ناديه المفتي
الحوار المتمدن-العدد: 2095 - 2007 / 11 / 10 - 11:29
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
فى معظم بلاد العالم تتغلغل كلمات و عادات من ثقافات أجنبية تعد الأكثر تأثيرا فى ثقافة هذا البلد المعين، و غالبا يحدث هذا إما بفعل الإحتلال و تقارب أسلوب الحياة كما فى حالة فرنسا مع لبنان فى الماضى و التقارب الجغرافى كما فى حالة بلاد المغرب العربى أو بفعل النفوذ السياسى و الإقتصادى (الإحتلال المقنع) كما فى حالة الولايات المتحدة و مصر، مايدعونى لقول هذا هو أنه على حد علمى لم يحدث أن إنتشرت لغة أجنبية فى مصر لا اللغة الفرنسية أثناء الإحتلال الفرنسى أو اللغة الإنجليزية أثناء الإحتلال الإنجليزى أو اللغة التركية أثناء الحكم العثمانى أو اللغة الروسية أثناء النفوذ الروسى كما إنتشرت اللغة الإنجليزية منذ أن توغل النفوذ الأمريكى فى مصر منذ تولى السادات الحكم. بالتأكيد كانت توجد عقدة الخواجة بالذات أثناء الحكم التركى و لكن بالنسبة لللغة لم تتوغل لغة فى مفردات الحياة اليومية للشعب المصرى كما توغلت اللغة الأمريكية فى الحياة المصرية، طغت على أسماء المحلات حتى أصبح أصغر بقال يكتب على واجهة متجره ( super market )، أصبح من لا يعلم ادنى قدر من اللغة يتعمد إضافة بضع كلمات إنجليزية لكلامه حتى لو لم يكن يجيد اللغة و غالبا ما يكون نطقهم غير صحيح و أبلغ مثال على ذلك مذيعى و مذيعات التليفزيون و بعض الممثلين ( و لا أدعى هنا معرفتى التامة بقواعد اللغة، فإجادتى لللغة لم تكن اكثر من نتاج لحبى الشديد للأغانى و الأفلام الأمريكية) و أعتقد أن هذا الإنتشار فى شكله السطحى هذا يرجع إلى تعاظم النمط الإستهلاكى فى المجتمع المصرى و الذى غذته وسائل الإعلام التى تتبع سياسة الدولة التى تخضع للهيمنة الأمريكية، فأصبح الشكل له المقام الأول فى الأهمية و بات المضمون فى طى النسيان و أصبح إمتلاك الثروة و ما يتبعها من نفوذ, يتناسب مع ما إرتكب من أجلها من موبقات, هو أكبر صفعة ممكن ان توجه لمن يجرؤ على التساؤل عن مصدرها، و أصبح التباهى صفة عامة، فالإحتلال الأمريكى إحتلال صهيونى تخريبى لا يحمل أى نوع من القيم و يعتمد فى سيطرته على تخريب منظومة القيم للشعب الذى يحتله و مص دماؤه كالتتار لأن الحضارة الأمريكية حضارة بلا تاريخ و القيمة الوحيدة لها هى الثروة و القوة المجردة من الأخلاق التى و إن كانت تحقق نتائج سريعة لكنها سرعان ما تتهاوى و تنهار كذلك لأنها بلا أسس تستند عليها، لذلك بخلاف الإحتلال الإنجليزى و الإحتلال الفرنسى اللذين لا أنفى عنهما صفة الإحتلال بكل ما يتبعه من تخريب و سوداوية لكنهما حملا معهما بعضا من إنجازات حضاراتهما حتى أنه لم يصاحب الإحتلال الإنجليزى فساد لمنظومة القيم المصرية فكانت هناك حركة مقاومة شعبية حقيقية و كان للمعارضة زعماء حقيقين إلتف حولهم الشعب غير ما نراه الآن من فساد للقيم فى المجتمع بأكمله بالمعارضة و الحكومة و الشعب و لا أجد تفسيرا لما يحدث من إنهيار شديد للقيم سوى سعى النار فى الهشيم، نار النفوذ الأمريكى و عملاؤه الصهاينة المستعملين على خراب البلاد فى هشيم نمط الشخصية الغالب للمواطن المصرى إن كانت نفعية متملقة للسلطة أو مؤثرة للسلامة بأى ثمن أو تعانى من الجهل و لا تتمتع بأدنى قدر من الوعى بأى انواعه. و أعتقد كذلك أن تزايد إنهيار القيم فى مصر، و هى من هى فى تاريخ اليهود، يتناسب طرديا مع تعاظم النفوذ اليهودى فى العالم، تخليص تار بايت بجعل المصريين عبيدا لهم.
مثال آخر على تأثير النفوذ على إنتشار ثقافة معينة فى مجتمع آخر غير مجتمعها، مثل إنتشار كلمات عبرية فى المجتمع الأمريكى، مثل mazeltof و Hutzpa ، و بالنسبة للكلمة الأخيرة بالذات و هى تعنى جرأة أو شجاعة و هى تعادل guts فى العامية الأمريكية، أذكر أن المذيعة أوبرا وينفرى ظلت على مدى حلقة كاملة من حلقات برنامجها الأبله فى أحيان كثيرة و الممتاز فى بعض حلقاته و الذى أمر به بعض الأحيان أثناء إنتظارى للحلقة الأمريكية الأكثر بلاهة عقب برنامجها و التى عادة ما تكون مسلية جدا، ظلت تكرر تلك الكلمة على مسامع أولئك النسوة البلهاوات الموجودات بالاستديو كما لو كانت فى كتاب القرية مع التشديد على معنى الكلمة و أننا كلما رأينا أحدهم يتمتع بالعزيمة و الهمة يبقى عنده يا ولاد؟ Hutzpa مظبوط كده، طب ما عندكوا guts إيه لزمتها حلقة كاملة تحفظى أمريكا الكلمة دى!
حالة أخرى تتغلغل فيها لغة شعب فى لغة أخرى، و هى حالة فريدة من نوعها بين الأمريكان و الفرنسيين، power and class، the bold and the beautiful، كلمات مثل Déjà vu، avant garde تتكرر كثيرا قى مفردات لغة المواطن الأمريكى الذى فى العادة لا يعرف سوى لغته و بالكاد، حالة متصلة من الغزل و الإنبهار بالفرنسيين ذوى التاريخ العريق و الأنيق لدى الأمريكان رعاة البقر اللذين لا ماض لهم.
#ناديه_المفتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟