليا و خارجيا، إلى تنوع طبيعة الأطماع السياسية للمعارضين مما أفضى بالدرجة الأولى إلى كسر وحدة المعارضة خصوصا بظهور التسمية الجديدة (تنظيم القاعدة ببلاد المغرب)، و لم يبق للسياسيين منهم إلا البحث في درج النظام عن مفتاح وجودهم، بل اختلاق المداخل بعد أن سدت الأبواب، و لعل أول هذه المفاتيح "التفتيــش"عن الأدوات المشتركة في خطاب المصالحة، و هي أدوات - في نظر الإسلاميين- سهلة التطويع ما لم تلاق عنادا من ممتلكيها؛ إنها القضايا التاريخية لما قبل الأزمة و قضية العنف السياسي و المشاكل ذات الطابع الاجتماعي العام، فمن الناحية التاريخية يبدو أن الجميع يتفق بقضية الوحدة الوطنية و الثورة الشعبية و هما الأساس لكل وحدة بعد أي خلاف في الخيارات السياسية اللاحقة، كما أن تجريم العنف قد تلقى تثقيفا بفعل مقولة "عدم استغلال العنف لأجل الوصول إلى السلطة أو البقاء فيها".
لكن الذي يبدو أن الإسلاميين لم ينتبهوا إليه هو أنهم "سيدخلون الباب أول مرة" و أسوء من ذلك... إذ أن عليهم اجتياز مرحلة تغييب كاملة امتدت على فترة تجاوزت العقد من الزمن لأجل اللحــاق بالــركب.
إن النقطة التي جمعت الإسلاميين بالسلطة في خطاب المصالحة تعود زمنيا إلى ما قبل الأحزاب السياسية في تاريخ الجزائر المعاصر في الوقت الذي تعيش فيه الدولة مرحلة التثقيف الاختلافي بين الأحزاب و ما بين العهدين أمد طويل ليس على الإسلاميين تجاوزه بالقدر الذي عليهم معايشته بكيفية ما، فما لن يخدمهم أبدا هو القفز على طول تلك المرحلة و اختصار مسافة من الزمن تقدر بمحنة الجزائر ... بكل تجارب تلك المحنة و نتائجها المغيبة عنهم، وليس لهم أبدا أن ينالوا من تلك النتائج التي لم يعايشوها، بل و على النقيض، لقد كانت تلك النتائج في الاتجاه المعاكس لمصالحهم بحكم قانون الوجود السياسي، و أصبح لزاما عليهم إعادة تكييف وجودهم مع الجهات الرسمية بدءا بالتخلص من بعض القيادات القديمة، إلى إعادة تجميع القاعدة المشتتة تحت غطاء خطاب جديد، يأخذ على كاهله مهمة نبذ العنف و الإرهاب الذي مارسوه بأنفسهم، و هو ما سيقف عائقا في وجههم و يجعل من الأمر حجر عثرة يحول دون أدنى تحقق لشيء سمي بـ"المصالحة الوطنية".
إن فتنة عصفت بوجود دولة بكاملها إلى متاهة الاختلافات و الاقتتال ليس سهلا تجاوزها بمجرد قوانين و مصادقات تصدر عن الهيئات الرسمية فضلا عن صدورها عن الشعب بطرق الاقتراع، و الذي يجب علينا ألا ننساه حتى هذه اللحظة هو أكذوبة الديمقراطية التي كانت تستند إلى مقولة "التحكم من القاعدة" فلا الاسلاميين سيعيدون بعث وجودهم من القاعدة التي مارسوا النضالات القديمة باسمها و لا النظام سيرسخ المصالحة بالصفة الشعبية العفوية، فالأمر قضية مصالح و مراكز يصعب التراجع عنها، بل يقتضي الأمر الاستباق نحوها و المعادلة "تحقيق أكبر قدر من المكاسب على كل الجبهات"، و لا غرابة أن أسوء الحظوظ سيغدو في ميزان الضعفاء مكسبا من زاوية ما.
لقد صيغت فرضيات المصالحة الجزائرية داخل بيت النظام القائم على أنقاض الإسلاميين العائدين من الجبال و لا أقول العائدين من الخارج لأن هؤلاء لازالوا نذير شؤم بحكم أنهم مارسوا السياسة- لا كما ينبغي-، إنما مارسوها كما أرادوا أو بالأحرى كما تراها مصالحهم ، و رغم أن رئيس المشروع هو صاحب البيت، إلا أن القول بالسيادة يعني شيئا آخر غير القرار الواحد سيما إذا تعلق الأمر بالصراعات السلطوية فليست الدولة في وجودها المعاصر غير المذهب الإيديولوجي الخشن و المتوحش و الذي لن يتوانى بأي حال من الأحوال عن ضرب و زجر أي جهة بأي غطاء ما كان في وجودها مساسا بمصالحه التي تبدأ باستمرار الوجود مهما تعددت الأخطـاء و تنتهي بكيفيـة تمظـهره.
يبقى لنا و نحن نختم هذا المقال أن نتساءل عن جدوى القيم التي غربت عن واقع هذا العصر و أن نتساءل عن حدود المصالح إن كانت تحكمها حدود... أم أن الأمر مشاع في عصر العولمة فلا يغدو للحدود السياسية مقام بين مصالح الأقوياء ...!!
ـــــــــــ
 كان أول عنوان لهذا المقال عند كتابته " متاهة المصالحة الجزائرية"، و لغايات منهجية و إجرائية تم تغيير العنوان إلى "أزمة المصالحة الجزائرية".



#الطاهر_مرابعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيديولوجيا المصالحة الوطنيّة -قراءة في النسق الثقافي للمشروع ...
- المقاربة النصية -قراءة في مقرر اللغة العربية للسنة الثانية ا ...


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الطاهر مرابعي - أزمة المصالحة الجزائرية