أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود يعقوب - خلدون جاويد: قلب يغرد بالمحبة















المزيد.....

خلدون جاويد: قلب يغرد بالمحبة


محمود يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 2128 - 2007 / 12 / 13 - 10:06
المحور: الادب والفن
    



ملاحظة أولى:
زهاء خمسين سنة انصرمت، ولم تزل نكهة "القراءة الخلدونية " تعبق في روحي وذاكرتي .
من أول يوم وُضِعت فيه "القراءة" في حضني ،أخذت أتصفحها تارة ،وأشمها بعمق تارة اخرى ،كانت لها رائحة خاصة،رائحة ذكية وبهيجة،تلك الرائحة تشربت في دمي حتى الموت !..
اليوم اعتقد ان "القراءة الخلدونية" هذه ليست سوى اكمام زهرة فردوسية ، تلتف اوراقها الندية على الطهر والبراءة والنقاء ، وتتوهج شمس الامل بين دفتيها ، ويسيل حبر المحبة
من اول حروفها وحتى اخرها .

ملاحظه ثانية:
انا متأكد ان ليس بوسع احد منا نسيان القصيدة الخالدة للشاعر "اليا أبي ماضي ( كن بلسما )"
ولغرض التذكير بها وحسب أورد بعض الابيات منها.
كنْ بلسماً ٳن صار دَهرُكَ أرقما وحلاوةً ٳن صار غَيرُكَ علقــــما
ٳن الحياةَ حبتكَ كلﱠكنــــــــوزها لاتبخلن على الحياة ببعــــض ما
أحسنْ وإن لم تُجزٓ حتى بالــثنا أيُ الجزاءِ الغيثُ يبغى إن همى
من ذا يكافئُ زهرةً فواحـــــة ؟ أو من يثيب البلبل المـــــــترنما
ياصاح خذ علمَ المحبة عنهـما إني وجدت الحب علماً قــــــيما
لو لم تفح هذي وهذا ماشــــدا عاشت مكممةً وعاش مكــمما
بين هاتين الملاحظتين وضمن مداهما تنوّر صورة الشاعر العراقي المبدع " خلدون جاويد " متفجرة بوهج تموزي برّاق . حين أقرأ له قصيدة جديدة ، اشعر كأنني اقرأ ابياتا في (قراءتي الخلدونية) حقيقة لما في شعره من براءة طفولية ونقاء وعفة ، وأمل يندفق من جداول روحه المشغوفة بحب العراق والإنسانية السمحاء بلا انقطاع .
لم تبعد سنوات الغربة الطويلة "خلدون جاويد " عن أرضه وشعبه شبراَ واحداً ولم تأخذ من قلبه المدنف بهذا الغرام نبضةً واحدةً بقدر ما اعتقد ان بلاد "النورد " قد أغدقت على شعر خلدون المزيد من الرقة والإحساس بالجمال واستضاءة المحبة بين حناياه بحدةٍ ، تلك المحبة التي باتت تطغي على مجمل أشعاره وقصائده .
"الحب ديني وعشق الناس قافيتي والورد ذوقي وفوح المسك حاناتي "
ومع ان خلدون جرحُ نازفُ ،والمُ مستبدُ طاغٍ ، اوجعته الغربة كثيرا ، وطعنته اهوال العراق طعنات نافذة ماهرة . بالرغم من ذلك بقي الشاعر بحرا زاخرا بلؤلؤ المحبة والتي لايمكن ان تكون الاّ صادقةً .. يقول جبران خليل جبران:
" إذا خاطبتكم المحبة فصدقوها "
وعلى مدى ال(٤٣٥٫٠٠)كم٢ يفيض الحب والدمع الخلدوني غاسلا خارطة الوطن كل حين ، بحبٍ لاينضب الى كل مافيه رائحة العراق :
" لانني أرسل كلّ فجر زاجلا إلى النجوم
نسرا إلى بغداد حول ظلها يحوم
وكل صبح امنح الحياة بهجة وانطلاق
احتضن العراق
نهرين من نور واسقي النخيل
من دمع كل امرأة شهيدة
من دم كل شاعر قتيل
كي تطلع العثوق رغم الموت واليباس
وانني اكتب للكادحين
منشور حب يمنح العشاق وردة
وكل طفل في العراق بسمة

وفي مقدمة لقصيدته "الوطن المنتهب" يقول خلدون جاويد:
"الوغد من يسرق ذرة من ثرى وطنه ، أو يحرق عشبة بلا ذنب ، أو اظفرا في اصبع كائن من كان ".
إن قراءة متتبعة لقصائده تجلوللانظار طبيعة الود والمحبة التي يغدقها الشاعر إلى أرضه وشعبه "مااروع الشعب انه أغنية الروح . ومفردا بوحا فياضا من هذا الحب لكردستان ..
كردستان الجمال والنضال .. ولرموزها الشامخة ، انظر اليه يغني الى جبال قنديل التي تعني بالنسبة إليه " الأرض والإنسان والرمز والروح...."
تألق بهاءً بالنجوم الثواقــــــــب وكن كوكباً من فوق كلّ الكــــــواكبِ
فدتّك التماعات القناديل كلـــــها لأنك قنديل الأبا والأطايــــــــــــــــــــبِ
الا ياذرى مجدٍ وخلدٍ محشـــــــّدٍ بأعتى رجال الارض اسمى المواهبِ
تقدم الى شمس الحياة وقل لها فداء لكردستان تترى مراكـــــــــــــبي

ومن ذرى الشمال الشماء ، حتى انبساط الأرض وهي تعانق مياه الخليج في البصرة تهدر قصائد خلدون جاويد إلى هناك .. إلى المرأة البصرية الجليلة التي تعاني القتل والإرهاب كل يوم ليقول فيها واحدة من بديع وجميل شعرهِ الذي يغلبُ عليهِ طابع السهل الممتنع والمترع بواقعيته وعاطفيته ، ففي قصيدة "قصيدة امرأة في دائرة البصرة القوقازية ":
نتمناكِ حوريّة على ضفاف كوكب
حبيبة ولدتك الشمس
ودحرجك القمر الشذريّ على اغفاءة صيف
مريماً ليسوع رحمةٍ وعذوبة
أختاً تحنو على المرضى والايتام
زوجةً في مهب النجوم
تلعبين الى اخر النور كالفراشات
تنتمين لوقع أنوثتك
وبهاء جسدك
وكا لملاك الطليق
تنثرين الشفق في السماء
والتلاوين على الزهر
وشقرة الشعر على الفجر

وخلدون جاويد لايكن محبة وتقديساً لنساء البصرة أو العراق فحسب بل إن هذا الموقف الإنساني فضفاضا لديه كالسماء يلف كل نساء العالم :
النساء المبجلات وسامُ
فوق صدرٍ
ووردةُ في الجبين

وتظل مدينة بغداد لب عذاباته ومحور همومه الوطنية ، فبغداد مسقط رأسه ورؤوس أحبابه وأصدقائه وهي مرتع شبابه ، وهي التي أرضعته الشعر الجميل وألهمته الخيال المجنح ...
وبين يوم وأخر يطل علينا بقصيدة يناجي فيها بغداد ، يؤاسيها ، ويسكن جراحاتها ، ويلهب فيها الصمود الذي لايفت ويقسم على انتصارها الأكيد :
بغداد رغم سرايا الموت تنتصــــر وفي مهاوي الردى الإرهاب ينحدر
ويسلم الرافدان ، النخل عرسهما والشمس ثوبهما والهودج القمــــر
بغداد أجمل مما أجهضوا حـــــلما لأنها روضة الأحلام والظــــــــــــفر
بغداد مهما لوى من كفها القــــدر اوهت يديه فبغداد هي القـــــــــــــدر

ومن منفاه يتابع جاويد مجريات الحياة العراقية بشكل دقيق ، ويتابع اخبار رموزه المتوهجين أدباء وفنانين أو علماء .. ولاينفك يغدق حنينه ومحبته على كل منهم داخل او خارج القطر . اذ نراه حين يلتقي الشاعر الكبير "كاظم السماوي" يرق لكبره وسوء صحته فيناغيه بقصيدة :
" كاظم سماوي" انت نبعُ دافقُ وروى تفوح وأنجم ومعاني
يتحطم القيثار لكــــــــــــن نبضهُ باقٍ بسبع ملاحنٍ وأغـــاني

وحين يمرض ويخبو صوته ، وهو في غربته ، يسارع خلدون الى الفنان " قحطان العطار " ليبثه حنينه وحنين كل العراقين الى تغريد صوته الشجي وكذلك ليشد ازره :
قحطان ياشجن القياثر ، ياارق من الوتر
هل شلّ صوت العندليب
وفيم حتى الان ماهلت لياليه القمر؟!
قحطان صوتك في البيوت
قصيدة عصماء
تلثغ بالحنين إلى العراق
ياجرح نسرين الفرات
ودمع دجلة والحنين
الى متى الغرّيد جاثٍ لايقوم
ياعندليب الرافدين

وخلدون اليوم في ذروة عطائه الفني الجميل ، ذو نفس شعري طويل محزمُ بالهمة وعيناه على وطنه وشعبه ، رغم همومه المتشعبة ، مشرعا قلبه الحر ومقاتلُ حقيقي ضد الإرهاب ، وضد لصوص الذنوب العظيمة الذين أوجعوا بلادنا ، ماضيا الى شمس الصباح المزهرة ، ومراهنا بتصميم واثق من انتصار الشعب الذي لايموت :
إذا كوكب الأرض مات
فمن وطن الرافدين الحياة
ستبدأ ، تبدأ ، تبدأ

انه شاعر مرهف اللسان ، مولعُ بالجمال ، ومستلذُ به ، تسري حروفه في العروق سريعا ، لسهولتها ورقتها ، وعذوبة سبكها ، وصدقها ، وتشربها بالمحبة الإنسانية ، تلك المحبة التي
تعلمها تلميذاً نجيباً من الحياة حتى برع في علمها أستاذاً فاضلاً من أساتذة علم المحبة ، وقد صارت منهجا ثابتا لديه يتعاطاها دونما طمع في كلمة ثناء او اجر .
وقد اعتاد خلدون جاويد أن يختم مقالاته المتنوعة دائما بعبارة " توق أخير " وعلى نهجه هذا أود أن اختم هذا الاستعراض المتواضع بمثل ذاك التوق .
...............................
"توق اخير :ترك رامبو لمسة سحرية في قلبي حين قرأت له :
في الغابة كان عصفورٌ يستوقفكم بتغريده
ويضرج وجهكم بحمرة الخجل .



#محمود_يعقوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفاح العجم
- احتباس
- الرجاء الصالح (الى استاذي د.شاكرخصباك )قصة قصيره
- أللوز ..من ذلك ألجبل أ لبعيد


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود يعقوب - خلدون جاويد: قلب يغرد بالمحبة