أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سامح خليل الواديه - الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف















المزيد.....


الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف


سامح خليل الواديه

الحوار المتمدن-العدد: 2143 - 2007 / 12 / 28 - 12:23
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


تشكل الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف جرائم حرب وفق نص المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، وهو تأكيد لما سبق النص عليه في المادة (85-5) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف 1977.
وأدرج النظام الأساسي بعض الأفعال التى يعتبر ارتكابها بمثابة جرائم حرب سواءً ارتكبت بحق الأشخاص ، أو الممتلكات التي تحميها اتفاقيات جنيف، متى ارتكبت في إطار خطة ، أو سياسة عامة ، أو في إطار عملية واسعة النطاق .
وهو بالفعل ما تمارسه القوات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل خلال انتفاضة الأقصى التي أعادت فيها احتلال الضفة الغربية ومحاصرة ، وتجزئة قطاع غزة ، وأيضًا كل ما تقوم به من اجتياحات وتوغلات يومية للمدن والقرى الفلسطينية تمارس خلالها أبشع عمليات القتل العمد والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية ، وكذلك التدمير الواسع النطاق للممتلكات والمنازل ، والذي مارسه الجيش الإسرائيلي دون ضرورة عسكرية ، وكذلك مواصلة سياسة الإبعاد التي انتهجتها على نطاق واسع قبل اتفاق السلام الفلسطيني الإسرائيلي 1993، خاصة في ظل الانتفاضة الأولى بين عامي 1987و1994، وكذلك الحبس غير المشروع الذي مارسته خلال الانتفاضة الحالية بشكل عشوائي وواسع النطاق استهدف آلاف المواطنين ، وممارسة أخذ الرهائن من السكان المدنيين كوسيلة ضغط وابتزاز لنشطاء الانتفاضة لإجبارهم على وقف نشاطاتهم وتسليم أنفسهم لقوات الاحتلال.
ونتناول في هذا السياق الأفعال التي تعتبر من قبيل الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف والتي يشكل ارتكابها جرائم حرب وفق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية متى ارتكبت في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق:

أولاً - القتل العمد.
ورد النص على جريمة القتل العمد في مقدمة الجرائم التي نص عليها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية في المادة السادسة الخاصة بالأفعال المكونة لجريمة الإبادة الجماعية ، وكذلك في المادة السابعة ضمن الأفعال التي تشكل جرائم ضد الإنسانية ، وكذلك في المادة الثامنة ضمن الأفعال التي تعتبر من قبيل جرائم الحرب ، وحظرت كذلك اتفاقيات جنيف الأربع القتل العمد معتبرة إياه من قبيل المخالفات الجسيمة ، وحظر البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف القتل معتبرًا إياه من قبيل جرائم الحرب ، وقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الحق في الحياة ، وأكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على الحق في الحياة باعتباره ملازمًا لكل إنسان وعدم الحرمان منه تعسفًا .
فجريمة القتل العمد التي نص عليها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية في أكثر من موقع تعتبر من أخطر الجرائم إذا ما ارتكبت في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية واسعة النطاق ،
لأنها تمس وجود الإنسان ذاته ، الذي هو جوهر الحماية القانونية سواء في القوانين الوطنية التي نصت دساتيرها على الحق في الحياة وحظر سلبه ، أو في القانون الدولي الذي عني بالفرد وحظر الاعتداء عليه ، وسلب حقه في الحياة.
وقد مارس الجيش الإسرائيلي جريمة القتل العمد على نطاق واسع بحق المدنيين الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى التي أعاد فيها احتلال مدن الضفة الغربية ، وكذلك الاجتياحات المتواصلة لمدن قطاع غزه ، التي أسفرت عن قتل ما يقارب ثلاثة آلاف فلسطيني معظمهم من المدنيين وخاصة من النساء والأطفال حسب تقارير منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والأجنبية سقطوا خلال إطلاق النار والقصف العشوائي ، وأثناء المواجهات بالحجارة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي المدججة بترسانة الدمار الأمريكية الصنع.
وقد صدر عن مجلس الأمن الدولي قرار بالإجماع في 8 أكتوبر2000 يدين الاستخدام المفرط للقوة بحق الشعب الفلسطيني ، وأدانت كذلك لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في 19أكتوبر2000 إسرائيل لارتكابها انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.

ثانيًا - التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية.
أكدت المادة الثانية من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية على حظر جريمة التعذيب باعتبارها من قبيل جرائم الحرب للتأكيد على خطورتها ، وقد نصت اتفاقيات جنيف الأربع في المواد المشتركة الخاصة بالمخالفات الجسيمة على حظر التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية بما في ذلك إجراء التجارب الخاصة بعلم الحياة ، باعتبارها من المخالفات الجسيمة ، التي تصنف ضمن جرائم الحرب بموجب البروتوكول الأول والذي رتب ضمانات أساسية لمعاملة الأشخاص الخاضعين لسلطات طرف النزاع معاملة إنسانية دون تمييز، وحظر كافة أعمال العنف الذي يستهدف الحياة أو الصحة أو السلامة البدنية أو العقلية وبوجه خاص التعذيب بشتى صوره بدنيًا كان أم عقليًا.
وكذلك حظر التعذيب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية 1948، والمادة الثانية من إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المعتمدة _بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (3452-د-30) المؤرخ في 9ديسمبر 1975_والذي اعتبر التعذيب إنكارًا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكًا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وأكد كذلك علة عدم جواز اتخاذ الظروف الاستثنائية مثل حالة الحرب أو خطر الحرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أية حالة طوارئ عامة أخرى ذريعة لتبرير التعذيب أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، ودعا الإعلان الدول لاتخاذ تدابير فعالة لمنع ممارسة التعذيب والمعاملة اللاإنسانية داخل إطار ولايتها.
تمارس إسرائيل منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية التعذيب بكافة صوره البدنية والنفسية دون أي اعتبار للمؤسسات الدولية وخاصة اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول أو لاتفاقية مناهضة التعذيب والتي وقعتها إسرائيل في العام 1986. وفور التوقيع عليها مارست وعلى مدار ثماني سنوات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى ، والتي انطلقت في العام 1987، كافة أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين ، والتي توجت بسياسة تكسير العظام التي انتهجها وزير الدفاع آنذاك إسحاق رابين ، كذلك استمرت سياسة التعذيب بعد ذلك خلال انتفاضة الأقصى.
وتعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تمارس التعذيب على نطاق واسع كسياسة حكومية رسمية ، وفي إطار القانون الإسرائيلي الذي أجاز التعذيب على مدار سنوات طويلة دون أي اعتبار للقيم الإنسانية والقانون الدولي .
فقد استمر القضاء الإسرائيلي يعطي شرعية للتعذيب حتى سبتمبر 1999 بصدور قرار عن المحكمة العليا بحظر استخدام الوسائل الجسدية في التحقيق مع استمرار استخدام الضغوط النفسية .
إلا أن انتفاضة الأقصى شهدت تصعيدًا كبيرًا لممارسة جرائم التعذيب من قبل جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشين بيت" والتي تثير المسئولية الجنائية الفردية لقادتة ومسئولية الذين يعطون التعليمات بممارسة جريمة التعذيب وكذلك كافة المسئولين الذين يؤيدون ممارسة التعذيب أو الذين لا يتخذون إجراءات لمنع تلك الجرائم أو محاكمة مرتكبيها .
وقد أعطت قضية رفض الدانمارك قبول أوراق اعتماد كرمي غيلون كسفير لإسرائيل بسبب تأييده ممارسة التعذيب بعدًا دوليًا لتلك الجريمة.

ثالثًا- تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة.
اعتبرت اتفاقيات جنيف الأربع تعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية والصحة من قبيل المخالفات الجسمية للاتفاقيات ، والتي اعتبرها البرتوكول الأول من قبيل جرائم الحرب التي تثير المسئولية الدولية لمرتكبيها وتستوجب محاكمتهم كمجرمي حرب أمام محاكم الدول الأطراف وفق مبدأ الاختصاص العالمي .
و تستخدم إسرائيل الأسلحة المحرمة دوليًا خلال تصديها لانتفاضة الأقصى كالرصاص المتفجر من نوع دمدم الذي ينتشر بالجسم و يلحق أضرارًا خطيرة بالصحة ، والذي حرمته اتفاقية حظر استعمال الرصاص القابل للانتشار والتمدد في الجسم بسهولة المؤرخة في 19 يوليو 1899.
وتستهدف إسرائيل من ذلك إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم والصحة بتصميمها على إيقاع إصابات بالغة بحق المدنين الفلسطينيين وخاصةً الأطفال دون سن الثامنة عشرة ، دون ضرورة عسكرية أو وجود خطر محدق بالجنود مطلقي الرصاص و خاصةً باستهداف ملقو الحجارة من الأطفال ، الأمر الذي يثير المسئولية الجنائية لجنود الاحتلال وقادتهم الذين أعطوا التعليمات بإطلاق الرصاص واستهداف الأطفال أو لسكوتهم عن جرائم الحرب التي يمارسها الجنود الذين يأتمرون بأوامرهم .
و قد حمل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة (28) القادة والرؤساء المسئولية الجنائية عن الجرائم المرتكبة من جانب قوات تخضع لأمرتهم وسيطرتهم الفعلية.
رابعًا - إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك و بالمخالفة للقانون.
اعتبرت اتفاقيات جنيف تدمير واغتصاب الممتلكات على نطاق واسع لا تبرره ضرورات حربية و بطريقة غير مشروعة وتعسفية من قبل المخالفات الجسيمة للاتفاقيات ، والمصنفة كجرائم حرب وفق البروتوكول الأول ، و حظرت كذلك اتفاقية لاهاي الرابعة لعام1907 تدمير ممتلكات العدو أو حجزها إلا إذا كانت ضرورات الحرب تقتضي حتماً هذا التدمير أو الحجز.
و قد مارست إسرائيل سياسة هدم الممتلكات العامة والخاصة ، خلال انتفاضة الأقصى في اطار مخطط وكذلك التدمير الشامل لكافة مقار ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية والأمنية على حد سواء بالقصف الجوي والتجريف والتدمير والتخريب لاجتثاث مقومات وجود السلطة واستهدفت نفس السياسة الممتلكات الخاصة تجارية وصناعية وسكنية ، وعلى نطاق واسع وقد شمل ذلك:
1- التدمير الشامل لكافة قوات ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية الأمنية والعسكرية والمدنية والتى تشمل:
أ. المقار الأمنية والعسكرية : تعرضت المقار والمنشآت للقصف والتدمير بطائرات الأباتشي و(ف-16) أدت إلى تدمير معظمها تدمير شامل وإلحاق أضرارًا جسيمة بما تبقي منها بالتخريب والتجريف من خلال عمليات الاجتياح و التوغل المتواصل لمدن الضفة والقطاع دون وجود أية ضرورة عسكرية أو تشكيل أي خطر على قوات الاحتلال بل مجرد رد فعل على العمليات العسكرية التي تنفذها بعض الفصائل الفلسطينية ضد إسرائيل.
ب. المؤسسات المدنية : تعرضت مؤسسات السلطة لعمليات مداهمة و تخريب وإتلاف لمحتوياتها و بعضها للتدمير الكامل ، واستهدفت تلك السياسة تدمير مقومات وجود السلطة الفلسطينية ، والتي من أهمها مباني الإذاعة و التلفزيون ومحطات الإرسال ومطار غزة الدولي والذي تعرض مدرجه للتدمير الكامل منذ الأشهر الأولى للانتفاضة ، وكذلك مهبط الطائرات المدنية الخاص بالرئيس و ما به من طائرات ، و المعمل الجنائي الوحيد الذي تمتلكه السلطة لإجبارها على الرضوخ للضغوط و الإملاءات الإسرائيلية خلال المفاوضات.
2- تدمير الممتلكات الخاصة : من منازل و منشآت تجارية و صناعية والبنية التحتية والأراضي الزراعية والتى تشمل :
أ. المنشآت التجارية الصناعية : استهدفت إسرائيل خلال الانتفاضة تدمير معظم المنشآت الصناعية من ورش و مصانع بحجة تصنيع الأسلحة بالقصف الجوي والتجريف وزرع المتفجرات داخلها خلال عمليات الاجتياح والتوغل المتواصلة، وقد بلغت خسائر الاقتصاد الفلسطيني جراء عمليات التدمير الإسرائيلية حسب تقديرات البنك الدولي نحو 6 مليار دولار.
ب. تدمير المنازل : مارست إسرائيل سياسة تدمير المنازل بصورة واسعة النطاق في الضفة و القطاع التي راحت ضحيتها ناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري والتي سحقتها جرافة إسرائيلية في حي السلام بمدينة رفح في قطاع غزة خلال تصديها لعمليات تدمير المنازل بتاريخ 16 آذار2003 و قد سبق مقتلها تسجيلها لحديث صحفي اعتبرت فيه بوش وأركان حكومته مجرمي حرب من خلال مساندتهم لجرائم الحرب الإسرائيلية ، ولعدم تفعيلهم للمحكمة الجنائية الدولية ، و قد برزت بوضوح السياسة الإسرائيلية بتدمير المنازل خلال اقتحام مخيم جنين في 4 نسيان 2002والتي شملت نحو (900) منزل ، دمرت (600) منها بشكل كلي ، وقد اندرجت سياسة هدم المنازل تحت اعتبارات أمنية و استيطانية تهدف إلى:
أ. تفريغ دائرة المناطق المتاخمة للمستوطنات . لزيادة الحماية للمستوطنين والجيش الإسرائيلي باعتبارها المناطق الحيوية والإستراتيجية ، والتي تستنزف الأراضي والمياه وتقطع أوصال المدن الفلسطينية وتمنع التواصل الجغرافي بينها ، والتي تهدف إسرائيل من خلالها إلى سرعة السيطرة على الأراضي الفلسطينية وخاصةً خلال انتفاضة الأقصى.
ب. إجبار السكان أصحاب البيوت المهدمة على مغادرة الأراضي الفلسطينية للخارج ، وذلك تجسيدًا للسياسة الإسرائيلية بإفراغ الأرض من سكانها لمصادرتها وإقامة تجمعات استيطانية عليها أو توسيع ما هو قائم لمحو الطابع العربي الفلسطيني للأراضي ، و خير شاهد على تلك السياسة عمليات تهويد القدس.
ج . العقاب الجماعي . استخدمت إسرائيل سياسة هدم البيوت كعقاب جماعي بحق عائلات الشهداء والمقاومين و منفذي العمليات العسكرية ضد الجيش الإسرائيلي بالرغم حظر كافة المواثيق الدولية للعقاب الجماعي في مواجهة المدنيين خلال النزاعات الدولية المسلحة ، وخاصةً اتفاقية جنيف الرابعة التي حظرت تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم ، وعدم جواز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصيًا ، وتؤكد على المسئولية الفردية، وحظرت اتفاقية لاهاي الرابعة إصدار أية عقوبات جماعية مالية أو غيرها ضد السكان بسبب أعمال ارتكبها أفراد لا يمكن أن يكون هؤلاء السكان مسئولين عنها بصفة جماعية.
3- تدمير البنية التحتية.
استهدفت إسرائيل خلال عمليات اقتحام المدن الفلسطينية تدمير البنية التحتية ، فقد دمرت عن عمد الطرق وشبكات الاتصالات والمواصلات والكهرباء والمياه التي أعيد إصلاحها وتطويرها ضمن برنامج المساعدات الدولية ، التي تقدمها الدول المانحة للسلطة الوطنية الفلسطينية في أعقاب عملية السلام ، للتضييق على المواطنين ، وإجبارهم على وقف الانتفاضة والرضوخ للعدوان الإسرائيلي.
وعلى المجتمع الدولي وخاصةً الدول المانحة إجبار إسرائيل على تحمل مسئوليتها الدولية والتعويض عن كافة الخسائر التي لحقت المشاريع الفلسطينية بتمويل دولي نتيجة عدوانها غير المشروع .
وقد صدر عن مجلس الأمن القرار رقم (1435) المؤرخ في 24 ديسمبر 2002 يطالب إسرائيل بوقف حصارها لمقر الرئيس ووقف تدمير البنية التحتية في مدينة رام الله .
و كعادتها رفضت إسرائيل الاستجابة للقرار في تحد سافر للشرعية الدولية والمجتمع الدولي.
4- تجريف الأراضي الزراعية.
جرفت إسرائيل معظم الأراضي الزراعية المحاذية للمستوطنات و دمرت كافة محتوياتها من أشجار ودفيئات زراعية وآبار مياه لتوسيع محيط المناطق العازلة حول المستوطنات ، وأدت تلك السياسة إلى حرمان آلاف الأسر من مصدر رزقهم الذي يعتمد بصورة كاملة على عائدات الزراعة و تدمير مقومات الاقتصاد الفلسطيني .
وقد حظر البروتوكول الأول مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنين ومثالها المواد الغذائية و المناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل و الماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري إذا تحدد القصد من ذلك في منعها عن السكان المدنيين لقيمتها الحيوية مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح أم لأي باعث آخر.
و يشكل العدوان الإسرائيلي على الممتلكات الفلسطينية الحكومية والخاصة جرائم حرب وفقًا للمواد المشتركة في اتفاقيات جنيف والخاصة بالمخالفات الجسيمة ، التي تعتبر من تلك الجرائم تدمير و اغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية ، وقد حظرت اتفاقية جنيف الرابعة قيام دولة الاحتلال تدمير أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات أو بالدولة أو السلطات العامة أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير.
ونص كذلك البروتوكول الأول على " أن لا تكون الأعيان المدنية محلاً لهجوم أو لهجمات الردع ، والأعيان المدنية هي كافة الأعيان التي ليست أهدافًا عسكرية "، حيث إن كافة المنشآت و الممتلكات ، التي تم استهدافها وتدميرها من قبل الترسانة العسكرية الإسرائيلية ليست أهدافًا عسكرية بل إن السلطة الوطنية الفلسطينية لا تمتلك قوة عسكرية ، وإنما قوة شرطة عادت إلى الأراضي الفلسطينية برعاية دولية وموافقة إسرائيلية في أعقاب اتفاق أوسلو للسلام في العام 1994.
ويجب على المجتمع الدولي تقديم القادة والمسئولين الإسرائيليين للمحكمة الجنائية الدولية لمسئوليتهم الشخصية عن الدمار الذي لحق بالشعب الفلسطيني ، وتحميل إسرائيل المسئولية المدنية عن كافة الأضرار التي لحقت بالفلسطينيين نتيجة ذلك العدوان.

خامسًا- إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية.
لم تجز اتفاقية جنيف الرابعة لدولة الاحتلال إرغام الأشخاص المحميين على الخدمة في القوات المسلحة للدولة المعادية أو المعاونة ، كما تحظر أي ضغط أو دعاية بغرض تطوعهم.
وجاءت اتفاقية لاهاي الرابعة بنص أكثر تشددًا بحيث حظرت إرغام سكان الأراضي المحتلة على تقديم الولاء للقوة المعادية وليس فقط الخدمة في صفوف قوات دولة معادية.

سادسًا- تعمد حرمان أي أسير حرب أو شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية.
نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الحق في المحاكمة العادلة " فلكل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآخرين الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة نظرًا منصفًا وعلنيًا للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه " ، وحظرت اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بأسرى الحرب " محاكمة أو إدانة أي أسير حرب لفعل لا يحظره صراحة قانون الدولة الحاجزة أو القانون الدولي الذي يكون ساريًا في وقت اقتراف هذا الفعل " ، كما لا تجيز الاتفاقية إدانة أي أسير حرب بدون إعطائه فرصة الدفاع عن نفسه والحصول على مساعدة محام أو مستشار مؤهل ، وكفل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدينة والسياسية " لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه ، وعدم جواز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفًا ، وعدم جواز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون" ، وكذلك حق كل فرد أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية و منشأة بحكم القانون ، وأن يحاكم حضوريًا وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره.
وقد مارست إسرائيل خلال احتلالها للأراضي الفلسطينية حملات واسعة من الاعتقالات العشوائية شملت عشرات الآلاف من الفلسطينيين في سجون ومعتقلات تفتقر للحد الأدنى من المعايير الإنسانية ، وخاصةً معتقل النقب الصحراوي المقام في صحراء النقب على الحدود مع مصر، وشهدت الانتفاضة الشعبية الأولى بين عامي ( 1987-1994) حرمان أسرى الحرب من أفراد فصائل المقاومة الناشطة في الأراضي الفلسطينية أو في الدول العربية من فصائل منظمة التحرير الذين يتم أسرهم خلال محاولات التسلل أو القيام بعمليات عسكرية على الحدود مع إسرائيل، وكذلك الأشخاص المشمولين بالحماية من المدنيين الذين يتم اعتقالهم ضمن حملات الاعتقالات العشوائية والتي تتم كرد فعل في المناطق التي تحدث فيها عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي من الحق في المحكمة العادلة ، وأخطر ما مارسته إسرائيل ما يعرف بالاعتقال الإداري لفترات متفاوتة تصل لمدة عام وتمدد تلقائيًا وقد تتواصل لعدة سنوات دون تحديد تهمة أو إدانة للشخص ، أو تقديم أية أدلة على ممارسته لعمل غير مشروع ، وكذلك تقديم المدنين لمحاكمات عسكرية.
وقد عادت إسرائيل لاستخدام تلك الممارسات خلال انتفاضة الأقصى من اعتقالات عشوائية وإدارية استهدفت آلاف المدنين الفلسطينيين في الضفة والقطاع وكذلك العاملين في أجهزة السلطة العسكرية والأمنية بشكل عشوائي دون توجيه تهمة محددة ، والتي تأتي في سياق الضغط على السلطة لتقديم تنازلات على صعيد المفاوضات خاصةً بعد فشل كافة الجهود الدولية في إيجاد حل للقضية الفلسطينية ووقف العدوان الإسرائيلي ، وخاصةً قضية اعتقال النائبين في المجلس التشريعي الفلسطيني مروان البرغوثي ، وحسام خضر اللذين يتمتعان بالحصانة البرلمانية دون تقديم تهم محددة.

سابعًا- الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع.
كفل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للفرد الحق في مغادرة أي بلد ، بما في ذلك بلده أو في العودة إلى بلده ، ولم يجز العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحرمان تعسفًا من حق الدخول إلى البلد ، وحظرت اتفاقية جنيف الرابعة " النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين ، أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أية دولة أخرى ، محتلة أو غير محتلة أيًا كانت دواعيه … " واعتبرت المواد المشتركة لاتفاقيات جنيف الخاصة بالمخالفات الجسيمة النفي أو النقل غير المشروع والحجز غير المشروع جرائم حرب ، واعتبر البروتوكول الأول " قيام دولة الاحتلال بنقل بعض سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها أو ترحيل أو نقل كل أو بعض سكان الأراضي المحتلة داخل نطاق تلك الأراضي أو خارجها ، مخالفة للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة " من قبيل الانتهاكات الجسيمة للبروتوكول والتي يصنفها ضمن جرائم الحرب.
واعتبر ميثاق محكمة نورمبرج الترحيل الإجباري في المادة (6/ب) جريمة حرب في المادة (6/ج) جريمة ضد الإنسانية ، وقد مارست إسرائيل سياسة الإبعاد والحبس غير المشروع على نطاق واسع ضمن سياسة عامة انتهجتها لإفراغ الأراضي الفلسطينية من سكانها.
1. الإبعاد أو النقل غير المشروع:
مارست إسرائيل تلك السياسية في إطار خطة حكومية عامة على نطاق واسع لتهويد الأراضي المحتلة وإزالة الطابع العربي لها بإسكان المستوطنين فيها ، فقد رحلت وأبعدت آلاف الفلسطينيين منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967.
وقد تم ممارسة تلك السياسة خلال الانتفاضة الأولى في عام 1987م بشكل فردي و جماعي ، وكان أبرزها عملية الإبعاد الجماعي لأربعمائة شخص إلى لبنان والذين عرفوا بمبعدي مرج الزهور.
وعادت إسرائيل لممارسة تلك السياسة خلال انتفاضة الأقصى بعملية الإبعاد لأفراد المقاومة الفلسطينية الذين تمت محاصرتهم في كنيسة المهد في بيت لحم عند اجتياح مدن الضفة الغربية ضمن العملية العسكرية التي عرفت بالسور الواقي في آذار 2002، واستهدفت تلك السياسة عائلات الشهداء منفذي العمليات العسكرية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي الذين تم إبعاد بعضهم من الضفة الغربية إلى قطاع غزة.
2. الحبس غير المشروع:
شنت إسرائيل حملات اعتقالات عشوائية واسعة النطاق خلال عمليات الاجتياح والتوغل وإعادة احتلال المدن الفلسطينية منذ اندلاع انتفاضة الأقصى ، وقد أقامت الحواجز العسكرية عند مداخل المدن والقرى الفلسطينية ، لتعزيز تلك السياسة التي وصفتها اتفاقيات جنيف بجرائم حرب. فالاعتقالات العشوائية غير مبررة وتندرج ضمن العقوبات الجماعية والتي تحظرها كافة المواثيق الدولية.

ثامنًا - أخذ الرهائن.
حظرت المواد المشتركة لاتفاقيات جنيف الخاصة بالمخالفات الجسيمة أخذ الرهائن باعتبارها جرائم حرب وحظرت كذلك اتفاقية جنيف الرابعة أخذ الرهائن وحظر البروتوكول الأول أخذ الرهائن سواء ارتكب من قبل مدنيين أو عسكريين وفي كل زمان ومكان.
واستخدمت إسرائيل المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية خلال عمليات الاقتحام والتوغل للمدن الفلسطينية ، وخلال عمليات اعتقال المقاومين الفلسطينيين وهدم المباني السكنية.



#سامح_خليل_الواديه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سامح خليل الواديه - الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف