|
»تقسيم العراق«.. بالون سياسي أم خطر جدّي؟!
عبد الرزاق الصافي
الحوار المتمدن-العدد: 2058 - 2007 / 10 / 4 - 12:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أثار القانون الذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الاربعاء الفائت، بأغلبية كبيرة »٥٧ مقابل ٣٢«، وهو قانون غير ملزم للرئيس الامريكي، يقضي بتقسيم العراق الى ثلاثة كيانات، على اسس طائفية وقومية، ترتبط بحكومة في بغداد ذات صلاحيات محدودة، معارضة شديدة من جانب غالبية القوى السياسية العراقية، التي اعتبرته تدخلاً فظاً في الشأن العراقي، على الضد من مصالح شعبه، وخرقاً فاضحاً لكل القوانين والمواثيق الدولية وشرعة الامم المتحدة وجمعيتها العامة وقرارات مجلس الامن التي اتخذت بشأن العراق منذ حزيران »يونيو« ٣٠٠٢ حتى الآن. ولا يخفى على أي متابع ان هذا القانون، الذي يقف وراءه اللوبي الصهيوني في امريكا، يسعى لتحقيق حلم صهيوني قديم بتقسيم كل الدول المحيطة بإسرائيل الى دويلات هزيلة، على اسس طائفية، تكون عرضة لنزاعات فيما بينها على الحدود والثروات الطبيعية من مياه ونفط وغيرها. نزاعات لها اول وليس لها آخر. هذه الاسس الطائفية التي تتيح لإسرائيل تحقيق حلم آخر من أحلامها، ألا وهو الخلاص من الاقلية العربية في إسرائيل وطردها، باعتبار ان إسرائيل دولة عبرية لليهود وحدهم، خلافاً لقرار التقسيم الذي كان يقضي بإقامة دولة لليهود في جزء من فلسطين وليس دولة يهودية. لقد أبدت غالبية القوى السياسية العراقية داخل البرلمان وخارجه رفضها الحازم لهذا القانون، الذي يعكس الغطرسة الإمبريالية الامريكية، والاستهتار بمصائر الشعب العراقي حاضراً ومستقبلاً. كما اعلنت رفضها للقانون جامعة الدول العربية. ولا اعتقد ان اياً من دول الجوار العراقي، عربية كانت ام غير عربية، يمكن ان تقبل بتقسيم العراق، لما يـُمكن ان يهددها من أخطار كبيرة إذا ما تم هذا التقسيم على اسس طائفية وقومية. »أكتب هذه الأسطر صباح يوم الجمعة المصادف ٨٢/٩/٧٠٠٢«. وموقف دول الجوار هذا معروف منذ أمد بعيد، إذ ورد في عشرات البيانات التي اصدرتها هذه الدول، وبيانات جامعة الدول العربية في اكثر من مناسبة. واعلن البيت الابيض رفضه للقانون، رغم كونه غير ملزم، لأنه لو كان ملزماً لتطلب استخدام الرئيس جورج بوش حقه الدستوري في رفض القانون »أي استخدام حق النقض - الفيتو - الذي يخوّله له الدستور الامريكي«. غير ان رفض الرئيس جورج بوش للقانون ينبغي ألا يشيع الخدر في صفوف الشعب العراقي وقواه السياسية والشعوب العربية والصديقة، وألا يضعف النشاط المطلوب من قبل الجميع، عراقيين وعرباً واجانب، لتشديد الحملة ضد هذا القانون اللاقانوني والمنافي لجميع الشرائع الدولية، كما سبق وذكرت. ذلك ان مجرد إقرار القانون من قبل مجلس الشيوخ الامريكي، وبهذه الأغلبية الكبيرة يشكـّل خطراً جدياً يتطلب حشد القوى ضده من قبل الحكومة العراقية، والكتل البرلمانية والاحزاب السياسية، لإثارة ضجة عالمية ليس ضد القانون فحسب، بل وضد هذه الغطرسة الإمبريالية الامريكية، التي يعكسها إقراره. ان العراق وحدة جغرافية وسياسية قائمة منذ مئات، إن لم يكن آلاف السنين، وإن مصالح كل مكوناته في العيش المشترك على اساس الديمقراطية والمساواة والاتحاد الاختياري بين كل هذه المكونات هو الاساس المتين لدحر كل المؤامرات والمساعي الشريرة لتمزيق هذه الوحدة. وقد أقر الدستور العراقي ان العراق دولة موحدة ذات نظام ديمقراطي اتحادي »فيدرالي« يضمن لجميع مكونات الشعب العراقي المشاركة في السلطة وفي تقاسم الثروة. وهذا لا يعني، ولا ينبغي ان يعني، بأي حال من الاحوال، تقسيمه على اسس طائفية، لما يشكله هذا التقسيم الطائفي من اخطار جمة، وما يـُمكن ان يسببه من كوارث جديدة للشعب العراقي بجميع مكوناته. وان اول ما يتطلبه الموقف حالياً، من القوى السياسية العراقية، هو وحدة الموقف، والتعاون الجدي لدفع هذا الخطر الماثل، والاسراع في إنجاز المصالحة الوطنية المتعثرة. وذلك بالارتفاع الى مستوى المسؤولية المطلوب، والتحلي بالمرونة اللازمة لتجاوز كل نقاط الاختلاف العالقة حتى الآن وفي مقدمتها قضية تعديل الدستور، وقانون النفط، وتطبيق المادة الدستورية المتعلقة بكركوك، وغيرها من النقاط التي تشكـّل اساساً لمصالحة وطنية حقيقية تضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار، وتتيح الامكانيات الكبيرة للقضاء على الارهاب والتخريب والعنف المنفلت من عقاله، الذي تقوم به عناصر تنظيم القاعدة القادمة من الخارج، والبعثيون الصداميون الذين لا يزالون يحلمون باسترجاع فردوسهم المفقود في السلطة، والتعجيل بتنفيذ خطط إعمار ما خربته الدكتاتورية وارهابها الدموي وحروبها العبثية والحصار الدولي الجائر والاحتلال البغيض. إنه امتحان جديد ولا بد من تكريس كل الجهود والطاقات للنجاح فيه.
#عبد_الرزاق_الصافي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضد الحرب .. ومع إسقاط النظام بأيد عراقية
المزيد.....
-
أجسام متطايرة ورياح قوية.. شاهد إعصارًا يعيث فسادًا في واشنط
...
-
خبير: بايدن لن يقبل دعوة بوتين للتفاوض و-أخشى أن نختفي عن وج
...
-
سجن شابة سربت أجوبة امتحانات التعليم المتوسط في الجزائر
-
الجيش الإسرائيلي يرتكب مجزرة مروعة في مدرسة تحوي نازحين بمخي
...
-
الديمقراطيون هم الذين يهددون الديمقراطية!
-
اليابان: تصريح بوتين حول استئناف الحوار بين البلدين غير مقبو
...
-
آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /06.06.2024/
...
-
صحيفة: أوروبا تعتزم فرض عقوبات على 6 شخصيات -عسكرية- في السو
...
-
إذا حدثت.. كيف ستبدو حرب حزب الله وإسرائيل؟
-
السعال الديكي يتفشى من جديد في أوروبا والسلطات تحذر وتدعو إل
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|