أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب البكري - برنامج (سيرة مبدع) وضع السيف في موضع الندى















المزيد.....

برنامج (سيرة مبدع) وضع السيف في موضع الندى


غالب البكري

الحوار المتمدن-العدد: 2100 - 2007 / 11 / 15 - 07:50
المحور: الادب والفن
    


عودتنا قناة الحرة على سلسلة طويلة من البرامج الحوارية؛ بل يكاد جهد القناة ينصب بأكمله على الحوارات السياسية والفنية والثقافية بحيث أن جمهورها بدأ بالتقلص يوما فيوما إلى درجة لا تناسب حجم الأموال التي تنفق عليها.. وللبرنامج الحواري وجوه عدة وليس مجرد ديكور وكاميرات وأفواه تتكلم لساعة أو ساعتين. إذ انه يحتاج إلى قدرات عالية تعوض سكونية الصورة. يعتمد البرنامج الحواري في العادة على مقدم لبق ذكي مضطلع وعلى ضيف غني التاريخ ضخم القدرة على التعبير. طلت علينا قناة الحرة ببرنامج (سيرة مبدع) يقدمه الشاعر عارف الساعدي.


الإعداد:

تحتاج البرامج الحوارية إلى إعداد وتحضير وبحث خاصة أنها تتناول سيرة فنان أو شاعر أو مثقف وخاصة أن وسائلها محدودة وتكاد تكون ثابتة ومقولبة. ولكي ترتفع بالحوار الى آفاق اوسع عليك ان تؤسس الأرضية التعريفية الأولية للجمهور. معد برنامج (سيرة مبدع) كسول على ما يبدو لا يعرف الكثير من المعلومات الأولية البسيطة عن ضيوفه. لم يكلف نفسه عناء البحث في الانترنت أو الكتب أو الجرائد والمجلات القديمة بحيث انه يجهل الكثير من المعلومات عن ضيفه. عادة ما يسأل المقدم سؤالا فيرد عليه الضيف بالنفي وتصحيح المعلومة. وعادة ما تكون الأسئلة من نوع: أول عمل قدمته؟ في أي سنة؟ ولا يرتفع الحوار إلى ما هو فكري أو تأملي عميق أو سيرة يمكن أن تصل إلى درجة وثيقة. عادة ما تخرج الأسئلة عن كونها تقصيا لسيرة بل قد تتحول إلى حوار بين اثنين يتعارفان الآن أمام الشاشة ويسأل احدهما الآخر أسئلة لا تغني عن جوع.

لم يقم الإعداد على سيناريو واضح أو مختلف. فالبرنامج مشابه لمئات اللقاءات. يعني ذك أنه مفتقد للخصوصية التي تميزه عن غيره من البرامج التي تقدم على الحرة والجزيرة والعربية وحتى القناة يتيمة الأب والأم العراقية. فإذا قارنت سيرة مبدع ببرنامج (روافد) يبدو الاختلاف جليا بين المبتدئ والمحترف وإذا قارنته ببرنامج (قريب جدا) تنكشف السطحية أمام العمق أما إذا ذهبت إلى الـCNN أو الـBBC فستضطر النعامة إلى دفن رأسها في التراب.

يعتمد الإعداد على مقدم يتلو أسئلته وعلى شهادات قصيرة مقتضبة غير كافية وغير ذات موضوع محدد. أحيانا يجيب الضيف عن السؤال وتكون الشهادة مطابقة للجواب، فما هو دورها؟ الشهادات في الأغلب روتينية باهتة لا تضيف جديدا ولا تلقي أي ضوء مخصص على المبدع قيد السيرة. يبدو إن المعد يطلب من أصحاب الشهادات أن يقولوا ما يشاءون في أي موضوع يخص المبدع من دون دراسة كاملة لهيكل البرنامج وما يحتاجه من الشهادة وما يجب ان يلقى الضوء عليه من غيره.. فإذا كنت بعمر سبعين سنة وأعطيت فرصة نصف دقيقة للتحدث عن مبدع بعمر سبعين سنة فما الذي ستقوله يا ترى حين يقال لك : تحدث بما تشاء عن صديقك المبدع فلان الفلاني. إنها – لعمري – متاهة لا بدء لها ولا ختام.

لم يخرج الإعداد عن التبسيط والسرعة في الانجاز، ولم يقدم سيرة للمبدع مصورة مع تعليق أو ما شابه نعيش معه أيامه الأولى في الحياة والفن ونضطلع عن قرب على أهم نتاجاته في حقل اختصاصه ثم يكون الحوار تعميقا لما جاء في الروبورتاج الصوري. لقد اتبع المعد أسهل الطرق وأسرعها – وبالتأكيد اقلها إبداعا. الفوضى هي عنوان ملخص للإعداد.



التقديم:

في البرامج الحواري مع المفكرين والمبدعين يكاد يكون المقدم هو عصب البرنامج. ولأي مقدم صفات وسمات من دونها لا يمكن لأي شخص ان يكون مقدما. من بينها: الحضور، النباهة، القدرة على الرد الفوري، كاريزما إقناع المشاهد والضيف، سرعة الاستجابة بحيث ترد بسؤال على جواب الضيف. يبدو إن رافع الساعدي يمتلك عكس هذه الأساسيات. فمن الناحية الشكلية، وجهه غير مريح للعين بعينيه الناعستين ووجهه المكفهر حتى وهو يبتسم بتكلف: كأنك سحبته من فراشه وأجلسته على كرسي أمام الكادر وطلبت منه أن يلتقي بمبدع؟ ومن ناحية طريقة السؤال تحس ان المبدع في تحقيق امني تتراشقه الأسئلة الجافة تلو الأسئلة من دون أن يمنح الوقت الكافي ليجيب أو يعطي السؤال حقه. من ناحية ثالثة تبدو ردود أفعال المقدم إما مستعجلة في وقت الحاجة إلى التأني أو بطيئة في وقت الحاجة إلى السرعة وليست في صلب الموضوع. من ناحية رابعة لا يبدو أن هناك روابط تربط الضيف بالمقدم الذي يتصلب حسب الأسئلة الموضوعة أمامه وإذا خرج عنها – ويا ليته لا يخرج- تأتي مداخلاته في العادة سقيمة وسطحية ومتكلسة. من الملاحظ أن أسئلته عكس عكاس، واحدة في الشام والثانية في اليمن. وهذه إحدى أهم عيوب المقدم رافع الساعدي: لا يتأمل، لا يتأنى، لا يعطي المجال الكافي للسؤال ويلحقه بآخر وآخر وآخر، وينتقل بالأسئلة من النقيض إلى النقيض ويشعر الضيف انه في تحقيق وليس حوار كاشف لسيرته الإبداعية. هل إن فوضى الرؤية السبعينية للشاعر الوجودي قد انتقلت إلى المقدم؟

من ناحية أخرى كشف البرنامج عن قدرة الساعدي في مجال خارج عن الشعر. تلك مصيبة الشعراء ربما: لا يعرفون إلا نظم الشعر، ولو حاورتهم نظريا لانكشفت الهوة. الساعدي غير قادر على تفجير طاقة ضيفه الشاعر، ولا يبدو انه ملم بتفاصيل النظرية النقدية في مجاله الخاص، فكيف إذا تحاور عن المسرح أو التشكيل أو الموسيقى؟ على العديد من مقدمي البرامج ممن ينتمون إلى حقل الكتابة (شعرا وقصة ومسرحا) أن يراجعوا أولياتهم والأسس التي ينبني عليه حقلهم الخاص قبل أن ينتقلوا إلى مجال خطر كوسائل الإعلام لأنهم سيقعون حينها في البين بين ويضيعون المشيتين.



الإخراج:

تترافق العيوب وتتكاتف لإنتاج برنامج سيرة مبدع. فرغم الانتقالة الآلية من المقدم إلى الضيف لا يبدو في حركة الكاميرا أي مهارة أو تلوين ولو انك رصصت الحلقات جميعا لوجدت إن هناك ثلاث زوايا بالخلفية نفسها طيلة الحلقات جميعا. فزاوية الساعدي ثابتة وزاوية كل ضيف هي هي واللقطة العامة التي تجمعهما هي هي. يفتقر المخرج إلى الوعي بالتلوين أو الحاجة إلى كسر رتابة الكلام الممل. حتى حينما ينتقل إلى الشهادة فعادة ما يكون الكادر لقطة متوسطة لكل أصحاب الشهادات تقريبا. ولم يكلف المخرج – كالمعد – نفسه بالخروج من جو الأستوديو إلى عالم المبدع بل ضل مقيدا بالسيناريو مرتاحا للجهد الضئيل الملقى على عاتقه.



الضيوف:

يتنوعون إلى مبدعين في كافة المجالات: الفن ، الأدب، الفكر الخ. لكن من الملاحظ إنهم ممن كانوا وما زالوا يتصدرون الإعلام بحيث لم يحاول الإعداد إبراز وجوه مبدعة حقيقية أخرى لم يستهلكها الضوء أو لم توجد حاليا في سوريا. ولسعة المجالات يتطلب قدرة كبيرة للإلمام بها جميعا والتي يفتقر إليها المعد والمقدم. إضافة إلى ذلك تكشفت قضية خطيرة في الموضوع وهي أن مبدعينا العراقيين غير لبقين، ولا يستطيعون جرك إلى متابعة ما يقولون، ولا يمتلكون قدرة مواجهة الكاميرا بأفكارهم. عادة ما يكررون الكلام المعاد أو يتصرفون برعونة غريبة ( كوكب حمزة، راسم الجميلي وآخرين). إنهم باختصار يثيرون الملل ولا يكادون يبلغون السطح من الأفكار. يبدو إننا ضخمنا إبداعنا إعلاميا بحيث بدا السقف عاليا على قدراتنا أو أن الفرق شاسع بين أن تبدع وان تتحدث عن إبداعك وهما حقلان منفصلان. من جهة أخرى، فان مبدعنا ضعيف أمام الكاميرا يرضى بأقل القليل فقط كي يعلن عن وجوده. هل إن ضغوط الغربة وعدم توفر العمل والمكافأة أسباب لكي يقبل المبدع بأي لقاء كي يكون تحت الضوء؟ وهل تخدم سيرته الإبداعية أمثال هذه البرامج؟

يبدو إن الطبخة تحترق إذا وضعت على نار عالية بسرعة ودون مراقبة الطباخ المختص. وهذا هو نتاج الكسل والاستعجال ووضع السيف في موضع الندى.



#غالب_البكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجه الآخر لباب الحارة - لفتات نقدية


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب البكري - برنامج (سيرة مبدع) وضع السيف في موضع الندى