أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سهيل مصري - الأمريكان قرروا قطع رأس الأفعى















المزيد.....

الأمريكان قرروا قطع رأس الأفعى


سهيل مصري

الحوار المتمدن-العدد: 2107 - 2007 / 11 / 22 - 03:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأميركان قرروا قطع رأس الأفعى، ذلك يعد فشل محاولة فصل الذيل في لبنان. وخاصة أن الفترة الرئاسية لبوش الابن قد شارفت على نهايتها، وهو بأمس الحاجة إلى تلميع صورته، أو حفظ ماء الوجه، بعدما جر بلاده إلى المستنقع العراقي.
فقد كان المشروع بدايةً، ضرب حزب الله في لبنان، ومن ثم الالتفاف على سوريا لإسقاط النظام البعثي فيه، والعمل على إنشاء "الشرق الأوسط الجديد" بعد فشل "الشرق الأوسط الكبير" والذي يهدف إلى نسف الفكر القومي العربي، وتحويل المنطقة إلى دويلات طائفية أو قومية، وإيجاد قوميات غير عربية كل الدولة التركية والإسرائيلية، وذلك لكي لا تشعر هذه الأخيرة أنها في عزلة عن العالم المحيط بها. وهذا بالطبع لا يتم إلا عن طريق إقامة دولة كردية تضم أراض من سوريا وتركيا وإيران والعراق وبالتالي تحويل الأنظار العالمية عامة والعربية خاصة عن القضية الرئيسية الشائكة في المنطقة ألا وهي القضية الفلسطينية وجذبها إلى القضية الكردية.
ويعتبر الإجراء الذي اتخذته الولايات المتحدة تجاه إيران بداية قرع طبول الحرب عليها.. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ستكون هذه الخطوة القشة التي تقسم ظهر البعير، أو فتيل الحرب العالمية الثالثة؟.
لم يمض أسبوع على مؤتمر بحر قزوين الذي ضم الدول المطلة على بحر قزوين، وقد خرجوا فيه بوثيقة تتعهد بعدم استعمال أي أراض من هذه الدول لشن هجمات على الجوار أي قاب قوسين أو أدنى ″إيران″، وقد كانت روسية على رأسها الرئيس فلاديمير بوتين نجمة المؤتمر إثر اجتماع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد مع نظيره الروسي في إيران بعد غياب دام ستين عام منذ الزيارة الأخيرة للرئيس ستالين. وقد أطلق بوتين مجموعة تحذيرات جلها عدم تجاهل أميركا لمصالح روسيا في المنطقة وعدم ضرب إيران، في موقف مشابه اتخذه ستالين عندما زار إيران لحضور مؤتمر الحلفاء في الحرب العالمية الثانية وحذر فيه أميركا وبريطانية العظمى من تجاهل مصالح روسيا واحتلال إيران.
فروسيا باتت ترى في ضرب إيران تهديداً مباشراً لها خاصة بعد الجولة الأوروبية التي قامت بها رايس لدعم مشروع الدرع الصاروخي الذي ينص ظاهرياً على نشر صواريخ في أوروبا الشرقية لمنع الهجمهات الصاروخية الإيرانية في حال اندلاع حرب معها، وباطنياً على منع وصول الصواريخ الروسية إليها في حال اندلاع حرب عالمية ثالثة، والذي كان بداية الأزمة وتغيير المواقف والثوابت الروسية وشعور الأخيرة بحاجتها إلى استرجاع أمجاد الماضي. ومما لا شك فيه أن أمريكا تحاول تثبيث أركان امبراطوريتها في جميع أنحاء العالم، وخاصة ضد العدو السابق الذي أصبح صديق لدود ألا وهو روسيا.
إضافة إلى أن روسيا هي الراعي الرسمي للمشروع النووي الإيراني السلمي. وأن هذا المشروع أعاد ملف الصراع على التسلح النووي أو ما يسمى بالمعادلة توازن الرعب في العالم.
ويجدر الإشارة والتشديد على ، أنّ البرنامج النووي الإيراني لم ينطلق في عهد الثورة الإسلامية الإيرانية (1979)، بل قبل اندلاعها بما يقارب ربع قرن، في أيام الشاه رضا بهلوي؛ وأنها كانت جزءاً من ألعاب الشدّ والجذب بين واشنطن وموسكو، خلال عقود الحرب الباردة؛ ولهذا فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية كانت الجهة التي رعت واشرفت على تنفيذ البرنامج. كذلك كانت أمريكا هي التي زوّدت إيران بمفاعل نووي طاقته 5 ميغاواط، وزوّدت المفاعل بالوقود اللازم، أي اليورانيوم المخصّب (نعم: اليورانيوم المخصّب ذاته الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها اليوم)، كما قبلت إقامة منشآت لتخصيب اليورانيوم في إيران.
وفي عام 1975 وقّع وزير الخارجية آنذاك، هنري كيسنجر، ما يُعرف باسم "مذكرة القرار الأمني 292"، التي أرست دعائم التعاون النووي الأمريكي ـ الإيراني، بقيمة استثمارية صافية تبلغ ستة مليارات. وبعد سنة فقط، وقّع الرئيس الأمريكي جيرالد فوراً أمراً إدارياً بتمكين إيران من شراء وتشغيل منشأة تتيح فصل البلوتونيوم (أي المرحلة الأعلى على صعيد تصنيع القنبلة النووية!)، بذريعة أنّ هذه التكنولوجيا سوف "تحرّر ما تبقى من احتياطيّ نفطي، وتضعه في التصدير". كلّ هذا تمّ بمباركة وحميّة ودعم أمثال كيسنجر، ونائب الرئيس الحالي ديك شيني، ووزير الدفاع دونالد رمسفيلد، وأحد شيوخ المحافظين الجدد ومدير البنك الدولي بول ولفوفيتز.
وأخيراً، في السياق ذاته، لم تكن حكومات ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإسبانيا والسويد بعيدة عن المساهمة في هذا البرنامج النووي، على نحو أو آخر، وحصلت على استثمارات بمليارات الدولارات من خلال مؤسسة Eurodif الإيرانية. الشركة الألمانية Kraftwerk-Union حصلت على عقد بقيمة 4 ـ 6 مليارات لإقامة مفاعل نووي للمياه الثقيلة في إيران، والشركة الفرنسية شبه الحكومية Cogéma دخلت في شراكة مع إيران لتأسيس شركة الـ Sofidif لتخصيب اليورانيوم...
استذكار هذه الحقائق يخدم في فهم معادلة بسيطة، رهيبة النتائج مع ذلك، تسود هذه الأيام في ما يخصّ الملفّ النووي الإيراني (خصوصاً بعد إعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أنّ بلاده انضمت إلى النادي النووي!): التكنولوجية النووية، حتى إذا كانت سلمية بريئة وديعة، ممنوعة إلا على الحلفاء، والمقرّبين منهم حصراً، ومشروطة بأن تتمّ بأيدي الأخوة الكبار في الغرب عموماً، والأخ الكبير الأمريكي خصوصاً وأوّلاً. وحين كانت إيران هي البلد الصديق الحليف، وكذلك البلد النفطيّ الغنيّ واسع الاستثمار في الغرب ومع الغرب، فإنّ التكنولوجيا النووية لم تكن مشروعة طبيعية مطلوبة فحسب، بل كانت في الآن ذاته عربون صداقة بين إيران وأمريكا كدولة مقابل دولة، وبين "كوجيما" الفرنسية و"بوشهر" الإيرانية كشركة مقابل شركة. وحين صارت إيران خصماً، بعد 1979 تحديداً، انقلب الحال راساً على عقب في ما يخصّ هذا التعاون، وبات رجيماً شريراً عسكرياً غير سلميّ ولا يسمح به "المجتمع الدولي"!
وبمعزل عن حقّ إيران، وربما كلّ دولة شرق ـ أوسطية، في امتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض مدنية؛ وحقّها، كذلك، في وضع خيار التكنولوجيا النووية العسكرية نصب أعينها، ما دامت الدولة العبرية ليست نووية فحسب، بل نووية دون حسيب أو رقيب أيضاً؛ فإنّ إعلان أحمدي نجاد الأخير لا يبدو وكأنه يأتي بجديد حقاً، خارج الخطاب الرسمي الذي يغذّي حسّ الديماغوجيا ويدغدغ العصبية القومية. وهذا لا يعني، البتة، أنّ الخطوة ليست مفيدة في تحريك المياه الراكدة هنا وهناك في مستنقعات الشرق الأوسط، وفي إعادة خلط بعض الأوراق، على مستوى حروب تحسين المواقع في أقلّ تقدير، عند بعض الأطراف (وبينها النظام السوري، مثلاً) التي ترى أنّ إيران بأسنان شبه نووية حتى في مستوى الأقوال، أفضل خدمة لهوامش مناوارتهم من إيران واقعة تحت العدسة المكبّرة لوكالة الطاقة النووية.
وإذا توجّب أن يستعيد المرء تنظيرات أمريكية عالية المستوى حول الإسلام والقنبلة النووية، فإن الأجدر بالاستعادة ليس هنري كيسنجر بل زبغنيو بريجنسكي، خصوصاً في سنوات عمله مستشاراً للأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر (أي عهد اتفاقيات كامب دافيد، لمن ينسى!). يومها طرح بريجنسكي نظرية «قوس الأزمات» الإسلامي الذي يقطع شبه القارّة الهندية ويمرّ بالشرق الأوسط العربي، فإيران وتركيا وأفغانستان والجمهوريات الإسلامية السوفييتية (آنذاك)، لكي يرتد على نفسه في خطّ عودة يتقاطع على هذا النحو أو ذاك مع تخوم البلقان. في سنوات لاحقة، حين تحرّر من ربقة الخطاب الرسمي، حاول بريجنسكي تفكيك أعراض القرن القادم، وتوقّف عند محطات القوس ذاته، ثمّ عاد القهقرى إلى أقواس أخرى سابقة، قديمة أو حديثة العهد.
ولقد وجد أنّ التاريخ لم ينتهِ على طريقة فرنسيس فوكوياما، بل (ربما على طريقة بسمارك هذه المرة) انضغط في أقطاب، وتكثّف في أقليات، تتبادل الهيمنة والضغوط السياسية والإقتصادية والعسكرية والثقافية ـ الحضارية. وفي كتابه الكلاسيكي «إنفلات من العقال: الاهتياج الكوني عشية القرن الواحد والعشرين» اعتبر الرجل أنّ عجز الولايات المتحدة عن ممارسة السلطة الكونية الفعلية (لأسباب غير اقتصادية في الواقع، بل سياسية وعسكرية)، سوف ينتج حالة من الإحتقان العالمي بدل الإستقرار. هذه، في قناعته، هي معضلة الإله زيوس وقد استوحد وطغى وتجبّر: «ماذا يفعل هذا الإله المشبع بالأساطير وجبروت الأساطير إذا كانت الديمقراطية وعاء مرعباً يتوجب تعبئته بالمضمون الملموس، اجتماعياً وسياسياً»؟
و... تعبئته ثقافياً أيضاً! ألم يكن الفخار القومي هو الذي جعل قلوب الإيرانيين تعمر بالسعادة، والإنكسار القومي هو الذي دفع بعض العرب إلى الإنخراط في... الفخار الإيراني؟

و أخيراً وليس آخراً ، ولأن التاريخ يجتر نفسه، تذكرنا هذه العلاقات الديماغوغية، والتحولات من الصداقة إلى العداوة ومن العداوة إلى الصداقة بالقول الشهير لشارل ديغول: "بأنه لا تجود صداقات بين الدول، بل مصالح مشتركة".



#سهيل_مصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -قوية للغاية-.. أمير الكويت يثير تفاعلا بكلمة حل مجلس الأمة ...
- السعودية تقبض على مواطن تركي في مكة بعد فيديو متداول أثار تف ...
- غسل الفواكه والخضروات بمواد التنظيف قد يؤثر سلبا في الصحة
- لماذا تتزايد السياحة الداخلية في الصين، في حين يتراجع عدد ال ...
- كيف أحمي طفلي من التحرّش أو الإعتداء الجنسي؟
- مبابي يعلن رسميا مغادرته باريس سان جيرمان نهاية الموسم
- -نحو حرب عالمية ثالثة-.. سالفيني يحذر من أحاديث الأوروبيين ع ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /11.05.2024/ ...
- -شعب حر غير متأثر-.. حقيقة فيديو مظاهرة جامعة كولومبيا تأييد ...
- هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي؟.. بحث يكشف قدرات مقلقة في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سهيل مصري - الأمريكان قرروا قطع رأس الأفعى