طه الوادي
الحوار المتمدن-العدد: 2057 - 2007 / 10 / 3 - 07:01
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تسابق العديد من الزملاء والأساتذة للكتابة والإعلان عن شجبهم وأمتعاضهم لقرار مجلس الشيوخ الأمريكي بتقسيم العراق إلى ثلاثة مقاطعات فدرالية ، لكنني قررت أن أحتفظ بإعتراضي وشجبي للقرار وعدم الكتابة عنه. الذي دعاني لإتخاذ مثل هذا الموقف هو قناعتي التامة بأن مسألة التخلص من الإحتلال الأمريكي هي مسألة حتمية وتحتاج إلى وقت وهي حاصلة لا محال ولو بعد حين. ليس مهماً متى سيحزم المحتل حقائبه ويرحل لكن المهم في الوقت الحاضر هو التركيز على البنية التحتية العراقية والتشكيلات السياسية والوطنية العاملة على الساحة العراقية تحت مظلة الإحتلال والوقوف على طبيعة مساراتها السياسية أو الدينية وفيما إذا كانت هذه المسارات ستخدم العراق الجديد ما بعد الإحتلال.
إن من أكبر الصعاب التي تواجه العراق والعراقيين في الوقت الحاضر خارج منظور الإحتلال هو التدخل الإيراني السافر في العراق من خلال بعض الأحزاب العراقية خاصة تلك الأحزاب والتيارات التي ولدت أو ترعرعت بعد الإحتلال. ورغم قناعتي أن الجهات الإيرانية لم ولن تفرق في تعاملاتها مع القضية العراقية من أجل تحقيق أستراتيجياتها الأمنية ومصالحها السياسية بين الأحزاب الشيعية وتلك السنية أو حتى العلمانية إلا أن الواضح أن هذا التدخل قد وجد ثقباً في جدار منظومة الأحزاب العراقية تمكن من خلاله الدخول وتثبيت ركائزه معتمداً على الطبيعة الأمية للتنظيم المقصود وهو أمر أعتمدته إيران في حربها الضروس مع العراق حين كانت تزج بالآلاف من الجنود والمرتزقة غير المؤهلين في حرب طاحنة ، سلاحهم مفاتيح لدخول الجنة معلقة في رقابهم مقابل أسلحة تدميرية متطورة كان نفس المحتل الأمريكي يجهز بها نظام صدام مباشرة أو عن طريق السوق السوداء.
فمنذ الإحتلال وربما قبله لم تترك ايران اي حزب سياسي في العراق بدون ان تنفذ اليه سواء كان حزب شيعي او سني , اسلامي او علماني . ازلام ايران في كل مكان وقد نجحوا في تجنيد عدد كبير من قيادات الاحزاب المختلفة ولكن تركيز ايران على التيار الصدري ورغبتها في السيطره الكلية عليه كبيرة وواضحة وقد صرفت في سبيل تحقيق هذا الهدف الملايين من الدولارات وضخت الالاف من قطع الاسلحة والعبوات الناسفة ، وقد نجحت في اختراق ما يسمى بجيش المهدي عن طريق – القراركاه -) استخبارات الحرس الثوري) وكونت مايسمى حاليا في العراق بـ (الجيش السري ) ، والجيش السري فصيل يتظاهر بتأيد مقتدى الصدر لكن ولاءه في حقيقة الامر لقيادات الحرس الايراني وعلى رأسهم (احمد سيابوش , حميد تقوي , مهدي حزباوي , دانشي , حديدي). وهو جيش ينفذ اوامر ايران التي تمده بالمال والسلاح , ويمكن تمييزه عن جيش المهدي الموالي لمقتدى الصدرعن طريق السيارات التي يستخدمها وهي من نوع تويتا بيك اب والتي يطلق عليها العراقيون في الجنوب بـ ( المسعدة )، واقتناءهم لقناصات وبنادق ايرانية ونمساوية ومسدسات ( البرتا) التي تزودهم ايران بها . وفي الاونة الاخيرة فتحوا مكاتب خاصة بهم وبعيدا عن مكاتب الصدر وهم لايرون حرجا في الحديث عن ارتباطهم المباشر بايران ورواتبهم المغرية.
اما "اصحاب القضية" فهم مجموعة انشفت من التيار وتدعي ان مقتدى قد استشهد في معارك النجف ابان حكومة علاوي وان الشخص الحالي هو الامام الحجة (ع) وعلى الجميع طاعتة والالتزام بأوامرة ومن يخالفهم الرأي تتم تصفيتة علنا وبوضح النهار خاصة اذا كان من التيار وقد قتلوا عدد من رموز التيار في مختلف المحافظات ويبدوا ان مقتدى غير راض عن هاتين المجموعتين وجاء قرار التجميد لغربلة عناصر التيار وفرز الموالي من المعادي . اما القوى الضاربة لمقتدى داخل التيار فهي ماتسمى بـ (الفرقة الذهبية) والتي تستلم اوامرها من مقتدى مباشرة ويقودها شباب موالين له وعلى استعداد عال للتضحية وتنفيذ الأوامر ، وبعد ان صدر قرار التجميد بدأ عناصرها بالتحرك داخل صفوف التيار ونفذوا عمليات تصفية بحق عدد كبير من المخالفين لأوامر مقتدى.
يبدو ان قدر العراق ان يكون مليئاً بالمجرمين والسراق والقتلة ، فقد تحول العراق الى غابة يأكل فيها القوي الضعيف. الاحزاب ، العشائر، الشخصيات النافذه ، كلهم يتصارعون من اجل نهب ( ماتبقى من العراق ). حزب الفضيلة او كما يسميه البصريون بـ ( حزب النفط ) بدأ معركته مع الاحزاب الاخرى في البصره ( معقل الحزب) ليسطير مع بيت عاشور على عمليات تهريب النفط !! في البصرة وحدها يسقط يومياً اكثر من عشرة ضحايا بنيران ( البطة) التي تجوب شوارع المدينة ليل نهار وبمرأى من الشرطة والجيش..قبل أيام حاولوا اغتيال مدير مكتب قائد شرطتها بقصد توجيه رسالة واضحة لقائد الشرطة بان يومه قريب بعد ان صوت مجلس المحافظة على طرده من المنصب!! لان قائد الشرطة قد انتقد ولمرات عديده تدخل الاحزاب في عمله.
حالة مريبة ، وشاذة ، خطورتها أكبر بكثير من فكرة التقسيم نفسها ، فمثلها مثل حشرة الإرضة التي تنخر الأعمدة الخشبية وجذوع الأشجار لتحيلها إلى هياكل هشة يسهل تساقطها بمجرد هبوب الرياح.
#طه_الوادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟