أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بهجت الجبرتى - بين الضغط الأمريكي و السخط الشعبي ، كيف سيتغير النظام المصري؟















المزيد.....



بين الضغط الأمريكي و السخط الشعبي ، كيف سيتغير النظام المصري؟


بهجت الجبرتى

الحوار المتمدن-العدد: 653 - 2003 / 11 / 15 - 04:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


هناك حوار دائر بين بعض المثقفين فى المنطقة العربية حول ما اذا كان التغيير المقبل فى التركيبة السياسية العربية - اذا اقبل - سيأتى بسبب ضغط الحكومة الامريكية المتصاعد ام ان الوقت قد حان لتكون "بيدنا لا بيد عمر" وان يأتى التغيير من داخل الانظمة نفسها. بيد ان اى نظرة جدية للتاريخ وللحاضر بصورة تفرض علينا استشراف اكثر واقعية للمستقبل تدفعنا للقول ان اى تغيير سياسى فعال يمكن له التجذر فى تلك المنطقة لن يمكنه ان يأتى من واشنطن او من داخل الانظمة فقط او الاثنين معا.
بوش فى مأزق:
يجب اولا النظر الى ادارة الرئيس الامريكى جورج بوش اليمينية التى باتت فى مأزق حقيقى فى الشرق الاوسط على صعيدين اهمهما العراق وثانيهما انهيار جهود السلام فى فلسطين.

فبغض النظر عن غياب قاذفى الورود الى رؤوس الجنود الامريكيين صار من المعتاد الان ان يقذف بعض العراقيين القنابل والرصاص على الاجساد الامريكية - بل واجساد المدنيين العاملين فى الامم المتحدة اخيرا. وهى حفنة من العراقيين وليست مقاومة شعبية عارمة - حتى الان - وان ادت حتى اوائل اكتوبر الى مقتل نحو مائة جندى امريكى فى عمليات مواجهة مع مسلحين عراقيين منذ انهيار نظام صدام حسين.

هذه المقاومة احد اسباب (وليست اهم الاسباب) مأزق ادارة بوش فى العراق وهو الاخفاق الصارخ فى تحقيق اى من الاهداف المعلنة والخفية من احتلال العراق. وهناك اختلافات حول الاولويات بيد ان هذه الاهداف تشمل اكتشاف وتدمير اسلحة دمار شامل زعم ان العراق يملكها، توجيه ضربة قاصمة للعراق التى زعم انها تدعم منظمة القاعدة الارهابية، تحقيق انتصار عسكرى سريع يرفع الروح المعنوية ليمين امريكى مقبل على انتخابات وشيكة، اقامة نظام جديد موالى ومستقرفى اهم مستودع نفطى فى العالم، القفز على سوريا او ايران وربما كوريا الشمالية فيما بعد، تقليل الاعتماد على السعودية كقاعدة عسكرية وبرميل نفط مضمون، وتحقيق احد اهداف اسرائيل باضعاف عدو محتمل - رغم ان العراق فى حقيقة الامر لم يكن ابدا عدوا يستأهل خوفا اسرائيليا جديا اذ احتاجت بغداد نحو عشر سنوات لترد بصواريخ خائبة على ضرب اسرئيل لمفاعلهاالنووى فى اوزيراك- ، وانتهاء بالهدف الاسطورى لليمين الامريكى الجديد بفرض سيطرة وسلام امريكى على العالم بقوة السلاح ليكون قاعدة جديدة لنظام عالمى فى عصر ما بعد الاتحاد السوفيتى.
كل هذه الاهداف فى حقيقة الامر لا يبدو انها حتى على بداية طريق احتمال النجاح. ولن نحلل اسباب الفشل الان ولكن السياسة الامريكية فى العراق هى اهم عامل يجب النظر اليه عندما ننظر الى مشاريع واشنطن فى المنطقة.

وثانيا وباختصار فقد انهارت خارطة الطريق اخر مساعى الولايات المتحدة وحلفائها لفك الاشتباك فى الصراع الاسرائيلى الفلسطينى ولم تعارض واشنطن حتى الهجوم الاسرائيلى الصاروخى على الاراضى السورية . وببساطة فمنذ اعلانه خارطة الطريق فى يونيو الماضى فشل بوش فى اقناع اى من الطرفين الفلسطينى او الاسرائيلى بالتنازل وقبول حل كانت واشنطن قد اتفقت عليه بالفعل مع الاوروبيين والدول العربية وروسيا تحت مظلة الامم المتحدة.
كبار الحلفاء الاوروبيين ذوى المصالح الخاصة المتماثلة والمتعارضة (باستثناء بريطانيا) ينتظرون انهيار ادارة بوش فى انتخابات العام القادم. وربما يطمح بعض كبار الاوروبيين فى مط معاناة بوش السياسية بحرمانه من الدعم العسكرى الذى قد يوفر له مظلة شرعية دولية فى مواجهة العراق والمنطقة وبحرمانه من الدعم المادى الذى سيخفف عنه ضغط الكونجرس الغاضب من طلب الادارة 87 مليار دولار جديدة لتمويل عمليات العراق (منها عشرين مليار دولار لتمويل اعادة تاهيل المرافق والبنية التحتية) . اذا تمكن الا وروبيون من المماطلة والديمقراطيون فى الكونجرس من التسويف حتى منتصف العام القادم وهو عام الانتخابات لانجر بوش جرا الى حافة الماء ولصار حجر العراق المتزايد الثقل مربوطا دون امكانية للخلاص فى كاحله وبدفعة بسيطة من اقتصاد امريكى مترنح قد يهوى اغبى رئيس امريكى الى الابد الى وسط طحالب قاع المستنقع السياسى .

ولكن هذا الانتظار لا ينفع انظمتنا العربية كثيرا اذ بات من الواضح ان النظام السياسى الامريكى بمعظم اطيافه المهمة مؤيد للتغيير السياسى فى المنطقة العربية وان اختلفت الدرجات والظلال.
الدول العربية والعراق:
اين تقع النظم العربية الحاكمة فى البلدان الرئيسية من هذه السياسة العليا والمناورات الدقيقة؟ اين هى من مأزق بوش؟ يبدو ان معظم الدول العربية باستثناء الاردن وقطر والبحرين والكويت والمغرب (ولاحظ دقة الوضع الجيوسياسى لكل هذه البلدان او اعتمادها المطلق على اريحية ودعم واشنطن) هى فى حالة ارتخاء وركود سياسى وتقودها انظمة هى بدورها فى حالة دوار ووهن وتريد توريث السلطة الى اصلاب رجال الحكم الحاليين لكأنما انهيار الاوطان المضطرد سينعكس اتجاهه اذا تولى احفادهم الدفة.

ماذا تفعل هذه الدول ازاء الوجود الامريكى الجديد فى المنطقة وازاء الضغط الامريكى من اجل ان تتخذ العواصم العربية الكبرى موقفا مؤيدا لها فى العراق؟ وماذا تفعل فى وجه المطالب الامريكية والاوروبية العلنية والسرية بان تغير الانظمة العربية نفسها وتنفتح وتصير اكثر شفافية وديمقراطية واحتراما لحقوق الانسان الاساسية؟ علنا هذه الدول تراوح فى مكانها وسرا فى الاغلب تبلغ الامريكان الا يزيدوا الضغط عليها لانها لا تحتمل تقديم اى تنازلات لخدمة المصالح الامريكية اكثر فى وجه رفض شعوبها كما انها لا يمكنها ان تسمح لشعوبها التى يقولون للامريكيين انها اكثر عداء لابناء العم سام من هذه الانظمة بان تشارك اكثر فى الحكم.

وعلينا دائما - للاسف - ان نفرق بين الدول والشعوب ولن ادخل فى جدال نظرى حول العلاقة بين الدولة وبين فئات وطبقات الشعب التى تمثلها اى دولة معينة ولكن دعونا نفترض ان معظم الدول العربية لا تمثل حتى قسما مهما من النخب ناهيك عن قطاع عريض من المجتمع وان سلطتها الناعمة (الثقافية والايدولوجية ) منهارة بينما سلطتها الجامدة (الشرطة والامن وغيره) متكلسة وعرضة للانهيار لدى اول هجوم جدى او حتى شبه جدى كما شاهدنا فى الانهيار المدوى للنظام العراقى فى مارس الماضى. وفى نهاية المطاف المر فالانظمة العربية ليست انظمة من اجل المجتمع بل فوقه وضده ومعرقلة لاى نمو شبه طبيعى له.

الدول العربية ترفض الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالى فى العراق اليوم ثم تدعوه لحضور اجتماعات جامعة الدول العربية غدا (وللقاء وزراء الخارجية وغيرهم). والانظمة العربية بالطبع لا ترفع حرفا فى وجه انتهاكات حقوق الانسان المرعبة فى العراق طوال فترة حكم صدام حسين ثم تتأتى لها الشجاعة لتطالب الامريكان بوضع نظام ديمقراطى فى العراق وانهاء الاحتلال فى اقرب وقت. والدول العربية تريد ان تغمض عينا وتفتحها فيعود العالم الى ما كان عليه قبل اغسطس 1990 وقبل ان يغزو صدام الكويت. ويدعى اليمين الامريكى ان الانظمة العربية المتحالفة مع واشنطن فى المنطقة صارت ليس فقط عاجزة عن القيام بمهام العمالة البسيطة بل وحتى فى الدفاع عن مصالحها نفسها.
مصر فى مأزق:
لنأخذ مصر على سبيل المثال فعدد السكان يزيد مليونا كل سنة ومعدل الدخل لا يزيد عن الف واربعمائة دولار فى السنة مع ملاحظة ان اختلال توزيع الدخل المريع يضع نصف سكان البلاد تقريبا تحت خط الفقر. ومصر مثال جيد لان ربع العرب يقطنونها ولانها قلب العرب النابض وان كان على وهن. النظام المصرى عارض حرب الولايات المتحدة الاخيرة على العراق ليس بالضرورة انطلاقا من خوفه على الشرعية الدولية والانتهاك الامريكى الصارخ لها بل خوفا على ان يزعزع مثل هذا التأييد نظاما يواجه مشكلات معقدة وحادة.
فنجاح امريكى محتمل فى ازاحة نظام مزعج فى المنطقة بالقوة يحمل تهديدا صارخا لانظمة لا تعتمد قوتها فى حقيقة الامر على الدعم الشعبى كما انه ايضا يحمل بصورة ما او باخرى تدعيما للعدو الاسرائيلى واخيرا فان ترهات المشروع اليمينى الامريكى حملت فى طياتها شعارات حول الديمقراطية والتغيير ليس لاى نظام عربى كبير مثل مصر قبل بتحملها او النظر فيها جديا. تغيير النظم السياسية العربية يثير بداهة قضية الشرعية ومعظم شرعية الانظمة العربية هى شرعية الاغتصاب الثورى او الانقلاب العسكرى او التوارث القبلى المعاد انتاجه من جانب بريطانيا منذ عدة عقود. ومن ناحية اخرى فان الديمقراطية والتغيير بالمفهوم اليمينى الامريكى يعنى دورا اكبر لرجال الاعمال والشركات المتعددة الجنسيات وتداول سلمى للسلطة بين الطبقات المسيطرة ومنح حد ادنى من الضمان الاجتماعى لسواد الشعب يكفل حدا ادنى من الحياة الكريمة.وهو ايضا - لا شك - يعنى فتح اسواق لاستثمارات امريكية محتملة ومساعدة واشنطن فى مشروع السلام الامريكى فى الشرق الاوسط بشتى مناحيه.

مثل هذا المشروع يجعل للشراكة المصرية الامريكية معنى ومغزى من وجهة نظر الطبقات المسيطرة - بل واحيانا فى الحقيقة حتى من وجهة نظر بعض المعارضين الذين كاد الركود السياسى يخنقهم ويرون ان معارضة مشروع جدى افضل مما يحدث الان من واقع سياسى مضطرب وفاقد الاتجاه. وبدون مثل هذا المشروع ستستمر العلاقات المصرية الامريكية فى التدهور اكثر وان اعتمدت درجة التدهور على مدى قدرة النظام المصرى على اقناع واشنطن انه مثل لويس الرابع عشر: نحن ومن بعدنا الطوفان. بيد ان قوس صبر واشنطن لم يعد فيه منزع. السيد الامريكى منزعج مما يرى أنه ركود سياسى يحمل فى طياته شبهات الانفجار. والسيد الامريكى غاضب بسبب اعتقاده أن مصرمن بين المنابع الفكرية للعنف الاسلامى الذى تمخض طائرات اخترقت قلب مركز التجارة العالمى فى مانهاتن. والسيد الامريكى منفلت لا يقبل اعذار ولا تهديدات من قبيل "سيكون هناك مائة بن لادن اذا هاجمتم العراق".

اذن يظل التغيير فى قلب التوتر فى العلاقات الثنائية وهو امر انتبهت له منذ عدة سنوات كبريات وسائل الاعلام الامريكية. وفى عدد اكتوبر (هذا الشهر) من مجلة اطلانطيك الشهرية شبه اليمينية الامريكية سطرت الصحفية الامريكية مارى ان ويفر صاحبة كتاب "صورة مصر" مقالة عنوانها (الفراعنة فى غرفة الانتظار) حول من سيخلف الرئيس حسنى مبارك فى مصر. وفى اول عمود فى المقال تصف ان ويفر دخول مبارك الى قاعة لقاء مع من انتقتهم الحكومة من المثقفين والكتاب فى معرض الكتاب هذا العام: "وبينما اخترق مبارك الحشود سأله كاتب بارز اذا ما كان حقيقيا انه فى اطار الجهود لتفادى الحرب فى العراق فان السعودية حاولت اقناع صدام بالتنحى. وبدا مبارك مندهشا وقال: مستحيل .. لا يوجد رئيس يتنحى ابدا."

من الطبيعى ان يكون هدف الرئيس مبارك وحكومته هو البقاء فى السلطة وبالمناسبة هذا ايضا هدف بوش وشيراك وغيرهم من رؤساء العالم ولكن الفرق الرئيسى ان اغلبية من يدلون باصواتهم من الفرنسيين او الامريكيين يمكنهم فى عملية تصويت حرة نسبيا ان يسقطوا حكوماتهم. لا شك ان حكومات بلدان مثل فرنسا وامريكا تتجاوز وتجاوزاتها ربما يكون لها اثار اكثر تدميرا على العالم من تجاوزات حكومة بلد صغير مثل مصر ولكنها لا تقتل وتعذب معارضيها وتمنح معظم العقود لابناء مسؤوليها. ان هذه الحكومات تكذب احيانا ولكنها لا تترك شعوبها تتضور جوعا وتتعرى مهانة. كل الحكومات تفضل البقاء فى السلطة اطول فترة ممكنة ولكنها يجب ان تفعل شيئا لشعوبها او حتى تقنعهم خداعا انها فعلت شيئا من اجلهم لتبقى فى السلطة.

ولكن النظام المصرى لا يمكنه البقاء مرتاحا فى السلطة فى وجه معارضة امريكية متزايدة. فمنذ قرر السادات نقل البلاد من المعسكر السوفيتى انذاك الى قلب المعسكر الامريكى تزايد التقارب والتعاون المصرى الامريكى بصورة ضخمة فى الربع قرن الاخير حتى باتت مصر دون اى مجموعة ضغط تدعمها فى واشنطن - كما الحال مع اسرائيل - ثانى اكبر متلقى للمساعدات الامريكية فى العالم بعد الدولة الصهيونية (مصر تحصل على 1300 مليون دولار مساعدات عسكرية وقرابة 700 مليون دولار مساعدات مدنية سنويا). مصر ساعدت امريكا بتهدئة الشرق الاوسط بعد عقود من الحرب عندما قبلت اتفاق سلام مع اسرئيل خرجت به من المواجهة العربية مع اسرائيل ومصر ايضا ساعدت الولايات المتحدة بحد نفوذ الاتحاد السوفيتى بعض الشىء والانضواء تحت اللواء الامريكى لمحاربة الشيوعية والدول المارقة (مثل ليبيا وغيرها) وصار دورها مواجهة وتهدئة التيار الحنجورى فى العالم العربى (تيار الجعجعة دون الطحن) وكانت مصر اهم قطعة فى قماش مظلة الشرعية العربية التى غطت التدخل العسكرى الامريكى لاخراج العراق من الكويت(مصر كانت العمود الفقرى للتحالف العربى الامريكى وقدمت 36 الف جندى وحقوق عبور القناة إضافة الى اقاويل حول السماح باستعمال القواعد). واخيرا كان دور مصر الرئيسى ضمان ان يوقع ياسر عرفات مع الاسرائيليين بسلاسة (بالطبع كان هناك حدودا لا يمكن تعديها وخطوطا حمر ولكن دور مصر صار منحسرا فى احيان كثيرة فى كونها قناة اتصال الامريكان والاسرائيليين مع عرفات). ولن انسى دبلوماسى مصرى كان يعمل فى واشنطن من قبل وهو يقول فى جدية بالغة فى اواخر التسعينات: ماذا سيكون دورنا الاقليمى اذا انتهت عملية السلام؟

وجاءت عملية خارطة الطريق احد مراحل العمل السياسى المأزوم دائما لنزع فتيل المواجهة الاسرائيلية الفلسطينية لتشهد تقزيما اكبر لدور الحكومة المصرية اذ اقتصر على سفر مسؤول مصرى كبير ليقنع عرفات ان يقبل تولى محمود عباس رئاسة الوزراء. والان خارطة الطريق تموت. وجاءت ازمة العراق الاخيرة ورفض مبارك التعاون (مثله فى ذلك مثل كل زعماء العالم تقريبا) مع المشروع الامريكى بل وهدد فى خطبة بان الحرب ستطلق سراح مائة بن لادن بل ونظمت الحكومة ذاتها مظاهرة حاشدة ضد الحرب الامريكية المزمعة .. والان انتهت الحرب تقريبا ولم يظهر سوى بن لادن الاصلى فى شريط فيديو يمرح فى جبال وسط اسيا ومعه مساعده المصرى الطبيب ايمن الظواهرى.

النظام المصرى القائم يبدو تدريجيا من وجهة نظر الادارة الامريكية اقل فائدة بل ان مضاره قد تكون اكثر من منافعه ولكن الولايات المتحدة لا يمكنها التعامل مع الشرق الاوسط وتحقيق مصالحها دون تعاون مع اى نظام يسيطر على الحكم فى مصر. وما اريد ان اقوله هنا وببساطة ان الولايات المتحدة تسعى لاعادة هيكلة علاقتها الاستراتيجية بالنظام الحالى فى مصر. امريكا تريد حليفا ليس خانعا بالضرورة ولكن حليفا يتفهم وله مواقف ومصالح واضحة حتى وان تعارضت مع الموقف الامريكى طالما كان هناك بعض الوضوح والحذاقة فى تفسير هذه المواقف والدفاع عنها. انظر فى حالة الاردن على سبيل المثال. والمصلحة الوحيدة التى ما انفكت مصر تدافع عنها فى واشنطن فى السنوات العشرين الاخيرة هى بقاء نظام مبارك وحماية امريكا من المد الاصولى المعادى فى العالم العربى والاسلامى. بيد ان امريكا الان تعتقد انها تحمى نفسها بنفسها وعساكرها فى افغانستان والعراق وتركيا والاردن والسعودية واوروبا ووسط اسيا، الخ, ولا تحصل على اى دعم يذكر على الاقل علنا من مصر. وفى الواقع لا مصلحة كبيرة لواشنطن فى استمرار الظهور بمظهر من يدعم نظاما يتاكل من الداخل وعرضة للانفجار فى اى وقت بل ان بعض الاصوات فى الادارة الامريكية تعتقد ان بعض العداء العربى لامريكا يأتى من الدعم الامريكى لنظم فاشلة اقتصاديا واجتماعيا فى الشرق الاوسط.
من يخلف الرئيس اذن:
ووفقا لـ آن ويفر فان الادارة الامريكية ابلغت الحكومة المصرية - التي تحيا وفقا لوجهة نظر واشنطن معتمده على المساعدات ، يتعين عليها -اجراء اصلاحات. والاصلاحات من وجهة النظر الامريكية تشمل تقليل الفساد وجرعة محسوبة من الديمقراطية تضمن عدم وصول اصوليين اسلاميين لمواقع بارزة فى السلطة والتزام حديدى بالسلام مع اسرائيل وايجاد أليه سلمية لتداول السلطة بدلا من احتمال وقوع البلاد فى فوضى اذا اقتضمت الظروف تغييرا ضخما في الحكومة . وتدعى ان ويفر ان هناك شخصان محتملان لخلافة مبارك هما ابنه جمال مبارك (اربعون عاما) ورئيس المخابرات العامة عمر سليمان (67 عاما).

وجمال الذى قضى ستة اعوام فى لندن يعمل فى بنك تجارى يحيط نفسه الان بعدد من الشباب المصرى الواعد وعديد منهم خريجى جامعات امريكية واوروبية. ولكن ابن الرئيس وفقا للكاتبة الامريكية ما زال شخصية غير واضحة المعالم ومعظم خطبه وتصريحاته غير محددة و لا تشى بتوجه واضح اقتصادى او اجتماعى. ويصفه مسؤول امريكى بانه: "يخلق انطباعا طيبا للغاية وهو واثق جدا من نفسه ويفهم المنطلقات الامريكية اكثر من والده . تلك هى القشرة الخارجية ولكن ما الذى بداخلها؟" وخيب جمال امل بعض داعميه من الامريكيين عندما صرح فى واشنطن هذا الصيف ان مصر قطعت شوطا طويلا فى طريق الانتخابات والمعارضة والسماح للرأى والرأى الاخر.

وعلى الناحية الاخرى يبدو ان بعض الامريكيين وفقا لان ويفر اكثر ارتياحا لعمر سليمان او على الاقل هذا ما يراه مسؤول امريكى تعامل مع سليمان عدة اعوام. ويقول هذا المسؤول ان سليمان عندما كان رئيسا للمخابرات العسكرية فى عام 1991 كان "فى العادة نشطا للغاية واحيانا متقدما علينا ... انه معتدل ومهذب للغاية ويتحرك فى دوائر /السلطة/ منذ مدة طويلة. انه مقبول لمجتمع رجال العمال ولكن عددا قليلا جدا من الناس يعرفون وجهات نظره السياسية وعلى الرغم من هذا اعتقد انه على المدى الطويل سنكون اكثر ارتياحا مع شخص مثله". وتولى سليمان ادارة المخابرات فى عام 1993 وبدأت علاقته الخاصة مع مبارك فى 1995 فى اجتماع سبق سفر مبارك لحضور قمة منظمة الوحدة الافريقية فى اديس ابابا. والحكاية التى توردها ان ويفر مثيرة:

فرغم دهشة مسؤولى الخارجية وبعض امتعاضهم من التاثير الدبلوماسى المحتمل اصر سليمان ان يصطحب مبارك معه سيارته المرسيدس المصفحة وفى صباح 26 يونيو 1995 وموكب مبارك المؤلف من ثلاث سيارات فى طريق من مطار اديس ابابا الى وسط العاصمة الاثيوبية الفقيرة وكان سليمان يجلس مع مبارك فى سيارته لعلع رصاص الرشاشات واطلق ثلاثة مسلحون عديدا من الطلقات من على قرب واطلق اخرون النار من على اسطح المنازل. ولو لم تكن السيارة مصفحة لما نجا مبارك. وصار الرئيس مدينا بحياته لعمر سليمان وان استمر الرجل فى الظل ولم يظهر للعلن حتى جناز حافظ الاسد فى عام 2000 وصار اكثر علنية فى عمله وسيطا بين الاسرائيليين وياسر عرفات فيما بعد.
وتظل خلافة مبارك مسألة مفتوحة ولكن اهميتها انها انفتحت بشدة اثر الحرب مع العراق. وبمعنى اخر ان رد فعل الولايات المتحدة الرئيسى على ما بدا لها انه تقاعس عن تدعيمها فى حرب العراق هو دعم كبير للجناح الداعى لتغيير النظام فى مصر بسرعة . ومن ناحيتها يبدو رد فعل النظام المصرى الرئيسى على الغزو الامريكى للعراق هو زيادة الاهتمام بتامين النظام الحاكم فى القاهرة باى ثمن. وربما يكون النظام قد قرر انه يمكنه تأمين بقائه وتأمين علاقة مترنحة مع القوة العظمى الوحيدة فى العالم، وربما الحصول على منشطات اقتصادية فى الوريد عن طريق المساعدات وفى العضلات عن طريق تحرير الاقتصاد بعض الشىء من ربقة الفساد. ربما يمكن تحقيق كل هذا عن طريق انفتاح صغير محسوب يقوم به واحد من ابناء النظام. بيد ان انتقال كهذا يعنى ان يتنازل النظام عن شىء من السلطة ويشرك معه هذا الغائب الحاضر، اى الشعب. ولكن كيف يمكن اطلاق اسد جريح من القفص دون التعرض لخطر مخالبه ؟.

ربما يكون هنك حل بسيط بعض الشىء. انهك الاسد وانتهكه ودعه يتغير جزئيا على مهل بفعل التطورات فى العالم وجزئيا على نار التعذيب والسجن المستمرة، ولعل اطلاق سراح المئات من الجماعات الاسلامية فى مصر هذا الشهر احد جوانب عملية الاصلاح المحسوبة هذه.

وتبقى المعضلة الرئيسية انه اذا انفتح النظام اقتصاديا اكثر وبجدية على منوال العولمة وفتح الاسواق فان الفارق بين الاغنياء والفقراء سيزيد اكثر واكثر فى اغلب الاحوال ومعه السخط والغضب المكبوت واذا ما انفتحت مصر سياسيا اكثر سيكون الامر مشابها لفتح اختام عديد من قماقم الجن المغلقة من قرون ولا يعرف احد كيف يمكن اعادة الجن الى القماقم. وعلى من يشك فى خطر هذا الانفتاح غير معلوم العواقب ان ينظر فى حالة الجزائر.
ليس نظام بوش هو وحده فى مأزق ، مازق النظام المصرى اكثر تعقيدا. على الاقل بوش يمكنه ان يتقاعد فى مزرعته فى كراوفرود فى تكساس بعد ان يخسر انتخابات العام القادم ولكن فى الدول العربية ومصر فان على النظم القيام بتغيير حاذق وحقيقى او سلوك طريق تقاعد لكن يكون مفروشا بالورود فى افضل التقديرات.
انظمة العرب فى غرف الانعاش:
وليس النظام المصرى وحده فى ازمة فهناك انظمة اخرى مشابهة وربما اقل حظا لان اوراقها التفاوضية اقل وتواجه موقفا عصيبا بعد ان رزحت عقودا طويلة على قلب اوطانها ولا عمل لها سوى المساهمة فى قتل معظم امال شعوبها فى حياة كريمة (سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا). هذه الانظمة تصير عاما بعد عام عبئا على اصحاب اجهزة غرف الانعاش السياسى فى اوروبا وامريكا بل واحيانا على بعض النخب الاقتصادية المستفيدة فى قلب البلاد العربية وذلك لانها صارت تفشل كثيرا فى خدمة اولياء نعمتها فى الغرب الجغرافى وحلفائهم الاقتصاديين من شركات ورجال اعمال فى انحاء العالم وخاصة منذ اندلاع ما دشنته واشنطن على ان الحرب الكونية ضد الارهاب اثر تبخر برجى مركز التجارة الدولية فى سبتمبر 2001.
بعض هذه الانظمة ترتعد الان وبعضها يترنح بيد ان اغلبها ما زال يواصل الحياة بالقصور الذاتى وتحت تأثير اللهاث اليومى والفوضى العارمة وبفعل الخدر السادر من عبق التاريخ الخانق (السنا خير امة اخرجت للناس مسلمينا وبناء الحضارة مصريين، وعربا الخ). ولا شىء يحدث. هناك سكون وامل فى ان الزوال المحتمل للرئيس الامريكى جورج بوش فى انتخابات العام القادم سيكفى عديدا من هذه الانظمة شر القيام عن مقاعدها او - لا سمح الله - حك رؤوسها والتفكير فى التحرك لايقاف الانهيار المستشرى على الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. الهم الرئيسى لهذه الانظمة ما زال الحفاظ على السلطة وزيادة الامتيازات (سواء عينيا او نقديا) وطالما امكنهم الحفاظ على عروشهم او توريثها لابنائهم (بالمعنى الفيزيقى او الايدولوجى) ستكون هناك انظمة جديدة تمتاز على سابقتها باجادتها اللغة الانجليزية (والفرنسية ايضا احيانا) واحساسها بالالفة عندما تسير فى شوارع نيويورك اولندن وشهاداتها الممهورة من مدرسة لندن فى الاقتصاد او جامعة ييل او هارفارد. وفى الحقيقة فان المجموعات الصغيرة اللطيفة التى يجرى الاعداد لتوليها سدة العرش لهى اكثر صقلا وربما اقل فسادا من ابائها (الفعليين والايدولوجيين) ولكنها فى الاغلب المؤسف مثلها فى ذلك مثل ربيبتها ابنة القهر والظلم والفساد ولن يمكنها ان تعيش سوى بتمكين هذه المثلث الدموى من مواصلة السيطرة على الحياة فى هذا البلد العربى او ذاك وان كانت ستفعل هذا بصورة اكثر شياكة.

ولكن ما العمل اذن؟
ربما اولا هناك حاجة حقيقية لهؤلاء فى وسطنا الذين ما زالوا يحلمون بالثورة ان يتخلوا عن هذا الحلم اللاتاريخى او على الاقل ان يعيدوا النظر الى العمل الثورى بازالة خصائص العنف والفوضى والانتقال الحاد عنه. ربما نكتب مقالة اخرى فى هذه المسألة ولكن الثورة الدرامية على الغرار الاوروبى فى القرن التاسع عشر مكانها الان فى كتب التاريخ وباتت مستحيلة فى عالم اليوم بالنظر الى الاضرار الناجمة عنها وابتسارها لعمليات النمو الاجتماعى "الطبيعية". وعلى من ينظر الى الثورات البيضاء الاخيرة فى شرق اوروبا ان ينظر اكثر الى العوامل الخارجية والى كون هذه الدول رغم كل التحجر الشيوعى كان لديها مؤسسات و نظم تعليم متطورة وفصل واضح للكهنوتى عن السياسى.
ولنكن عاقلين بعض الشىء رغم ما قد يورثنا هذه من مرارة فى الفم وحصوة فى الحلقوم وحجر يرتكن على الحاجب الحاجز فيعيق تنفسنا. والعقل يلزمنا القول اننا جميعا متورطون ، بالتأكيد اللوم درجات والمسؤولية درجات، ولكنا لسنا حصى على شاطىء بحر عات الى الحد الذى يجعل مصيرنا وحياتنا تحدد وتنفذ بالتواطىء بين مجموعات حاكمة هشة وشائخة من ناحية ومراكز ابحاث يمينية ومجالس ادارات شركات سلاح فى امريكا وشركات متعددة الجنسيات ومصانع سلاح .. الخ .. بهذه السهولة وهذا النجاح.
لا يجب ان ننتقص من الجهد البطولى لعديد من الافراد والجماعات الصغيرة التى تعمل على صعيد وطنى او تحاول التواصل مع الحركات الاجتماعية الدولية المعارضة. وهذا الجهد مع هامشيته يبدو انه املنا الوحيد حاليا وربما تعين علينا ان نوسعه قليلا ونحترمه اكثر ونستمر مستمسكين بما قاله الراحل العظيم ادوارد سعيد لابنته نجلاء عندما سألته عما تفعل فقال: استمرى .. استمرى .. استمرى. ولكن من المهم ايضا ان نواصل التفكير والتحليل وان نؤمن ان عقودا من تغييب معظم فئات الشعب لن يمكن ان تستمر وان النضال من اجل توسيع مجالالحريات لا يقتصر على الجانب السياسى بمعناه الضيق بل هناك مجالات عمل عريضة وحيوية للغاية منها حقوق النساء وحقوق الاطفال.
الصراع الان لم يعد صراعا وطنيا بمعناه المعتاد فى مرحلة حروب الاستقلال. الصراع الان صراع مبادىء وحقوق انسان (بما يشمل حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية) ويجب النظر الى قضية العراق من هذا المنطلق. ويجب ان نكرر لانفسنا الف مرة ان سواد الشعب العراقى تحرر من احتلال طغمة دموية محلية ليصير فى الاغلب اسير احتلال اجنبى متطور وان مواجهة هذا النوع الجديد من الاحتلال تتطلب نوعا جديدا من المقاومة، مقاومة لا تحتاج الى رصاص او اغتيالات. وان انعكاس قضية العراق على قضايانا الوطنية يستلزم منا ايضا ان نتبنى نفس النوع من المقاومة على صعيد وطنى ودولى.
ولكن كل هذا ما زال فى مجال العموميات ولا يطرح جديدا. المشكلة ان هذه العموميات لم تتجذر بعد فى الواقع السياسى المصرى ولم تجد بعد قوى اجتماعية كافية تتبناها وتتحدث باسمها. وحتى يحدث هذا علينا ان نواصل التفكير والتحليل فى سبل الخروج من المستنقع السياسى والاجتماعى الراهن الذى كبلنا طويلا.



#بهجت_الجبرتى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كوليبا يتعرض للانتقاد لعدم وجود الخطة -ب-
- وزير الخارجية الإسرائيلي: مستعدون لتأجيل اجتياح رفح في حال ت ...
- ترتيب الدول العربية التي حصلت على أعلى عدد من تأشيرات الهجرة ...
- العاصمة البريطانية لندن تشهد مظاهرات داعمة لقطاع غزة
- وسائل إعلام عبرية: قصف كثيف على منطقة ميرون شمال إسرائيل وعش ...
- تواصل احتجاج الطلاب بالجامعات الأمريكية
- أسطول الحرية يلغي الإبحار نحو غزة مؤقتا
- الحوثيون يسقطون مسيرة أمريكية فوق صعدة
- بين ذعر بعض الركاب وتجاهل آخرين...راكب يتنقل في مترو أنفاق ن ...
- حزب الله: وجهنا ضربة صاروخية بعشرات صواريخ الكاتيوشا لمستوطن ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بهجت الجبرتى - بين الضغط الأمريكي و السخط الشعبي ، كيف سيتغير النظام المصري؟