أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كريم جاسم الشريفي - الحاجة الى مرشدّين ومصلحين اجتمّاعيين اليوم أكثر إلحاحاً من ...















المزيد.....

الحاجة الى مرشدّين ومصلحين اجتمّاعيين اليوم أكثر إلحاحاً من ...


كريم جاسم الشريفي

الحوار المتمدن-العدد: 2035 - 2007 / 9 / 11 - 10:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإنعطافات التأريخية الكبيرة ، والتغيرات الضّخمة التي تحدث في حقب التاريخ البشري هي بلا شك تجسيد حيّ وفاعل لحركات ومسارات مخالفة أو نقيضة للركود الزماني والسكون التاريخي ، لذلك يكون حدوث الأنعطافات والتغيرات التأريخية على الكائن الأجتماعي ،وعلى الطبيعة بمثابة زلزال مؤثر على كل تشكيلات وهيكلية البنى والثوابت لهذا الكائن . مايحدثه التحول الأجتماعي الذي ينتج عن صراع كامن وعنيف تساهم في تعجيله نقائضه التي تُنضجها ظروفه المكانية والزمانية ذاتياً وموضوعياً لتدفعه بحدوث التغيير بكل أشكاله. هكذا تعلمنا من دراسة التأريخ البشري الذي حصلت به تغييرات مفصلية في حقب تأريخية مختلفة حصلت في غابر الأزمنة واستمرت الى يومنا هذا.
بالعادة عندما يحدث تغيير اجتماعي كبير ومهم في حياة امة من الأمم أو مجتمع من المجتمعات أول مايتأثر بنيانه المجتمعي، وهياكله الثابتة، ومنظومات مكوناته مثل ( عاداته،تأريخه، ثوابته الفكرية، وأنماط سلوكه، وعلاقته) التي راكمها عبر حقب تأريخية مختلفة . عندما يحصل التغيير بالضرورة من حالة الى حالة آخرى وبشكل مفاجئ ، فيأتي التغيير الجديد بقيم جديدة وانماط سلوك تختلف تماماً عما سبقها قبل حدوث التغيير.
إن ما حدث لنا من تغييّر اجتماعي وسياسي أثر على بنية مجتمعنا العراقي ومفاصله الهامة. بلا شك إن ازاحة الدكتاتورية غير مأسوف عليها وبالسيناريو الذي شاهده العالم أجمع عبر آليات الأعلام بالصوت والصورة المبهرة والمؤثرة التي أذهلت الفرد العراقي الذي كان يتفرج بدهشة مآخوذ بالمشهد أمامه والذي أحدثه الأنعطاف التأريخي المؤثر للتغيير بهذه (التراجيديا) بالحقيقة لم يساهم بها الفرد العراقي ويتحمل قسطاً من المسؤولية بالمشاركة فيما بعد .رغم إن المجتمع العراقي كان يحمل بذور التغييرداخله لكن بلا حراك ، لذلك لايستطيع التعبير عن حالة الغليان عنه خشيةً من الرّد العنيف من قبل سلطة متخّلفة وغاشمة تقهر وتبطش اي مسعى مهما كان بسيط للتغيير(المحاولات التي حصلت للتغيير سابقاً هي ذات طابع فردي ومحدود )،وهذا اثر سلبياّ على التعجيل بحدوث الأنعطاف، مما زاد من زمن السباة التأريخي الذي كان يعيشه المجتمع العراقي ، هذا السبات الذي قاد الى غفوة تأريخية كادت تطول زمناً آخر بالمناسبة يقول عالم الأجتماع ـــ أوغست كونت ــ تمر المجتمعات الأنسانية في حالة من حالات السكون يسميها (( الدراسة في المكان ، بينما يسمي النقيض من ذلك ـ الديناميكي ـ هي الدراسة في داخل الزمان)) . لكن مارد التغيير ولأسبابه الموضوعية ومصالحه الحيوية عجل بحدوث الأنعطاف والتغيير مما سبب فجأةً استيقاظ مبكر على دويّ فعال لزلزال التغيير وماتبعه من أنماط حياتية جديدة غير تقليدية أثرت على طبيعة حراك مجتمعنا. فأخذ هذا الحراك اتجاهات بعيدة ومتشعبة الى حدّ كبير ، مما كشف سطحية الوعي لحالة السكون (والغفلة التأريخية) التي اقترنت بحقبة ماقبل الأنعطاف.
حالة مجتمعنا قبل التغيير التأريخي كانت تعاني من اللإاتزان الأجتماعي حيث كانت شرائح ، وتشكيلات اجتماعية عريضة مغيبّة عن عمد، والبعض منها محّنط بلا فعل يثبت وجوده، بل أكثر من ذلك كانت تلك الشرائح تخضع الى تنويم (مغناطيسي) وتعيش حالات من الأستلاب الفكري والروحي مستسلمةً الى قدرها الوحيد وهو القبول بالأمر الواقع مبرهنةً عجزها بأنصع الأشكال والصور على التغيير، بل أكثر من ذلك عازفةً عن المشاركة به. كانت هذه الشرائح محبطة اجتماعياً إزاء الأنعطاف التأريخي . لدواعي كل هذه الأسباب أو جلها رضت هذه الشرائح بالمهادنة لهذا القدر وبالتالي اعفت نفسها من المشاركة بالتغيير وانصرافت للمشاكلها الآنية واليومية والأهتمام بتسّيير حياتها المعيشية. وبالتالي ارتضت المهادنة لما يحدث على الواقع حتى يتم إعفاء العقل والذهن والإرادة من المشاركة في التغيير . العزوف بعدم المشاركة والأحساس بعدمية المشاركة بالتغيير عرى وعينا الأجتماعي وجعلنا متفرجين يقرر مصيرنا من خطط و شارك وفعل التغيير .
طبيعة التغييرات التأريخية في حياة الشعوب والمجتمعات دائماً يصاحبها فسحات ومحطات تتبلور فيها بوادر تغيير أنماط ثقافية، وأجتماعية ، واقتصادية، وبنيوية جديدة تحتاج من يُرشّد ويبوصل هذه التغييرات بأتجاه صحيح وسليم ، ومن هؤلاء المحررين ، والمرشدين ، والمفكرين الأجتماعيين ( أقصد من النخب العراقية) لأن هؤلاء يكونوا أشد حذراً من التقليد والنظر لحركة التأريخ بسطحية من الفلاسفة وعلماء اللأهوت. لأنه يقع على عاتقهم اعادة تشكيل البنى الأجتماعية الجديدة وإنتشالها من وهدة الخدر التأريخي، حينئذ ياتي دور المرشد والمفكر الأجتماعي ليقوم بتكريس الروح القوية والأيجابية في المجتمع ويبعث الحياة المجودة في تشكيلاته الحيّة وتنقيتها وكشفها . بهذه الحالة يتحول المرشد والمفكر الأجتماعي الى مسيحا ثورياً، ومهندساً لتشكيل المجتمع من جديد يعتمد على آليات علمية لأستنهاض الكنوز المعرفية والثقافية للمجتمع وتحويلها الى طاقة وحركة بعد ان كانت ركام منسي ومهمل ساهم بالجمود والسبات. يقوم هذا المرشد وحركة الأرشاد بواجب النهوض لحاجات مهزومة ومقموعة في المجتمع وتحويلها الى أمل ومسعى للخلاص من التراكمات السلبية التي تقادمت على المجتمع وترسخت عدميتها في بعض مفاصله ، فالمرشد الأجتماعي عليه إيجاد آليات جديدة وغير بالية للنهوض بالمجتمع نحو الرقّي الحضاري والتطور الأنساني والتخلص من القوالب المعيقة للأنعتاق ،والتخلص أيظاً من الماضي المهزوم والأنحطاط المريض في الحقب التأريخية من حياة مجتمعنا، وبالتالي السعي نحو فضاء واسع يحقق بناء انسان جديد في مجتمع متحضّر. يتخلص من المظاهر الضارة وممارسات الأفراد السلبية في زمن التغيير .
جاء التغيير حتف انوفنا من الخارج ، وكان بالضّرورة يروج لقيمّيه وأنماطه وسلوكياته المغايرة لنا . وهذا جعل بوصلتنا الأجتماعية مرتبكة وربما معطلة ، وقتها لاتستطيع حتى الأشارة الى الطريق الواضح والصحيح. هذا التيه الأجتماعي جسده على الواقع صحوتتنا الفكرية لرؤية بؤسنا ، وافلاسنا الحضاري ، وانعدام الرؤية اجتماعياً ومجتمعياً لدينا بالهروب من تحمل تضحيات المشاركة بالتغيير. ليعززّ هذا الإفلاس وذلك البؤس المعرفة لتناقضاتنا الأجتماعية ، وبالتالي تعمقت الفجوة في مداركنا ووعينا، فبدلاً من تجسير تلك الفجوة بالمشاركة بصنع التغيير وإيجاد الأتجاه الصحيح لرؤية مسارنا الأجتماعي على البوصلة . ذهبنا نتقاطع في الرؤى والمصالح ،ونختلف على البديهيات وهذا أمر طبيعي ، لكن أن تصل خلافتنا حدّ التصفيات وتكفير الآخر وماصاحبها من ممارسات غير متحضرة وبدائية مثل استباحة الآخر، والمصادرة، والتعدي ، والانتقام.




#كريم_جاسم_الشريفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع مدنّي أم مجتّمع عشائري!


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كريم جاسم الشريفي - الحاجة الى مرشدّين ومصلحين اجتمّاعيين اليوم أكثر إلحاحاً من ...