|
لا شرعية بل إدانة لكل عمليات عسكرية متبادلة بين حركتي فتح وحماس
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 2055 - 2007 / 10 / 1 - 00:08
المحور:
القضية الفلسطينية
ظاهرة تكررت في أكثر من بلد وفي أزمان ممتدة وأصبحت بمثابة القانون السياسي /الاجتماعي ،نعم إنه قانون غير مدون ولكن العرف أو الممارسة المتكررة المُسلم بها ولو ضمنيا تصبح أفوى من القانون المدون ،وربما أصبح مطلوب من علماء الاجتماع السياسي شحذ أقلامهم لصياغة نظريات مُفسرة لهذه الظاهرة . الظاهرة هي تحول حركات ثورية وجهادية تأسست لمواجهة عدو خارجي بالسلاح ورفعت شعارات وأهداف كبيرة قد تكون صحيحة نظريا ولكنها غير عقلانية ومستحيلة عمليا لعدم تناسبها مع إمكانيات هذه الحركات ومع المحددات الدولية والإقليمية المحيطة... ،تحول هذه الحركات لعصابات مسلحة أو لأدوات لحرب أهلية ، وفي كثير من الحالات تتحالف بعض هذه القوى المتنافسه في نفس البلد مع العدو القومي الذي وُجدت لمواجهته ،أو يغذي العدو الحرب الأهلية بطريقة مستترة. من نيكاراجوا في أمريكا الاتينية إلى اللاوس وتايلند في أسيا ،إلى أكثر من حالة في إفريقيا ،وإخيرا في أفغانستان والجزاير والعراق ولبنان وفلسطين ،تحول الكفاح المسلح أو الجهاد من نضال للدفاع عن الوطن أو عن قيم أيديلوجية عليا أو في سبيل الله ،إلى صراع من أجل السلطة ،ولتصبح حال البلد - سياسيا وأقتصاديا واجتماعيا وامنيا - مع وجود هذه الجماعات أكثر سوءا مما كانت عليه قبل أن يتنطعوا لقيادة الأمة ،بل يتحسر المواطنون على الأيام الخوالي قبل أن يبتلوا بهذه الحركات . لو بحثنا في أسباب أيلولة الأمور لإرتكاسة وطنية فالسبب لا يكمن في شرعية الأهداف المرفوع فمطالب الاستقلال والحرية ومقاومة الاحتلال هي مطالب مشروعة .السبب يكمن في غياب استراتيجية وطنية وقيادة وحدة وطنية تحت رايتها يكون فعل المقاومة ،دائما موازين القوى العسكرية تميل لصالح الاحتلال ،لأن الاستعمار هو دوما احتلال دولة قوية لدولة ضعيفة ،وحتى يستطيع الشعب الخاضع للاحتلال فرض إرادته على العدو عليه توحيد كل جهوده وحشد كل إمكانياته ،وفوق كل ذلك كسب دعم وتاييد العالم الخارجي ،المقاومة الفصائلية أو المجزأة لا تستطيع الانتصار على العدو ،والمقاومة المجزاة والمتناحرة مع بعضها البعض لا تسنطيع حشد تأييد شعبي ورسمي محلي ودولي.غياب استراتيجية وقيادة وطنية هو ما يسمح للعدو بإختراق الجماعات المسلحة ويسمح للأطراف الخارجية باختراق هذه الجماعات وتوظيفها لخدمة أجندتها الخارجية واستقطابها للعمل ضمن مشاريع سياسية غير وطنية ،ولأن الإنغلاق الفكري، إن لم يكن الجهل السياسي، لا يسمح لهذه الجماعات أن تعترف بأخطائها وبعبثية العمل المسلح في ظروف غير مواتية ولأنها أصبحت أسيرة الارتزاق الثوري والجهادي وأسيرة السلاح المنتشر بيد عناصرها وما انتج من ثقافة ،أيضا أسيرة الجهات الممولة ،فإنها تبحث عن عدو جديد يبرر أستمرار وجودها كجماعات مسلحة، ويكون العدو في هذه الحالة داخليا أي الفصائل المسلحة المنافسة أو النظام السياسي الذي تشتغل داخله. لا مجال هنا لمقاربة هذه الظاهرة عالميا بشكل مفصل ،بل نريد التركيز على حالة عيانية نعيشها في فلسطين ،وهي اقتتال الجماعات المسلحة –وخصوصا حركة حماس وحركة فتح - والتي كان من المفترض أن تكون حركات مقاومة للعدو ،وانزلاق هذه الجماعات لوضع الحرب الأهلية وهي حالة لم يعد مجال لإنكارها وخصوصا بعد الإنقلاب العسكري لحركة حماس في قطاع غزة .لا شك أن حركة حماس أرتكبت جرما ليس فقط بحق النظام السياسي بل بحق أهلنا في غزة عندما سهلت المأمورية للعدو لحصار وتجويع الشعب واعطت المبرر للدول المانحة والدول العربية لوقف مساعداتها ،فيما حركة حماس لا تملك الإمكانيات لتسيير أمور الناس هناك ولا تملك أفق سياسي يقنع الجمهور بحل قريب ،إلا أن كل ذلك لا يبرر لمجموعات فلسطينية بالقيام بعمليات مسلحة ضد عناصر ومقرات حركة حماس والقوة التنفيذية ،وخصوصا أن من يقف وراء هذه المجموعات المسلحة لم يستطيعوا وهم في السلطة من الحيلولة دون سقوط غزة بيد حركة حماس واوقفوا قبل ذلك استراتيجية المقاومة في مواجهة إسرائيل،ولأن هذه العمليات ستزيد من معاناة الناس دون أن تقصر من عمر حكم حركة حماس لأن بقاء أو عدم بقاء حكم حركة حماس رهين بحسابات تتعدى النطاق الوطني .في نفس الوقت لا يجوز لحركة حماس التي ما وُجِدت إلا لقتال العدو كما تزعم ،أن توجه بنادقها إلى صدور المواطنين العُزل في القطاع وتقتحم المنازل وتعتقل وتعذب كل من يخالفها الرأي ،والأخطر من ذلك لا يجوز لحركة حماس أن تستجدي الهدنة مع العدو فيما هي تشرع سلاحها بوجه أبناء الوطن،العنف غير المبرر لحركة حماس ضد المواطنين في القطاع يولد أحقادا ورغبة بالثأر ويعمق الفجوة بين الحركة والشعب مما يجعل أي مصالحة بين السياسين عديمة الجدوى .
العمليات المسلحة التي نسمع عنها والتي تمارسها مجموعات تدعي أنها تابعة للأجهزة الأمنية أو لحركة فتح ،يجب أن تُدان بشدة ومن أعلى المستويات ،من الرئيس أبو مازن ومن الحكومة الشرعية في رام الله ومن كل غيور على المصلحة الوطنية ،لأن هذه العمليات ستستدعي ردود فعل من حركة حماس في الضفة الغربية مما سيعيق من عمل الحكومة ويظهرها كحكومة فاشلة في حفظ الأمن ولا ندري إن كان من اهداف الذين يقفوا وراء العمليات المسلحة في غزة إسقاط الحكومة في الضفة ،أيضا ما دامت حركة حماس قررت البحث عن هدنة طويلة المدى مع إسرائيل فعليها أن تتحول في قطاع غزة من حركة مقاومة إلى حركة سياسية تؤمن بالتعددية وبالعمل السلمي ،وفي الضفة الغربية، عليها التخلي عن سلاحها لأن السلطة هناك تطبق ما تسعى حركة حماس لتطبيقه وهي التهدئة والبحث عن حلول سلمية ،استمرار تخزين وحمل السلاح في الضفة الغربية مع التوجه لهدنة مع إسرائيل يعني أنه سلاح موجهة ضد السلطة والحكومة الفلسطينية أو بصيغة أخرى إنه سلاح يهدف للسيطرة على السلطة. الحرب الأهلية ككرة الثلج تبدا صغيرة ثم تتعاضم بالتدريج ضمن تغذية ذاتية للعنف بفعل التحريض المتبادل والرغبة بالثأر ، وتغذية خارجية من العدو المستفيد من ارتداد سلاح المقاومة داخليا لسلاح جماعات متصارعة على السلطة ،والعدو لن يألو جهدا في سكب الزيت على النار وما تشهده لبنان من تفجيرات مجهولة المصدر رسميا يجب أن يُستفاد منه فلسطينيا ،فالجيش الإسرائيلي ليس فقط على الأبواب بل داخل البيت ،وجيش العملاء منتشر في كل مكان ،والفقر والعوز والإحباط تربة صالحة لتوليد من هم مستعدون لتنفيذ أوامر العدو بأقل ثمن وخصوصا أن السلاح والمتفجرات أرخص من الخبز في المناطق الفلسطينية .إن كل عمل مسلح تقوم به جماعة فلسطينية ضد جماعة أخرى هو فعل إرهابي ومجرم ولا علاقة له بالمقاومة .
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حتى لا يكون مؤتمر الخريف حلقة من مسلسل تفكيك المشروع الوطني
-
في ثقافتنا الوطنية متسع للجميع
-
لا يستطيع وليس من حق أحد أن يسقط الحق بالمقاومة
-
لا أخجل بل افتخر لكوني فلسطيني
-
سيناريوهات ما بعد الانقلاب في غزة
-
استنهاض حركة فتح الفلسطينية في عالم متغير
-
المرحلة الثانية من مشروع تصفية المشروع الوطني الفلسطيني
-
صمت الرئيس أبو مازن: عجز أم حكمة لا ندركها؟
-
: صعوبة المهمة وغموض الهدف الدور المصري الراهن في القضية الف
...
-
حق تقرير المصير بين القانون والسياسة
-
ماذا تبقى من المشروع الوطني الفلسطيني؟
-
بعد الاقتتال في غزة :ماذا تبقى من المشروع الوطني ؟
-
الأصولية والعلمانية :جدل الفكر والواقع
-
جدلية الإرهاب والاصلاح :المغرب تموذجا
-
ما وراء استقالة وزير داخلية السلطة الفلسطينية
-
حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وتغيير مرتكزات التسوية
-
حذار من فشل تفاهمات مكة
-
مقابلة صحفية بعنوان - المراة والحجاب
-
أجهاد ومقاومة في سبيل الله والوطن أم في سبيل السلطة؟
-
في الذكرى الثانية والاربعين لانطلاق حركة فتح:فتح الفكرة وفتح
...
المزيد.....
-
جيمي كيميل يروي كيف علم بإيقاف برنامجه عن البث
-
احتجاجات -جيل زد- غير المسبوقة تتوسع في المغرب.. ما الذي يحد
...
-
احتفالات في موريتانيا بعد فوز التيك توكر غيث الموريتاني
-
إغلاق مهرجان -أكتوبرفست- في ميونيخ بعد انفجار وتهديد بوجود ق
...
-
نداءات للتهدئة وحكومة -تتفهم- .. فهل تتوقف مظاهرات -جيل زد-؟
...
-
الاعتراف بدولة فلسطين: التباس وأخطاء بخصوص قنصليتي بريطانيا
...
-
مسيّرات وطائرات حربية و-أسطول شبح-.. استراتيجية روسية لإرباك
...
-
استهداف الحوثيين سفينة هولندية يشعل جدلا على المنصات
-
أسطول الصمود بحالة تأهب مع اقتراب سفن حربية إسرائيلية
-
تحفظ الجيش الإسرائيلي على خطة ترامب وتخوف من الانسحاب من غزة
...
المزيد.....
-
بصدد دولة إسرائيل الكبرى
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل
/ سعيد مضيه
-
البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية
/ سعيد مضيه
-
فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
/ سعيد مضيه
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني
/ سعيد مضيه
المزيد.....
|