أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمدالشحماني - عائلة الغالبي الادبيه اليساريه...الى خليل وجميل ورحيم الغالبي..














المزيد.....

عائلة الغالبي الادبيه اليساريه...الى خليل وجميل ورحيم الغالبي..


احمدالشحماني

الحوار المتمدن-العدد: 2115 - 2007 / 11 / 30 - 08:36
المحور: الادب والفن
    


صديق قديم وحميم يشعل نار الذكرى من جديد في أكواخ الزمن المتآكلة . .

أحمــــــــــــــــــد الشحمـــــــــــــــاني

عائلة السيد الغالبي في الشطرة تعتبر من العوائل العملاقة في الأدب والثقافة والوعي والذوق. . . فهم شمعة تحترق لتنير بضوئها ظلام المكان الدامس ــــــ تعرفت على الأخ العزيز جميل مزهر الغالبي في البصرة في كلية الآداب عام 1985 قبل تخرجه بسنة واحدة , وكان من دواعي سروري أن أصادف إنسان رائع مثله , فهو إنسان طيب القلب , مهذب و ضليع في الأدب والشعر والثقافة ولكنه سريالي إلى حد البكاء . . قال عنه بعض الأصدقاء والأدباء في ذلك الوقت لو أن جميل يمتلك لغة انكليزية لأصبح ناقد معترف في الأوساط الأدبية المحلية والعالمية لقوة ملاحظته وبلاغة تعبيره ونشاط أدبياته وتمكنه في تقمص المفردات ومتابعة الهفوات والإيماءة في تحليل النصوص الأدبية.
جميل الغالبي – كان هفوة من هفوات الزمن ألا انه كان مسحوقا يتيما مشلولا – اعني به يتيما لأنه لا أحدا كان يهتم بطاقاته الأدبية والفكرية ويرعى نبوغته , ومشلولا, لأنه لا يستطيع القفز من سلمّ الواقع المهين المزري المتجسد بحماقات من كانت بيدهم الأمور , أضف إلى ذلك أن جميل الغالبي كان يعاني من إفرازات مرحلة مؤلمة جعلته يعلن يأسه للواقع المأساوي المؤلم والتقوقع في مدرج السريالية العقيمة.

كان القسم الداخلي هو نافذتنا الوحيدة التي من خلالها نستطيع أن نتنفس أوكسجين التأملات ونبوح بأسرارنا بعفوية تامة ونمارس طقوس أحلامنا البريئة , ففي الليل نكتب القصائد ونبني قصورا من أوهام خيالنا ونتعبد في محراب ذكرياتنا, نتمرد مرة ونعلن تصالحنا وتصافينا مرات أخر- القسم الداخلي كان بالنسبة لنا البيت والوطن والأهل والأصدقاء والذكريات. وكان جميل بالنسبة لي المثال الرائع للإنسان البسيط الوديع والمثقف , فكنت أحيانا ألوذ به إذا خيم الظلام وجنّ جنون أهاتي واستباحني الشوق المعربد بالحنين , لا أجد شخصا اقرب إلى نفسي من جميل مزهر الغالبي لأنه جميل في كل شيء حتى سرياليته لها جمالية خاصة وطقوس خاصة, فهدوءه وثقافته وجمال قلبه المشظى بالهموم بحر زاخر بالعطاء, عندما أزوره يقدم لي جميل سيكارة مع كوب شاي لم تصنعه يداه الخاوية , كان بقايا من شاي قديم أو ربما صنعه أحد الأصدقاء إلى جميل لقاء قصيدة أو نكته أو تعليق حاد , أحيانا أسأله متى تقرأ ياجميل الغالبي – يقول لي عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل , طريقته في القراءة في مكتبة القسم الداخلي رقم (1) واعني به كلية القانون اليوم في ساحة سعد , عادة تتمثل طقوس السيد الغالبي في مكتبة القسم الداخلي بإطفاء الأنوار وقيامه بإشعال شمعة لكي تحترق وتحرق معها كل آهاته وهمومه فيلفظ القلم أنفاسه المكبوتة ويلقى من مداده كتابات جميل الغالبي الحبلى بالألم والهموم على شكل قصائد ومذكرات وأفكار مشتته هي اقرب إلى أساطير سومرية جنوبية التكوين. عندما يشرب الخمرة يكون أكثر جمالية وانشراح من باقي الأيام , في حادثة رواها لي صديق حميم للأخ العزيز جميل الغالي , يقول فيها : جاء جميل أحد الأيام إلى قاعة المحاضرة منتشي وهو يرتدي ملابسه الاعتيادية , فقال له الأستاذ المحاضر ـــــ ماذا بك يا جميل لما لا ترتدي لباس الزى الموحد الجامعي ( بالمناسبة كل شيء كان جميل في ذلك الوقت – تصور حتى اللباس الجامعي كان جميلا لأنه موحد لايعرف التفرقة الطبقية , الفقير والغني يشتركون في لون البزة المشتركة) , قفز جميل كما يروي لي الصديق الحميم من مقعد القاعة متجها إلى القسم الداخلي , وفي الطريق صادفته إحدى الفتيات الزميلات وقالت له : كيف حالك يا سيد جميل , أجابها الغالبي – هلو أبو جواد !!!! .

سألته يوما هل أنت متزوج ياجميل – قال لا اعرف بإمكانك أن تسأل أخي!.
كان جميلا سرياليا في كل شيء حتى في طريقة مأكله وملبسه وطريقة سلامه وهلوساته – أحيانا يرد عليك السلام وأحيانا يشعر بالضيق عندما تحييه , أتذكر ولمرات عديدة عندما كنت أحييه صباحا أو مساءا يرد عليّ التحية ولكن بأشكال متعددة , فمرة يقول لي هلو أبو حسين , ومرة هلو علاوي , ومرة هلو صادق , ومرة هلو أحمد , ومرة هلو كامل , ومرة هلو أبو مصطفى, ومرة يستوقف ويقول عفوا نسيت أسمك مو انته عقيل , وأحيانا يزجرني بأسلوب جاف قائلا ليش تسلم عليّ , وعند المساء يأتي ويعتذر ويقبلني وكأنه يشعر بذنب اقترفه ويدعوني لتناول الشاي معه.
كنت كثيرا ما أصادفه في أروقة الكلية وادعوه لتناول وجبة طعام الغداء معي وفي أثناء الجلسة القصيرة يسمعني بعض من قصائد السياب أو بعض من الشعر الشعبي لعريان السيد خلف , أضافه إلى بعض النكت المثيرة التي يسكبها على مسامعي بجمالية سرياليته المحببة ويجعلني أتناسي أوجاع الزمن لبرهة قصيرة.

صادفته بعد زمن طويل وبعدما تصافحنا وتعانقنا, سألته كيف حالك يا صديقي وكيف تسير الأمور معك في ظل الحصار الاقتصادي الجائر على الشعب العراقي – قال بكل هدوء: الحمد لله مازلت أقضم الخبز اليابس.

افترقنا وافترقت خطواتنا وابتعدنا وتباعدت محطات لقاءاتنا ولكن بقى للذكرى والذكريات صدى وحنين كأنه حنين مسافر أتعبته المحطات , انه زوادة الأصدقاء في زمن يشح به الأصدقاء فتبقى الذكرى عالقة في الضمير تعزف نغماتها مدى الزمان كأنها غذاء الأيام مثلما تبقى الموسيقى غذاء الروح.

27 November, 2007
السويــــــــــــــــــــــــــد



#احمدالشحماني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمدالشحماني - عائلة الغالبي الادبيه اليساريه...الى خليل وجميل ورحيم الغالبي..