أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سامح خليل الوادية - المسئولية الدولية عن جرائم الحرب الاسرائيلية - الجزء الأول .















المزيد.....



المسئولية الدولية عن جرائم الحرب الاسرائيلية - الجزء الأول .


سامح خليل الوادية

الحوار المتمدن-العدد: 2110 - 2007 / 11 / 25 - 02:19
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


جامعة الدول العربية
المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم
معهد البحوث والدراسات العربية
قسم الدراسات القانونية
رسالة مقدمة من
سامح خليل الوادية
لنيل درجة الماجستير في القانون الدولي

لجنة الحكم والمناقشة :

الأستاذ الدكتور / أحمد أبو الوفا مشرفًا ورئيسًا
أستاذ القانون الدولي ووكيل كلية الحقوق للدراسات العليا والبحوث - جامعة القاهرة

الأستاذ الدكتور / أحمد الرشيدي عضوًا
أستاذ العلوم السياسية - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة

الأستاذ الدكتور / حازم عتلم عضوًا
أستاذ القانون الدولي - كلية الحقوق - جامعة عين شمس

2004


الجزء الأول : مقدمة عامة

تنطلق فكرة جرائم الحرب ، من قاعدة أن ليس للمتحاربين حق مطلق في اختيار أساليب ووسائل الحرب كما كان سائدًا في الماضي بأن الحرب تنطلق من إرادة الدولة ومبدأ السيادة المطلقة تمارسها كما شاءت وبالوسائل التي تراها مناسبة وخاصة تلك التي تلحق آلامًا جسيمة لا تقتضيها الضرورات العسكرية ، أو التي تلحق أضرارًا بالمدنيين الذين ليس لهم علاقة بسير العمليات العسكرية ، أو الأشخاص الذين تحميهم الاتفاقيات لعدم قدرتهم على المشاركة في العمليات القتالية كالأسرى والجرحى من الجنود.
فالبشرية عرفت الحروب منذ نشأتها الأولى ، وصاحبتها الصراعات والنزاعات حتى يومنا هذا، وتطورت الوسائل المستخدمة بحيث أصبحت أكثر شراسةً وضررًا وفتكًا ، فالحرب ظاهرة اجتماعية وإنسانية(1)، لا يمكن تفاديها دون إرادة دولية جماعية تهدف إلى تعزيز السلم والأمن الدوليين عبر مؤسسات تنبثق عن المجتمع الدولي ، الأمر الذي يفتقده المجتمع الدولي في الوقت الحاضر في ظل الهيمنة الأمريكية فيما يعرف بالنظام العالمي الجديد.
وقد ظلت الحرب _حتى نشأت عصبة الأمم _هي الأساس بين الشعوب ، ينظر إليها بوصفها عملاً مشروعًا ، ولا ضابط لها من حيث وسائلها والأساليب العسكرية التي تتجرد من النزعة الإنسانية وتفتقد لأدنى المعايير الدنيا لحقوق الإنسان ، ولا تخضع لقواعد ولا يحكمها قانون .
جاءت العديد من المحاولات للحد من ويلات الحروب وآثارها المدمرة على الإنسانية بما تخلفه من جرائم حرب ، وجرائم ضد الإنسانية ، وكوارث يندى لها جبين الإنسانية تهدف لوضع بعض القيود على حرية الدول في استخدام القوة في العلاقات الدولية دون النظر إلى مدى مشروعية الحرب ذاتها ، أو التطرق لأي نوع من الجزاءات بحق الدول التي تنتهك قواعد وأعراف الحرب بحيث لا يسودها الفظائع والوحشية(2).
فالحرب أصبحت سمة من أبرز سمات التاريخ الإنساني ، الذي شهد الخراب والدمار والأهوال والفظائع والمآسي المتلاحقة ، والتي كان أبرزها وأشدها قسوة على الإنسانية الحربين العالميتين الأولي والثانية.
فقد شكل انتشار الأسلحة غير التقليدية ذات الآثار التدميرية الهائلة تهديدًا للمجتمع الدولي بتقويض المعالم الحضارية والقيم الإنسانية ، والتي لابد من صحوة تقف عندها الدول على العواقب الوخيمة التي تتهدد البشرية لإنقاذ الأجيال القادمة من أخطارها الجسيمة في ظل امتلاك معظم الدول لتلك الأسلحة دون رقيب أو حسيب من المجتمع الدولي ، مما قد يجر الخراب والدمار على الإنسانية جمعاء وليس فقط على الدول التي تمتلكها.
وقد واكبت الحروب العديد من المحاولات لوضع قواعد تضع الحرب خارج نطاق المشروعية الدولية وعدم استخدامها كوسيلة لحسم الخلافات الدولية ، وقد كان ميثاق هيئة الأمم المتحدة أبرزها، إلا أنها لم تكن كافية للقضاء على الحروب والحيلولة دون وقوعها ومنع الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تقع خلالها.
ونتناول في هذا السياق أهم الجهود الدولية التي استهدفت تقنين قواعد وأعراف الحرب ، والتي انطلقت في العام 1856 بتوقيع تصريح باريس ، وحتى دخول النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حيز النفاذ في الأول من يوليو 2002 .

أولاً- الجهود الدولية لتقنين قواعد وأعراف الحرب.
لم ينظم سير المعارك الحربية في العصور القديمة قانون ولم تحكمها أي قواعد أو أعراف ، فإرادة أطراف الصراع هي القانون السائد ، وقد جاء ظهور الأديان السماوية ليرسي القواعد الأولى لقانون الحرب ومراعاة الجوانب الإنسانية التي تطورت حتى برزت بعض القواعد والعادات والتي تبلورت في قواعد قانونية مكتوبة في النصف الأول من القرن التاسع عشر ، ويعد تصريح باريس الصادر في 16إبريل 1856 أول وثيقة دولية مكتوبة تنظم بعض الجوانب القانونية للحرب البحرية(1).
وأرست اتفاقية جنيف الموقعة في 22أغسطس1864 أسس القانون الإنساني المعاصر(2) وكان أهم ما اتسمت به أنها قواعد مكتوبة دائمة لحماية ضحايا الحروب ، وهي معاهدة متعددة الأطراف
جاءت تتويجًا لجهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتقنين عادات الحرب وأعرافها(3)، باعتبارها أول وثيقة دولية في مجال تدوين قواعد القانون الدولي الإنساني(4).
وجاء إعلان سان بيترسبورج بشأن حظر استعمال المقذوفات في وقت الحرب و الموقع في 11ديسمبر 1868(1) ، ليعلن أن التقدم الحضاري يجب أن يخفف قدر الإمكان من نكبات الحرب ، وأن الهدف المشروع الوحيد الذي يجب أن تسعي إليه الدول أثناء الحرب هو إضعاف القوات العسكرية للعدو مع مراعاة المبدأ الأساسي الذي يقضي بأن حق أطراف أي نزاع مسلح في اختيار أساليب ووسائل القتال ليس حقًا لا تقيده قيود(2)، بحيث يحظر استخدام القوة العسكرية فيما يتعدى الضرورات الحربية(3) بهدف إضعاف قوة المعتدي(4).
وفي العام 1899 عقد مؤتمر لاهاي الأول للسلام والذي تمخض عنه توقيع اتفاقيتين تناولت الأولي قوانين وأعراف الحرب البرية و الثانية تناولت مرضى وجرحى الحرب البحرية ، ثم عقد مؤتمر لاهاي الثاني عام 1907(5) والذي تمخض عنه خصوصًا توقيع اتفاقية لاهاي الرابعة والخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية الموقعة في 18أكتوبر1907(6)، وقد أسهم مؤتمر لاهاي الثاني في وضع حد للأضرار الناجمة عن الحروب(7).
واستمرت الجهود الدولية في تقنين قوانين وأعراف الحرب حتى جاءت الحرب العالمية الأولي بأهوالها وبكل ما حملته من فظائع وتهديد للإنسانية بالخراب والدمار، إلا أنها لم تقض على كافة الجهود المبذولة على صعيد تجريم الحرب وتحريم اللجوء إليها في العلاقات الدولية . واستمرارًا لتلك الجهود أقرت لأول مره قاعدة المسئولية الجنائية الفردية بإقرار معاهدة فرساي في العام 1919 والتي نصت في مادتها (227) على إنشاء محكمة جنائية دوليه لمحاكمة الإمبراطور الألماني غليوم الثاني(8)عن مسئوليته الدولية في إثارة الحرب العالمية الأولى ، بالإضافة إلى الرعايا الألمان المتهمين باقتراف جرائم ضد قوانين وأعراف الحرب كخطوة أولى على طريق إقرار قضاء جنائي دولي لمحاكمة الأفراد لارتكابهم جرائم دولية ، بعد ما كان سائدًا في الفقه والعمل الدولي من مسئولية الدولة وحدها كأحد أشخاص القانون الدولي ، فثبوت مبدأ المسئولية الجنائية يسهم في وضع حد لجرائم الحرب طالما علم الأشخاص أنهم سيتحملون شخصيًا نتائج الجرائم التي يمارسونها.
وحتى نهاية الحرب العالمية الأولي لم يكن اللجوء إلى القوة المسلحة كطريقة لتسوية الخلافات الدولية عملاً غير مشروع ، واعتبر تقرير لجنة المسئوليات التي أنشئت في أعقاب الحرب العالمية الأولى أن حرب الاعتداء ليست جريمة دولية يعاقب عليها قانون الشعوب ، فهي مشروعة مهما كانت الدوافع حيث تعتبر من مظاهر السيادة للدول تلتجئ إليها متى شاءت وبالوسائل التي تراها دون ضوابط.
واستمرارًا للجهود الدولية في تقنين قواعد وأعراف الحرب في أعقاب المآسي والكوارث التي خلفتها الحرب العالمية الأولي جاء ميلاد عصبة الأمم في العام 1920 ليشكل الخطوة الأولى لتحريم الحرب وأملاً للبشرية في وضع حد للحرب التي تتهددها ولمواصلة الجهود الحثيثة لمنع اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية واعتماد التسوية السلمية كوسيلة لحل النزاعات الدولية وإنما اكتفت بتحريم اللجوء للحرب إلى أن يتم استنفاد الشروط والإجراءات(1) التي حددتها (م/12-1 )، والتي نصت على أن " يوافق أعضاء العصبة على أنه إذا نشأ نزاع من شأن استمراره أن يؤدي إلى احتكاك دولي على أن يعرضوا الأمر على التحكيم أو التسوية القضائية أو التحقيق بواسطة المجلس ويوافقون على عدم الالتجاء للحرب بأي حال قبل انقضاء ثلاثة شهور على صدور قرار التحكيم أو الحكم القضائي أو تقرير المجلس "(2).
ورتب عهد العصبة التزامات على الدول الأطراف نصت عليها ( م/10) والتي تقضي باحترام سلامة أقاليم الدول الأخرى الأعضاء في عهد العصبة ، ويشكل اللجوء للحرب إخلالاً بتلك الإلتزامات(3)، وقد نص العهد على جزاءات تعتبر الذي يخالف تعهداته من الدول الأطراف قد ارتكب فعلاً من أفعال الحرب ضد جميع أعضاء العصبة(4).
ومن أهم الأسباب التي أدت إلى فشل العصبة افتقارها إلى أية أداة تنفيذية أو قوة عسكرية تكفل تنفيذ قراراتها والحيلولة دون الخروج عنها وعدم تنفيذها.
واستكمالاً للجهود الدولية تم توقيع بروتوكول جنيف بشأن حظر استعمال الغازات الخانقة والسامة والوسائل الجرثومية في الحرب المؤرخ في 17يونية1925.
وقد شكل ميثاق بريان كيلوج أو ما يعرف بميثاق باريس الموقع في 27أغسطس1928 خطوة متقدمة في حظر اللجوء للحرب حيث يعتبر أهم وثيقة دولية بعد الحرب العالمية الأولى وقد تضمنت ديباجته التنازل عن الحرب كوسيلة لتحقيق السياسات القومية ، وإحلال علاقات السلم والصداقة بين الدول الأطراف ، ونصت المادة الأولى على إدانة اللجوء للحرب كوسيلة لتسوية النزاعات الدولية وقد تلاه في العام1929 توقيع اتفاقيتى جنيف الخاصتى بمعاملة المرضى والجرحى والأسرى في الحرب(1).
وقد شكلت الحرب العالمية الثانية تهديدًا لكافة الجهود الدولية للحد من ويلات الحروب وما صاحبها من فظائع وويلات لأن الحرب العالمية الثانية سببت دمارًا للبشرية أعظم من الدمار الذي نتج عن الحرب العالمية الأولى(2).
إلا أن اتفاقية لندن الموقعة في 8 أغسطس 1945 أرست قواعد دولية جديدة لم يعرفها القانون الدولي التقليدي من قبل ، والتي قضت بمحاكمة مجرمي الحرب النازيين ، واليابانيين في محكمتي نورمبرج ، وطوكيو برغم ما أخذ عليهما من كونهما تمثلان إرادة المنتصرين ، وإذا كان قد طغى عليهما الطابع السياسي أكثر من الطابع القانوني ، بحيث حوكم مجرمو الحرب المهزومين ولم يحاكم مجرمو الحرب المنتصرين ، فلم يتم تطبيقهما على مجرمي الحرب الأمريكان المسئولين عن كارثتي هيروشيما ، و نجازاكي ، إلا أنهما تشكلان أهمية خاصة حيث لأول مرة يتم التطبيق الفعلي لمبدأ المسئـولية الجنائية الفردية(3) وتقديم بعض الأفراد للمحاكمة سواء في المحكمتين الدوليتين نورمبرج ، وطوكيو(4) أو في محاكم دول الحلفاء العسكرية التي عرفت بقانون مجلس الرقابة رقم (10) الصادر من الحلفاء الأربعة بصفتهم الحكام العسكريين لألمانيا لعام 1946(5) لمحاكمة الأشخاص المتهمين (6)بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية(7).
وقد جاء ميلاد هيئة الأمم المتحدة في العام 1945 بعد فشل عصبة الأمم في منع الحرب والحد من آثارها المدمرة بوضع قواعد تضبط سير العمليات العسكرية لتؤكد ضرورة إلغاء الحق في شن الحرب الذي مارسته الدول بمقتضى السيادة ، وأصبح من المسلم به في القانون الدولي عدم جدوى وضع ضوابط وقواعد للحرب ، بل يجب لصيانة أمن البشرية تجريم مجرد اللجوء للقوة(8).
وقد جاء ميثاق الأمم المتحدة كأهم وثيقة دولية بشأن تجريم الحرب في العلاقات الدولية وقد تضمنت ديباجته "نحن شعوب الأمم المتحدة قد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي من خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانًا يعجز عنها الوصف "(1)، ولم يكتف الميثاق بتحريم استعمال القوة في العلاقات الدولية وإلغاء حق الدول في شن الحرب كوسيلة لفض منازعاتهم ، بل حرم مجرد التهديد باستخدام القوة مما يعكس التطور الكبير في قواعد القانون الدولي ، إلا أنه لم يتضمن آلية ملزمة لمحاكمة مجرمي الحرب.
وقد مثل توقيع الاتفاقية الدولية لمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في 9ديسمبر 1948 أحد هذه الآليات حيث دعت الاتفاقية لإنشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ، بالإضافة لتأكيدها مبدأ المسئولية الجنائية الفردية(2)، الأمر الذي أكدته أيضًا اتفاقيات جنيف الأربعة المؤرخة في 12 أغسطس1949.
وقد تعهدت الدول الأطراف بموجب المواد المشتركة الخاصة بالعقوبات الجزائية المقررة بحق منتهكي هذه الاتفاقيات بأن تتخذ إجراءًا تشريعيًا لفرض عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية أيًا كانت جنسيتهم أو تسلمهم ، وتشكل تلك المواد من اتفاقيات جنيف(3) ليس فقط تأكيدًا لمبدأ المسئولية الجنائية الفردية وإنما توسيعًا في نطاقها.
فقد جعلت محاكمة مجرمي الحرب التزامًا دوليًا يرتب على الدول مسئولية ملاحقتهم بغض النظر عن جنسيتهم ، مما يفيد بأن اتفاقيات جنيف أقرت ما يعرف بالاختصاص القضائي العالمي والذي بموجبه يحق لأية دولة موقعة على اتفاقيات جنيف ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم حرب ومحاكمتهم ، وهو ما أكدته المادة 86 من البروتوكول الأول المضاف لاتفاقيات جنيف لعام 1977 الخاصة بقمع الانتهاكات الجسيمة التي تنجم عن التقصير في أداء عمل واجب الأداء(4).
وأكدت مبدأ المسئولية الجنائية مبادئ نورمبرج التي صاغتها لجنة القانون الدولي عام 1950(5) وقد نص المبدأ الثالث على عدم اعتبار الصفة الرسمية مانعًا للمسئولية(6).
وقد جاءت نصوص مشروع تقنين الجرائم ضد سلامة وأمن البشرية لعام 1954صريحة في منع اللجوء للقوة في العلاقات الدولية (1) وعدم اعتبار الصفة الرسمية مانعًا للمسئولية(2).
وجاءت اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتي اعتمدت بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2391(د-23) في 26نوفمبر1968 تدعيمًا لكافة الجهود الدولية الهادفة لإقرار مبدأ المسئولية الفردية ، وقد نصت في مادتها الثانية على انطباق أحكام الاتفاقية على ممثلي سلطة الدولة والأفراد الذين يقومون بوصفهم فاعلين أصليين أو شركاء بالمساهمة في ارتكاب أية جريمة ، أو بتحريض الغير ، أو الذين يتآمرون لارتكابها أو الذين يتسامحون في ارتكابها(3) ، ولا يسري التقادم على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بوصفها من أخطر الجرائم في القانون الدولي.
وأعطت الاتفاقية اختصاصًا عالميًا للدول الأطراف في ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بل ورتبت عليهم التزامًا بتفعيله(4).
وأقرت الجمعية العامة مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم الأشخاص مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بقرارها رقم 3074(د-28) المؤرخ في 3ديسمبر1973، والذي أعتبر جرائم الحرب ، والجرائم ضد الإنسانية ، أيًا كان المكان الذي ارتكبت فيه موضع تحقيق، ومرتكبيها بمن فيهم مواطنيها محل تعقب وتوقيف ومحاكمة(5).
وأسهمت اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم 39/46 المؤرخ في 10ديسمبر 1984 في تأكيد مبدأ المسئولية الجنائية الفردية(6)، وعدم جواز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب ، ورتبت الاتفاقية التزاما على الدول

الأطراف باتخاذ إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة لمنع التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي(1).
وجاء تشكيل المحكمة الجنائية ليوغسلافيا السابقة تطبيقًا لمبدأ المسئولية الجنائية الفردية ، والتي أنشأت بقرار مجلس الأمن رقم 808 في 22فبراير1993 بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمحاكمة الأشخاص المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني ، وقد نصت (م/7) من النظام الأساسي للمحكمة على المسئولية الجنائية الفردية(2) لمرتكبي الجرائم التي اختصت بالنظر فيها ، والتي ارتكبت ضد المسلمين في البوسنة والهرسك وهي الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، ومخالفات قوانين وأعراف الحرب ، والإبادة الجماعية ، والجرائم ضد الإنسانية.
وأسهمت كذلك المحكمة الجنائية الدولية لرواندا المنشأة بقرار مجلس الأمن رقم(955) في 8 نوفمبر1994 بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة(3) في تعزيز مبدأ المسئولية الجنائية الفردية والذي نصت عليه المادة السادسة من النظام الأساسي(4)، والتي اختصت بنظر الجرائم التي تتعلق بالحرب الأهلية وهى الانتهاكات الجسيمة للمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، والبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 والتي تعد جرائم حرب بموجب المادة (85) من البروتوكول الأول ، وجرائم الإبادة الجماعية ، والجرائم ضد الإنسانية.
وتعتبر محاكمات يوغسلافيا و رواندا أول محاكمات تنشأ منذ محاكم نورمبرج 1945 وطوكيو
1946 لمحاكمة مجرمي الحرب تطبيقًا لمبدأ المسئولية الجنائية الفردية التي لا تجيز الدفع بالأوامر العليا أو بعدم مسئولية القادة أو حصانة رؤساء الدول أو المسئولين.
وأرست المحكمة الجنائية الدولية الدائمة دعائم المسئولية الجنائية الفردية والتي اعتمد نظامها الأساسي في 17يوليو1998 كأول نظام قضائي جنائي دائم على شكل معاهدة ملزمة للدول الأطراف(5).
وقد أكدت في ديباجتها أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب ألا تمر دون عقاب ومقاضاة مرتكبيها ، وقد عقدت العزم على وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى الإسهام بالتالي في منع الجرائم (6).
فالمحكمة الجنائية التي دخلت حيز النفاذ في الأول من يوليو2002(1) بتصديق الدولة الستين على النظام الأساسي قد تسهم في تجنب بعض الحروب والنزاعات ، وتقليص عدد الضحايا والحد من ويلاتها ، مما قد يدعم أسس النظام العالمي ويسهم في إرساء أسس السلام والأمن وإضفاء القيم الإنسانية في العلاقات الدولية.
ويقتصر اختصاص المحكمة على الأشخاص الطبيعيين بحيث يكون الشخص مسئولاً عن الجرائم بصفته الشخصية سواء ارتكبها بنفسه أو بالاشتراك مع غيره أو عن طريق شخص آخر، أو بالأمر أو بالإغراء على ارتكابها ، وللمحكمة بموجب النظام الأساسي اختصاص النظر في جرائم محددة(2) لا تسقط بالتقادم(3) وهي جريمة الإبادة الجماعية ، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ، وجريمة العدوان.

ثانيًا- المسئولية الجنائية الفردية لمرتكبي الجرائم الدولية.
لم تكن آثار المسئولية الجنائية في القانون الدولي التقليدي تقتضي أكثر من إصلاح الضرر، أي المسئولية المدنية عن الجرائم التي تقع خلافًا لقوانين وأعراف الحرب ، إلا أن النتائج المؤلمة للحرب العالمية الأولى وما خلفته من آثار مدمرة على المجتمع الدولي ، غيرت المفاهيم الدولية ، فأصبح نطاق المسئولية الدولية يشمل المسئولية الجنائية الفردية عن الجرائم المرتكبة خلافًا لقوانين وأعراف الحرب بميلاد معاهدة فرساي عام 1919 وتقريرها المسئولية الشخصية للإمبراطور الألماني غليوم الثاني _بنص المادة (227) من المعاهدة _عن إثارة الحرب وأقرت كذلك مبدأ المسئولية الجنائية الفردية (م/7) من لائحة محكمة نورمبرج العسكرية 1945 لمجرمي الحرب الألمان ، وكذلك (م/6) من لائحة محكمة طوكيو 1946 لمجرمي الحرب اليابانيين في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، والمبدأ الثالث من مبادئ نورمبرج التي صاغتها لجنة القانون الدولي في أعقاب محاكمات نورمبرج ، وأكدته اتفاقيات جنيف الأربعة بنص المواد المشتركة الخاصة بالعقوبات الجزائية ، و كذلك (م/7) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا، وكذلك (م/6) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا(4).
وأرست قضية بينوشيه رئيس تشيلي السابق مبدأ المسئولية الجنائية الفردية بالحكم الذي أصدره مجلس اللوردات أعلى هيئة قضائية بريطانية باعتباره سابقة قانونية في منع مرتكبي الجرائم الدولية من الإفلات من العقاب(1)، وعدم إعطائهم حق الحصانة القضائية في أعقاب الطلب الذي تقدمت به اسبانيا في العام 1998 لتسليمه لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
وكذلك ما أخذ به القانون البلجيكي الصادر في 16حزيران 1993 والذي يمنح المحاكم البلجيكية اختصاصًا عالميًا بمحاكمة مسئولين أجانب عن جرائم القانون الدولي ، بمحاكمة أربعة روانديين في العام 1994بناء على قانون 993ا ، والذي تم تعديله ليمنع ملاحقة ومحاكمة القادة والمسئولين ماداموا على رأس السلطة بعد الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية في أعقاب الدعوى المرفوعة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي ارئيل شارون لمسئوليته عن مجزرة صبرا و شاتيلا ، والتي تقدم بها 23 فلسطينيًا من الناجين من المجزرة في العام 2001.
وكذلك تم رفع دعوى في العام 2002 ضد وزير الدفاع شاؤول موفاز أمام القضاء البريطاني لمسئوليته الفردية عن ارتكاب مجزرة مخيم جنين خلال انتفاضة الأقصى أثناء عمله رئيسًا لأركان الجيش الإسرائيلي وإشرافه المباشر على المجزرة.
وحسم النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قضية المسئولية حيث قرر عدم جواز إثارة المسئولية الجنائية الدولية إلا في حق الأشخاص الطبيعيين بنص المادة (25) ، فالدولة كشخص معنوي لا تسأل مسئولية جنائية ، بل تنحصر مسئوليتها المدنية عن الأضرار التي تنتج عن الأعمال غير المشروعة التي يرتكبها ممثلوها.
وبثبوت مبدأ المسئولية الجنائية الفردية في الفقه والعمل الدولي لا تّعفى الدولة من مسئوليتها ، عن أفعال التابعين(2) من رؤساء ومسئولين وأفراد القوات المسلحة(3) باعتبارهم جهاز من أجهزتها تتحمل المسئولية عن الأفعال التي يرتكبونها بالمخالفة لقواعد القانون الدولي ، بالإضافة لمسئوليتهم الجنائية الفردية(4) وكذلك الأفراد العاديين ، فمسئولية الدولة عن أعمال التابعين مدنية يترتب عليها جبر الأضرار التي تقع من جراء تلك الجرائم .
وينحصر الأثر العملي للمسئولية الدولية للدول في التعويض(5)، لا فرق في صدور الفعل الذي يثير المسئولية المدنية عن السلطات التشريعية أو التنفيذية أو القضائية ، فالدولة مسئولة بأن لا تكون تشريعاتها تتعارض مع الالتزامات الدولية إذ تسأل الدولة عن أفعال وممارسات الرئيس والموظفين في السلطة التنفيذية ، وأفراد القوات المسلحة ، وتمتد مسئولية الدولة لما يصدر عن القضاء من أحكام إذا تضمنت الإخلال بالالتزامات الدولية أو إنكار العدالة فيما يتعلق بالأجانب(1)، وتشمل مسئولية الدولة أفعال الأفراد العاديين في حال تقصيرها في منع ممارستهم غير المشروعة والعقاب عليها.
وبتحقق مسئولية الدولة يترتب عليها وقف العمل غير المشروع بوقف كافة الانتهاكات ومن ثم التعويض العيني للدولة المتضررة نتيجة العمل غير المشروع بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر الناجم عن الفعل غير المشروع ، أو جبر الضرر بالتعويض المالي ، ورتبت محكمة العدل الدولية التعويض كجزاء لخرق التزام دولي حيث قررت ولايتها الجبرية في نظر جميع المنازعات القانونية ومنها نوع ومدى التعويض المترتب في حالة خرق التزام دولي(2).

ثالثًا- طبيعة المسئولية الدولية لإسرائيل عن جرائمها ضد الشعب الفلسطيني وسبل إثارتها.
يترتب على إسرائيل بموجب قواعد المسئولية الدولية بوصفها قوة احتلال حربي في الأراضي
الفلسطينية المحتلة عام 1967 المسئولية بشقيها المدني بالتعويض عن كافة الأضرار الناجمة عن عدوانها المستمر، والجنائي بمحاكمة الأشخاص المسئولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من أفراد قواتها المسلحة والمستوطنين.
فأساس المسئولية الدولية لإسرائيل عدم التزامها بقرار التقسيم رقم (181) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29نوفمبر1947 ، والذي استندت إليه لإعلان استقلالها في 15مايو1948(3)، بينما هو باطل في حق الشعب في حق الشعب الفلسطيني لصدوره من طرف لا يملك الحق في السيادة على فلسطين وهى الأمم المتحدة ، ولتناقضه الواضح مع نصوص ميثاق الأمم المتحدة وخاصة (م/2-4) التي تمنع التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة ، ومع ذلك يبقى القرار سندًا أساسيًا لإقرار المسئولية الدولية لإسرائيل والتي قبلت القرار وأعلنت دولتها بموجبه.
وتعتبر اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو(4) فالأراضي الفلسطينية تخضع للسلطة الفعلية للجيش الإسرائيلي من حيث سيطرته الكاملة على المعابر والحدود البرية والبحرية حتى في أعقاب اتفاقية أوسلو للسلام ، وخاصةً في ظل الحصار والعدوان الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على كافة الأراضي الفلسطينية في ظل انتفاضة الأقصى منذ 28سبتمبر2000.
وتنص المادة الثانية المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع على انطباق الاتفاقيات على جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي حتى لو لم يواجه الاحتلال مقاومة مسلحة أو لم تكن إحدى دول النزاع طرفًا في الاتفاقيات ، فالأراضي الفلسطينية تخضع لاحتلال كلي في جميع مدن الضفة الغربية وقطاع غزة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى ، مما يؤكد انطباق اتفاقيات جنيف الأربع عليها حتى لو لم تكن فلسطين طرفًا فيها وخاصةً اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب(1).
وأكدت العديد من قرارات مجلس الأمن على انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية باعتبارها أراض محتلة ومنها القرار رقم (237) الصادر في 14يونيو1967(2)، والقرار رقم (271) بتاريخ 15سبتمبر1969، القرار رقم (1322) الصادر في 7أكتوبر2000.
ومن أكثر القرارات أهمية القرار رقم (43/58) بتاريخ 6ديسمبر1988 والذي نص على أن " الجمعية العامة تدين استمرار إسرائيل وتماديها في انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب وخاصةً الانتهاكات التي تصفها الاتفاقية بأنها حالات خرق خطيرة لأحكامها، وتعلن مرة أخر أن ما ترتكبه إسرائيل من حالات خرق خطيرة لأحكام تلك الاتفاقية ، هي جرائم حرب و إهانة للإنسانية "(3).
وبثبوت انطباق اتفاقيتي لاهاي الرابعة الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية ، وجنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب ، وجميع المواثيق الدولية كالبروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية(4)، تنطبق على إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال نظم المسئولية الدولية باعتبارها المسئولة عن جرائم الحرب التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ العام 1948 والتي امتدت من دير ياسين مرورًا بصبرا ، و شاتيلا ومجزرة جنين التي قد لا تكون آخرها.
فالمسئولية الجنائية الفردية التي أقرتها المادة (227) من معاهدة فرساي لعام 1919، وأرستها كمبدأ من مبادئ القانون الدولي محكمتا نورمبرج وطوكيو وطبقتها عمليًا بحق مجرمي الحرب الألمان واليابانيين هي نفسها ما يّستند عليها كسوابق قضائية لإدانة الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع دوليًا لجرائمه المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
فجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي حوكم بموجبها مجرمو الحرب في نورمبرج وطوكيو هي نفس الجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والتي تستوجب محاكمة القادة والمسئولين الإسرائيليين لمسئوليتهم الجنائية الفردية عن الجرائم التي يمارسونها ، إلى جانب المسئولية المدنية الدولية لإسرائيل بالتعويض عن كافة الأضرار الناجمة عن أعمال العدوان .
وقد نصت ديباجة اتفاقية لاهاي الرابعة الخاصة بقوانين وأعراف الحرب البرية على إلزام من يخل بأحكام الاتفاقية بالتعويض باعتباره مسئولاً عن جميع الأعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قوته المسلحة(1).
تثور المسئولية الدولية لإسرائيل عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني بموجب العديد من المواثيق والاتفاقيات والقرارات الدولية ومن أهمها ميثاق الأمم المتحدة ، واتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الأول ، واتفاقية مع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ، واتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ، ومبادئ نورمبرج التي صاغتها لجنة القانون الدولي ، ومبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، وكذلك العديد من قرارات الشرعية الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ، التي طالما انتهكتها إسرائيل في تحد سافر للشرعية الدولية ومن أهمها القرار (242) الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 (2)، والقرار (194) الخاص بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين هجروا قسرًا عن أراضيهم في أعقاب حربي 1948 و 1967، وكذلك القرار (3314) الخاص بتعريف العدوان .
ومن أكثر سبل إثارة المسئولية الدولية لإسرائيل فيما يتعلق بشقها الجنائي الخاص بمحاكمة مجرمي الحرب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية كمنظومة قضائية جنائية دائمة تختص بالأفراد.
فبثبوت المسئولية الدولية لإسرائيل بشقيها المدني فيما يتعلق بتحمل إسرائيل تبعات الأضرار الناجمة عن جرائم الحرب التي يقترفها ممثلوها من قادة ومسئولين وأفراد قواتها المسلحة ، والجنائي المتعلق بمحاكمة مجرمي الحرب ، فسبل محاكمتهم متاحة على أكثر من صعيد:
1-بموجب الاختصاص القضائي العالمي ، والذي كفلته العديد من الاتفاقيات الدولية والتي من أهمها اتفاقيات جنيف والبروتوكول الأول.
2-أمام المحاكم الدولية الخاصة ، التي يقتصر حق تنظيمها على مجلس الأمن.
3-وفق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، لما تمثل من السلطة القضائية الجنائية الدولية الدائمة التي يقتصر اختصاصها على الأفراد ، وذلك بالنسبة للجرائم المرتكبة بعد دخول النظام الأساسى حيز النفاذ .

رابعًا- موقف المجتمع الدولي من الجرائم الإسرائيلية.
لم يشهد التاريخ الإنساني منذ الحرب العالمية الثانية أبشع من الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ، الني ابتدأت بالمذابح الجماعية والتشريد والتهجير منذ العام 1948، مرورًا بالعدوان والاحتلال عام 1967 لكافة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وبعض الأراضي العربية في شبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية وبعض الأراضي الأردنية ، وارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا بحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في العام 1982، والجرائم البشعة المرتكبة خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي توجت بسياسة تكسير العظام التي انتهجها وزير الدفاع آنذاك اسحق رابين ، وانتهاءً بالعدوان الشامل الذي يستهدف كل ما هو فلسطيني خلال انتفاضة الأقصى الحالية ضمن صمت دولي مريب.
لدراسة موقف المجتمع الدولي نتناول موقف الأمم المتحدة ممثلة بالجمعية العامة ومجلس الأمن، وكذلك الموقفين البريطاني والأمريكي .

1- موقف الأمم المتحدة:
يقتصر دور الأمم المتحدة في الإدانة بتحفظ وخجل للعدوان الإسرائيلي وإصدار قرارات مفرغة ليس لها ثقل دولي ضاغط لتنفيذها ، وفي بعض الأحيان تساوي بين الجاني والضحية ، وإن تجرأ مجلس الأمن _بموجب الفصل السابع من الميثاق _على تشكيل محاكم دولية خاصة في يوغسلافيا ورواندا ، إلا أنه لم يعتبر الجرائم والفظائع التي تمارسها إسرائيل في مستوى الجرائم الدولية التي تستوجب عقاب مرتكبيها ، الأمر الذي يثير تواطؤ الأمم المتحدة بسكوتها عن الجرائم الإسرائيلية إلي جانب مسئوليتها الدولية عن تقسيم فلسطين ، كذلك موقف دول أوروبا الأعضاء في الجمعية العامة ، ومهد معظم الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي تمنح الدول بموجب مبدأ الاختصاص العالمي الحق في ملاحقة ومحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية ، إلا أنها لم تبذل جهدًا حقيقيًا تجاه الجرائم الإسرائيلية ، فقد عدلت بلجيكا قانون 1993 الذي يمنح محاكمها اختصاصًا عالميًا في أعقاب الدعوى التي رفعت ضد شارون في العام 2001، ليمنع الملاحقة والمحاكمة لشارون مادام على رأس الحكومة الإسرائيلية.

2- الموقف البريطاني:
تتحمل بريطانيا المسئولية المباشرة عن كل ما تعرض له الشعب الفلسطيني و التي تنطلق بموجب وعد بلفور في العام 1917، والذي أعطى بموجبه من لا يملك لمن لا يستحق ، وكذلك بموجب الانتداب ، البريطاني الذي مهد لاحتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية في العام 1948وإقامة دولة يهودية وبقمع المقاومة الفلسطينية المشروعة ، وتسهيل السيطرة الإسرائيلية العدوانية بفتح أبواب الهجرة غير الشرعية ليهود العالم إلى أرض فلسطين.


3- الموقف الأمريكي:
تمثل الولايات المتحدة الأمريكية الثقل الدولي الفاعل على الساحة الدولية فهي تقود العالم أحادي القطبية وتهيمن على كافة الدول والمؤسسات الدولية بما فيها مجلس الأمن الدولي ضمن معايير مزدوجة طغت على السياسة الأمريكية وأفقدتها مصداقيتها على الساحة الدولية ، والأخطر من ذلك حربها العدوانية ضد العراق بحجة نزع الأسلحة ذات الدمار الشامل فيما تطور الترسانة العسكرية الإسرائيلية ، وتقدم الدعم اللامحدود على كافة الأصعدة العسكرية والاقتصادية والسياسية ، وتلوح بسلاح الفيتو في وجه العالم أجمع لحماية إسرائيل من مجرد إدانة ليس لها قيمة قانونية.
فالتواطؤ الدولي يجب أن لا يمر دون إثارة المسئولية الدولية لمرتكبيه باعتباره فعل غير مشروع دوليًا يلتزم مرتكبوه بالتعويض(1).



#سامح_خليل_الوادية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى: تعرض ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س ...
- بسبب المجاعة.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان يرفع حصيلة ضحايا ...
- الأمم المتحدة تحذر: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا
- ارتفاع الحصيلة إلى 30.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان بسبب الم ...
- الخارجية الأمريكية تتهم مقرّرة الأمم المتحدة المعنية بفلسطين ...
- تقرير أممي: نحو 60% من وفيات المهاجرين كانت غرقا
- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الأسرى: تعرضنا للتخويف من ...
- واشنطن ناشدت كندا خلف الكواليس لمواصلة دعم الأونروا
- الهلال الأحمر: إسرائيل تفرج عن 7 معتقلين من طواقمنا


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سامح خليل الوادية - المسئولية الدولية عن جرائم الحرب الاسرائيلية - الجزء الأول .