أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الستار جبر - العراقيون وتراخيص القتل














المزيد.....

العراقيون وتراخيص القتل


عبد الستار جبر

الحوار المتمدن-العدد: 2056 - 2007 / 10 / 2 - 11:35
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ماذا يعني ان تمنح الآخر ترخيصا بقتلك؟
إما ان تكون بلا قيمة، ولا تساوي شيئا، او انك فقدت رشدك، ولم تعد تعلم كيف تتصرف. فإن كان من احتلك قد منح غيرك حرية إلغاء وجودك، فهذا يعني انك ما زلت منقوص السيادة، ولم تسترد حريتك كاملة، وانك عاجز عن بسط إرادتك فيما تريد. وإذا كانت إرادتك يمثلها البرلمان، فهذا يعني انه مؤسسة سياسية عاطلة، او مكبلة بقيود تفوق قدرتها على التخلص منها، او أنها مؤسسة متواطئة مع المحتل، ولن تقيم بذلك وزنا لحريتك وكرامتك وحقك في العيش كمواطن تكفل له السلامة أولا.
لقد حصدت الصراعات الطائفية منا أرواحا كثيرة، وخلفت فينا أحزانا وخرائب، وذاكرة مليئة بأبشع صور القتل. أجسادنا تحتفظ بمختلف أنواع الرصاص، أمريكي، بريطاني، عراقي، عربي، كردي، إيراني، سني، شيعي،.. الخ، لقد تعولمت أجسادنا، لكنها عولمة الموت المجاني الذي استباحنا، ونشر أشباحه بيننا. وبالإضافة إلى ذلك رصاص الشركات الأمنية، بأيدي مرتزقة، منحت تراخيص مفتوحة لقتلنا دون رحمة، وعلى أرضنا، بموافقة ساستنا او بصمتهم، او بجعجعتهم الإعلامية، بعد فوات الأوان، بعد ان يسقط العشرات مضرجين بدمائهم البريئة، لكن براءة الدماء على ما يبدو ليس لها ثمن، والضحايا التي تنهى حياتهم او تعوق، تتحول إلى مجرد أرقام في قائمة القتلى او الجرحى، او تتحول إلى نعت لم يعد له معنى، فما معنى ان يطلق عليك لقب "شهيد"، بعد ان تُسلب منك حياتك، بهذه البساطة المتناهية بالاستخفاف بقيمتك كإنسان، وبهذا التواطؤ السياسي، بل والشعبي أيضا، وكأن هذا الشعب قد أدمن الموت، وتكيف على الإحساس بتدني قيمته، وضعف ترابطه الاجتماعي. فلم يعد ينتفض ضد من يسلب إرادته او يمس كرامته او ينتقص من سيادته، فلم تخرج مظاهرة شعبية واحدة ولو صغيرة في أنحاء العراق كافة، سواء بدافع ذاتي او بتحريك من حزب ما او منظمة مجتمع مدني للاحتجاج على ما فعله مرتزقة "بلاكووتر" بأبناء جلدتهم من العراقيين، وللتضامن مع عوائل الضحايا. وها هي الشركة ستعاود نشاطها من جديد، وكأن شيئا لم يحصل، ولم تزل تحمل تراخيص القتل ذاتها، وكلنا إذن مرشحون كأهداف لرصاصها الطائش، لأن فراغا امنيا سيحصل بغيابها كما يعلل ذلك احد سياسيينا، وعلى العراقيين طبعا ان يدفعوا ثمن ما تقوم به "بلاكووتر" من سد الفراغات الأمنية. فيا لها من مهزلة ومفارقة ان تموت او تجرح لكي تحصل على الأمن. أم انه أمن غيرنا، ونحن حطب لصراع لا ناقة لنا فيه ولا جمل؟، فما أيسر الأمر حينئذ لمن يمنح لغيرك ترخيصا بقتلك. وما أيسره لساسة انشغلوا بترتيب أوضاعهم السياسية ونسوا مسؤوليتهم في تمثيلك والدفاع عنك، او ربما استمرؤوا مسلسل القتل اليومي، فلم يعد سقوط العشرات يثير الانتباه او يستدعي المواقف الحازمة واتخاذ القرارات الحاسمة.
هكذا يعيش العراقيون في بلد التراخيص المجانية، تلك التي تمنح بلا شروط، ولا تراقب او ترصد الانتهاكات، بل يغض النظر عنها، وتلك التي حصنت نفسها قانونيا من الملاحقة القضائية، فأعطت نفسها الحق الطلق في فعل أي شيء، والأدهى ان ثمة من لا يحتاج إلى تراخيص في ما يريد فعله في هذه الجغرافيا المستباحة.



#عبد_الستار_جبر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السعودية.. ضجة وفاة -الأمير النائم- بين تداول تصريح سابق لوا ...
- مصر.. رد علاء مبارك على تعليق ساويرس عن عمر سليمان نائب حسني ...
- سوريا.. السفارة الأمريكية بعد لقاء مع مظلوم عبدي: الوقت قد ح ...
- أسرار الحياة المزدوجة لـ-السلطان- زعيم المخدرات المولع بالبو ...
- هجوم على النائب العربي أيمن عودة.. كسروا زجاج سيارته وبصقوا ...
- بالفيديو.. الجزيرة نت داخل سفينة حنظلة المتجهة لكسر حصار غزة ...
- إسرائيل تستهدف صيادين حاولوا دخول بحر غزة
- تداول فيديو لـ-الشرع بين أنصاره على تخوم السويداء-.. ما صحة ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشيد بعملية -مطرقة منتصف الليل-
- العشائر السورية تعلن إخراج كافة مقاتليها من السويداء


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الستار جبر - العراقيون وتراخيص القتل