أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نمر مرقس - دمقراطية الامبريالية... ودمقراطية الشعوب















المزيد.....

دمقراطية الامبريالية... ودمقراطية الشعوب


نمر مرقس

الحوار المتمدن-العدد: 653 - 2003 / 11 / 15 - 03:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في السادس من تشرين الثاني الجاري خرج سيد البيت الابيض - جورج دبليو بوش - على العالم بخطاب "تاريخي" جديد، يبشر فيه باستراتيجية "جديدة" لدولته العظمى. اما محورها- محور هذه الاستراتيجية - فهو "نشر الدمقراطية" وبكل اصرار. وقد خص دول الشرق الاوسط العربية - ما عدا ايران - بهذه المكرمة من دون سواها من دول هذا العالم! وتعامل معها وكانه معلم امام تلاميذه الصغار، يعطي العلامة لكل منها، كما ارتأى ايجابا وسلبًا وبين بين! فاثنى على الكويت، والاردن، والبحرين، وقطر، والمغرب، لقطعها شوطًا جيدًا في بناء الدمقراطية، وبصورة اقل على السعودية ومصر، مع تنبيههما الى ضرورة الاسراع في اجراءاتهما لبناء الدمقراطية. واما التقريع والتحذير فكانا من نصيب سوريا وايران المعارضتين للدمقراطية والرافضتين السير في التلم! وخص القيادة الفلسطينية بما هو اكثر، "فهي تُفشل الاصلاحات الدمقراطية وتحرض على الكراهية والعنف، ولا تستحق ان تكون قيادة"!! (هل هذا ضوء اخضر لحلفائه في اسرائيل ليغيروا هذه القيادة بالوسائل التي يريدون؟!).
ولم ينبس السيد بوش ببنت شفة، هذه المرة، عن خارطة الطريق ولا عن جهود الاحتلال الاسرائيلي في بناء "الدمقراطية" - لا الجدار ولا المستوطنات.. في المناطق الفلسطينية! ولكنه لم ينس ان يؤكد اصراره على بناء العراق الدمقراطي.
وقد جاء كل ذلك في خطاب سيد البيت الابيض الذي نقلته لنا فضائية "الجزيرة"، مشكورة، كاملا بنصه وفصه وبالكلمة والصورة على مدى ربع ساعة او يزيد، وابلغتنا ان الرئيس بوش القاه في احتفال "للصندوق القومي للدمقراطية" بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لتأسيسه.

فما هي هذه الدمقراطية التي اقاموا لها "صندوقًا" قوميًا قبل عشرين سنة فقط، ويكتشفها السيد بوش اليوم ويعلنها هدفًا يصر على تحقيقه في الشرق الاوسط؟! بينما وكما ردد رؤساء الولايات المتحدة الامريكية ودعاة نظامها عبر عشرات وعشرات السنين ان بلادهم العظيمة هي زعيمة "العالم الحر" و"ام الدمقراطيات" في العالم!
انها، كما قال احد دعاتهم بعد خطاب الرئيس بوش المذكور، الاداة التي حطموا بها "الدكتاتوريات الشيوعية" في اوروبا الشرقية وفي الاتحاد السوفييتي سابقًا!!
ولكنني لن أناقش هذا الادعاء الآن، اذ ليس هدفي من هذا المقال فعل ذلك. وسأقوم بهذا الواجب في مناسبة قادمة. واكتفي هنا بالاشارة الى الفارق الهائل بين ما كانت عليه الحال في دول المنظومة الاشتراكية تلك، وبين ما هو عليه في دول الشرق الاوسط اليوم. الامر الذي يجعل من هذا الادعاء تهريجًا يخفي وراءه اهداف الادارة الامريكية الحالية من استراتيجيتها "الجديدة". وهي اهداف عبّر عنها قبل بضعة اشهر وزير خارجية امريكا، كولين باول، عندما اعلن امام الكونغرس الامريكي عند بدء حرب ادارته وادارة طوني بلير الاخيرة على العراق: "ان الهدف من هذه الحرب هو اعادة رسم الشرق الاوسط وفقًا لمتطلبات مصالح الولايات المتحدة".
وعلى هذا، فان "الدمقراطية" التي يريد السيد بوش نشرها في الشرق الاوسط تعني "اعادة رسم الشرق الاوسط وفقًا لمتطلبات مصالح الولايات المتحدة". وهذه المصالح ليست بمصالح كل سكان الولايات المتحدة الامريكية، وانما مصالح حفنة منهم، لا تزيد عن 1% منهم، مؤلفة من ارباب تجمعات رأس المال الضخمة واصحاب الشركات الاحتكارية في مختلف المجالات وعلى رأسها شركات النفط والاتصالات والمعلوماتية وصناعة الاسلحة - اي طغمة الامبرياليين ومديري اعمالهم وخبراء ومخططي زيادة ارباحهم. بمن فيهم ممثلو هذه الطغمة ورعاة مصالحها في جهاز الدولة - من الرئيس الى نائبه ومستشاريه، الى الوزراء ونوابهم ومستشاريهم ومساعديهم، الى جنرالات العسكر والاستخبارات و"منتخبي الشعب" اعضاء الكونغرس والسنات. الى المتعيشين على خدمة ورعاية مصالح كل هؤلاء من خبراء وبحاثة واعلاميين.
وجيدًا ان يعرف المعنيون بمعرفة الحقيقة ان هذه الشريحة التي تؤلف 1% من سكان الولايات المتحدة الامريكية (أي 2,5 مليون من سكان هذه البلاد العظيمة البالغ تعدادهم 250 مليونا) تملك 42,8% من الثروات فيها. بينما يملك الباقون - اي الـ 247,5 مليون - 57,2% من هذه الثروات. وضمن هؤلاء عشرة ملايين انسان عديمي المسكن (هوم لس). وان الغنى الخيالي الفاحش الذي يتمتع به الواحد بالمائة ناشئ عن استغلالهم لثمار كدح الـ 99% الباقين - مباشرة او عن طريق استغلال ميزانية الدولة لمآربهم. وهذه الميزانية هي بالاساس من الضرائب التي تدفعها هذه الاكثرية. كما ان هذا الغنى الخيالي الفاحش ناشئ ايضًا عن النهب الذي تمارسه رؤوس اموال وشركات ذلك الواحد بالمائة، في شتى بقاع الارض - وضمنها وفي مقدمتها دول الشرق الاوسط - وعلى حساب افقار شعوبها وتدمير اقتصاداتها.
وهكذا، فعندما يبرر سيد البيت الابيض، او زير دفاعه، او غيرهما من رعاة مصالح الامبريالية الامريكية، عدواناتهم على هذه المنطقة او تلك بذريعة "الدفاع عن مصالح امريكا القومية" او بذريعة "الدفاع عن امن امريكا القومي" فان هذه "المصالح القومية" وهذا "الامن القومي" يعنيان في الواقع "مصالح وامن"، تلك الشريحة الامبريالية - شريحة الواحد بالمائة.
هكذا هو الامر في الواقع عندما يستخدمون القوة العسكرية "دفاعًا" عن تلك المصالح القومية، او ذاك "الامن القومي". وهكذا ايضًا عندما يلجأون الى نشر "الدمقراطية".

فما هي هذه الدمقراطية التي بشّر السيد بوش بنشرها في خطابه الآنف الذكر، واظهرها كمحور لاستراتيجية "جديدة"؟! انها دمقراطية رأس المال الامبريالي وشركاته الاحتكارية على اختلاف انواعها ومجالاتها. وهو يعني بها ازالة كل عقبة من طريق حرية هذا الرأسمال في نهب الشعوب وثروات اوطانها. وكما ان "الاقربون اولى بالمعروف" حسب آداب الدين، فان الاقطار الاكثر ثراء بالنفط وسواه هي الأوْلى بالاهتمام حسب "آداب" الامبريالية الامريكية. ومن هنا جاء تخصيص دول شرقنا الاوسط - من دون سواها - "بمعروف" سيد البيت الابيض في خطابه "التاريخي المجيد".
فاذا علمنا ايضًا ان نفط دول الخليج يقدم الى اليابان ثلث استهلاكها السنوي من النفط، والى دول غرب اوروبا 30% من استهلاكها السنوي لهذه المادة، وللولايات المتحدة الامريكية نفسها 10% من استهلاكها السنوي، نزداد تيقنًا من اهداف رأس ادارة مصالح الامبريالية الامريكية المذكور من نشر "دمقراطيته" في هذه المنطقة اولا. وهي - هذه الاهداف - ليس فقط زيادة غنى امبرياليته من النهب المباشر لثروات وشعوب هذه المنطقة فقط. وانما ايضًا القبض على خناق اقتصاد تلك الدول الصناعية - رغم وشائج القربى الطبقية بينها وبينهم - واملاء ارادتها عليهم، وتحقيق المزيد من الارباح عن طريق سيطرتها هذه.
والا كيف يتسنى للامبريالية الامريكية ان تظل ودولتها قائدًا ورأسًا لنظام الامبريالية العالمي؟!

تلك هي "الدمقراطية" التي يريد السيد جورج دبليو بوش نشرها في شرقنا الاوسط. وهي فرع من اصل دمقراطية رأس المال المطبقة في بلاده. ومعروف ان سيد البيت الابيض هذا وصل الى كرسي الرئاسة على اجنحة هذه الدمقراطية المزورة التي تمثل عمليًا سيطرة الواحد بالمائة - الاقلية الضئيلة جدًا جدًا - على التسعة والتسعين بالمائة - الاكثرية الساحقة جدًا جدًا ومعروف ايضا ان هذا السيد فاز بكرسي الرئاسة بحوالي نصف اصوات الناخبين الذين مارسوا حقهم الانتخابي، والذين بالكاد وصلت نسبتهم الى 50% من اصحاب حق التصويت في تلك البلاد العظيمة. اي ان السيد بوش يحكم الولايات المتحدة ويتحكم بمصائر الشعوب خارجها استنادًا الى ربع اصوات الناخبين فيها، ومعروف ايضًا انه وجميع اركان ادارته واعضاء الكونغرس والسنات، هم فقط من طغمة الواحد بالمائة ومن رعاة هذه الطغمة، جاؤوا جميعًا من رئاسات وادارات الشركات الاحتكارية على انواعها، ومن مراكز الابحاث التي تمولها هذه الاحتكارات. (ولا اذكر العيّنات عن هذا اختصارًا).

هكذا هو الوضع في ادارة جورج دبليو بوش، الجمهوري، حاليًا. وهكذا كان في عهد سابقه بيل كلينتون الدمقراطي، وفي ادارات من سبقوهما من جمهوريين ودمقراطيين. وتبادل السلطة بين حزبي الامبريالية الامريكية هذين على مدى عشرات وعشرات السنين، هو التعبير الساطع عن حقيقة دمقراطية رأس المال المالي واحتكاراته - دمقراطية سيطرة الواحد بالمائة على التسعة والتسعين بالمائة. اي دكتاتورية حقيقية تحت اسم "دمقراطية". فالقضية ليست بالاسم بل في المضمون.

ان شعوب الشرق الاوسط، بل وشعوب العالم اجمع، بحاجة الى تحقيق دمقراطية اخرى، دمقراطية تعبّر عن سيادة ومصالح التسعة والتسعين بالمائة، وتنهي دكتاتورية الواحد بالمائة وشركائهم حيثما كانوا.
ومثل هذه الدمقراطية لن يحققها سادة البيت الابيض بطائراتهم ومدافعهم ووسائل اعلامهم، وانما كفاح الشعوب صاحبة المصلحة بانتصارها وسيادتها.

نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/



#نمر_مرقس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل فلسطينيين اثنين في جنين بعد مهاجم ...
- رئيسي يندد بالعقوبات الغربية المفروضة
- إزالة 37 مليون طن من الحطام المليء بالقنابل في غزة قد تستغرق ...
- توسع الاتحاد الأوروبي - هل يستطيع التكتل استيعاب دول الكتلة ...
- الحوثيون يعرضون مشاهد من إسقاط طائرة أمريكية من نوع -MQ9-.. ...
- -الغارديان-: أوكرانيا تواجه صعوبات متزايدة في تعبئة جيشها
- هجوم صاروخي من لبنان يستهدف مناطق في الجليل الأعلى شمال إسرا ...
- السيسي يوجه رسالة للعرب حول فلسطين
- الأمن المصري يضبط مغارة -علي بابا- بحوزة مواطن
- نائب نصر الله لوزير الدفاع الإسرائيلي: بالحرب لن تعيدوا سكان ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نمر مرقس - دمقراطية الامبريالية... ودمقراطية الشعوب