أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لمودن - قصة: تاء التأنيث المتحركة














المزيد.....

قصة: تاء التأنيث المتحركة


مصطفى لمودن

الحوار المتمدن-العدد: 2137 - 2007 / 12 / 22 - 09:22
المحور: الادب والفن
    


1 ـ دردشة
* من قرية ظالمة إلى شرنقة حالمة
كنت دائما أحاول أن أكلمها، كبرنا في نفس المدينة الصغيرة، أعرفها منذ كانت تذهب إلى المدرسة الابتدائية حاملة محفظتها الثقيلة على ظهرها، تروح وتؤوب دون التفات، كأنها نملة جادة تحمل هم مجتمع النمل لوحدها...
أخيرا اتيحت لي الفرصة... وجدتها بجانبي، لا تفصلني عنها سوى بضع سنتيمترات، أبصر الشاشة وأضغط على" الفأرة " بإبهام يميني... بين الفينة والأخرى أختلس إليها نظرة، فأجدها منهمكة في النقر بأصابعها العشرة بسرعة هائلة... ثم تتوقف لتقرأ، فتبدو على محياها ابتسامة دافئة.
افتعلت إسقاط قلمي قرب قدميها ، حاولت أن أنحني لآخذه، التفتتْ جهتي وابتسمت أكثر... رددت التحية بأحسن منها، تشجعت وقلت في نفسي هذه هي المناسبة، خاطبتها هامسا:
ـ الأخت الكريمة أريد أن أتحدث إليك، مدة وأنا متلهف لمثل هذه اللحظة...
ـ ولماذا يا أخي ؟
ـ لماذا !..
ضغطت على شفتيّ وسحبت هواء كثيفا وأضفتُ:
ـ قد نتعارف، وقد تتمتّن علاقاتنا، وقد...
أوقفت بضربة من سبابتها الحاسوب، دارت جهتي بكامل جسدها، قطّبت حاجبيها الدقيقين، وعالجتني بسؤال مختصر كأنه رسالة إلكترونية مستعجلة تحمل خبرا حزينا:
ـ هل تشتغل ؟
قلت لها: ـ لا، أخي ألأكبر هو من يشتغل من ضمن أسرتنا.
ـ هو أولى من يتحدث إلي إذن. وأضافت صارخة بلهجة صارمة حتى انتبه كل رواد المحل:
ـ ألا ترى أنني في دردشة؟
وعادت تحملق في شاشتها، التقطتُ قلمي، واستأنفت تصفحي باحثا عمن أدردش معها من قارة أخرى.
2ـ رحلة
* من ضيق الدار إلى أفق الانتظار
دلفت المقصورة، ألقيت بجسدي المنهك على المقعد، وقد بدأت انتعش بفضل الهواء المكيف للقطار من فرط حرارة فصلية مقنطة... بجانبي شاب وسيم وأنيق،يبدو أنه لم يتخط ربيعه الثاني، خدوده تلمع، ملامحه تفصح عن هويته،يظهر أنه من شرق أسيا وقد نال نصيبه من الطفرة ألاقتصادية التي بلغت هناك شأنا رفيعا، تجلس على يمينه فتاة نصف مكتنزة ، بيضاء البشرة ، تبرز مساحة شاسعة من صدرها العريض،يظهر حملها واضحا من بطنها المنتفخ، وهو يكاد يمزق سترة رهيفة ، تتمدد أكثر وتمد ساقيها،يتطلع الشاب إلى دليل سياحي باللغة الإنجليزية حول المغرب ، يسأل عن البلدات والمدن التي يتوقف بها القطار ، تحاول الشابة أن تعلمه بضع كلمات دارجة ، يلوكها متلعثما ويضحك كوليد أكتشف الحبو ، ترد هي بضحك خفيف ، فيميل برأسه على صدرها منشرحا كمن تلقف بلسما لا يفنى لروح متشظية .
انتبهت سيدة تقعد قبالة الفتاة لطريقة جلستها، فقدمت لها بعض النصائح من وجهة نظرها حول الحمل والجنين والولادة... هي تتحدث والفتاة ترد بإيماءة من رأسها، ما أن حدست السيدة مرور التيار بينهما، حتى بادرتها بسؤال عن رفيقها الذي لا يعرف العربية، ردت الفتاة بسرعة وعلامات فرح طفولي بادية عليها:" إنه زوجي جاء من اليابان، وهو مستقر معنا منذ سنة، بعد ولادتي سنرحل إلى بلاده".
3ـ محاكمة
* من جنس السياحة إلى لبس السياسة
كن ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو س... العدد لايهم... بعدما وضعن محفظات التحصيل، جئن حاملات حقائب ألأمل إلى طنجة أو أكادير أو البيضاء أو س... الفضاءات تتشابه.
بالنسبة لهن انتهى ردح من الظهر وهن جاريات بين ثنايا الشظف،من أجل المعرفة والرغيف، حققن نصف المبتغى ومازال في الخاطر شغف لبناء ذات مولعة بالحياة ، وردِّ دَيْنٍٍٍ فيما قد فات... تحت ألإبط شهادة، وفي اليمين براءة، ومن اليسار إشارة نصر مجل، ولسان الحال يصدح بالمصير والمآل.
"البحر من أمامكن، ولجة العنوسة من خلفكن، وعناكب العفن قسرا حول أعناقكن، إما أن تمددن أياديكن مستسلمات، أو تعدن لأوكار مظلمة خانعات، ما لكن من خيار..."
هذا ما كان يردده أمامهن الغول باستمرار، وهو فاغر فاه، يصطاد ويعدد ضحاياه، ينقش على صخر الفضيحة فتوحاته الدنيئة، مشعلا نار الفضيحة على أعلى جبل.
تقول عائشة: "تموت الحرة ولا تأكل من فرجها "... ولما رأت ألأخريات منكسات رؤوسهن أضافت:" لن أتحسر على كثير ليس لي، لا أصله.ولا ألوم نفسي على جهد، لم أبذله... أعرف وتعرفون أن الطريق طويل ، والعابر عليل ، والخطب جليل ولكن لا نعدم حيلة..."
قامت رقية، مسحت دمعة سالت على الخد، تأملت الجالسات حولها، نظرت إلى ألأفق الذي لا يرى، وكمن استفاق من غيبوبة طويلة صاحت:
-" لماذا؟ لماذا كل هذا ألإذلال ؟". رفعت صوتها أكثر باستغاثة مجلجلة انتبه لها حتى من في خارج قاعة المحكمة: "وا مغرباه "، قمن جميعا صائحات: "وا مغرباه "، أعدن إلى المعتقل، بأمر من القاضي، وعلقت جلسة المحاكمة إلى أجل لاحق.
مصطفى لمودن . سيدي سليمان ـ المغرب. المشرف على مدونة:http://lamodene.maktoobblog.com/



#مصطفى_لمودن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأسيس جمعية العقد العالمي للماء بالمغرب (أكمي المغرب) خطورة ...
- حسين السلاوي، جرأة في التعبير وجدارة في الإبداع (من الفن الم ...
- المعروف على الرصيف!
- اسبانيا تستورد اليد العاملة النسوية من منطقة الغرب (المغرب)
- المعروف على الصيف
- أعمال شاقة وعائد هزيل
- قصة قصيرة: الحيرة


المزيد.....




- في مهرجان سياسي لنجم سينمائي.. تدافع في الهند يخلف عشرات الض ...
- ماكي صال يُحيّي ذكرى بن عيسى -رجل الدولة- و-خادم الثقافة بل ...
- الأمير بندر بن سلطان عن بن عيسى: كان خير العضيد ونعم الرفيق ...
- -للقصة بقية- يحقق أول ترشّح لقناة الجزيرة الإخبارية في جوائز ...
- الكاتبة السورية الكردية مها حسن تعيد -آن فرانك- إلى الحياة
- إصفهان، رائعة الفن والثقافة الزاخرة
- سينمائيون إسبان يوقعون بيانًا لدعم فلسطين ويتظاهرون تنديدا ب ...
- وفاة الفنانة التركية غُللو بعد سقوطها من شرفة منزلها
- ديمة قندلفت تتألق بالقفطان الجزائري في مهرجان عنابة السينمائ ...
- خطيب جمعة طهران: مستوى التمثيل الإيراني العالمي يتحسن


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لمودن - قصة: تاء التأنيث المتحركة