أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - اناتولي لوناشارسكي - لوحات ثورية: ليو دافيدوفيتش تروتسكي















المزيد.....



لوحات ثورية: ليو دافيدوفيتش تروتسكي


اناتولي لوناشارسكي

الحوار المتمدن-العدد: 2057 - 2007 / 10 / 3 - 11:08
المحور: الارشيف الماركسي
    


تنبيه :
اناتولي فاسيليفتش لوناشارسكي(1875-1933)، من قادة الثورة الروسية، ومفوض الثقافة الأول فيها على عهد لينين.(لم يكن البلاشفة يستعملون لفظ "وزير" بل لقب "مفوض")
والمقالة أسفله هي فصل من كتاب "لوحات ثورية" يقدم في كل منها الكاتب لوحة تتضمن ذكرياته الشخصية عن احد قادة ثورة اكتوبر وسنعمل تباعا على نشرها.

========

دخل تروتسكي تاريخ حزبنا بصورة مفاجئة إلى حد ما، ولمع فورا. وقد سمعت أنه بدأ نشاطه الاشتراكي-الديموقراطي وهو ما يزال طالبا بعد، ونفي قبل أن يبلغ عامه الثامن عشر.
ولقد هرب من المنفى. وأثار التعليق لأول مرة عندما ظهر في المؤتمر الثاني للحزب، حيث وقع الانشقاق. ومن الواضح أن تروتسكي أدهش الناس في الخارج ببلاغته، وثقافته المدهشة في ضوء صغر سنه، وثقته بالنفس. وهناك حكاية تروي عنه قد لا تكون صحيحة، ولكنها ذات دلالة مميزة. روي أن فيرا زاسوليش هتفت أمام بليخانوف بصراحتها المعهودة بعد أن قابلت لتوها تروتسكي: «إن هذا الشاب عبقري دون شك». وتستمر الحكاية فتروي أن بليخانوف قال لشخص ما وهو يغادر الاجتماع: «لن أغفر ذلك لتروتسكي أبدا» وفي الحقيقة لم يكن بليخانوف يحب تروتسكي، مع أنني اعتقد أن السبب في ذلك ليس أن زاسوليش الطيبة دعته عبقريا، وإنما لأن تروتسكي هاجمه في المؤتمر الثاني بحدة غير مألوفة وبعبارات ازدرائية. وكان بليخانوف آنذاك يعتبر نفسه في الأوساط الاشتراكية الديموقراطية صاحب جلالة لا يجوز انتهاك حرمتها مطلقا. وحتى الغرباء الذين اختلفوا معه كانوا يقتربون منه حاسري الرؤوس، وبالتالي فإن وقاحة مثل التي أبداها تروتسكي لا بد وأنها جعلته يستشيط غضبا، ودون شك، كان تروتسكي في تلك الأيام يتسم بغرور الصبا، وإذا أردنا الحقيقة، فإن أحدا لم يأخذه مأخذ الجد نظرا لصغر سنه، إلا أن الجميع اعترفوا بموهبته الرائعة كخطيب واشتموا أيضا، بالطبع، أن هذا الرجل ليس صوصا وإنما نسر صغير.

وقد التقيته شخصيا لأول مرة في مرحلة متأخرة نسبيا، في عام 1905، بعد أحداث كانون الثاني (يناير) [23]. كان قد وصل، نسيت من أين، إلى جنيف، وكان مقررا أن ألقي خطبة في اجتماع كبير جرت الدعوة إليه بعد الكارثة. وبدا تروتسكي أنيقا جدا، خلافا عنا جميعا، ووسيما جدا. وأحدثت هذه الأناقة، وطريقته اللامبالية المترفعة في مخاطبة الآخرين، لدي صدمة مزعجة. وتطلعت إلى هذا الغندور بنفور شديد، وقد صالب ساقيه وراح يخط بالقلم الرصاص بضع ملاحظات من أجل الخطبة المرتجلة التي كان مقررا أن يلقيها في الاجتماع. ولكن تروتسكي تحدث بصورة جيدة جدا فعلا.

وتحدث أيضا في اجتماع دولي، حيث استخدمت أنا اللغة الفرنسية واستخدم هو اللغة الألمانية. وقد شكلت اللغة بالنسبة لكلينا عقبة ما، ولكننا اجتزنا المحنة بشكل أو بآخر. واذكر أنه في تلك الفترة جرى اختيارنا –أنا من جانب البلاشفة وهو من جانب المناشفة- لعضوية لجنة شكلت لاقتسام موارد الحزب المالية المشتركة وهناك تبنى تروتسكي بصورة جلية أسلوبا مقتضبا ومتعجرفا.

ولم أره ثانية حتى عودتنا إلى روسيا بعد نشوب الثورة الأولى (1905)، كما لم أره كثيرا في أثناء الثورة. فقد ابتعد ليس عنا فحسب، وإنما عن المناشفة أيضا. ونشط في الغالب في سوفييت مندوبي العمال،ونظم مع بارفوس [24] مجموعة منفصلة أصدرت جريدة متطرفة جدا، محررة جيدا وصغيرة ورخيصة الثمن [25].

وأذكر أن شخصا ما قال في حضور لينين: «إن نجم خروستاليف يخبو، والرجل القوي في السوفييت هو تروتسكي». واسودّ وجه لينين للحظة، ثم قال: «حسنا، لقد كسب تروتسكي ذلك بفضل عمله اللامع والمثابر».

ومن بين جميع المناشفة آنذاك كان تروتسكي أقربهم إلينا، ولكنني لا أذكر أنه شارك ولو مرة واحدة في المناقشات الطويلة نسبيا بيننا وبين المناشفة حول إعادة التوحيد. وعندما عُقد مؤتمر ستوكهولم [26] كان تروتسكي قد اعتقل. وكانت شعبية تروتسكي في أوساط عمال بطرسبورغ حين إلقاء القبض عليه هائلة وازدادت أكثر نتيجة لتصرفه الرائع والبطولي في المحكمة. ويجب أن أقول أن تروتسكي، رغم صغر سنه، برهن بما لا يقبل الشك انه كان متهيئا لثورة عام (1905-1906) أكثر من جميع القادة الاشتراكيين الديموقراطيين الآخرين. وكان أقلهم عرضة لذلك النوع من ضيق النظرة الذي أثّر، كما سبق أن ذكرت، حتى على لينين. وقد فهم تروتسكي على نحو أفضل من جميع الآخرين معنى خوض الصراع على المستوى الوطني الشامل. وخرج من الثورة مسلحا بشعبية هائلة، بينما لم يكتسب لينين أو مارتوف أية شعبية على الإطلاق. أما بليخانوف، فقد خسر كثيرا بسبب إبدائه ميولا مشابهة للكاديت [27]. لقد كان تروتسكي آنذاك في مقدمة الصف الأول.

وتصرف تروتسكي في مؤتمر شتوتغارت الدولي بتواضع ودعانا جميعا إلى التصرف بصورة مشابهة، معتبرا أن الردة الرجعية في عام 1906 أوقعتنا من على السرج، وأننا لن نقدر على اكتساب احترام المؤتمر.

وفي فترة لاحقة اجتذب خط المصالحة ووحدة الحزب تروتسكي إليه. وكرّس جهوده أكثر من أي شخص آخر في جلسات عديدة مكتملة النصاب لهذه الغاية، وخصص ثلثي نشاطه في جريدته الصادرة في فيينا برافدا وكل نشاط مجموعته من أجل مهمة توحيد الحزب المستحيلة كلية.

وكان النجاح الوحيد الذي حققه هو الجلسة التي حضرها الجميع، وطرد في سياقها «التصفويين» [28] خارج صفوف الحزب، وكاد أن يطرد مجموعة «إلى الأمام»، ونجح حتى في رتق الفتق –وإن كان بخيط واه جدا- بين اللينينيين وأنصار مارتوف لفترة قصيرة من الوقت. وكانت تلك هي جلسة اللجنة المركزية التي تقرر فيها، بين أمور أخرى، إيفاد الرفيق كامينيف بصفته كلب حراسة عام لتروتسكي (كامينيف، بالمناسبة، صهر تروتسكي). ولكن صدعا عميقا حدث بينه وبين تروتسكي، إلى حد أن كامينيف عاد بسرعة إلى باريس. وهنا يتحتم علي القول أن تروتسكي كان سيئا جدا ليس في تنظيم الحزب فحسب، بل حتى مجموعة صغيرة منه. ولم يكن له عمليا أي أنصار مخلصين على الإطلاق. وإذا كان قد نجح في فرض ذاته على الحزب، فإنما تم ذلك كلية بفضل شخصيته. وقد أثارت حقيقة عجزه عن التلاؤم مع أوساط المناشفة رد فعل جعلهم يعتبرونه نوعا من الاشتراكي الديموقراطي الفوضوي، وأزعجهم سلوكه إزعاجا شديدا. ولم يكن هناك أدنى شك حول تماثله الكامل مع البلاشفة في تلك الفترة. أما في الظاهر فقد بدا أقرب ما يكون إلى المارتوفيين وتصرف دائما فعلا وكأنه واحد منهم.

إن عجرفته الهائلة وعدم استعداده أو رغبته في إبداء أي تعاطف إنساني أو الإصغاء إلى الناس، وفقدان ذلك السحر الذي أحاط دائما بلينين، حكم على تروتسكي بنوع من العزلة. ويكفي أن يذكر المرء أنه حتى عدد من أصدقائه الشخصيين (وأتحدث، بالطبع، على المستوى السياسي) تحولوا إلى أعداء لدودين له. فهذا حدث مثلا، مع مساعده الرئيسي، سيمكوفسكي [29]، وحدث أيضا، فيما بعد، مع الشخص الذي كان فعليا تلميذه المفضل، سكوبيليف [30].

لقد كانت موهبة تروتسكي في العمل داخل الهيئات السياسية ضئيلة. ولكن، في محيط الأحداث السياسية الواسع، حيث الصفات الشخصية من هذا النمط لا أهمية لها على الإطلاق، كانت مواهب تروتسكي الايجابية تماما تبرز إلى المقدمة.

وقد التقيت تروتسكي في المرة التالية في مؤتمر كوبنهاغن [31]. ولسبب ما، ارتأى لدى وصوله أنه من المناسب أن ينشر مقالا في «إلى الأمام» [32]، هاجم فيه دون تمييز جميع المندوبين الروسيين، وأعلن أنهم في الواقع لا يمثلون سوى جماعة من المهاجرين. واغتنم بليخانوف، الذي لم يكن يطيق تروتسكي، الفرصة للمطالبة بمحاكمته أمام محكمة ما. وبدا لي أنه ليس من الإنصاف فعل ذلك، ودافعت عن تروتسكي بحرارة شديدة، ولعبت دورا (مع ريازانوف [33]) في ضمان إحباط خطة بليخانوف... وجزئيا لسبب ذلك، وجزئيا ربما بحكم المصادفة، كثرت لقاءاتي مع تروتسكي خلال فترة انعقاد المؤتمر. وأمضينا أوقات الاستراحة سوية، وتحادثنا حول كثير من المواضيع، معظمها سياسي، وافترقنا على علاقات حسنة.

وبعد انتهاء مؤتمر كوبنهاغن مباشرة، أنشأنا، نحن مجموعة «إلى الأمام»، مدرستنا الحزبية الثانية في مدينة بولونيا (ايطاليا) ودعونا تروتسكي على الحضور لتولي التدريب العملي على العمل الصحفي وإلقاء سلسلة من المحاضرات، إذا لم أكن مخطئا، حول التكتيك البرلماني للاشتراكيين الديموقراطيين الألمان والنمساويين وتاريخ الحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي. وقد تلطف تروتسكي بالموافقة على هذا العرض وأمضى شهرا تقريبا في بولونيا، ويصح القول أنه حافظ على خطة السياسي الخاص به طوال الوقت وحاول أن يزحزح طلابنا عن موقفهم اليساري المتطرف ويقودهم حول موقف مصالحة والتقاء في منتصف الطريق، وهو موقف اعتبره، بالمناسبة، يساريا جدا. ومع أن لعبته السياسية هذه لم تثمر، إلا أن طلابنا استمتعوا جدا بمحاضراته التي نمّت عن موهبة رفيعة. وبصورة عامة، كان تروتسكي طوال إقامته مرحا بشكل غير اعتيادي، لقد كان لامعا، ومخلصا جدا تجاهنا، وخلّف أفضل انطباع ممكن عن شخصيته. كما كان واحدا من أبرز الذين ساهموا في مدرستنا الحزبية الثانية.

وكانت لقاءاتي الأخيرة مع تروتسكي، في باريس في عام 1915، أطول وأكثر حميمية. وقد انضم تروتسكي إلى أسرة تحرير «كلمتنا» [34]، وأثار ذلك بالطبع المكائد المألوفة والأمور الصغيرة المكدرة: إذ أفزع انضمامه إلينا شخصا معينا، خشي أن تسيطر شخصية قوية مثله على الجريدة بأكملها. ولكن هذا الجانب من المسألة كان شأنا ثانويا. وكانت المسألة الأكثر حدة هي موقف تروتسكي إزاء مارتوف. لقد أردنا مخلصين أن نحقق، على أساس جديد من الأممية، التوحيد الكامل لجبهة حزبنا بجميع أطرافه من لينين إلى مارتوف. ودافعت عن هذا التوجه بأقصى حيويتي، وكنت إلى حد ما مبتكر شعار «ليسقط الانهزاميون [35]، ولتحيا وحدة جميع الأممين [36]». ووافق تروتسكي على هذا التوجه، إذ كان هذ هو حمله لفترة طويلة جدا، وشكّل هذا الطرح مبررا لموقفه السابق بأكمله.

ولم نختلف مع البلاشفة، ولكن الأمور نع المناشفة سارت بشكل سيء. وحاول تروتسكي بجميع الوسائل إقناع مارتوف بقطع صلاته مع «الدفاعيين» [37]. وتحوّلت اجتماعات أسرة التحرير إلى مناقشات مطولة، تجنب مارتوف أثناءها بسرعة بديهة مدهشة، وإلى حد ما بنوع من المغالطة الماكرة، الإجابة مباشرة على السؤال فيما إذا كان ينوي الانفصال عن «الدفاعيين». وكان تروتسكي أحيانا يهاجمه بغضب عارم. وتطورت الأمور إلى قطيعة شبه كاملة بين تروتسكي ومارتوف –الذي احترم تروتسكي دائما، بالمناسبة، عقله السياسي- من جهة، وبيننا، نحن جميع الأمميين اليساريين، وبين جماعة مارتوف من جهة أخرى.

وحدث في أثناء ذلك التقاء بيني وبين تروتسكي حول كثير من النقاط السياسية، بحيث أصبحنا، كما اعتقد، اقرب ما نكون إلى بعضنا البعض. وقد وقع علي الاختيار لتمثيل وجهة نظره في جميع المناقشات مع المحررين الآخرين، ووجهة نظرهم في المناقشات معه. كثيرا ما تحدثنا معا حول البرنامج نفسه في اجتماعات مختلفة للطلاب المهاجرين، كما حررنا معا بيانات الحزب. وباختصار، دخلنا في تحالف وثيق جدا.

لقد اعتبرت تروتسكي دائما شخصا عظيما. ومَنْ حقا يستطيع أن يشك في ذلك؟ وقد ارتفعت مكانته كسياسي في نظري في باريس كثيرا، وازدادت علوا على مر الأيام. ولا أدري إن كان السبب في ذلك معرفتي به على نحو أفضل، أو لأن قدراته برزت بصورة أفضل عندما نشط في مستوى أعم، أو لأن تمرسه بالثورة ومشاكلها أنضجه فعلا ومدّ في اتساع جناحيه.

إن النشاط التحريضي في ربيع عام 1917 لا يقع في مدى هذه المذكرات، ولكن ينبغي أن أقول أن نشاطه الجبّار، ونجاحه الباهر آنذاك جعلا أشخاصا وثيقي الصلة بتروتسكي يميلون حتى إلا الاعتقاد بأنه لقائد بأنه القائد الحقيقي للثورة الروسية. وهكذا فإن المرحوم اوريتسكي [38]، مثلا، الذي اتسم موقفه إزاء تروتسكي بالاحترام الشديد، قال لي ولمانويلسكي [39]، كما اعتقد، ذات مرة: «الآن وقد نشبت الثورة العظيمة، فإن المرء يحس أنه مهما كان لينين عظيما، فإنه بدأ يبهت بجانب شخصية تروتسكي». وبدا لي هذا التقدير خاطئا، ليس لأنه مبالغ فيه بخصوص مواهب تروتسكي وقوة شخصيته، وإنما لأن مدى عبقرية لينين السياسية لم يكن آنذاك واضحا بعد. ومع ذلك، فالحقيقة هي أن لينين، بعد النجاح المدوي لوصوله إلى روسيا وقبل أيام تموز(يوليو)، مكث في الظل، ولم يخطب كثيرا، ولم يكتب بغزارة، وإنما انهمك في توجيه العمل التنظيمي للمعسكر البلشفي، بينما دوى صوت تروتسكي كالرعد في الاجتماعات في بتروغراد.

إن أوضح مواهب تروتسكي هي موهبته كخطيب وكاتب، واعتقد أن تروتسكي ربما كان أعظم خطباء هذا العصر. لقد اتيح لي في حياتي أن استمتع إلى جميع البرلمانيين العظام وخطباء الاشتراكية المشهورين وعدد كبير من خطباء العالم البرجوازي الذائعي الصيت، ومن الصعب جدا وضع أي منهم، باستثناء جوريس [40] (استمعت إلى بيبل [41] بعدما صار عجوزا) في نفس مرتبة تروتسكي.

إن مظهره المهيب، إيماءاته الأنيقة الكاسحة، إيقاع كلامه القوي، صوته العالي الذي لا يعروه الكلال أبدا، التماسك المذهل والمهارة الأدبية المتجلية في جمله، صوره الغنية، سخريته اللاذعة، عاطفته السامقة، منطقه الصلب الواضح والمصقول كالفولاذ، كل ذلك يمثل فضائل تروتسكي كخطيب. إنه يستطيع أن يعبّر عن نفسه بجمل قليلة مرهفة الصقل، أو يطلق بضعة سهام مصوبة بدقة استثنائية، كما يستطيع أن يلقي خطبة سياسية طويلة، مترابطة الجوانب على نحو لم اشهد له مثيلا من قبل إلا لدى جوريس. لقد شاهدت تروتسكي يخطب لمدة ساعتين ونصف إلى ثلاث ساعات أمام جمهور واقف وصامت تماما، يصغي مشدوها إلى مقولاته السياسية المترامية الأبعاد. ومع أنني كنت أعرف مسبقا معظم ما سوف يقوله تروتسكي، إذ أن كل سياسي بالطبع غالبا ما يعيد نفس الأفكار مرة تلو أخرى، فإن تروتسكي كان في كل مرة يكسو الفكرة ذاتها حلة جديدة، ول أدري إذا كان تروتسكي ألقى خطبا كثيرة بعد أن أصبح وزيرا للحربية في جمهوريتنا العظيمة خلال فترة الثورة والحرب الأهلية. إلا أنه من المرجح أن عمله التنظيمي وسفره المتواصل من أدنى الجبهة الواسعة إلى أقصاها لم يتركا له سوى وقت قليل للخطابة. ولكن حتى في تلك الفترة ظل تروتسكي، أولا وقبل كل شيء، محرضا سياسيا عظيما. وتبدو كتبه ومقالاته أشبه بكلام متجمد، لقد كان أدبيا في خطبه وخطيبا في أدبه.

ومن هنا يتضح لماذا كان تروتسكي أيضا مجليّا في مجال الدعاية، على الرغم أن كتابته تفتقر قليلا في مواضع كثيرة إلى تلك الخاصية الساحرة التي تميز خطبه.

أما بصفته قائدا سياسيا، فقد كان تروتسكي، كما سبق أن ذكرت، يفتقر إلى المهارة ولا يلائمه العمل التنظيمي الضيق. وسيتجلى هذا النقص لديه في المستقبل بصورة باهرة الوضوح، إذ أن العمل السري غير الشرعي الذي مارسه أشخاص مثل لينين، تشيرنوف [42] ومارتوف، هو، الذي جعل قبل كل شيء، أحزابهم في فترة لاحقة قادرة على التنافس للسيطرة على روسيا، وربما العالم في المستقبل. بينما أعاقت تروتسكي جوانب العجز البارزة جدا في شخصيته.

لقد كان تروتسكي شخصيا سريع الغضب وذا طبع استبدادي. ولينين هو الشخص الوحيد، على أية حال، الذي اتخذ تروتسكي إزاءه، وما يزال، بعد انضمامه إلى البلاشفة، موقفا يتسم بمطواعية لبقة تبعث على التأثر. إنه يعترف بأسبقية لينين بذاك النوع من التواضع الذي يتّسم به جميع الرجال العظام حقا.

وبالمقابل، فإن مواهب تروتسكي في مجال الفكر السياسي لا تقل سموا عن مقدرته البلاغية... وما كان لها أن تكون غير ذلك. لأن الخطيب مهما كان مفوها، فإنه من دون نور الفكر لن يكون أكثر من مجرد صناع ماهر عقيم، ولن تعدو بلاغته كونها طنينا يشبه طنين الصنج وقد لا يكون من الضروري أن يشكل الحب مصدر الهام الخطيب العظيم، كما يدعي القديس بول، لأن الخطيب قد يكون مفعما بالكراهية، ولكن لا بد له من أن يكون مفكرا. والسياسي العظيم فقط هو الذي يستطيع أن يكون خطيبا عظيما، وبما أن تروتسكي بالأساس خطيب سياسي، فإن خطبه بالطبع تعبير عن فكر سياسي.

ويبدو لي تروتسكي متمسكا بالخط السلفي للنظرية أكثر بكثير من لينين، مع أن كثيرين ربما وجدوا قولي هذا غريبا. لقد كان مسار تروتسكي السياسي متعرجا إلى حد ما، ولم يكن منشفيا أو بلشفيا، وإنما سلك قبل اندماج مجراه بالنهر البلشفي السبيل الوسط. ومع ذلك فإن الموجّه لمسار تروتسكي كان دائما في الحقيقة القوانين الدقيقة للماركسية الثورية. أما لينين فكان في مجال الفكر السياسي بارعا وخلاقا في آن معا، وقد بلور كثيرا من الخطوط لسياسية الجديدة التي برهنت لاحقا على فعاليتها القصوى في تحقيق النتائج المرجوة. بينما لم يتسم تروتسكي بجرأة مشابهة في التفكير: إنه يأخذ الماركسية الثورية ويستخلص منها نتائج تنطبق على وضعية معينة. وهو جريء إلى أقصى حد في معارضة الليبرالية والاشتراكية الزائفة، ولكنه ليس مبدعا.

وفي الوقت نفسه فإن لينين أكثر انتهازية، بالمعنى العميق جدا للكلمة. وقد يبدو هذا القول أيضا غريبا، أو لم يكن تروتسكي ذات مرة مرتبطا بالمناشفة، أولئك الانتهازيين السيئ السمعة؟ ولكن انتهازية المناشفة تمثل بكل بساطة الترهل السياسي لحزب برجوازي صغير. وأنا لا أعني هذا النوع من الانتهازية، بل أعني بها ذلك الإحساس بالواقع الذي يدفع المرء بين حين وآخر إلى تغيير تكتيكه، وأعني بها تلك الحساسية المرهفة إزاء المتطلبات الآنية التي تحفز لينين في لحظة ما إلى شحذ حدي سيفه، وفي لحظة أخرى إلى إغماده في قرابه.

إن نصيب تروتسكي من هذه قليل جدا. ودربه في الثورة مستقيم. وقد ظهر هذا الاختلاف في الطبع بوضوح في الصدام الشهير بين قائدي الثورة الروسية حول صلح بريست-ليتوفسك [43].

ومن المألوف القول أن تروتسكي طموح. وهذا، بالطبع، هراء مطلق. وأود أن أذكر ملاحظة ذات دلالة بالغة الأهمية أبداها تروتسكي بخصوص قبول تشيرنوف لحقيبة وزارية: «أي طموح وضيع، أن يتخلى المرء عن مكانته في التاريخ مقابل عرض في غير محله لمنصب وزاري».واعتقد أن هذا القول يلخص تروتسكي كله. فليس ثمة ذرة من الزهو فيه، ولا يستهويه أي لقب الحدود أو زخرف من زخارف السلطة على الإطلاق. إلا أنه، بالمقابل، غيور إلى أبعد الحدود بالنسبة لدوره الخاص في التاريخ، وهو طموح بهذا المعنى. وهو صادق في ذلك، كما اعتقد، بمقدار صدقه في حبه الطبيعي للسلطة.

ولينين أيضا ليس طموحا على الإطلاق. ولا اعتقد أبدا أنه يخطو إلى الوراء ويتأمل نفسه، أو حتى يفكر فيما سترويه الأجيال القادمة عنه، إنه بكل بساطة مستمر في عمله. وهو ينجزه من خلال ممارسة السلطة، ليس لأنه يجد السلطة عذبة، وإنما لأنه مقتنع بعدالة ما يفعله ولا يتحمل أن يلحق أحد أذى بقضيته. إن طموحه نابع من ثقته الهائلة بصحة مبادئه، وربما أيضا من عدم قدرته (وهي خصلة مفيدة جدا في الرجل السياسي) على رؤية وجهة نظر خصمه. ولينين لا يعتبر أبدا المجادلة مجرد مناقشة، فالمجادلة بالنسبة إليه تصادم بين طبقات أو تجمعات مختلفة، كما أنه تصادم بين أنواع مختلفة من الإنسانية. والمجادلة بالمنسبة إليه هي دائما صراع، قد يتطور في ظروف معينة إلى قتال. ولينين يرحب دائما بالانتقال من الصراع إلى الاشتباك.

وبعكس لينين، فإن تروتسكي دون شك ميال في كثير من الأحيان إلى الخطو قليلا إلى الخلف وتأمل نفسه، إنه يعتز بدوره التاريخي، وقد يكون مستعدا للإقدام على أية تضحية شخصية، بما في ذلك التضحية الأعظم –حياته- من أجل أن يبقى محاطا في الذاكرة الإنسانية بهالة القائد الثوري الأصيل. وطموحه يتسم بنفس سمات طموح لينين تقريبا، مع الفارق أنه غالبا ما يكون عرضة أكثر لارتكاب الأخطاء، بحكم فقدانه لغريزة لينين شبه المعصومة عن الخطأ. وبحكم كونه شخصا ذا مزاج حاد، فإنه عرضة للانسياق الأعمى وراء عاطفته الجامحة، ولو مؤقتا، بينما لينين بحكم كونه دائما متوازنا ومسيطرا على نفسه، فإنه غير قابل للانجراف بفعل الغضب.

وعلى كل حال، من الخطأ التصور بأن القائد الثاني العظيم للثورة الروسية أدنى من زميله في كل شيء، فثمة جوانب يتفوق فيها تروتسكي على لينين من دون شك، إنه أكثر تألقا، أكثر وضوحا، ومفعم بالنشاط بصورة أوفر. إن لينين يصلح أكثر من أي شخص آخر لتولي رئاسة مجلس مفوضي الشعب وقيادة الثورة العالمية بلمسة العبقري، ولكنه ليس ملائما على الإطلاق للمهمة الجبارة [44] التي أخذها تروتسكي على عاتقه، بتنقلاته الخاطفة كالبرق من مكان إلى آخر، وخطبه المذهلة، وهرج الأوامر الفورية، والدور المتمثل في الشحذ المتواصل لعزيمة الجيش كلما طرأ عليها الوهن، تارة في هذا الواقع، وتارة في ذاك. وليس ثمة شخص على وجه البسيطة كان في وسعه أن يحل محل تروتسكي في هذا الدور.

كلما حدثت ثورة عظيمة حقا، فإن الشعب العظيم سيجد دائما الأشخاص المناسبين للعب جميع الأدوار، وإحدى سمات العظمة في ثورتنا تتمثل في حقيقة أن الحزب الشيوعي قدّم من بين صفوفه أو استعار من الأحزاب الأخرى ودمج في كيانه كفاية من الشخصيات البارزة لتي ليس ثمة من هو أصلح منها لأداء أية مهمة تستدعيها الظروف.

ولينين وتروتسكي هما اثنان من أقوى الأقوياء المتماثلين كلية مع دورهم.


ملاحظات

إن كثيرا من الانفعال والجدل لا يزال يحيط باسم ليو برونشتاين المعروف بتروتسكي، إلى حد أنه من المستحيل في هذه الساحة القليلة أن نفعل أكثر من الإشارة إلى مركزة ومكانة تروتسكي في روسيا عندما كتب لوناشارسكي هذه الوصف لملامح شخصيته في أواخر عام 1918. لقد كانت هذه النقطة من الزمن، ربما، بمثابة ذروة حياة تروتسكي المدهشة. فحتى ذلك الوقت، كان تقدم تروتسكي مثالا كلاسيّا لما يمكن إنجازه في السياسة من خلال اجتماع الطموح، الذكاء الخارق والوقاحة المحضة. ومع أنه انحاز إلى جانب المناشفة لدى انشقاق الحزب في عام 1903، فإنه لم يكن بالامكان إلصاق بطاقة فئوية بتروتسكي لفترة طويلة من الوقت. وفي النزاعات التافهة التي سبقت عام 1917، كان تروتسكي بمثابة مجموعة انشقاقية قوامها رجل واحد، واقفة في مكان ما في الوسط بين المناشفة والبلاشفة. ولكن كما يقول لوناشارسكي، فإن قلب تروتسكي لم يكن أبدا مع النزاعات المجدية التي حفل بها عالم المهاجرين، ولم تدب فيه الحياة إلا في أثناء فترة النشاط المفعم بالنشوة في عام 1905. وبحكم انجذابه القاهر إلى أضواء الشهرة، فإن تروتسكي كان بحاجة إلى التحرك في منتصف خشبة المسرح أمام جمهور حاشد واقع تحت سيطرته، أو في غمرة نشاط حيث النزاع على أشده. وقد توفرت له كلتا الفرصتان في عام 1917. فلينين لم يكن لديه وقت من أجل سوفييت بتروغراد بصفته قوة سياسية في ذاك العام الثوري. وانفسح المجال أمام تروتسكي لإظهار –مقدرته المذهلة في حث وضبط ذلك التجمع الكبير، غير المثقف سياسيا والمضطرب نوعا ما، وإضفاء مصداقية سياسية عليه كافية لجعله، بعد مهزلة الجمعية التأسيسية التي عاشت يوما واحدا، الهيئة الحاكمة في روسيا بأكملها. وعندما حان أوان التحرك في تشرين الأول (أكتوبر)، فإن دور تروتسكي بصفته قائد اللجنة العسكرية الثورية جعل منه الشخص الذي نفّذ عمليا، بتوجيه من لينين، استيلاء البلاشفة، على السلطة: ولفترة أيام معدودات كان تروتسكي فعليا هو الثورة الروسية.

وبالمقارنة، فإن مهمته الأولى بصفته مفوضا للشؤون الخارجية، التي تمثلت في إدارة مفاوضات صلح برست-ليتوفسك، كانت أشبه بالكارثة. لقد كان ممزقا بين الثورة العالمية وبين التنازل المتوقع عن مناطق واسعة من روسيا إلى ألمانيا والنمسا، وحاول التهرب من المشكلة عن طريق موضوعة الـ«لا سلم ولا حرب» التي طرحها على أمل أن يوقف الألمان بصورة ما تقدمهم داخل روسيا، إلا أن الخطوة فشلت وواصل الألمان ضغطهم. وفي مواجهة تهديد لينين بالاستقالة في حال عدم توقيع معاهدة الصلح، تراجع تروسكي على مضض، وأجيزت شروط الألمان الهينة. وفي غمرة معاناته نتيجة لفشله بصفته دبلوماسيا، انخرط بحيويته الهائلة وتعطشه إلى الفعل في عمله بصفته المسؤول العسكري الأول في الدولة الروسية. وقد حقق تروتسكي نجاحا باهرا في مهمته بصفته مفوض الحربية والمنشئ الفعلي للجيش الأحمر من مجموعات من الرعاع المنهارين وسلك ضباط معاد. وقد جاب تروتسكي في قطاره المدرع بلا كلل جميع أرجاء بلاده الواسعة من أدناها إلى أقصاها، منظما، مرتجلا، وباعثا للحماسة في القلوب وتمكن هذا الرجل، الذي يمثل أحد أعظم الجنرالات الهواة في التاريخ، من هزيمة المحترفين-الجنرالات الروس «البيض» وقوات التدخل الحليفة المسلحة جيدا- في لعبتهم الخاصة بهم. وقد كتب لوناشارسكي وصفه المدون أعلاه لملامح شخصية تروتسكي في ذروة الحرب الأهلية، وقمة نجاح تروتسكي. وهنا يجب أن نترك هذا الرجل، والذي مات في عام 1940 في منفاه بالمكسيك بضربة فأس وجّهها إليه مبعوث من ستالين.




[1] أحداث كانون الثاني (يناير): المقصود «الأحد الدامي» (9 كانون الثاني 1905) عندما أطلق الجيش النار على تظاهرة سلمية للعمال، بقيادة الكاهن الأب غابون، سارت في شوارع بطرسبورغ من أجل تقديم عريضة للقصر.

[2] - بارفوس: الدكتور الكسندر ل. هيلفاند، الاسم المستعار بارفوس (1867-1924). من أصل روسي ألماني، متآمر ثوري لامع ورجل أعمال في آن واحد، والوسيط الذي أرسلت من خلاله الحكومة الألمانية معونات مالية إلى البلاشفة بهدف عرقلة المجهود الحربي الروسي.

[3] - جريدة صغيرة رخيصة الثمن: حلّت هذه الجريدة، المدعوة ناخالو (البداية) محل الايسكرا (الشرارة) بصفتها الناطقة بلسان الحزب. وقد بدأت بالظهور في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 1905 في بطرسبورغ. ساهم في الكتابة فيها إضافة إلى تروتسكي وبارفوس كل من دان ومارتوف.

[4] - مؤتمر ستوكهولم: المؤتمر الرابع للحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي، الذي انعقد في نيسان (أبريل) 1906. سمي مؤتمر «التوحيد» لأنه نجح بصورة مؤقتة في رأب الصدع بين البلاشفة والمناشفة وعاود قبول «البوند» (انظر أدناه) في الحزب.

[5] ميول مشابهة للكاديت: «كاديت» مأخوذة من الأحرف الأولى لكلمتي «الدستوريون الديموقراطيون» بالروسية، وهي تسمية تطلق على الحزب السياسي الليبرالي اليساري الاتجاه الذي تأسس في عام 1905. وقد سيطر هذا الحزب على مجلس الدوما الأول في عام 1906، وشكل حزب المعارضة الرئيسي في مجالس الدوما التالية. لعب الحزب، وخصوصا زعيمه ميليوكوف، دورا رئيسيا في الحكومة المؤقتة. أصدر البلاشفة أمرا بحله بعد استيلائهم على السلطة في تشرين الأول (أكتوبر)، تشرين الثاني (نوفمبر) 1917.

[6] التصفويون: تعبير يدل على الازدراء استخدمه لينين لوصف الجناح اليميني بين المناشفة الذي دعا الحزب بعد عام 1905 إلى التخلي على النشاطات السياسية اللاشرعية والتركيز على الوسائل الشرعية من أجل دفع قضية الطبقة العاملة إلى الأمام، أي التركيز على النقابات العمالية والتعاونيات الخ.

[7] - سيمكوفسكي: سيمون يوليفيتش برونشتاين، الاسم االمستعار سيمكوفسكي (1882-؟). صحفي منشفي حتى عام 1920، ثم انضم إلى الحزب البلشفي.

[8] - سكوبيليف: ماتفي ايفنوفيتش سكوبيليف (1885-1939). انضم إلى الحزب الاشتراكي الديموقراطي في علم 1903، ونشط كمحرض في باكو. عضو منشفي في الدوما الرابع، في عام 1912. وزير العمل في الحكومة المؤقتة، هاجر في عام 1920. عاد إلى الاتحاد السوفييتي في عام 1922. صفي في حملة التطهيرات في الثلاثينات.

[9] مؤتمر كوبنهاغت:مؤتمر الأممية الثانية، 1910.

[10] فورفيرتس: (إلى الأمام): الصحيفة المركزية الناطقة بلسان الحزب الاشتراكي لديموقراطي الألماني.

[11] ريازانوف: دافيد بوريسوفيتش غولدنداخ، الاسم المستعار ريازانوف (1870-1938). اشتراكي ديموقراطي مبكر، غير منحاز إلى أي جناح. أممي بالنسبة لمسألة الحرب. انضم إلى مجموعة تروتسكي المدعوة «إقليمية» (Interdistrict) (انظر أدناه)، والتي بقيت خارج الصراع الفئوي البلشفي-المنشفي. عضو في الحزب البلشفي، 1917، لاحقا، مدير معهد ماركس-انجلز-لينين. طرد من الحزب ونفي في عام 1931.

[12] كلمتنا: («ناشي سلوفو»): جريدة اشتراكية ديموقراطية روسية غير فئوية، مع أنها منشفية إلى حد كبير تأسست في باريس في عام 1914. واستمرت في الصدور تحت أسماء متعددة حتى عام 1917.

[13] الانهزاميون: أولئك الذين أيدوا موقف لينين تجاه نتيجة الحرب العالمية الأولى، أي أن هزيمة روسيا ستخدم مصلحة الثورة، حيث أنها ستعجّل في انحلال النظام سياسيا واجتماعيا.

[14] - الأمميون: أقلية من الاشتراكيين في جميع أنحاء أوربا حثت الطبقة العمالية-من دون أي تأثير- على عدم تأييد الحرب بين الحكومات «الرأسمالية» لبلدانها.

[15] - الدفاعيون: التجمع المنشفي في غالبيته، الذي تزعمه بليخانوف، والذي تبنى موقفا وطنيا تجاه المجهود الحربي الروسي ضد ألمانيا. بحسب وجهة نظره سيعني انتصار ألمانيا الاستعمارية اندثار الاشتراكية في جميع الأقطار الأوربية، بما في ذلك روسيا.

[16] اوريتسكي: مويزي سولومونوفيتش اوريتسكي (1873-1918). انظر أدناه.

[17] - مانويلسكي: ديمتري زاخاريفيتش مانويلسكي (1883-1959). أصبح اشتراكيا ديموقراطيا في عام 1903. انتمى (مع لوناشارسكي ) إلى مجموعة الجناح اليساري «إلى الأمام» وإلى مجموعة «إقليمية» (Interdistrict) انضم إلى البلاشفة في عام 1917 –عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في أوكرانيا منذ عام 1920. مندوب أوكرانيا في الأمم المتحدة «ووزير خارجية» أوكرانيا 1944-1952.

[18] جوريس:جان اوغست جوريس (1859-1914). أستاذ الفلسفة في جامعة تولوز. زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي. مؤسس وأول رئيس تحرير لصحيفة الاومانيتيه. اغتيل مع نشوب الحرب العالمية الأولى بسبب آرائه المعادية للحرب.

[19] - بيبل: أوغست بيبل (1830-1914). اشتراكي ألماني مبكر. رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي الألماني. عضو بارز في الأممية الثانية.

[20] تشيرنوف: فيكتور ميخائيلوفيتش تشيرنوف (1873-1952) مفكر راديكالي وزعيم الحزب الاشتراكي الثوري، الذي تأسس في عام 1902. وزير الزراعة في الحكومة المؤقتة. بعد انشقاق الاشتراكيين الثوريين اليساريين، الذين أيدوا استيلاء البلاشفة على السلطة في عام 1917، فاز حزب الاشتراكيين الثوريين اليمينيين بزعامة تشيرنوف بغالبية في الجمعية التأسيسية. فر من روسيا أثناء الحرب الأهلية. توفي في نيويورك.

[21] - الصدام.... حول صلح بيرست-ليتوفسك: في ضوء إدراكه أن الجيش الروسي انهار كلية في عام 1918 ووعيه لنتائج استيلاء الألمان على بتروغراد، طالب لينين بعقد الصلح بأي ثمن. ولكن تروتسكي المفاوض البلشفي الرئيسي في برست-ليتوفسك، رفض توقيع المعاهدة وأعلن حالة «لا حرب ولا سلم»، أي إعلان روسيا الهدنة من جانب واحد وانسحاب القوات الروسية. وقد كسب لينين الجولة، بعد مناقشة غاضبة في اللجنة المركزية للحزب، ووقع سوكولينكوف وتشيشيرين بنود المعاهدة القاسية بالنيابة عن روسيا.

[22] - المهمة الجبارة: المقصود تعيين تروتسكي مفوضا للحرب (1918-1955)، وإنشاؤه فعليا للجيش الأحمر وانتصاره على القوات المشتركة للحلفاء والروس «البيض».

[23] أحداث كانون الثاني (يناير): المقصود «الأحد الدامي» (9 كانون الثاني 1905) عندما أطلق الجيش النار على تظاهرة سلمية للعمال، بقيادة الكاهن الأب غابون، سارت في شوارع بطرسبورغ من أجل تقديم عريضة للقصر.

[24] - بارفوس: الدكتور الكسندر ل. هيلفاند، الاسم المستعار بارفوس (1867-1924). من أصل روسي ألماني، متآمر ثوري لامع ورجل أعمال في آن واحد، والوسيط الذي أرسلت من خلاله الحكومة الألمانية معونات مالية إلى البلاشفة بهدف عرقلة المجهود الحربي الروسي.

[25] - جريدة صغيرة رخيصة الثمن: حلّت هذه الجريدة، المدعوة ناخالو (البداية) محل الايسكرا (الشرارة) بصفتها الناطقة بلسان الحزب. وقد بدأت بالظهور في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 1905 في بطرسبورغ. ساهم في الكتابة فيها إضافة إلى تروتسكي وبارفوس كل من دان ومارتوف.

[26] - مؤتمر ستوكهولم: المؤتمر الرابع للحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي، الذي انعقد في نيسان (أبريل) 1906. سمي مؤتمر «التوحيد» لأنه نجح بصورة مؤقتة في رأب الصدع بين البلاشفة والمناشفة وعاود قبول «البوند» (انظر أدناه) في الحزب.

[27] ميول مشابهة للكاديت: «كاديت» مأخوذة من الأحرف الأولى لكلمتي «الدستوريون الديموقراطيون» بالروسية، وهي تسمية تطلق على الحزب السياسي الليبرالي اليساري الاتجاه الذي تأسس في عام 1905. وقد سيطر هذا الحزب على مجلس الدوما الأول في عام 1906، وشكل حزب المعارضة الرئيسي في مجالس الدوما التالية. لعب الحزب، وخصوصا زعيمه ميليوكوف، دورا رئيسيا في الحكومة المؤقتة. أصدر البلاشفة أمرا بحله بعد استيلائهم على السلطة في تشرين الأول (أكتوبر)، تشرين الثاني (نوفمبر) 1917.

[28] التصفويون: تعبير يدل على الازدراء استخدمه لينين لوصف الجناح اليميني بين المناشفة الذي دعا الحزب بعد عام 1905 إلى التخلي على النشاطات السياسية اللاشرعية والتركيز على الوسائل الشرعية من أجل دفع قضية الطبقة العاملة إلى الأمام، أي التركيز على النقابات العمالية والتعاونيات الخ.

[29] - سيمكوفسكي: سيمون يوليفيتش برونشتاين، الاسم االمستعار سيمكوفسكي (1882-؟). صحفي منشفي حتى عام 1920، ثم انضم إلى الحزب البلشفي.

[30] - سكوبيليف: ماتفي ايفنوفيتش سكوبيليف (1885-1939). انضم إلى الحزب الاشتراكي الديموقراطي في علم 1903، ونشط كمحرض في باكو. عضو منشفي في الدوما الرابع، في عام 1912. وزير العمل في الحكومة المؤقتة، هاجر في عام 1920. عاد إلى الاتحاد السوفييتي في عام 1922. صفي في حملة التطهيرات في الثلاثينات.

[31] مؤتمر كوبنهاغت:مؤتمر الأممية الثانية، 1910.

[32] فورفيرتس: (إلى الأمام): الصحيفة المركزية الناطقة بلسان الحزب الاشتراكي لديموقراطي الألماني.

[33] ريازانوف: دافيد بوريسوفيتش غولدنداخ، الاسم المستعار ريازانوف (1870-1938). اشتراكي ديموقراطي مبكر، غير منحاز إلى أي جناح. أممي بالنسبة لمسألة الحرب. انضم إلى مجموعة تروتسكي المدعوة «إقليمية» (Interdistrict) (انظر أدناه)، والتي بقيت خارج الصراع الفئوي البلشفي-المنشفي. عضو في الحزب البلشفي، 1917، لاحقا، مدير معهد ماركس-انجلز-لينين. طرد من الحزب ونفي في عام 1931.

[34] كلمتنا: («ناشي سلوفو»): جريدة اشتراكية ديموقراطية روسية غير فئوية، مع أنها منشفية إلى حد كبير تأسست في باريس في عام 1914. واستمرت في الصدور تحت أسماء متعددة حتى عام 1917.

[35] الانهزاميون: أولئك الذين أيدوا موقف لينين تجاه نتيجة الحرب العالمية الأولى، أي أن هزيمة روسيا ستخدم مصلحة الثورة، حيث أنها ستعجّل في انحلال النظام سياسيا واجتماعيا.

[36] - الأمميون: أقلية من الاشتراكيين في جميع أنحاء أوربا حثت الطبقة العمالية-من دون أي تأثير- على عدم تأييد الحرب بين الحكومات «الرأسمالية» لبلدانها.

[37] - الدفاعيون: التجمع المنشفي في غالبيته، الذي تزعمه بليخانوف، والذي تبنى موقفا وطنيا تجاه المجهود الحربي الروسي ضد ألمانيا. بحسب وجهة نظره سيعني انتصار ألمانيا الاستعمارية اندثار الاشتراكية في جميع الأقطار الأوربية، بما في ذلك روسيا.

[38] اوريتسكي: مويزي سولومونوفيتش اوريتسكي (1873-1918). انظر أدناه.

[39] - مانويلسكي: ديمتري زاخاريفيتش مانويلسكي (1883-1959). أصبح اشتراكيا ديموقراطيا في عام 1903. انتمى (مع لوناشارسكي ) إلى مجموعة الجناح اليساري «إلى الأمام» وإلى مجموعة «إقليمية» (Interdistrict) انضم إلى البلاشفة في عام 1917 –عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في أوكرانيا منذ عام 1920. مندوب أوكرانيا في الأمم المتحدة «ووزير خارجية» أوكرانيا 1944-1952.

[40] جوريس:جان اوغست جوريس (1859-1914). أستاذ الفلسفة في جامعة تولوز. زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي. مؤسس وأول رئيس تحرير لصحيفة الاومانيتيه. اغتيل مع نشوب الحرب العالمية الأولى بسبب آرائه المعادية للحرب.

[41] - بيبل: أوغست بيبل (1830-1914). اشتراكي ألماني مبكر. رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي الألماني. عضو بارز في الأممية الثانية.

[42] تشيرنوف: فيكتور ميخائيلوفيتش تشيرنوف (1873-1952) مفكر راديكالي وزعيم الحزب الاشتراكي الثوري، الذي تأسس في عام 1902. وزير الزراعة في الحكومة المؤقتة. بعد انشقاق الاشتراكيين الثوريين اليساريين، الذين أيدوا استيلاء البلاشفة على السلطة في عام 1917، فاز حزب الاشتراكيين الثوريين اليمينيين بزعامة تشيرنوف بغالبية في الجمعية التأسيسية. فر من روسيا أثناء الحرب الأهلية. توفي في نيويورك.

[43] - الصدام.... حول صلح بيرست-ليتوفسك: في ضوء إدراكه أن الجيش الروسي انهار كلية في عام 1918 ووعيه لنتائج استيلاء الألمان على بتروغراد، طالب لينين بعقد الصلح بأي ثمن. ولكن تروتسكي المفاوض البلشفي الرئيسي في برست-ليتوفسك، رفض توقيع المعاهدة وأعلن حالة «لا حرب ولا سلم»، أي إعلان روسيا الهدنة من جانب واحد وانسحاب القوات الروسية. وقد كسب لينين الجولة، بعد مناقشة غاضبة في اللجنة المركزية للحزب، ووقع سوكولينكوف وتشيشيرين بنود المعاهدة القاسية بالنيابة عن روسيا.

[44] - المهمة الجبارة: المقصود تعيين تروتسكي مفوضا للحرب (1918-1955)، وإنشاؤه فعليا للجيش الأحمر وانتصاره على القوات المشتركة للحلفاء والروس «البيض».


نسخ وإعداد الكتروني: جريدة المناضل-ة

عن موقع المناضل-ة
*****





#اناتولي_لوناشارسكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...


المزيد.....

- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين
- ثلاثة مفاهيم للثورة / ليون تروتسكي
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج / محمد عادل زكى
- تحديث.تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ
- تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - اناتولي لوناشارسكي - لوحات ثورية: ليو دافيدوفيتش تروتسكي