أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شعبان يوسف - الوجه الآخر للسياب !















المزيد.....

الوجه الآخر للسياب !


شعبان يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2091 - 2007 / 11 / 6 - 10:18
المحور: الادب والفن
    


نافق عبد الكريم قاسم.. سب الشيوعيين وتنكر لماضيه السياسي:

للمثقفين والمبدعين والكتاب وجوه أخري كثيرة، وحينما تتناقض هذه الوجوه أو تتصارع وتتناحر، أيها نصدق، نجيب محفوظ كان يقول: إن اصدق وجه لي هو الرواية، والإبداع عموما، ومن الممكن أن يكون للمبدع موقفان، أحدهما في العلن والآخر في الخفاء، وأكبر مثال علي ذلك، الكاتب المسرحي والفيلسوف الإنجليزي برناردشو، فقد كان يصدر التصريحات النارية ضد وليم شكسبير، ويقول: ليس بين الكتاب من أحتقره احتقاري لشكسبير، ولو قيض لي أن استخرجه من قبره، لرجمته بالحجارة ولكنه كان يضع صورة شكسبير علي رخام المدفأة، ويعترف في السر أن شكسبير فنان خالق من الدرجة الممتازة..
هذا ما أورده الراحل علي الراعي في كتابه هموم المسرح وهمومي وكثيرة هي مواقف الكتاب المزدوجة والمتناقضة، والتي تصل إلي حد الشيزوفرانيا، وهذه الشيزوفرانيا لها أسبابها المتعددة، منها الحساسية الشديدة للمبدعين، ودوما تستخدمهم السلطات كأبواق للدعاية، باعتبارهم حلقات ضعيفة، وذوي تطلعات دائمة نحو الصعود، أو علي الأقل فهم طامعون في ذهب السلطان، أو خائفون من بطشه، وأحيانا يكون المبدع مؤمنا بما يقوله في مديح السلطة والسلطان، وهذا الموقف الأخير يعتبر الموقف الأسلم والأشرف للمبدع.. أما ما يطرحه الكتاب الذي صدر مؤخرا تحت عنوان: كنت شيوعيا وهو عبارة عن مقالات كتبها الشاعر العراقي بدر شاكر السياب في جريدة الحرية البغدادية عام .1959
ولم يتمكن من جمعها في كتاب إذ رحل عن عالمنا في 24/12/1964 وربما لم يقدم علي نشرها في كتاب أساسا، وأتصور أن هذه المقالات كانت تخدم مرحلة معينة، وسياسة معينة أثناء حكم عبد الكريم قاسم بعد ثورة العراق التي بدأت في 14 يوليو تموز عام ..1958 وأظن أن السياب كتب هذه المقالات لخدمة هذه الفترة، وهذا الحكم، وتلك السياسة، بشكل قوي ورديء، وفي الوقت ذاته أراد أن يصفي حسابات قديمة مع رفاقه الشيوعيين، أو الذي كانوا رفاقا له قبل ثماني سنوات من تاريخ كتابة هذه المقالات واستخدم السياب في هذه المقالات أقصي واقسي أنواع التشهير، والشتائم، والأكاذيب لدرجة تصل إلي وصلات ردح طويلة، ورغم ذلك فهو يكرر دائما انه لا يريد أن يحكي بالتفصيل، أو أن الجريدة الموقرة منعته من ذلك، وكان السياب قد التحق بالحزب الشيوعي العراقي في عام 1944، وكان الذي جنده عمه، وعمل ثماني سنوات في هذا الحزب، وتم توقيفه أكثر من مرة، وخاض نضالات هذا الحزب، وتحت قيادته، وبعد خروجه، أو فصله صمت ثماني سنوات أخري، حتي جاء أيام عبد الكريم قاسم، فاندفع السياب ليكتب هذه الحلقات الأربعين بشكل يومي.. لتصفية حساباته مع الشيوعيين العراقيين، والشيوعية العالمية، وهو لا ينسي، بل يؤكد علي مدح عبد الكريم قاسم ووصفه بالزعيم الأوحد، والزعيم الديمقراطي، وموحد الشعب، وهذا مما يضعف الحجج الكثيرة للسياب في سب رفاقه، بأقذع أنواع السباب، وتجريدهم من الشرف والكرامة والمسئولية والإنسانية، وتجريدهم من الوطنية، وانصياعهم إلي الاتحاد السوفيتي انصياعا أعمي، يخلو تماما من أي بصيرة، وبزعم السياب أيضا أن رفاقه ثاروا عليه عندما كتب قصيدتيه المومس العمياء و الأسلحة والأطفال لان بها انحيازا للعرب والقومية العربية، رغم أن السياب تقلب في مختلف المدارج الفكرية والسياسية، من الماركسية الرومانسية، إلي القومية السورية إلي القومية العربية، وأخيرا كتب لن يبقي من الشعراء إلا شعراء تموز الثلاثة هو وأدونيس ويوسف الخال، ومنذ بداية مرضه كما كتب لويس عوض انجذب بقوة أيام تعاونه مع عبد الكريم قاسم إلي القوميين السوريين عام 59 ، 60 من القرن الماضي وحضر مؤتمرا في روما للدراسات العربية، وفي هذا المؤتمر ألقي محاضرة عن الأديب العربي ومبدأ الالتزام هاجم فيها اليمين القومي العربي، واليسار الشيوعي العربي، وأكد أن الطريق الوحيد إلي الأدب الإنساني هو طريق الشعراء التموزيين وهم أدونيس ويوسف الخال، وبدر شاكر السياب، حسب تحديده بالنص، وفي أواخر أيامه أنكر هذه الدعوة، وعاد مرة أخري إلي القومية العربية، كما تشهد قصائد المرض.
وفي هجوم السياب علي الشيوعيين، والذي تنكر فيه لكل ما قام به أثناء انضمامه للحزب لدرجة أنه أدان نفسه، واعترف بأخطاء تصل إلي حد الخديعة، مثل ترجمته المحرفة في مجلات أمريكية، ومحاولة إسباغ أبعاد اشتراكية علي ما يترجم ليمر في المجلات التي كانت تنشر له.. وسب السياب رفيقه الشعري اللدود عبد الوهاب البياتي، ووصفه بالشاعر التافه، بل واعتدي علي شعراء عالميين كبار مثل ناظم حكمت وبايلونيرودا واعتبار أشعارهم أشعارا شيوعية، لا ترقي حتى إلي مستوي أن تقرأ.. ولا تمر بضع صفحات حتي يتذكر عبد الكريم قاسم.. وكأن هذه المقالات ليست تصفية حسابات فقط، بل كأنها بلاغ إلي عبد الكريم قاسم، فهو يقول عن احدي حكاياته مع رفاقه: وأنا أري لزاما علي اليوم أن أروي قصة فصلي والدور القذر الذي لعبه الشيوعيون فيها ليقرأها ذلك الصديق ويقرأها معه المواطنون، ويقرأها المسئولون وقبل .. ليقرأها سيادة الزعيم الأوحد، وأنا آمل أن يكون في وقته الذي يكرسه لخدمة الشعب والسهر علي مصالحه، متسع لقراءة هذه السطور التي يكتبها لا مجرد مواطن مظلوم، وإنما شاعر من ابرز شعراء العرب.
ويقدم نفسه في ذات المقال قائلا: ها أنذا اليوم شاعر لا يقل عن الرصافي شاعرية ووطنيا مخلصا وديمقراطيا صميما أحارب في رزقي، في عهد الزعيم الفذ عبد الكريم قاسم، لا لأنني ضد الجمهورية بل لمجرد إنني أحب عبد الكريم قاسم أكثر من حبي لخروشوف ولينين وماركس ويمدح قاسم مرة أخري.. بعد أن أنقذتنا تلك الضربة التي اصطفي الله لتنفيذها زعيمنا العبقري عبد الكريم قاسم، وأطلق الحريات للناس أجمعين بما فيهم الرفاق.. ورغم كل هذا المديح.. وقيل إنه كتب حوالي عشرين قصيدة في مدح الزعيم، إلا أنه فور سماعه بانتهاء حكم عبد الكريم قاسم في 8 فبراير 1963 وكان السياب آنذاك يرقد في مستشفي سانت ماري بلندن، كتب قصيدة هجائية كان مطلعها: عملاء قاسم يطلقون النار، آه علي الربيع وإن كان السياب علي مدي الكتاب كله، يسب ويشتم ويلعن ويشهر إلا أنه لم يخض مناقشة واحدة موضوعية، بل إن الكتاب أو الأربعين وصلة ردح، كلها وصلات تشبه بعضها، وتبدو النظرة العنصرية تجاه اليهود، وزعم أن قيادة الحزب الشيوعي كانت يهودية، ويربط بينهم وبين الحلم الصهيوني، وأنهم: بذلوا في سبيل ذلك أموالهم لدعم الحركة الشيوعية في العراق ، ويلجأ السياب إلي حجج دينية ضعيفة لسب اليهود، لمجرد أنهم يهود، فهذا يهودي قذر، وهذا يهودي حقير، حتي يقول: إنه الحقد اليهودي الخسيس يتكلم ،.. ويعلن السياب أنه يحب مكارثي أكثر من حبه للشيوعيين، أو تفضيله عنهم، ولابد أن يتكاتف العالم كله من أجل هذا الخطر العالمي والضد إنساني،، وراح في عدد من الفصول يشرح رواية (1984) لجورج أورويل، التي استفاضت في مهاجمة المجتمعات المغلقة، رغم أن أورويل لم يقل إنها مجتمعات شيوعية، ولكن السياب وجد فيها ضالته لينزل بهراوته الإنشائية واللغوية علي رأس الشيوعيين الرفاق.. فيقول عن البياتي.. بل يرسل بلاغا عنه، عندما كتب قصيدة، وكان ضمنها: (فالله في مدينتي يبيعه اليهود
الله في مدينتي قواد)..
السياب هنا يصطاد علي شاكلة الرقيب المتخلف، فيقول: (لن أستغل هذا السطر فأقول إنه دليل إلحاد الشيوعيين وكفرهم، إن البياتي لا يعني كفرا فيما قاله، ولعله لا يملك الشجاعة الكافية لذلك، ولكن ما حيلة الرجل وهو (مصلخ. عاري) من البلاغة غير متمكن من اللغة العربية، والأسلوب العربي المتين).. ويستمر السياب في تجريد البياتي من أي شعرية، مستخدما مهارته اللغوية، بل وسخريته اللاذعة.. وفي ظل كل هذا الهجوم داس السياب علي أي إنجاز للشيوعيين العراقيين بمختلف اتجاهاتهم، أو أجنحتهم، وتطرق إلي سب مؤسسي الفلسفة الماركسية، والحركة الشيوعية العالمية وربط بشكل سطحي بين الفلسفة الماركسية ، والديانة اليهودية، فيقول ماركس اليهودي القذر، وزعم أكثر من مرة أن لينين يهودي، فيقول (لينين اليهودي) رغم أن لينين كان مسيحيا.. ولكن ماذا يفعل السباب، وكان قد استنفد كل طاقته في السياب، فراح يخترع ويزيد ويعيد.. ويقذف ويشوه كل ما هو شيوعي، في بلاغ طويل يكشف عن وجه آخر تماما لهذا الشاعر، وقد تلقي هذه المقالات بظلال كثيفة علي قراءة شعره بطريقة أخري، وإخضاعها لوجهه نظر مختلفة!!.

الكتاب: كنت شيوعيا
المؤلف: بدر شاكر السياب
الناشر: منشورات الجمل
شعبان يوسف

القاهرة



#شعبان_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شعبان يوسف - الوجه الآخر للسياب !