أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الامير المجر - لمناسبة مرور عام على رحيله .. نجيب محفوظ في ابداعه ومواقفه ايضاً !















المزيد.....

لمناسبة مرور عام على رحيله .. نجيب محفوظ في ابداعه ومواقفه ايضاً !


عبد الامير المجر

الحوار المتمدن-العدد: 2083 - 2007 / 10 / 29 - 11:24
المحور: الادب والفن
    


كانت كتابات ديستوفسكي ومن قبله غوغول تمثل المهمل في قراءات الساسة والمنظرين الروس لحقبة خطيرة من حياة الشعب الروسي، وان قيمة هذه الكتابات الادبية، صار يجري اكتشافها لاحقاً، وتكتسب اهمية متجددة لدى الباحثين في احوال روسيا التي استجاب شعبها وبحماسة لطروحات “البلشفيك” التي تعد راديكالية بل غير واقعية كما رأوها “المنشفيك” شركاء لينين في الحزب الاشتراكي الثوري قبل ان يقود انشقاقه الشهير ويعلن اصراره على الثورة التي انتصرت عام 1917!... لقد كانت التطورات والارهاصات التي رافقت ثورة اكتوبر وصولاً الى نجاحها المبهر ثم انكفائها “كثورة وفكرة” بعد سبعة عقود تستدعي ان نقرأها من جديد من خلال “المهمل” والمنبوذ من الادب الروسي “الموضوعي منه تحديداً” الذي رافق تلك العقود وعكس الغاطس والمغيب من حياة شعب روسيا “الإشتراكية” ومجمل دول الاتحاد السوفيتي..
اذن فالادب لم يعد مجرد تصوير فني للحياة بل تجاوز في اهميته مالم يكن يتوقعه كتابه انفسهم وان قصدوا ما كانوا يكتبون!.. وعند الحديث عن ادب نجيب محفوظ فاننا مدعوون لقراءة تاريخ مصر وتحديداً منذ العقود الاولى من القرن العشرين حتى نهايته، والذي احتواه ادبه الذي ظل يعكس المخفي والمسكوت عنه من سلوك المجتمع وثقافته وجوانياته التي كشف عنها محفوظ في كتابات نمت عن قراءة عميقة للواقع المصري، وهكذا فان الباحثين عن تاريخ مصر السياسي سيجدون في قراءتهم لادب محفوظ ما يعطيهم مفاتيح مهمة لقراءة اكثر موضوعية لواقع الشعب المصري الذي ايد بقوة طروحات ثورة 23 تموز/ يوليو1952 ومن ثم انكفاء الثورة وفكرتها ايضا وصولاً الى قبول الشعب المصري بشكل عام او ركونه للسلام مع اسرائيل!..
اذن نحن امام قراءتين لواقعين سياسيين، اختصر الادب، بقصد منه او من دون قصد مبررات الاحداث التي وقعت فيهما او انه“الادب” كان العين الثاقبة التي ترى ما لا يراه الاخرون ومن هنا جاء اهتمام اسرائيل بادب نجيب محفوظ ليؤكد ان اديب الواقعية كان “واقعياً” جداً في عرض اسقاطات السياسة على سلوك الناس من دون ان يكتب بشكل مباشر ادباً سياسياً!..
وعند الحديث عن محفوظ “السياسي” ينبغي ان نتجاوز حساسيتنا تجاه بعض المواقف التي يستقر عندها الضمير الجمعي ـ العربي تحديداًـ كالقضية الفلسطينية وثورة يوليو/ تموز واليسار، وحتى الديمقراطية كمفهوم رجراج لم نتفق جميعا على تعريفه بشكل متشابه، واذكر هنا بعض ما استوقفني في طروحات محفوظ والتي صرت اعيد قراءتها بحيادية متجاوزاً انحيازي لموقفي “الشخصي” منها.. لقد قرأت حواراً مع محفوظ قبل نحو عشرين عاماً، قال فيه.. لا ارى في عبد الناصر سوى الدكتاتورية التي فرضتها المخابرات!.. ثم اكد هذا الرأي في روايته “قشتمر” التي صدرت اواخر الثمانينيات اي في قمة نضجه، وذكر فيها ان ثورة 23 تموز/ يوليو/1952 هي هجوم الفقراء على املاك الاغنياء وانقل هنا بالمعنى وليس بالنص.. اما حكاية اشرافه على رسالة الماجستير التي اعدها رئيس اسرائيل الجنرال عزراوايزمن والتي كانت عن ثلاثيته الشهيرة فانها تعيدنا الى الاهتمام الاسرائيلي بادبه وتؤكد مقدار ابتعاده عن الخطاب السياسي العربي، وقربه من مبدأ “السلام” الذي دافع عنه ايضاً في قصة قصيرة بعنوان “ذاكرة الجيران” كتبها بعد حادثة الاعتداء عليه من قبل اسلاميين متطرفين اواسط التسعينيات بسبب روايته المثيرة للجدل “اولاد حارتنا” ولعله كشف عن موقفه من سياسة عبد الناصر بشكل سافر في اعماله المتأخرة التي كانت بمثابة محاكمة للحقبة الناصرية برمتها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة اليوم هو كيف نقرأ نجيب محفوظ ادباً وموقفاً؟ لاشك ان نجيب محفوظ كان قارئاً كبيراً قبل أن يكون كاتباً كبيراً وان موهبته الادبية احتوت المفكر فيه فضمّن رؤاه للحياة اعماله الابداعية، تماماً كديستوفسكي وعليه ينبغي قراءة محفوظ من زاوية اكثر سعة لاسيما اعماله ذات المضامين المركبة كرواية “الطريق” و”اولاد حارتنا” وغيرها اي ان نتأمل البعد الانساني الذي تنطوي عليه رؤية اديب مفكر ومثقف متأمل في جوهر العلاقات الانسانية وبعدها الاخلاقي الذي تجسده القيم العليا الخالدة بعيداً عن التجاذبات العقائدية والفكرية بشكل عام، وان اخضاع مبدأ التعاطي مع الانسان بصفته “نوعاً” يتماثل مع اخيه الانسان في كل بقاع الارض لموجهات العقائد والافكار يجعل الاحكام نفسها خاضعة لعبودية الفكرة في ثباتها الايديولوجي وربما “البراغماتي” فيها، والذي لا يأبه بحكم حدة الانتماء والانغماس فيه للمثل العليا القارة التي تلتقي عندها البشرية بالفطرة شاءت العقائد ام ابت، واستذكر هنا ما قاله غوربا تشوف، اواخر العهد السوفيتي امام الجمعية العامة للأمم المتحدة.. ان القيم الانسانية تبقى فوق العقائد والايديولوجيات!.. فهل كانت مقولة غوربا تشوف تمثل صحوة متأخرة على واقع مختلف اما انها اقرار بان العقائد بمجملها تمثل “معابر” مرحلية تستنفد حاجتها ويصبح التحرر منها ضرورة للحياة؟ ما اريد قوله هنا هو ان محفوظ من الذين لا ينبغي ان نتعاطى مع “مواقفهم” انطلاقاً من تداعيات الحدث اي حدث حتى لو كان بمستوى “القضية الفلسطينية” لان هؤلاء ينتمون الى قيم الايمان العميق، الايمان الذي تهدأ تحت سطحه فورة العاطفة التي تفرضها المعطيات المتعارضة وتغذيها الموجهات العقائدية والتي تكون اكثر حدة عندما ترتبط بشكل او بآخر بالدين، انه ايمان يرى فيه “المؤمن” مجمل التناقضات بانها “عوارض زائلة” في رحلة الوجود الحي المندفع للامام باستمرار والذي يترك خلفه بالتأكيد الكثير من العقائد مهما كانت قارة ومتاصلة وهذا هو جوهر رسالة الكبار الذين حينما يصبح فعلهم الانساني او الابداعي ينتمي للجميع فان الجميع ومن دون قصد منهم يسقطون عنهم صفة الانتماء العقائدي المكتسب من لون البيئة او الملتصق بهم برغم انفهم!.. من يفكر بدين او عقيدة شكسبير وغاندي مثلاً؟.. لان هؤلاء جسدوا انتماءهم للقيم الخالدة اي انهم اخترقوا الحواجز العقائدية عند الجميع ليكونوا ملكاً للجميع.. ومن هنا فان محفوظ لم يتعاط مع القضية الفلسطينية باعتباره عربيا مسلماً بل انساناً ينظر الى الاخر ويتعامل معه انسانياً وحسب وانه ليس مع احتلال فلسطين واضطهاد شعبها بل انه يرى التعارض العقائدي الذي انتج المشكلة او بالاحرى اذكى مأساتها، لا يستند على البعد الانساني الاشمل الذي ينتمي اليه او انه بات يسبح في فضائه فالارض للانسان والدول والقوانين والدساتير حاجات مرحلية تفرضها ضرورات تنظيم الحياة وانها ليست الحياة كلها بالتأكيد.. هذه الرؤية العميقة يصعب فهمها من قبل العامة والبسطاء الذين يحكمون على الاشياء وفقا لثنائية“معي او ضدي” او الحق المطلق والباطل المطلق انطلاقاً من عقائد تبقى نسبية في كل الاحوال..
لا اريد هنا ان اطلق احكاماً جازمة ولكني اجتهد وحسب مع احتفاظي بموقفي الذي ارى فيه ضرورة مرحلية في واقع مضطرب لكني لا اريد لهذا الموقف ان يكون باباً لاحكام غير دقيقة، لاسيما حين يتعلق الامر بشخص في مستوى نجيب محفوظ الذي ستعاد قراءته في المستقبل عشرات بل مئات المرات وستصبح طروحاته مدار نقاش وحوار لقراء المستقبل..
الشيء الذي لابد من ذكره هنا هو ان موقف محفوظ من القضية الفلسطينية يلتقي في جوهره مع موقف اليساريين عربا ويهوداً ومع الليبراليين الحقيقيين عند الطرفين لكن المعادلة محكومة للاسف خارج هؤلاء وقوتهم وهنا تكمن المحنة التي تفرض موقفاً آنوياً يتماشى مع معطيات الواقع الامر الذي يربك نظرة الناس لمن يرى خارج هذا الاطار الحديدي الذي تفرضه قيم لافكاك من التعامل معها..
وهنا تكمن ليس مأساة المفكر الحر وحسب، بل مأساة الحياة نفسها لان ما يتطلع اليه اصحاب العقول الكبيرة يبقى بعيداً جداً، وربما لا يأتي الا بعد ان تستنفد الحياة اسئلتها الاخلاقية ولم تعد الاجوبة تعني الشيء الكثير!..






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل الاميركي بعيون عراقية-رهان القوة في مواجهة حلم السلام ...


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الامير المجر - لمناسبة مرور عام على رحيله .. نجيب محفوظ في ابداعه ومواقفه ايضاً !