أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال خضير الجنابي - تطور المراحل الجمالية في ( نساء الشاعر )















المزيد.....

تطور المراحل الجمالية في ( نساء الشاعر )


جمال خضير الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 2145 - 2007 / 12 / 30 - 10:57
المحور: الادب والفن
    



لقد تميزت القصيدة العربية منذ نشأتها بالنظام الإيقاعي الذي تعود جذوره التاريخية إلى الأوزان الخليلية وقد عنيت الدراسات النقدية عناية كبيرة بموسيقى الشعر من حيث المظهر الخارجي في تناسبه الصوتي وان ما يميز الشاعر عن سواه هو استعماله أداة الموسيقى بوصفها حلية خارجية تزينها القافية وتتنوع في إشكالها الزحافات والعلل والأسباب والأوتاد على نسق منظم من حيث مخارج نطق الحركات والسكنات عبر مسافات زمنية متساوية إما ما كان منها من صورة إيحائية فلم تتفطن لها الدراسات إلا في مرحلة متأخرة وبخاصة ما جاء من بعض الفلاسفة المسلمين .
لقد تطورت القصيدة العربية من الشعر المنتظم في بنية البيت التقليدي والشعر المرسل غير المقفى إلى الشعر الحر الذي تميزت تفعيلاته الوثبة الشعورية وقد تعددت اضربه فأصبح يطلق عليه التفعيلة أو السطر الشعري أو الجملة الشعرية فيما بعد وهي أوجه لا تحدد المسافة الزمنية لانتهاء السطر الشعري أو الجملة الشعرية وإنما تخضع في نظر الدراسات المعاصرة إلى الدفعات الشعورية التي تنعكس بدورها على نظام الإيقاع الذي تتموج نغماته بتموج حركات النفس وقد بدا الاهتمام بهذا الجانب بوفرة ودقة منذ مطلع القرن العشرين , يرجع مصدره الأصلي في زعمنا إلى جماعة الديوان التي دعت إلى حركة التجديد في جميع المجالات ذات الشأن ببناء القصيدة العربية .
لذلك فان الشعر الحر أو الحديث أو المطلق أو شعر التفعيلة له بناء فني خاص به شانه أي شعر يقوم ثلاثة ( اللغة – الصورة – الموسيقى ).
ولكي نتمكن من التركيز ولم شتات موضوعنا سأقصر الحديث على عنصر واحد هو أهم العناصر ولسببه نال هذا الشعر تلك التسميات ذلك هو عنصر ( الموسيقى ) الذي بدا يختفي من كثير من قصائد الشعر العربي الحديث وعلينا إن نقرر بدءا إن الشعر الحر ليس وزنا معينا أو وزنا كما يتوهم الكثيرون وإنما هو أسلوب في ترتيب تفاعيل الخليل تدخل فيه بحور عديدة من البحور الستة عشر التي وردت في العروض العربي وهو ذو شطر واحد .
إن القراءة لمجموعة الشاعر ( يونس ناصر عبود ) التي حملت عنوان ( نساء الشاعر ) الصادرة عن وزارة الثقافة والإعلام دار الشؤون الثقافية العامة والتي ضمت سبعة عشر نصا تنوعت بين ( الحب / الحرب / امرأة ) .
ففي قصيدة ( نساء الشاعر ) يقول :
( رسم الشاعر قطرة ماء
فهي صحراء الورقة
ووجوه صبايا
وبقايا امرأة محترفة
داهمه الخوف على الناس
فمزقها مزقا .. مزقا ............) .
تشكل الموسيقى الشعرية مرتكزا رئيسا في العمل الشعري بوصفها مدركا صوتيا ذا أهمية عظيمة في بث الحالة النفسية التي تكون قد غاصت في مدركات صوتية فاجتذبت إليها ما يطمئن الحالة من حيث التناظر معها واندفاع الالتفاتات الواعية باتجاه نقلات غير واعية تفيض بالتوتر والانبساط والانقباض كما يرى ذلك ( د. عبد الكريم راضي جعفر ).
وتنبع أهمية الموسيقى الشعرية من أنها ليست عنصرا خارجيا أو ثانويا يجيء لاحقا في عملية الخلق الشعري بل أنها تنبثق مع بداية هذه العملية .
هذا إن لم تكن نشأة القصائد إيقاعية أصلا فقد اعترف ( اليوت ) إن شعره يبدأ كموجات إيقاعية تتخذ من عقله مسرحا لها .
هذا ما تمثله الموسيقى الشعرية للشاعر وللنص الشعري إما بالنسبة للمتلقي فان البناء الموسيقى للقصيدة هو أول ما يصادف السامع .
ففي قصيدة ( حالة خاصة لرجل ما ) يقول :
( خمس وثلاثون سنة
انطفأت ما بين المحنة والمحنة
خمس وثلاثون سنة
والرجل الطيب في غربته
ليس له قلب يؤويه ...) .
يؤكد ( د. عبد الحميد جيدة ) في كتابه ( الاتجاهات الجديدة في الشعر العربي المعاصر ) وهكذا نستنتج إن كل جزء في القصيدة يلعب في الإيقاع حتى البياض الصفحات بين السطر والأخر بين الكلمة والثانية يرمز إلى الصمت ( الصمت الإيقاع ) كما إن النقطة والفاصلة بين الوحدات النفسية الفاصلة تفصل بين وحدات نغمية بين وحدتين نغميتين تامتين وحتى عاملات التعجب والاستفهام تعطي البيت رنات متناسقة مع المعنى .
وعلى هذا الأساس تكون الصورة الموسيقى في تدفقاتها الانفعالية مرتبطة بمدى الحركات النفسية التي تمر بها الذات المبدعة كما نرى في قصيدة ( حبة الدرويش ) حيث يقول :
( تنحل في الرؤيا طيور الثلج
تنفر حبة الدرويش
والدرويش ينقر دفة
ماذا رأى الدرويش فاحترقت يداه
أفعى تلوك بقية من جلدها ...............).
وفي ضوء هذا تكون الإثارة الانفعالية هي السمة الغالبة التي تجسد العناصر الموسيقية للجملة الشعرية عند الشاعر ( يونس ناصر عبود ) فتكتسب الصورة الشعرية في هذه الحالة تحت تأثير الانفعال وظيفتها النفسية من حساسية التأثيرات الخارجية عندئذ يصبح الإيقاع جزءا عضويا في بنية القصيدة التي تتشكل من توترات نفسية في أنات زمنية تواكبها .
يقوم الإيقاع المتغير وفقا لتلك الأنات باحتضان المناخان الانفعالية وخلق تلاحم عضوي في عمار القصيدة وهندسة بنائها اللغوي الذي يتخذ من التعبير صيغته الإيقاعية المتساوقة مع انفعال النفس .
لقد صار إن يطلق على موسيقى الشعر إيقاع والعكس أيضا , والإيقاع مفهوم عام يتسع ليشمل كلا أمرين التناوب الصحيح المنضبط لعناصر متشابهة أو التكرار الدقيق للعناصر نفسها وهذا يعني انه أي الإيقاع وبنوعيه موجود حتى في حركات الإنسان ومظاهر الطبيعة في حين يعني الإيقاع في الشعر تكرارا دوريا لعناصر مختلفة في ذاتها ولكنها متشابهة في مواقعها من العمل وذلك بهدف الكشف عن الوحدة من خلال التنوع كما يرى (د. محمد فتوح احمد ) .
لكن ( اليوت ) يؤكد إن الشاعر يصل إلى حدود الوعي ثم يتجاوز إلى عالم لا تستطيع الكلمات المنثورة إن تبلغه وإنما الكلمات المنظومة فهذا العالم الذي يتعدى حدود الوعي له معنى ولكن معناه يبلغه الشعر وحده بكلماته ذوات الموسيقى الشعرية كما في قصيدة صديق حيث يقول :
قال : لي سوف تمضي الطيور
يقينا ستمضي
فاني
سمعت الغراب سعيدا
- إلى أين ؟
- يفزعني البوح والكلمات .........
فإذا كان الشاعر ( يونس ناصر عبود ) قد أحسن بثقل القافية لما يشترط فيها من قوانين صارمة عليه إتباعها فانه في ذلك يرى إن القافية الداخلية المعبر عنها في ألدفقه الشعورية ضرورة ملحة لمسايره الصياغة العاطفية في حاستها الموسيقية التي لا تخضع لأي التزام خارجي كما هو الشأن بالنسبة لحرف الروي في القافية القديمة ونما يكون ارتباطها قائما بالدرجة الأولى على الأداء الشعوري الذي يعتمد بما قبلها وما بعدها كما نلاحظ ذلك في قصيدة ( ضمائر ) .
ما الذي تتذكره
حين تجلس وحدك منفعلا
ما الذي أنت ترفضه في إلا وان
ولا يعتريك الجنون ..
قدرا أم ظنون ؟
لقد أكدت تجارب جميع الشعوب وحتى البدائية منها إن الشعر يقترن اقترانا وثيقا , بالإيقاع والموسيقى الشعرية وان الإيقاع الشعري ليس شيئا عرضيا أو زينة خارجية يمكن طرحها بسهولة .
ولكن من حق الشاعر إن يجرب أو يبحث عن بني إيقاعية جديدة وقد يتخلى هذا الشاعر عن نظام التفعيلة عن طريق العودة إلى الوحدات الإيقاعية الصغرى لهذه التفعيلة المتمثلة في الأسباب والأوتاد والفواصل وقد يجرب مرة أخرى الإفادة من نظام النبر والتنغيم والوقف والتمفصل وقد يجرب قي إطار القصيدة المدورة .
والبحور المختلفة من هنا يمكن إن يقودنا إلى اكتشاف نظام إيقاعي جديد , لذا فان أي نزوع حداثي لتحديث البنية الإيقاعية للقصيدة الحديثة أو القصيدة النثر يجب إن يتم في إطار الاعتراف بمشروعية الإيقاع الشعري والموسيقى الداخلية .
لا تبك كثيرا يا ولدي
إنا ذاهبة لأبيك الذاهب للجبهة
سيمر قريبا منك ومني
لا تبك كثيرا
دعه يمر إليك
دعه يمر ...



#جمال_خضير_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال خضير الجنابي - تطور المراحل الجمالية في ( نساء الشاعر )