يحيى الشيخ
الحوار المتمدن-العدد: 2079 - 2007 / 10 / 25 - 11:26
المحور:
الادب والفن
سركون بولص يضاعف انتباهنا
بعد غياب سنتين بين السعودية والبحرين، عدت الى بغداد في مستهل صيف 68.... سأعثر على الأصدقاء في أحد المقاهي، سأحدثهم عن البدو في الجزيرة العربية وصيادي اللؤلؤ في البحرين، أو أحدثهم عن البحر ..... تعانقت مع فائق حسين وجلست. سألني متى وصلت، وماكدت أفرش حديثي على الطاولة سحب سركون بولص كرسيا وانضم الينا.. عرّفني فائق له ... أسمه، جبينه الواسع، وجهه المربع وشعره السبل الكث تكشف أصله الآرامي. سألنا هل نعرف كم جناح للذبابة !! حاول فائق اصطياد واحدة ولكن عبثا فقد كشف سؤاله ضعف علاقتنا بالعالم و فضح حيرتنا ازاءه. أضاف " نقتل الذباب كل يوم لكننا لانعرف كم جناح لها... لقد واجهني سؤال في الامتحان هذا اليوم ولم أجب عليه لجهلي..." لم يكن سركون قلقا بشأن الامتحان بل بشأن طبيعة علاقتنا بالأشياء، وقدرتنا على الإنتياه لها، وعن مبرراتها ومبرراتنا. بعد حين مر بجانبنا نادل يسقي الماء أخذ فائق كأسا وسأله عن اسمه. قال اسما غريبا فسأله عن معناه أجاب أنه لايعرف. رد عليه سركون ربما تموت وأنت لا تعرف معنى اسمك ! رد الرجل : وما حاجتي بالمعنى ... !! قضينا الليلة حديثنا يجنح بين المعنى وجناح الذبابة. افترقنا ولم نلتقي حتى اليوم، لكني في كل مرة أقرأ شعر سركون بولص أعثر على ذلك المنتبه للعالم ولنفسه الذي لم ينس علاقته بالوجود عبر أصغر الأشياء وأكثرها ألفة. عثر سركون على مبررات وجوده في شعره وفي " سراديب سويدائه ". وعثرعلى معنى حياته في موته. كلنا سنموت ولكن من منا سيكتب مثل سركون هذا الشعر:
أحلم في آخر قطرة
ترشح من سدوله
بأنواع الهموم
بأنواع الهموم
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟